تُظهر القدرة العلمية العالية للبلاد وإمكانيات الشباب الموهوبين

إجراء عملية جمجمة لمصاب بحادث باستخدام زرعة إيرانية

الوفاق/ تمكّن الباحثون الإيرانيون من تطوير تقنية الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد وإنتاج زرعات عظمية قابلة للامتصاص، واستخدامها بنجاح في جراحات الفك والوجه والجمجمة للمرضى الإيرانيين.

هذا الإنجاز هو ثمرة جهود فريق إيراني شاب على مدى عدة سنوات في شركة معرفية، حيث تمكن الفريق من تصميم وإنتاج جهاز للطباعة الحيوية، وإثبات فعاليته السريرية في إعادة بناء عظام الفك والوجه والجمجمة.

 

وقال الدكتور “مجيد حاجي حسين علي”، مؤسس شركة “أميد آفرينان”، عن بداية مسيرة الفريق: “بدأنا عملنا عام 2016 بفكرة أولية في جامعة شريف الصناعية، وهي صناعة طابعة قادرة على طباعة المواد الحيوية والخلايا. رغم نقص الموارد المالية، تمكن فريق مكون من ثلاثة أشخاص من تخصصات الميكانيك والكيمياء من تصنيع النموذج الأولي للجهاز.”

 

تم تقديم النسخة الأولى من هذه الطابعة بدعم من لجنة تقنية النانو في أحد المعارض، حيث بلغ سعر النماذج الأجنبية لهذه التقنية حوالي 200 ألف دولار، ولم يكن يعمل فيها سوى 5-6 شركات في العالم. وأكد الدكتور حاجي حسين علي: “الكثيرون لم يصدقوا أن تحقيق هذه التقنية ممكن في إيران، بل إن بعض الخبراء الذين تعاونوا مع جامعات مثل هارفارد وMIT  اعتبروا الأمر مستحيلًا في إيران”؛ لكن الفريق الإيراني قدم أول خدمات الطباعة الحيوية عام 2018، وبدأ بيع الأجهزة للجامعات في نفس العام، حيث تم تركيب 50 جهازًا في المراكز العلمية بالبلاد حتى الآن.

 

ومن بين الإنجازات الرئيسية لهذا الفريق، تعاونه مع باحث إيراني مقيم بالخارج، والذي زود الفريق الإيراني بتركيبات ثلاثة أنواع من المواد الحيوية (حبر حيوي) مسجلة في أمريكا. واستُخدمت هذه المواد في إنتاج سقالات حيوية لمجالات الجلد والغضاريف، وتمكن الفريق من طباعتها بنجاح باستخدام الجهاز الإيراني، مما مهد الطريق لمراحل بحثية أكثر تقدمًا.

 

ثم تجاوزت هذه التقنية المرحلة المخبرية ووصلت إلى التطبيق السريري. فمنذ عام 2022، مع بدء الحصول على تراخيص وزارة الصحة، أُتيحت استخدام هذه السقالات الحيوية في جراحات الفك والوجه والجمجمة، وفي فبراير 2024، حصل المنتج على الموافقة الرسمية للاستخدام السريري.

 

*الزرعات المُمتصَّة.. بديلٌ للتيتانيوم

 

وتحدث الدكتور حاجي حسين علي عن الفرق بين الزرعات المُمتصَّة المُنتَجة والنماذج المعدنية الشائعة قائلاً: “في الطرق التقليدية، يتم استخدام زرعات مصنوعة من التيتانيوم والتي يجب إزالتها بعد فترة عبر جراحة أخرى. أما السقالة التي نصنعها، فهي مصنوعة من مواد حيوية، وبعد زراعتها تذوب تدريجياً في الجسم لتحل محلها أنسجة عظمية طبيعية. هذه العملية أقل تكلفة وأكثر راحة للمريض.”

 

هذه المواد، التي تشمل بوليمرات وهيدروجيلات وسيراميك حيوي متوافق، تم تصميمها بتركيبات قريبة من التركيب المعدني لعظام الإنسان. وعلى عكس بعض الطرق التي تستخدم عظاماً من جثث أو من جسم المريض نفسه، فإن هذه السقالات اصطناعية بالكامل ولا تحمل أي خطر لنقل الأمراض.

 

 

*النجاح في إعادة بناء الجمجمة والوجه

 

لقد أحدثت هذه التكنولوجيا ثورة في مجال العلاج، خاصة في عمليات إعادة بناء الجمجمة. ووفقًا لمؤسس هذه الشركة، فإن استخدام التيتانيوم في جراحات الجمجمة يتسبب في مشاكل مثل عدم القدرة على إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) وتهيج الأعصاب؛ لكن السقالة الحيوية التي نطورها تحل محل العظام بسهولة دون هذه الآثار الجانبية.

 

وقد سُجلت العديد من الحالات الناجحة، منها إعادة بناء بنية جمجمة امرأة تعرضت لحادث أدى إلى تلف العظم تحت عينها. تمت هذه الجراحة في مستشفى سينا، حيث عادت عين المريضة إلى وضعها الطبيعي بعد عملية الترميم بنجاح.

 

*التحدیات ومستقبل هذه التكنولوجيا

 

وصرح الدكتور حاجي حسين علي: “ينظر الأطباء إلى التكنولوجيات الجديدة بحذر؛ لكن من خلال التعاون مع خبراء أكاديميين ونشر أوراق علمية، تمكّنا من تغيير وجهات النظر. ومع أن طباعة الخلايا الحية لا تزال في المرحلة المخبرية ولم تحصل على ترخيص سريري بعد، إلا أن طباعة السقالات الحيوية تُعتبر خطوة مهمة نحو مستقبل الطب الشخصي. كما أن التخطيط لتطوير هذه التكنولوجيا نحو تطبيقات مثل تجديد الجلد لمرضى السكري هو أيضًا على جدول أعمال هذه الشركة.”

 

 

*إيران على قمة تكنولوجيات الطب المتقدم

 

 

وصول إيران إلى هذه التكنولوجيا يُظهر القدرة العلمية العالية للبلاد وإمكانيات الشباب الموهوبين في تطوير تكنولوجيات استراتيجية. والآن، يُرفع علم إيران جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة وألمانيا على قمة طباعة الأنسجة الحيوية في العالم، مما يبشر بمستقبل مشرق في مجال العلاج والهندسة الطبية.

 

 

المصدر: الوفاق