تمتد على مساحة 12 ألف هكتار في موقع استراتيجي يربط إيران بأسواق آسيا الوسطى وأوراسيا

إينتشه برون.. جسر إيران الآمن والسريع إلى الأسواق العالمية

تظهر منطقة "إينتشه برون" الحرة التجارية-الصناعية في زاوية من أرض غلستان، عند نقطة الالتقاء الحدودي بين إيران وتركمانستان، كجوهرة لامعة في طور البزوغ، بموقعها الجغرافي الفريد وإمكاناتها الاقتصادية الاستثنائية، لم تصبح فقط محركًا لتطوير محافظة غلستان، بل أيضًا مفتاحًا لفتح أبواب التجارة الإيرانية مع آسيا الوسطى وما بعدها.

ووفقًا لتصريحات علي أصغر طهماسبي، محافظ غلستان، فقد تحولت إينتشه برون بفضل موقعها الاستراتيجي إلى أحد أكثر الطرق أمناً والأقصر للنقل العابر بين الصين وآسيا الوسطى والموانئ الجنوبية الإيرانية.

 

إينتشه برون.. بوابة إيران اللوجستية الاستراتيجية

 

تتعهد منطقة إينتشه برون بتقليل زمن نقل البضائع من الصين إلى إيران لأقل من 15 يومًا، مما يجعلها ميزة اقتصادية استثنائية وحلًا حيويًا لضمان استمرارية سلاسل التوريد والتصدير في الأزمات.

 

وتقع المنطقة في “داشلي برون” بمحافظة “كنبد كاووس”، وتمتد على مساحة 12 ألف هكتار، في موقع استراتيجي يربط إيران بأسواق آسيا الوسطى وأوراسيا.

 

وقد ربط خط سكة حديد جرجان-إينتشه برون، الذي تم توصيله بشبكة سكك الحديد الآسيوية عام 2014، المنطقة بدول كازاخستان وتركمانستان وروسيا والصين، مما جعلها جزءًا من الممرات الحيوية شمال-جنوب وشرق-غرب.

 

وفي لقاء مع مدير وموظفي منطقة إينتشه برون الحرة، صرح محافظ غلستان: نحن نقع على مسار يعد من أكثر المناطق أمانًا بين دول رابطة الدول المستقلة وأوراسيا وآسيا الوسطى.

 

وأضاف طهماسبي: تمثل إينتشه برون أقصر طريق لنقل البضائع من الصين إلى إيران والموانئ الجنوبية للبلاد، وهذه الميزة، إلى جانب الأمن العالي على الطريق، جعلت إينتشه برون خيارًا لا منافس له للتجار والمستثمرين، وأكد أن الموقع الاستراتيجي للمنطقة يؤهلها لتصبح مركزًا لوجستيًا إقليميًا، مشيرًا إلى أن هذه المزايا تسهم في تعزيز التبادل التجاري وتنشيط الحركة الاقتصادية في المحافظة.

 

خطوات كبرى على طريق التنمية

 

وشهدت منطقة إينتشه برون الحرة في السنوات الماضية تحولات كبيرة شملت إصدار سندات ملكية لأكثر من 10 آلاف هكتار، وبدء نصب السياج، وتجهيز البنية التحتية، مما يعكس العزم الجاد لتحويل المنطقة إلى مركز اقتصادي رئيسي.

 

وأكد طهماسبي أن أكثر من 60 شركة محلية وأجنبية بدأت عملها في المنطقة حتى الآن، مشيراً إلى أن هذا يمثل مجرد بداية لتحقيق الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها إينتشه برون، وأضاف مؤكداً على التقدم المحرز مؤخراً: الإجراءات المتخذة في المنطقة الحرة، بما في ذلك إصدار سندات الملكية وتطوير البنية التحتية الجارية، تبشر بمستقبل مشرق لمحافظة غلستان.

 

وأوضح: التطورات في إينتشه برون، مثل تجهيز الأراضي الواسعة وتطوير المرافق اللوجستية، تعكس التقدم السريع للمنطقة نحو أن تصبح أحد المراكز الاستراتيجية في البلاد، وأشار إلى أن الحكومة الرابعة عشرة، برؤية استراتيجية لتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة، جعلت إينتشه برون محوراً رئيسياً للدبلوماسية الاقتصادية في المنطقة.

