بالاعتماد على إشارات تخطيط العضلات الكهربائي

تصميم نظام تحكم للذراع الاصطناعي.. إنجازٌ للباحثين الإيرانيين

الوفاق/ تمكّن باحثون شباب في شركة ناشئة من تطوير نظام تحكم ذكي متكيف وقابل للتخصيص لفك شيفرة حركات الذراع الاصطناعي في الزمن الحقيقي، بالاعتماد على إشارات تخطيط العضلات الكهربائي EMG.

وأنجز المبتكرون الإيرانيون نظام تحكم متطوراً يتسم بـ”التخصيص حسب حالة كل مستخدم، والقدرة على التكيف مع أنماط الحركة، وفك الشيفرة الفوري للإشارات العضلية”، حيث يعتمد النظام على تحليل إشارات EMG لترجمة النوايا الحركية للمستخدم إلى أوامر دقيقة للذراع الاصطناعي.

 

تمكّن بارسا ستاري ودينا روانشيد، طالبا بكالوريوس الهندسة الكهربائية بجامعة طهران، بالتعاون مع الدكتورة رضوان نصيري الأستاذة المساعدة في كلية الهندسة الكهربائية والحاسوب بالجامعة ذاتها، من تصميم نظام التحكم هذا للذراع الاصطناعي.

 

ويؤكد الباحثون المشاركون في هذا المشروع أن تطوير ذراع اصطناعية روبوتية تكون عملية وموثوقة لمرضى البتر كان هدفاً بحثياً قديماً، ورغم التقدم الكبير الذي أحرزه الباحثون في مجال تصميم الأذرع الاصطناعية الروبوتية، إلا أن معظم المرضى لا يزالون لا يستخدمون هذه الأطراف الاصطناعية، ويعود ذلك إلى وجود فجوة كبيرة بين النتائج البحثية في المختبرات وقابليتها للتطبيق العملي على أرض الواقع، حيث تكمن المشكلة الرئيسية في طرق التحكم المستخدمة في الأذرع الاصطناعية.

 

وإحدى طرق التحكم في الأطراف الاصطناعية هي فك تشفير إشارات تخطيط العضلات الكهربائي EMG التي تُسجل من عضلات الساعد، باستخدام أساليب التعلم الآلي مثل التصنيف والانحدار، يمكن لهذه الإشارات أن توفر معلومات عن النية الحركية للفرد.

 

وفي الظروف المختبرية، تكون هذه الإشارات مستقرة نسبياً؛ لكن في الواقع، تتأثر هذه الإشارات بعوامل مختلفة مثل الاختلافات بين الأفراد، والتغيرات اليومية في الجسم، وحتى التغيرات خلال يوم واحد من الاستخدام. وهذه التغيرات تؤدي إلى انخفاض دقة أنظمة التحكم الحالية في الواقع، مما يبرز الحاجة إلى حلول قابلة للتكيف ومخصصة لكل فرد.

 

وقدّم هذا الفريق البحثي إطار عمل جديداً قابلاً للتخصيص والتكيف لفك تشفير الحركات للتغلب على التحديات المذكورة، ويعتمد هذا الإطار على أنماط الحركة الطبيعية لليد البشرية ويستند إلى ثلاثة افتراضات أساسية: أولاً: تتبع حركات اليد تسلسلاً زمنياً محدداً حيث تبدأ اليد في حالة استراحة، وتنتقل إلى الحركة المطلوبة عند الرغبة في تنفيذ فعل، وتثبت أثناء تنفيذ الفعل، وتعود إلى حالة الاستراحة بعد الانتهاء. ثانياً: تبقى نية المستخدم ثابتة أثناء تنفيذ الفعل. ثالثاً: توجد فترة استراحة بين كل فعل والآخر.

 

ويتكون هذا الإطار المقترح من ستة مكونات رئيسية: مستخرج الخصائص من إشارات EMG، آلة الحالات المنتهية، المصنِّف، الذاكرة قصيرة المدى، الذاكرة طويلة المدى، ودالة التنعيم الأقصى.

 

في عملية استخلاص الخصائص من إشارات تخطيط العضلات الكهربائي، يتم استخراج ثماني خصائص من أجزاء الإشارة الزمنية التي تبلغ 100 مللي ثانية، بما في ذلك عدد مرات عبور الصفر وتغيرات اتجاه المنحنى وطول موجة الإشارة وغيرها من المعايير.

