في السياق، اعتبر رئيس الجمهورية الدكتور مسعود بزشكيان، خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده الأحد في اسلام آباد مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، المضي بسياسة حسن الجوار قدماً، والاهتمام بالدول المجاورة ركيزة اساسية في السياسة الخارجية الايرانية. وأضاف الرئيس بزشكيان: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تنظر إلى جمهورية باكستان الإسلامية، باعتبارها واحدة من الدول الجارة بل دولة شقيقة لها؛ معرباً عن بالغ تقديره لكرم الضيافة الذي لقيه والوفد رفيع المستوى المرافق له، من حكومة باكستان ورئيسها الذي وصفه “أخاً عزيزاً”.
*القواسم المشتركة بين إيران وباكستان
كما نوه رئيس الجمهورية بمواقف الحكومة والبرلمان والأحزاب والتيارات السياسية والعلماء و”الشعب الباكستاني العزيز”، المساندة والداعمة لإيران خلال حرب الـ12 يوماً الصهيوأمريكية، مؤكداً بأن تلك المواقف كانت مطمئنة كثيراً، وقال: بناء على ذلك أودّ أن أشكر، من الصميم، رئيس الوزراء وسائر المسؤولين والشعب في بلد باكستان الصديق والشقيق.
وفي معرض التنويه بالقواسم المشتركة الثقافية والدينية والروحية بين ايران وباكستان، استدل رئيس الجمهورية بمقولة للأديب والمفكر الاسلامي الباكستاني الشهير إقبال لاهوري: إن “حياة الكثرة تنبع من رباط الوحدة، والوحدة الحقيقية هي جوهر دين الفطرة الذي تعلمناه من نبينا الأكرم(ص)، وقد أوقدنا على درب الحق مشعلاً من نوره، وطالما ظلت هذه الوحدة في قبضتنا، فوجودنا سيبقى مواكبا للأبدية”.
وأكد الدكتور بزشكيان، أن إيران لا تنظر إلى باكستان كجار فحسب، بل كأخ أيضاً، مؤكداً: “هناك إرادة مشتركة لتعميق العلاقات وتطوير التعاون في جميع الأبعاد والمجالات بين البلدين”. وأشار إلى الإمكانات الواسعة في العلاقات الثنائية، وقال: “إنني على يقين تام بأنه يمكننا بسهولة وفي وقت قصير زيادة حجم العلاقات التجارية بين إيران وباكستان من 3 مليارات دولار حالياً إلى 10 مليارات دولار”.
وأعرب رئيس الجمهورية عن ارتياحه للمباحثات التي جرت خلال زيارته إلى باكستان، قائلاً: “لقد أجرينا مناقشات مثمرة في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية خلال هذه الزيارة، وتم توقيع وثائق مهمة حول مختلف القضايا بين البلدين، مما من شأنه تسهيل وتعزيز مجالات التجارة والثقافة والسياحة والنقل والتبادل العلمي والتعليمي”.
*اتخاذ خطوات نحو تنفيذ هذه الاتفاقيات المهمة
وفي إشارة إلى رغبة طهران وإسلام آباد في تعميق التعاون، قال الرئيس بزشكيان: “إننا جادون في اتخاذ خطوات نحو تنفيذ هذه الاتفاقيات المهمة من خلال الاتصالات والمباحثات المستمرة”. وأكد على ضرورة تطوير البنية التحتية التي تربط البلدين، وأضاف: “إن تطوير خطوط سكك الحديد والطرق البرية والبحرية، وتجهيز الأسواق الحدودية، وإنشاء مناطق حرة مشتركة، هي احتياجات جوهرية للعلاقات الإيرانية الباكستانية، وقد عُقدت مناقشات بناءة بين الجانبين حول هذه القضايا”. وأشار إلى ضرورة تعزيز الأمن في المناطق الحدودية بين البلدين، قائلاً: “نظرًا لتهديدات الجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية، فقد تم التأكيد على زيادة التعاون بين إيران وباكستان لتأمين الحدود وتوفير الأمن والراحة للمواطنين في المدن الحدودية، وتم الاتفاق على ذلك”.
