وزير الخارجية: ضمان عدم تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة، محور المشاورات التي يجريها الرئيس بزشکیان في يريفان

قال وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عباس عراقجي قبيل زيارة بزشكيان إلى أرمينيا ، قال، إن ضمان عدم تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة، هو محور المشاورات التي يجريها الرئيس بزشکیان في يريفان.

قال وزير الخارجية حول الاتفاق الذي جرى بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا بوساطة الرئيس الأميركي ،دونالد ترامب  والخطوط الحمراء للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، قال ،غداً سيقوم الرئيس الجمهورية بزيارة إلى يريفان حيث سيبقى هناك ليومين، ثم سيتوجه إلى بيلاروس. علاقاتنا مع أرمينيا علاقات قديمة ووطيدة، فهي ليست فقط قائمة على الجوار، بل إن مواطنينا الأرمن في إيران شكّلوا دوما جسرا للتواصل مع أرمينيا. وهناك أيضا روابط ثقافية وتاريخية وثيقة، إضافة إلى مصالح اقتصادية وجيوسياسية جعلت من علاقاتنا تنمو بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

 

 

و أضاف أن شركات إيرانية عديدة تنشط حاليا في مشاريع كبرى داخل أرمينيا، وهناك مشاريع أخرى قيد التنفيذ. كما أن اللغة الفارسية تُدرَّس هناك بشكل واسع بفضل قانون وضعته الحكومة الأرمينية يلزم الطلاب بتعلم لغة إحدى دول الجوار كلغة ثانية. واللافت أن أكثر من ثلاثة آلاف طالب في أرمينيا يدرسون اللغة الفارسية، وهو رقم غير مسبوق في أي بلد مجاور آخر.

 

 

و بالنسبة لعلاقات طهران و بريفان و مستوى هذه العلاقات قال، “مستوى علاقاتنا وتعاوننا، وخاصة النظرة الإيجابية التي يكنها كل طرف للآخر، قد توسع . وفيما يتعلق بالموضوع الحساس، وهو ربط إقليم نخجوان بأراضي جمهورية أذربيجان، فهذا أمر بالغ الأهمية وأثار في السنوات الماضية قلقا لدى إيران وسائر دول المنطقة، لأنه قد يفضي إلى تغييرات جيوسياسية خطيرة. والمقصود بالتغييرات الجيوسياسية هو أي مساس بالحدود الدولية المعترف بها أو بسيادة الدول ووحدة أراضيها. نحن أوضحنا منذ البداية أننا لا نقبل بأي تغيير من هذا النوع.”

 

 

نرفض أي تغييرات جيوسياسية في المنطقة

 

 

و تابع بالقول ، ما يقلقنا بشكل أساسي هو أن تحدث تغييرات جيوسياسية في المنطقة بسبب هذه القضية، والتي تؤدي الى تغيير الحدود المعترف بها دوليا، وانتهاك سيادة كل دولة من دول المنطقة وسلامتها الإقليمية. على سبيل المثال، أن يتم استخدام جزء من أرمينيا لهذا الغرض، مما يؤدي إلى الاحتلال أو تغيير الأنظمة أو إضعاف السيادة.وقد اتخذنا خطوات واظهرنا جديتنا بهذا الصدد بكل وضوح من قبل مؤكدين على عدم تسامحنا مع هذا، وكانت سياستنا واضحة منذ البداية ومازالت وهي عدم قبول أي تغييرات جيوسياسية في المنطقة.وفيما يخص البيان الذي وُقّع مؤخرا بين أرمينيا وأذربيجان فقد نصّ صراحة على احترام وحدة الأراضي وعدم المساس بالحدود القائمة، وهذا من حيث المبدأ يبدّد القلق الراهن، لكننا بطبيعة الحال نتابع التطورات بدقة لمعرفة مدى التزام الطرفين بذلك في المستقبل.و من الناحية الاقتصادية، نعم قد يتسبب هذا الممر بتقليص بعض حركة الترانزيت عبر إيران، لكن ذلك يتوقف علينا من حيث كيفية تعزيز جاذبية مساراتنا التجارية لتبقى الخيار الأفضل. لا يمكننا من الناحية القانونية الاعتراض على قيام أرمينيا بشق طريق جديد داخل سيادتها ما دام تحت سلطتها القضائية الكاملة.

 

 

أرمينيا أكدت أنها تحترم الخطوط الحمراء للجمهورية الإسلامية

 

 

و أضاف وزير الخارجية أن هناك هاجس آخر أيضا، وهو أن يشكّل هذا الطريق ذريعة لوجود قوات أمريكية أو شركات أمنية أمريكية خاصة في أرمينيا. لكن المسؤولين الأرمن، من الرئيس إلى وزير الخارجية إلى مسؤولي الأمن القومي، أجروا اتصالات مكثفة معنا.في الواقع، اتصل السيد باشینیان بالرئيس بزشكيان، واتصل وزير الخارجية بي، واتصل نائب وزير الخارجية أيضا، وجاء إلى إيران وقدم تفسيرات كاملة، كما أن أمين مجلس الأمن القومي الأرمني اتصل أمس بالدكتور لاريجاني، وأكدوا لنا أنهم يحترمون الخطوط الحمراء للجمهورية الإسلامية، وأكدوا التزامهم بعدم السماح بأي وجود أمريكي على خلفية هذا المشروع، وأعطوا ضمانات واضحة بهذا الشأن. ومع ذلك، نحن سنتابع الأمر عن كثب، وخلال زيارة الرئيس بزشكيان غدا الى ارمينيا سيُطرح هذا الملف مجددا ،وسنكرر مخاوفنا، التي يعرفها أصدقاؤنا الأرمن، وسنحاول التوصل إلى آليات اطمئنان موثوقة في العلاقات بين البلدين.

