نزع سلاح حزب الله .. محاولة لتكرار السيناريو السوري في لبنان

منذ ان كسر حزب الله هيبة اسرائيل، جند الغرب وعلى راسه امريكا بالتواطؤ مع قوى اقليمية عربية واسلامية معروفة بتبعيتها العمياء للقرار الامريكي.

واتكالا على بعض السياسيين اللبنانيين، الذين يكنون حقدا لايوصف للمقاومة بعد ان فضحتهم وكشفت عورتهم، ولا يكتمون علاقتهم بالكيان الاسرائيلي، للنيل من المقاومة. وليس هناك شعب في العالم لا يؤيد ان يكون السلاح محصورا بيد بدولته، وهذا امر لا يحتاج حتى الى نقاش او دليل، فالسلاح المنفلت والمنتشر بين الناس، يعتبر من اخطر الاسباب في انعدام الامن في اي بلد. ولكن هذه المقولة البديهية، لا يمكن تعميمها على جميع الدول والشعوب، خاصة تلك الدول التي مازالت اجزاء مهمة من ارضها محتلة، وان هناك ارادة واضحة لدى المحتل بعدم الانسحاب بل بابتلاع المزيد من اراضيها.

حالة هذه الدولة وهذا الشعب تصبح اكثر تعقيدا لو علمنا ان المحتل هو الكيان الاسرائيلي التوسعي الغاصب، والدولة المحتلة هي لبنان، التي تفرض امريكا على جيشه حصارا خانقا، تحول دون حصوله على اي سلاح متطور لحماية ارضه وسمائه وبحره ، كما تمنع الاخرين ايضا عن تزويده بالسلاح، تحت ذريعة حماية امن ” اسرائيل”.

الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان الذي استمر 20 عاما، دفع الشعب اللبناني واهل الجنوب بالتحديد، لتشكيل مقاومة رديفة للجيش النظامي، مدفوعا بالحاضنة الشعبية، حيث تبلورة المعادلة الذهبية التي باتت تعرف بمعادلة ” الجيش و الشعب والمقاومة” ، وبفضل هذه المعادلة التي كانت المقاومة راس رحبتها تم تحرير جنوب لبنان عام 2000 الا من بعض المناطق التي مازال العدو يجثم على صدرها.

المقاومة الاسلامية المتمثلة بحزب الله، اثبتت ان من الخطا الاتكال والاعتماد على الامم المتحدة ومجلس الامن والقانون الدولي، من اجل تحرير ارضك، لاسيما اذا كان المحتل الكيان الاسرائيلي، المدعوم بشكل كامل من امريكا التي اخذت جميع المحافل الدول كرهائن لديها وشلت قدرتها على اتخاذ اي قرار لصالح لبنان، على مدى عقدين من الزمن. كما ان المقاومة فرضت معادلة ردع على العدو الاسرائيلي الذي بات يحسب الف حساب قبل اطلاق رصاصة واحدة صوب الاراضي اللبنانية، بعد ان كان لبنان منتهك السيادة امام البطش الصهيوني، حتى وصل الامر الى احتلال العاصمة اللبنانية بيروت.

منذ ان كسر حزب الله هيبة اسرائيل، جند الغرب وعلى راسه امريكا بالتواطؤ مع قوى اقليمية عربية واسلامية معروفة بتبعيتها العمياء للقرار الامريكي، واتكالا على بعض السياسيين اللبنانيين، الذين يكنون حقدا لايوصف للمقاومة بعد ان فضحتهم وكشفت عورتهم، ولا يكتمون علاقتهم بالكيان الاسرائيلي، للنيل من المقاومة، حتى وصل الامر الى ان ربطت امريكا واطنابها باداخل اللبناني، كل ما حل بلبنان بسبب الضغوط والسياسات الامريكية، بسلاح المقاومة، واشرطت اخراج لبنان من الوضع الاقتصادي الصعب الذي حشرته فيه امريكا، بخلع سلاح المقاومة، بعد ان ارق هذا السلاح الكيان الاسرائيلي، واسياده في واشنطن.