*تناغم كبير بين البلدين بشأن التطورات العالمية
وفي إشارة إلى التناغم الواسع بين إيران وباكستان بشأن التطورات الإقليمية والدولية، صرّح الدكتور بزشكيان قائلاً: “لحسن الحظ، ثمة تناغم كبير بين البلدين بشأن التطورات الإقليمية والعالمية، ونؤمن إيماناً راسخاً بأن دول المنطقة تعتمد على بعضها البعض اعتماداً كبيراً، وأن تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية لا يتحقق إلا في ظل السلام والاستقرار والسكينة”.
وأدان رئيس الجمهورية جرائم الكيان الصهيوني ضد الإنسانية في فلسطين ولبنان وسوريا، والإبادة الجماعية التي يرتكبها في غزة، وعدوانه السافر وأعماله المزعزعة للاستقرار في المنطقة، مؤكداً: “كانت ضرورة الوقف الفوري لهذه الأعمال إحدى النقاط المهمة التي تم التأكيد عليها في الاجتماعات والمناقشات”. وأضاف: “يؤمن الجانبان بضرورة بناء تعاون أكثر فعالية وواقعية بمشاركة دول المنطقة، وخاصة الدول الإسلامية، لمواجهة اعتداءات الكيان الصهيوني التوسعية، وفي هذا الصدد، تمت مناقشة مبادرات لتعزيز التعاون من أجل إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة”.
وفي إشارة إلى استمرار اعتداءات الكيان الصهيوني، اعتبر الرئيس بزشكيان هذه الإجراءات تحذيرًا جديدًا للعالم الإسلامي والمجتمع الدولي، وقال: “لقد كشفت هذه الاعتداءات مجددًا عن ضرورة التوافق الإقليمي والعالمي ضد ممارسات الكيان الصهيوني المنتهكة للقانون الدولي”. كما دعا الدكتور بزشكيان المؤسسات الدولية إلى تحمل مسؤوليتها في هذه الأزمة، مضيفًا: “من المتوقع أن تلعب المؤسسات الدولية، وخاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، دورًا فاعلًا في منع الاعتداء على أراضي الدول الأعضاء، وتوسيع نطاق الحرب، وانتهاك سيادة الدول، وقتل المدنيين”.
من جانبه، أدان رئيس وزراء باكستان عدوان الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على الأراضي الإيرانية، وأشاد بشجاعة والتزام واحترافية القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بقيادة قائد الثورة الاسلامية، وقدم تعازيه في استشهاد كوكبة من القادة العسكريين والعلماء وشعب بلادنا.
وأكد شهباز شريف على “حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي”، مشدداً على أن موقف بلاده ثابت في دعم حقوق إيران المشروعة على هذا الصعيد.
وكان قد استُقبل شهباز شريف، رئيسُ الجمهورية رسميا في العاصمة الباكستانية إسلامآباد. وفي هامش هذه الزيارة، التي جرت في مقر رئاسة الوزراء الباكستانية، قام رئيس الجمهورية بغرس شتلة شجرة رمزية.
*التوقيع على 12 وثيقة تعاون ثنائية
وقبيل اللقاء مع رئيس وزراء باكستان، تم توقيع وثائق التعاون الـ12 المشتركة بين البلدين، حيث وقّع كبار المسؤولين في إيران وباكستان، بحضور قادة البلدين، 12 وثيقة تعاون في مجالات متعددة تشمل العلوم والتكنولوجيا، النقل والترانزيت، الاقتصاد والتجارة، السياحة والزراعة.
