المستشار الثقافي الإيراني في العراق للوفاق:

أربعين المقاومة.. وحدة تحت راية الحسين(ع) وصدى الصواريخ

خاص الوفاق: حجة الإسلام أباذري: كلمة «باليستي» أصبحت مفتاحاً لغوياً في العراق، تُستخدم للدلالة على القوة والفخر، وتُعرض صور ضرب تل أبيب في المواكب العراقية عبر الشاشات، في تعبير واضح عن انتصار رمزي يُحتفى به في قلب الشعائر الحسينية.

موناسادات خواسته

في زمنٍ تتكثف فيه الرموز، وتتحول الطقوس إلى رسائل عابرة للحدود، تأتي أربعينية الإمام الحسين(ع) هذا العام محمّلةً بأبعاد جديدة تتجاوز المألوف. لم تعد المسيرة الكبرى نحو كربلاء المقدسة مجرد تعبير عن الحزن والولاء، بل أصبحت منصةً ثقافيةً وسياسيةً تعبّر عن وجدان الأمة، وتعيد رسم خارطة التضامن والمقاومة. في هذا السياق، أجرينا حواراً مع المستشار الثقافي الإيراني في العراق حجة الإسلام غلامرضا أباذري، أحد القائمين على تنظيم البرامج الثقافية في موسم الأربعين، حيث كشف عن تحولات لافتة في مضمون الفعاليات، واتساع نطاقها، وتداخلها مع قضايا الأمة المعاصرة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والحرب المفروضة الصهيونية، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

تنوعٌ في المحاور وتكثيفٌ في الرسائل
بداية، تحدث المستشار الثقافي الإيراني في العراق حجة الإسلام غلامرضا أباذري عن البرامج الثقافية التي قامت بها المستشارية هذا العام، قائلاً: إن برامج هذا العام تشهد تطوراً ملحوظاً من حيث الكم والنوع، حيث تتوسع المحاور لتشمل: المحافل القرآنية الدولية بمشاركة قرّاء من مختلف البلدان. إقامة صلاة الجماعة بإشراف مبلغين من العراق وإيران، بالتنسيق مع الحوزة العلمية في النجف. محطات مهدوية أكثر شمولاً على طول طريق الزائرين. فعاليات خاصة للأطفال والناشئة، مع تجهيز أكثر من 50 موكباً بغرف تربوية. خطابات ومحاضرات دينية، ومدائح يقدمها نخبة من المداحين المعروفين.
وكذلك برامج مخصصة للنساء، ومشاركة فاعلة من أهل السنة الإيرانيين. تكريم أصحاب المواكب العراقيين، كما جرت العادة. مواكب وخيم ثقافية متعددة اللغات، تعكس الطابع العالمي للزيارة.
وكذلك إقامة ندوات علمية وثقافية بمشاركة زوار لأكثر من 85 دولة. وجلسات طلابية مشتركة بين جامعات إيران والعراق، بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي العراقية.
 

مشروع «نائب الشهيد»

وأضاف المستشار الثقافي الإيراني: لدينا مشروع «نائب الشهيد» يُتابع بحماس ووعي أكبر، خصوصاً بالنظر إلى العلاقة التي تربط هذا الموضوع بشهدائنا، حيث إن كثيراً من شهداء العدوان الأخير من قبل الكيان الصهيوني كانوا في زيارة الأربعين العام الماضي، وبعضهم لم يتمكن من الحضور لأسباب معينة، ولكن ستُقام زيارة «نائب الشهيد» نيابة عنهم.

 

أربعين هذا العام مقاومةٌ ثقافية ضد الصهيونية

من أبرز ملامح أربعين هذا العام، كما يصفها حجة الإسلام أباذري، هي الروح المناهضة للكيان الصهيوني التي تتخلل جميع الفعاليات الثقافية. ويقول: منذ أيام محرم الأولى، شهد العراق موجة تضامن غير مسبوقة مع إيران، عقب العدوان الصهيوني.

 

المرجعيات، الحوزات، العشائر، النخب، وقوى المقاومة، والحشد الشعبي البطل، جميعهم عبّروا عن دعمهم، وامتلأت الفضاءات الرقمية العراقية بمشاهد الإدانة والتهنئة لإيران على ردها الصاروخي. حتى أن إحدى المحافظات الجنوبية صممت مائدة طعام على شكل صاروخ، كرمز للمقاومة، في مشهد يُجسد تلاحم الرمزية الدينية مع التعبير السياسي.