لو اردنا تتبع مراحل المخطط الامريكي للنيل من محور المقاومة لاسيما حزب الله، سنكون مضطرين بالعودة الى اكثر من عقد الى الوراء وتحديدا الى مرحلة ما بات يعرف بثورات الربيع العربي، التي جلبت الدمار والخراب لجميع البلدان التي حلت بها، حتى جاء دور سوريا، التي كاتت حلقة مهمة في هذا المحور و استغرق تنفيذ المخطط الجهنمي في سوريا اكثر من عقد من الزمن، شاركت فيه دول عربية واسلامية، وتم تجنيد كل ارهابي وتكفيري العالم الذين تم شحنهم الى سوريا تحت رايات طائفية، وكانت حصيلت المخطط اسقاط النظام السوري، وتحول سوريا الى مرتع لقوات الاحتلال الاسرائيلي، بعد ان باتت سوريا مكشوفة اثر تدمير سلاحها وجيشها، ودخلت نفقا مظلما لا يعلم الا الله متى تخرج منه.

في سوريا منزوعة السلاح، اصبحت قوات الاحتلال الاسرائيلي على مقربة بضعة كليومترات من دمشق، رغم ان النظام السوري الجديد يعلن ليل نهار انه ليس في حال عداء مع اسرائيل، وانه على استعداد للتطبيع معها، وسمع بتدمير كل اسلحة الجيش السوري، ولكن لم تعصمه كل هذه التنازلات من اطماع الكيان الاسرائيلي الذي بات يخطط لابتلاع محافظات كبرى من سوريا تحت ذريعة حماية الاقليات فيها!.

في ظل هذه الظروف الصعبة والمععدة التي تبطش بها اسرائيل بكل العرب دون اي اعتبار لعلاقة هذا النظام العربي او ذاك بها، مدفوعة بتشجيع ودعم وتواطؤ امريكي صارخ، قررت الحكومة اللبنانية، سحب سلاح حزب الله واوكلت تنفيذ المهمة للجيش اللبناني، وهو قرار صادم بكل ما للكلمة من معنى، فانه يعني عمليا، تجريد لبنان من عنصر قوته الابرز، وكشفه امام الجيش الاسرائيلي، وتحويله الى لقمة سائغة لاطماعه.

الجهات اللبنانية التي تقف وراء هذا القرار بررت فعلتها فعلتها بتعرضها لضغوط امريكية، متناسية ان سحب سلاح حزب الله يعني جعل لبنان مستباحا امام الجيش الاسرائيلي ، وعندها سيتكرر السيناريو السوري الكارثي في لبنان ، وقد تحتل اسرائيل بيروت مرةاخرى، ولكن هذه المرة لن تكون هناك قوة يمكن ان تجبر العدو على الانسحاب. لقد فات الواقفون وراء هذا القرار والمؤيدون له والفرحون به، انه هذا لا يستهدف حزب الله بقدر ما يستهدف لبنان كوجود، بل يستهدف جميع الطوائف الاسلامية والمسيحية دون استثناء.

بالامس كانت الدعاية الامريكية الاسرائيلية، تركز على ان العدو الرئيسي لها في سوريا هو نظام بشار الاسد، وانه بمجرد التخلص من هذا النظام ، فان اوضاع المنطقة ستكون امنه ومستقرة وسيعم سوريا الرخاء ، فاذا بسوريا نفسها كانت مستهدفة كوجود وكدولة ، حيث يتم تفتيتها على اسس عرقية وطائفية، دون ان تتجرا الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، ععلى فعل شيء ، كما هي الان عاجزة عن فعل اي شيء للجياع والمنكوبين في غزة، فهل ستكون هذه الجهات اكثر حرصا على اللبنانيين، من وحشية وبطش قوات الاحتلال الاسرائيلي؟!

المصدر: وكالة مهر