كيف تحققت زيادة إنتاج النفط الإيراني؟

في أعقاب تنفيذ خطة عاجلة لزيادة إنتاج النفط الخام، تمكنت الشركة الوطنية للنفط الإيراني خلال العام الماضي من رفع إنتاجها اليومي بما يقارب 250 ألف برميل؛ وهو رقم يعكس إجراءات شاملة في مجال استغلال وصيانة الحقول النفطية، إلا أن استمراره لا يزال مرهونًا بالمزيد من الاستثمارات وتذليل تحديات مثل القيود التكنولوجية والظروف الخاصة بالتصدير.

في 12 أغسطس 2024، وبناءً على موافقة المجلس الاقتصادي وفقًا للمادة 12 من قانون إزالة عقبات الإنتاج، تمت الموافقة على خطة “الزيادة العاجلة في إنتاج النفط الخام بمقدار 250 ألف برميل يوميًا”.

 

وبناءً على ذلك، تم تخصيص 3 مليارات دولار كقروض من موارد البنوك العاملة، بأمر من رئيس منظمة التخطيط والميزانية، لتنفيذ هذه الخطة في الشركة الوطنية الإيرانية للنفط.

 

هذا القرار نُفّذ بالتزامن مع بدء عمل الحكومة الرابعة عشرة. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه الخطة شكّل اختبارًا لوزارة النفط وخاصة الشركة الوطنية للنفط، لتقييم القدرة التنفيذية وقدرة الاستجابة السريعة لمتطلبات سوق النفط الإيراني.

 

مدى تحقيق الأهداف الإنتاجية في عام 2024

 

بناءً على التقارير الإحصائية الرسمية، تمكنت الشركة الوطنية للنفط من زيادة متوسط إنتاجها من النفط الخام مقارنة بعام 2023 بحوالي 247 ألف برميل يومياً.

 

ووفقاً للبيانات المتاحة، شهدت هذه الكمية زيادة أخرى تقارب 150 ألف برميل خلال الفترة من شهر فبراير 2025 حتى نهاية شهر مايو 2025.

 

ورغم أن هذه الأرقام جديرة بالملاحظة، إلا أن استمرار هذا النمو والحفاظ عليه في الظروف الحالية، خاصةً في ظل العقوبات وظروف السوق العالمية وصعوبات نقل التكنولوجيا، لا يزال يشكّل تحدياً كبيراً.

 

وساهمت زيادة إنتاج النفط في توفير المواد الخام للمصافي المحلية، كما أسهمت في تعزيز صادرات النفط وزيادة العائدات بالعملة الأجنبية للبلاد.

 

إلا أنه من المهم الإشارة إلى أن جزءاً من هذه الزيادة الإنتاجية يعود إلى تعزيز عمليات الاستخراج من حقول النفط في المناطق الجنوبية الغنية بالنفط، والاستفادة المكثفة من البنية التحتية القائمة.

 

وتشير الدراسات الميدانية إلى أن الجزء الأكبر من الزيادة أو الحفاظ على مستوى الإنتاج في الحقول الخاضعة لإدارة الشركة الوطنية لمناطق النفط الجنوبية، يعود إلى عمليات إصلاح الآبار، ومعالجة المشاكل المتعلقة بالمعالجة، وتحسين المرافق، وتشغيل خطوط الأنابيب الجديدة أو المُعاد تأهيلها.

 

وفي مجال الحقول المشتركة ومنطقة غرب كارون، حققت الشركة الوطنية للنفط الإيراني زيادة قدرها 54 ألف برميل يومياً من خلال تنفيذ مشاريع التطوير في حقلي “سفير” و”جفير”، كما شهد إنتاج حقلي “ياران” و”سهراب” زيادة قدرها 6 آلاف برميل و2300 برميل على التوالي.

 

كما أدت إعادة تشغيل الآبار أو زيادة السعة في حقول “دهلران” و”آبدانان” إلى إضافة 10 آلاف برميل يومياً، بينما سجلت الحقول الأخرى مثل “آبان”، “بايدار غرب”، “جشمه خوش”، “دالبري” و”بايدار شرق” زيادة إجمالية تجاوزت 35 ألف برميل يومياً.

 

التحديات والاعتبارات

 

رغم أن هذه الزيادة الإنتاجية ساهمت على المدى القصير في تحسين العائدات بالعملة الأجنبية واستمرارية الصادرات، إلا أن هناك اعتبارات لا تزال تحتاج إلى الاهتمام:

 

– جزء من النمو الإنتاجي ناتج عن تحسين القدرات وإصلاح الآبار القديمة، وهو ما يتطلب استثمارات في تعزيز معدلات الاستخلاص وتطوير تكنولوجيات جديدة لضمان الاستدامة على المدى الطويل.

 

– استمرار النمو الإنتاجي يعتمد من جهة على زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية. ومن جهة أخرى، تظل القيود الناجمة عن العقوبات والتحديات البيئية قائمة.

 

– استدامة النمو الإنتاجي في السنوات المقبلة مرتبطة بعوامل مثل استقرار السوق النفطية الدولية، وظروف البيع، وجودة البنية التحتية.

 

بشكل عام، تُظهر البيانات الرسمية والتقارير الميدانية تحقيقاً لمعظم أهداف خطة الزيادة العاجلة في إنتاج النفط، إلا أن استمرار هذا المسار يتطلب الاهتمام بالتخطيط طويل الأجل، والاستثمار، وإدارة المخاطر المتعلقة بالسوق والتكنولوجيا.

 

المصدر: الوفاق خاص