 

جسر استراتيجي يربط بين الأسواق الآسيوية والأوروبية

 

توسعة العلاقات مع تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وحتى الصين تشكل جزءًا من الخطة الرامية إلى تحويل المنطقة إلى مركز لوجستي لتصدير المنتجات الإيرانية إلى سوق آسيا الوسطى الذي يضم 220 مليون نسمة.

 

وفي إشارة إلى هذه الرؤية، أوضح محافظ غلستان: بدعم وطني وجهود محلية، سنشهد قريبًا استغلال أبعاد واسعة من إمكانات هذه المنطقة، لتصبح غلستان أحد المراكز المؤثرة في الخريطة الاقتصادية والأمنية للبلاد.

 

وأضاف: إن هذه التطورات تعزز مكانة إيران كجسر استراتيجي يربط بين الأسواق الآسيوية والأوروبية، مع التركيز على تعزيز التعاون الإقليمي في مجال النقل والتجارة.

 

إينتشه برون.. قطب صناعي وتصديري للمحافظة

 

رؤية منطقة إينتشه برون الحرة تتجاوز مجرد كونها مركزًا للنقل العابر، حيث يمكن أن تتحول إلى قطب صناعي وتصديري لمحافظة غلستان، وبإمكانية توفير 47 ألف فرصة عمل وإقامة 1600 وحدة صناعية، يمكن لإينتشه برون أن تحول الحرمان التاريخي لهذه المحافظة إلى فرصة للنمو والازدهار.

 

وأعلن محافظ غلستان عن تقديم حزم استثمارية بقيمة 220 ألف مليار ريال في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والصناعة والسياحة، وقال: نأمل أن نقدم في المستقبل القريب أخبارًا سارة جدًا لأهالي غلستان، أخبارًا ستُشكّل مستقبلاً مشرقًا لهذه المنطقة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية.

 

وأضاف: إن هذه المشاريع ستعزز مكانة غلستان كبوابة اقتصادية لإيران نحو آسيا الوسطى، مع التركيز على تحقيق تنمية مستدامة تشمل جميع القطاعات.

 

ما الذي يجعل إينتشه برون فريدة من نوعها؟

 

تتميز إينتشه برون بخصائص فريدة تجعلها مختلفة عن باقي المناطق الحرة في البلاد، فهي تمتلك خط سكة حديد مباشر إلى آسيا الوسطى، وإعفاءات ضريبية لمدة 20 عاماً، وقربها من مطار جرجان الدولي، وإمكانية الوصول إلى أسواق تصديرية كبيرة، وهي مجرد جزء من مزايا هذه المنطقة.

 

ووفقاً للخبراء، انخفض وقت نقل البضائع من الصين إلى إيران عبر إينتشه برون إلى 12-15 يوماً فقط، مما يوفر زمناً كبيراً في الوقت والتكاليف مقارنة بالطرق البحرية التقليدية، كما أن المستوى العالي من الأمان على هذا الطريق، خاصة في الظروف العالمية غير المستقرة، جعله خياراً مثالياً للتجارة الدولية.

 

وعلى الرغم من التقدم الكبير، لا تزال إينتشه برون تواجه تحديات مثل استكمال البنية التحتية وجذب الاستثمارات الأجنبية، ويتوقع تجار غلستان أن تعمل الحكومة الرابعة عشرة على تسريع تطوير المنطقة من خلال إزالة العقبات الإدارية، وتقديم حوافز إضافية.

 

ومن بين الإجراءات التي يمكن أن تحول إينتشه برون إلى أحد أكبر المراكز الاقتصادية في إيران، هو: إنشاء مناطق حرة مشتركة مع الدول المجاورة، وتطوير بنية النقل التحتية، وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية.

 

وتقع منطقة إينتشه برون الحرة، بفضل موقعها الاستراتيجي والدعم الحكومي والعزم المحلي، على أعتاب التحول إلى أحد أهم المراكز الاقتصادية واللوجستية في إيران، ولن تقتصر تأثيراتها على تحويل اقتصاد غلستان فحسب، بل ستلعب دورًا محوريًا في الدبلوماسية الاقتصادية الإيرانية من خلال ربط إيران بسلاسل القيمة العالمية.

 

المصدر: الوفاق خاص