أحد أبرز عناصر التميّز في «عاشوراء» هو التخلي عن القوالب الموسيقية الغربية التقليدية مثل «بيل كانتو»، لصالح الموسيقى الإيرانية المقامية. هذا الخيار لم يكن مجرد قرار فني، بل موقف ثقافي يحافظ على الهوية ويمنح الرواية طابعاً محلياً أصيلاً. المؤلف الموسيقي بهزاد عبدي استخدم مقامات مثل «نوا» و «راست» لإضفاء عمق روحي على الشخصيات، خاصة الإمام الحسين(ع)، بينما اختار الكلام العادي للشخصيات السلبية مثل شمر، مما خلق تبايناً أخلاقياً واضحاً يعزز البنية الدرامية.
ورغم هذه القوة التعبيرية، واجه العمل بعض التحديات الموسيقية، مثل تضخم الأوركسترا في مشاهد معينة، مما طغى على الأصوات، أو تكرار بعض الألحان الذي قد يبدو رتيباً للمشاهدين المتخصصين.
البُعد البصري؛ رمزية تتجاوز الشكل
التصميم البصري في «عاشوراء» لا يقل إبداعاً عن الموسيقى. استخدام الدمى، الإضاءة، وتضاد الألوان في الملابس، كلها عناصر رمزية تعكس مفاهيم الخير والشر، القداسة والفناء، والاضطراب النفسي. من أبرز الابتكارات، استخدام مصابيح LED في رؤوس دمى الشخصيات المقدسة، التي تنطفئ بعد استشهادهم، في رمز بصري مؤثر لفكرة الفناء الروحي. كذلك، اللون الأصفر لشخصية «حر» يعكس صراعه الداخلي، والبنفسجي لعمر بن سعد يرمز إلى النفاق والتناقض بين الظاهر والباطن. الإضاءة الذكية لعبت دور الراوي الصامت، حيث انتقلت من الذهبي في ليلة عاشوراء إلى الأحمر في ساحة المعركة، ثم الأزرق في مشهد الشهادة، مما خلق مساراً شعرياً بصرياً للمشاهد.
الأداء الجماعي؛ تناغم يتحدى الإمكانيات
من الناحية التنفيذية، تُعدّ «عاشوراء» مثالاً نادراً على التناغم الجماعي، حيث يتطلب تحريك كل دمية تعاون عدة محركين، وفي المشاهد المعقدة يعمل أكثر من 25 شخصاً على المسرح في آن واحد. هذا التناغم هو ثمرة شهور من التدريب المكثف، لكنه يجعل العرض معتمداً بشكل كبير على البنية التحتية والموارد البشرية، مما يصعّب تقديمه في المدن الصغيرة أو المهرجانات المحدودة.
الأوبرا القدسية؛ كسر الحواجز بين الشعيرة والمسرح
في خطوة جريئة، قدّم غریببور مفهوم «الأوبرا القدسية»، حيث لم يعد محركو الدمى مخفيين، بل أصبحوا جزءاً من الشعيرة، كما في التعزية التقليدية.