 

أما نظام آلة الحالات المحدودة فيقوم بتصنيف وضعيات اليد إلى حالتين أساسيتين هما الراحة والحركة، ويعتمد هذا النظام على تحليل الخصائص المستخرجة من الإشارات باستخدام مصنف ثنائي مبني على تقنية الشبكات العصبية متعددة الطبقات، حيث ينتج الرقم صفر لتمثيل وضعية الراحة والرقم واحد لتمثيل وضعية الحركة.

 

وتتمثل وظيفة المصنف في تحديد الحركة الجارية بناءً على إشارات تخطيط العضلات الكهربائي. وفي هذا التصميم، يتم تصنيف تسع حركات مختلفة تشمل: قبض اليد، إشارة الإعجاب، إشارة النصر، القرص، وغيرها من الحركات. يعمل هذا المصنف فقط عندما يكون المستخدم في وضعية الحركة “الحالة الفعلية” وليس أثناء وضعية الراحة.

 

واعتمد فريق البحث في هذا المشروع على نموذج آلة الحالات المحدودة التي تتضمن أربع حالات أساسية، وتبدأ بالحالة الأولية حيث يقوم المستخدم بارتداء الذراع الاصطناعية لأول مرة ويجب عليه تنفيذ كل حركة من الحركات التسع أربع مرات، وذلك لإعادة تدريب مصنف الحركات وتخصيص الذراع الاصطناعية وفقاً لخصائص المستخدم. ثم تنتقل الآلة إلى حالة الحركة عند تنفيذ الإجراء، تليها حالة الانتقال من الحركة إلى الراحة، وأخيراً حالة الراحة عندما لا يكون هناك أي حركة تنفيذية.

 

وعندما تكشف آلة الحالات عن حالة الحركة، ينشط المصنف فوراً ويبدأ بمعالجة الميزات المستخرجة بشكل متواصل لتحديد تصنيف الحركة، حيث تتكرر هذه العملية كل 100 مللي ثانية. وبفضل مرور النتائج عبر دالة التنعيم الأقصى، تبقى المخرجات مستقرة طوال فترة الحركة. وخلال هذه المرحلة، يتم تخزين البيانات في الذاكرة قصيرة المدى.

 

أما عند الانتقال من الحركة إلى الراحة، تكتشف آلة الحالات انتهاء الحركة. وفي هذه المرحلة، يتم تطبيق تصويت الأغلبية على جميع البيانات المخزنة في الذاكرة قصيرة المدى، ومن ثم يتم نقل الحركة كاملةً بتصنيف واحد إلى الذاكرة طويلة المدى.

 

وفي حالة الراحة، يتوقف المصنف عن العمل مما يؤدي إلى بقاء الذراع الاصطناعية الروبوتية في وضع السكون. وخلال هذه الفترة، يتم إعادة تدريب المصنف على البيانات المخزنة، مما يتيح تحديث الذراع الاصطناعية وتكيفها أثناء الاستخدام.

 

ووفقاً للنتائج الرئيسية للمشروع، تم جمع بيانات من 12 متطوعاً سليماً “8 رجال و4 نساء” لتقييم نظام التحكم هذا، حيث تم تسجيل إشارات تخطيط العضلات الكهربائي EMG من ثلاث عضلات في الساعد باستخدام أجهزة استشعار متخصصة، وشملت البيانات 20 تكراراً لكل حركة من الحركات التسع المختلفة لليد.

 

لقد تم تدريب المصنف على بيانات 11 متطوعاً واختباره على بيانات المتطوع الثاني عشر، حيث أظهر دقة بنسبة 28% فقط، مما يبرز التباين الكبير في إشارات تخطيط العضلات الكهربائي بين الأفراد.

 

كما أظهر المصنف دقة بنسبة 37% فقط عند تصنيف البيانات المجمعة من نفس الشخص في أيام مختلفة، مما يشير إلى أن اختلاف البيانات لنفس الشخص عبر الأيام يعادل تقريباً اختلافها بين الأفراد المختلفين.

 

وكشف تحليل توزيع الخصائص أيضاً عن تغيرات كبيرة في أنماط إشارات تخطيط العضلات الكهربائي حتى خلال الجلسة الواحدة، مما يؤكد التقلب الكبير في هذه الإشارات.

 

وفي قسم أداء آلة الحالات المحدودة، تم تحقيق دقة بنسبة 92.45% في تصنيف حالتي الراحة والعمل لبيانات جديدة كلياً من أفراد مختلفين، مما يشير إلى أن هذا النظام لا يحتاج إلى تحديث مستمر.

 

 

المصدر: الوفاق