الآن ونحن نقترب من نهاية شهر صفر وذكرى استشهاد الإمام الرؤوف علي بن موسى الرضا(ع)، تشهد الطرق المؤدية إلى مدينة مشهد المقدسة زواراً يسيرون بأقدام متعبة، بعقيدة راسخة وقلوب مليئة بحب المولى، متجهين نحو الحرم الرضوي الطاهر لزيارة سلطان خراسان من أنحاء إيران كافة، لا تمنعهم حرارة الصيف من هذا الحب. مرة اخرى تفتح مشهد المقدسة، جوهرة خراسان الرضوية المتألقة والعاصمة الروحية والمعنوية لإيران، ذراعيها لملايين الزوار العاشقين في أيام الحزن والمأتم .
تستضيف مدينة مشهد المقدسة في هذه الأيام التي تتزامن مع وفاة النبي الأكرم(ص) والإمام الرضا(ع)، بحراً من المحبين الذين يقطعون المسافات سيراً على الأقدام وقلوبهم مفعمة بالعشق، من جميع أنحاء ايران وحتى من خارج البلاد، ويتحملون عناء السفر ليحظوا بشرف زيارة الحرم الرضوي المنور. هذا الحضور غير المسبوق يتطلب ترتيبات واسعة تشمل مختلف الجوانب من الإقامة والتغذية إلى الأمن والنقل.
استضافة هذا السيل من الجماهير مسؤولية عظيمة تقع على عاتق المسؤولين في المحافظة والمدينة، وبالطبع على أهالي مشهد الكرماء. ما يميز هذه الضيافة عن غيرها من الأحداث هو روح التعاطف والمشاركة الشعبية، حيث يقتدون بثقافة الأربعين، ويفتحون بيوتهم للزوار من خلال حملات مثل «كلنا حي الإمام الرضا(ع)»، ويظهرون أروع صور الإيثار والرحمة. هذا النهج لا يخفف فقط من عبء المسؤولية عن المؤسسات، بل يعمق الروابط بين الزائر والمضيف، ويجعل الرحلة الروحية مرتبطة بذكريات من اللطف والمحبة الشعبية.
في هذا السياق، سعى المسؤولون من خلال تشكيل لجان تخصصية متعددة وحشد جميع الطاقات الحكومية والشعبية إلى أن تكون رحلة الزائرين، رغم الحشود الكبيرة، مفعمة بالهدوء والسهولة. من توفير البنى التحتية الرسمية والطارئة للإقامة إلى الإشراف على توفير السلع والخدمات الضرورية، كل ذلك يدل على التخطيط الشامل والتنسيق المتواصل الذي يهدف في نهايته إلى توفير تجربة آمنة وممتعة لجميع المحبين.
«حي الإمام الرضا(ع)»؛ استضافة شعبية للزائرين المشاة
وفي هذا الصدد، صرّح حجة الإسلام علي عسکري، معاون الشؤون الثقافية والاجتماعية والزيارة في محافظة خراسان الرضوية، قائلاً: إن مجموعة خدمة الزائرين المشاة تتولى مسؤولية تقديم الخدمات والإقامة المؤقتة لهذه الفئة، وتتعاون في هذا المجال مع لجان مختلفة. كما أن هناك حملة باسم «حي الإمام الرضا(ع)» على غرار مسيرة الأربعين، حيث يستضيف الناس الزائرين في منازلهم وتقدم لهم الخدمات.
وقال عسكري بشأن إمكانيات الإقامة: بالنظر إلى حجم زوار مشهد المقدسة بأعداد هائلة من الزوار الايرانيين، فقد تم اتخاذ تدابير واسعة النطاق. بالتعاون مع وزارة الداخلية والمحافظات والبلديات والجهات ذات الصلة.
توفير الإقامة لكل الزائرين في العشرة الأخيرة من صفر
وأكد عسکري أنه بالإضافة إلى الإقامة الرسمية في الفنادق ودور الضيافة، تم توفير إمكانيات الإقامة الطارئة أيضاً، والتي تشمل المدارس والحسينيات والقاعات والمعسكرات الخاصة مثل معسكر غدير، وذلك حتى لا يبقى أي زائر بدون مكان إقامة.
وأعرب عسكري عن أمله في أنه من خلال التخطيط الدقيق وتعاون الجهات المختلفة، لن تحدث أي مشكلة في مجال الإقامة والخدمات المقدمة للزوار، وأن تُقام أيام العشرة الأخيرة من صفر بأفضل شكل ممكن.
الاستعداد الكامل لتقديم الخدمات
كما أشار محمد رضا قلندر شريف، رئيس بلدية مشهد المقدسة، إلى انتهاء مهمة لجنة الأربعين وبدء نشاط لجنة العشرة الأخيرة من صفر، وقال: لقد وضعت البلدية منذ أشهر خطة لإقامة مراسم العشرة الأخيرة من صفر والمناسبات المرتبطة بها.
وقال قلندر شريف: تقام هذه المراسم في شارع الإمام الرضا(ع) من الصباح حتى الليل، وتنصب مواكب عديدة من شارع ساحة 15 خرداد حتى الحرم المطهر. وخلال السنوات الثلاث الماضية أقيمت هذه المراسم بحضور واسع من المواطنين، وسنحظى هذا العام أيضاً بمشاركة جميع الهيئات الدينية والتنظيمات الشعبية، واوضح نحن منذ ثلاث سنوات نقدم الخدمات بمشاركة الأهالي والهيئات الدينية بهدف رفع مستوى الجودة والتأثير. نتوقع خلال هذه الأيام دخول أكثر من ٦ إلى ٧ ملايين زائر إلى مدينة مشهد المقدسة، وبعضهم من الزوار المشاة.