 

 

و تابع بالقول، لذا، أود أن أقول إننا يجب أن ننظر إلى هذه القضية من منظور واقعي. مخاوفنا قائمة بحيث ألا يكون هناك أي تغيير في الجغرافيا السياسية للمنطقة، وألا يكون هناك أي وجود لقوات أجنبية في المنطقة. تماما كما نحن قلقون من وجود الكيان الصهيوني في بعض هذه البلدان، أو محاولات الاتحاد الأوروبي للوجود في هذه المنطقة.سياستنا مبنية على إطار “3+3″، أي دول القوقاز الثلاث: أرمينيا، أذربيجان، وجورجيا، بالإضافة إلى الدول الثلاث المحيطة بالمنطقة والتي لها مصالح مشتركة: إيران، وتركيا، وروسيا.

 

 

و ردا على السؤال ،هل لا يزال هذا الإطار فعالا برأيكم ؟ قال : “هذه الصيغة اجتمعت مرتين أو ثلاث حتى الآن، ورغم غياب جورجيا بسبب خلافاتها مع روسيا، فقد رأت الدول الأخرى أهمية المضي بها مع الاحتفاظ بتسميته “3+3. هذا الإطار لم يصل بعد إلى المرحلة التي يمكن فيها حل مشاكل المنطقة. لكن سياستنا – وسياسة روسيا أيضًا – تقوم على هذا المبدأ، وأعتقد أن سياسة تركيا والأصدقاء الآخرين هي نفسها، أي الاعتقاد بأن مشاكل المنطقة يجب أن تحل من قبل دول المنطقة نفسها.”

 

 

و أوضح أن النزاع بين أرمينيا وأذربيجان تاريخي ومعقد، وقد حاولت مجموعة “مينسك” التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا حله طوال سنوات دون جدوى، والآن هناك توجه لحل هذه المجموعة ما يعكس تراجع الدور الأوروبي في القوقاز.

 

 

السلام بين أرمينيا وأذربيجان كان دائما محل دعم من جانبنا

 

 

و أكد وزير الخارجية أن “سياستنا واضحة، إذ ينبغي تعزيز الآليات الإقليمية، ونحن نسير في هذا الاتجاه. إن السلام بين أرمينيا وأذربيجان كان دائما محل دعم من جانبنا ومن جانب جميع دول المنطقة.”

 

 

و تابع قائلا، “تعرفون إلى جانب هذا البيان الذي تم توقيعه، هناك أيضا اتفاقية سلام سبق أن جرى التفاوض بشأنها بين أذربيجان وأرمينيا، وتم التوصل الى تفاهم نهائي حولها.غير أنّ أذربيجان قدّمت طلبا يقضي بأن تُجري أرمينيا تعديلات على دستورها بما يتماشى مع هذه الاتفاقية، وأرمينيا بدورها تقول إنّ هذه التعديلات تحتاج إلى وقت. حتى الآن لم تُوقع الاتفاقية، وما جرى في الولايات المتحدة لم يكن سوى باراف أو توقيع تمهيدي لا يحمل معنى كبيرا، إذ إن هذا الاتفاق كان قد أُبرم بينهما من قبل، وأُعيد التوقيع عليه مرّة أخرى بانتظار استكمال التحضيرات اللازمة.”

 

 

أرمينيا على دراية بخطوطنا الحمراء وتفهم تماما هواجسنا

 

 

و فيما يتعلق بوضع آلية تضمن معالجة مخاوف إيران قال ،نأمل أن يتحقق ذلك بالفعل، وستُجرى نقاشات بهذا الشأن هناك. كما تعلمون، أرمينيا على دراية بخطوطنا الحمراء وتفهم تماما هواجسنا، ونحن بدورنا كررناها مرارا خلال الأيام الماضية. أحد أهم هذه المخاوف يتمثل في أي وجود طويل الأمد للولايات المتحدة في المنطقة، وهو أمر لا تقبله أي دولة إقليمية. حتى المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الروسية في شؤون القوقاز زار طهران مؤخرا والتقيت به، وكانت مواقف موسكو متطابقة معنا في هذا الصدد.

 

 

و شدد أن الجميع في المنطقة يرفض أن يكون هذا المسار ذريعة لوجود قوات أجنبية.

 

 

و ختم كلامه بالقول، إن اللافت أن المسؤولين الأرمن يُصرّون على عدم استخدام مصطلح “ممر” أو “كريدور” في الاتفاق، بل يستعيضون عنه بكلمة “طريق” أو “مسار”، لأن مصطلح “كريدور” له دلالات قانونية وجيوسياسية قد تمسّ بالسيادة الوطنية. ومن ثم، فقد جاء النص خالياً من هذا التعبير. المشروع المطروح عبارة عن طريق – وربما خط سكك حديدية- ستقوم بإنشائه شركة مشتركة أمريكية -أرمينية داخل الأراضي الأرمينية وتحت سيادتها.

 

 

المصدر: ارنا