ويضيف حجة الإسلام أباذري أن كلمة «باليستي» أصبحت مفتاحاً لغوياً في العراق، تُستخدم للدلالة على القوة والفخر، وتُعرض صور ضرب تل أبيب في المواكب العراقية عبر الشاشات، في تعبير واضح عن انتصار رمزي يُحتفى به في قلب الشعائر الحسينية.
ويتابع: إننا في تاريخ العلاقات بين إيران والعراق، لم نصل أبداً إلى هذا المستوى من التعاطف بين الشعبين، والمسؤولين، والمرجعيات، والعلماء. أعتقد أن هذه الأيام هي العصر الذهبي للعلاقات بين إيران والعراق.

 

المرجعية العليا والحكيمة والعظيمة في النجف الأشرف، من خلال البيانات التي أصدرتها، خاصة البيان الثاني، الذي كان حكيماً جداً، ومهنياً، وواعياً، تناول هذا الموضوع وأدان العدوان، وأشار إلى احترام مقام القيادة العليا، وهذا كان له انعكاسات كبيرة.
ثم رأينا أن هيئات العزاء في أيام محرم، والخطباء، والمداحين، والشعراء العراقيين، والأشخاص الذين شاركوا في مجالس عزاء سيد الشهداء في العشرة الأولى من محرم، لم يقصروا في موضوع التعاطف والدعم لإيران، بل، في رأيي، في جملة واحدة: العراق أدّى حقه في دعم إيران ضد العدوان الصهيوني.

 

الحرب المفروضة الصهيونية في برامج الأربعين الثقافية

وفيما يتعلق بالبرامج التي يتم تقديمها حول الحرب المفروضة الصهيونية في أيام الأربعين، قال حجة الإسلام أباذري: إن أغلبها يتم من خلال هيئات العزاء، والمواكب الحسينية، أشعار الشعراء، المنابر، والرواديد، وهذه المجموعات هي القاعدة الفكرية والثقافية التي تنشر هذا الخطاب في المجتمع، وتنقل موجة الإدانة إلى مختلف أفراد الشعب العراقي. الشعراء يكتبون شعراً في هذا الخصوص، وقد كتبوا عن قوة الصواريخ الباليستية، والخطباء يتحدثون عن قوة الصواريخ الباليستية على المنابر، ويعتبرون هذا الموضوع مصدر فخر، وكل الشباب يشاركون في هذا الموضوع، وفي هذا الحدث، لدعم إيران.

 

تلاحم ثقافي بين الزوار الإيرانيين والعراقيين

أما عن البرامج الثقافية المشتركة بين الإيرانيين والعراقيين، يقول حجة الإسلام أباذري: البرامج الثقافية هذا العام لا تقتصر على الزوار العراقيين، بل تشمل الإيرانيين، وزواراً من عشرات الدول. الفعاليات القرآنية، المحاضرات، المدائح، تُقدّم بلغات متعددة، ويشارك فيها الجميع دون تمييز. المداحون يمدحون باللغتين، والقرّاء يتلون القرآن بشكل مشترك، في مشهد يُجسد وحدة الأمة تحت راية الإمام الحسين(ع).

 

كما أن كثيراً من العراقيين يتحدثون الفارسية، وكثيراً من الإيرانيين يتقنون العربية، مما يُسهّل التفاعل الثقافي ويُعمّق الروابط الروحية. المواكب الإيرانية والعراقية نفسها لديها برامج ثقافية مشتركة، والرواديد الذين يمدحون باللغتين ينفذون برامج مشتركة، بالإضافة إلى أن الجمهور والمجموعات المستهدفة مشتركة، وتنفيذ البرامج أيضاً في كثير من الحالات يكون مشتركاً، مثلاً عندما يُنسّق قارئ قرآني دولي من إيران مع قارئ قرآني دولي من العراق، ويقرآن معاً، فهذا برنامج مشترك.

 

دعوة إلى زيارة مختصرة… وضيافة راقية

في ختام الحوار، وجّه حجة الإسلام أباذري نداءً إلى الزوار، داعياً إلى مراعاة الظروف المناخية الحارة، والاكتفاء بزيارة مختصرة للإمام الحسين(ع)، ثم العودة سريعاً، لإتاحة الفرصة لزوار آخرين. وأشار إلى الجهود الكبيرة التي يبذلها أصحاب المواكب العراقيين لتوفير الراحة والماء البارد، مؤكداً أن أفضل ضيافة تُقابل بأفضل ضيف، وهو من يراعي الوقت ويُفسح المجال للآخرين.

 

المصدر: الوفاق/ خاص