وتشمل هذه الوثائق محاور عدة، منها: السياحة، الزراعة، التعاون القضائي والقانوني، الصناعة، العلوم والتكنولوجيا، النقل والترانزيت، التراث الثقافي، والتعاون التجاري والاقتصادي. وستوفر الوثائق الموقعة إطارا لتسهيل تبادل المعرفة، وتطوير القدرات التجارية، وتعزيز التفاعلات بين الشعبين، وتعزيز التآزر الإقليمي بين البلدين.
وبعد التوقيع على اتفاقية التعاون المشترك، قال الرئيس بزشكيان: إن مواقف الحكومة والبرلمان والشعب الباكستاني العزيز في الدفاع عن إيران الإسلامية ودعمها خلال العدوان الإرهابي الذي استمر 12 يومًا من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة مُشجع للغاية.
*ويلتقي وزير الخارجية الباكستاني
كما إستقبل رئیس الجمهوریة، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني “محمد إسحاق دار” صباح الأحد في الفندق الذي كان يقيم فيه الوفد الإيراني.
وأعرب الرئيس بزشكيان عن تقديره لدعم باكستان، مؤكدًا عزم إيران على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك. کما أعرب خلال اللقاء عن اهتمامه لإجراء محادثات هادفة مع القادة الباكستانيين لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين الشعبين الصديقين.
ورحب “محمد إسحاق دار” والوفد المرافق له بالرئیس بزشکیان والوفد الإيراني رفيع المستوى، وقال: إن شعب وحكومة باكستان مسروران للغاية بالزيارة المهمة للرئيس الإيراني. وبحث مع الرئيس بزشكيان آخر التطورات المتعلقة بالعلاقات الثنائية الباكستانية مع إيران والمشاورات الجارية بين المسؤولين من البلدين. وأعرب وزير الخارجية الباكستاني عن سعادته بزيارة الرئيس بزشكيان إلى مدينة لاهور وزيارته للمواقع التاريخية في المدينة.
كما أکد “محمد إسحاق دار” التزام بلاده العميق بالعلاقات التاريخية مع طهران خلال لقائه مع رئیس الجمهوریة.
*رفع التبادل التجاري إلى 10 مليارات دولار
كما أكد اسحاق دار على التزام بلاده بدعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مشيراً إلى أن باكستان تقف إلى جانب إيران لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في بلوغ 10 مليارات دولار في التبادل التجاري. وأضاف: خلال الشهر الماضي، وخاصة بعد العدوان الذي شنه الكيان الصهيوني على إيران، كنا على تواصل وثيق مع المسؤولين في طهران، وقد أجريت مشاورات ولقاءات مستمرة مع أخي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. وأكد إسحاق دار أن باكستان ستواصل دعمها لإيران، وأن هذا الدعم سيستمر من أجل تنمية العلاقات التجارية والتبادلات الاقتصادية بين البلدين.
وتُعدّ هذه الزيارة الرسمية إلى باكستان محطة مفصلية في العلاقات التاريخية بين طهران وإسلام آباد. وتأتي هذه الزيارة في وقت تقترب فيه الدولتان من الذكرى الثامنة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما؛ وهي علاقات بدأت بالاعتراف المتبادل وتجاوزت حتى الآن العديد من المنعطفات والتقلبات.
*وزيرا الدفاع والطرق الإيرانيان يلتقيان بنظرائهما
تزامناً مع الزيارة الرسمية للرئيس بزشکیان إلى باكستان، التقى وزيرا الدفاع ودعم القوات المسلحة والطرق والتنمية الحضرية، مع نظرائهما الباكستانيين لمناقشة التعاون الثنائي.
والتقى وزير الدفاع الإيراني العميد طيار عزيز نصيرزادة، ونظیره الباکستاني خواجه محمد آصف، على هامش زيارة الرئيس الإيراني إلى إسلام آباد. وقد عقد هذا الاجتماع في العاصمة الباكستانية اسلام آباد. وناقش الجانبان آخر التطورات في العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية المشتركة.
وأعرب العميد نصير زاده، عن ثقته في التآزر بين إيران وباكستان لدعم بعضهما البعض على الصعيد الدولي، قائلاً: إن الفرص والتهديدات المشتركة تزيد من الحاجة إلى تعاون وثيق بين البلدين.
من جانبه، أكد وزير الدفاع الباكستاني على ضرورة تطوير وتعزيز التعاون العسكري مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قائلاً: إن إسلام آباد ترغب في شراكة دائمة بين البلدين من أجل السلام والاستقرار في المنطقة.
کما التقت فرزانة صادق، وزيرة الطرق وبناء المدن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع وزراء الطرق والتجارة والسكك الحديدية الباكستانيين في إسلام آباد.
*العالم الإسلامي يفتخر بانتصار إيران
على صعيد آخر، عُقد الاجتماع الثنائي بين وزير التجارة الباكستاني “جام كمال خان”، ووزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني “محمد أتابك”، على هامش اليوم الثاني من الزيارة الرسمية للرئيس بزشكيان إلى إسلامآباد.
وأعرب وزير التجارة الباكستاني عن ثقته في النتائج الإيجابية لزيارة الرئيس بزشكيان إلى إسلامآباد، وشدد على ضرورة فتح مسارات جديدة للتجارة المشتركة، مؤكداً على أن العالم الإسلامي اليوم يفتخر بانتصار الشعب الإيراني في الحرب ضد الكيان الصهيوني ويراه مصدر فخر واعتزاز.
وقال جام كمال خان: إن إيران هي تاج رأس الأمة الإسلامية، وانتصارها في الحرب الأخيرة ضد الكيان الصهيوني مصدر فخر لكل العالم الإسلامي، وجميع المسلمين يشعرون بالعزة.
بدوره، أعرب وزير الصناعة الإيراني عن تقديره لدور حكومة باكستان في تسهيل تقدم التجارة الثنائية، قائلاً: لولا التفاعل السريع والعزم الراسخ من الأصدقاء الباكستانيين، لما وصلنا إلى هذه المرحلة. وأكد على أن الديناميكية التي أنشأناها يجب أن تتحول الآن إلى نتائج تجارية منظمة.
وأيّد أتابك فكرة تخصيص “يوم تجاري” خلال كل زيارة رفيعة المستوى، واقترح إرسال وفود تجارية إيرانية إلى باكستان لعقد اجتماعات معمقة. وأوضح: أن التجار والصناعيين في كلا البلدين جاهزون، وهم يثقون ببعضهم البعض؛ مضيفاً: ما نحتاج إليه الآن هو آلية شفافة ومتسقة لتسهيل هذا التعاون من جانبنا.
*إنشاء منطقة حرة مشتركة على حدود ريمدان-غبد
كما توصلت الجمهورية الاسلامية الايرانية وباكستان إلى اتفاق مبدئي بشأن إنشاء منطقة حرة مشتركة على حدود ريمدان-غبد، خلال المحادثات التي جرت بين رضا مسرور، أمين المجلس الأعلى للمناطق الاقتصادية الحرة والخاصة في إيران، ونظيرته الباكستانية السيدة إقبال، وذلك على هامش زيارة الرئيس بزشكيان الى باكستان.
وهذه الاتفاقية تتماشى مع سياسات تطوير التعاون الاقتصادي الإقليمي، وتهدف إلى تعزيز التجارة عبر الحدود، وجذب الاستثمارات، وتحسين البنية التحتية الحدودية.
ووفقًا للخطة، سيزور وفد من الحكومة الباكستانية معبر ريمدان الحدودي خلال الأسبوعين المقبلين لمراجعة أبعاد تنفيذ المشروع، بما في ذلك مساحة المنطقة، والفوائد الاقتصادية، ونموذج التعاون.
ويختتم رئيس الجمهورية اليوم الاحد زيارته الى اسلام آباد ليعود بعدها الى طهران.