يستقبل ملايين الزوار في ذكرى وفاة النبي الأكرم(ص) واستشهاد الإمام الرضا(ع)

مرقد الإمام الرضا(ع).. مزيج من التاريخ والعمارة والثقافة الاسلامية

المرقد الرضوي الشريف ملاذ وملجأ للمُحبين والزوار الذين يلجأون إليه من جميع أنحاء إيران الإسلامية ومن جميع أصقاع الأرض، ليمدّوا أيديهم إلى ربّ المحتاجين وملك خراسان طالبين عفوه وشفاعته.

المرقد الرضوي الشريف ملاذ وملجأ للمُحبين والزوار الذين يلجأون إليه من جميع أنحاء إيران الإسلامية ومن جميع أصقاع الأرض، ليمدّوا أيديهم إلى ربّ المحتاجين وملك خراسان طالبين عفوه وشفاعته.

 

وتزامناً مع أيام الحداد في الثامن والعشرين من صفر في ذكرى وفاة النبي الاكرم(ص) واستشهاد الإمام الرضا(ع)، يعم الحزن أرجاء البلاد الإسلامية في إيران، حيث يُقام العزاء وفق عادات وتقاليد خاصة.

 

إن حضور المواكب الدينية من جميع أنحاء البلاد في مدينة مشهد المقدسة والتجمع الكبير للعزاء في ذكرى استشهاد الامام علي بن موسى الرضا(ع) يصوّر سنوياً مشاهد مهيبة في المدينة. هذا الحضور الحماسي تصاحبه طقوس متنوعة، وتم تسجيل «مراسم عزاء الثامن والعشرين من صفر ذكرى استشهاد الإمام الرضا (ع)» في السجل الوطني.

 

إقامة مجالس التعزية بالقرب من الحرم الرضوي المطهر، وتوزيع النذور بين المعزين، ومشاركة الشباب والفتيان في مواكب العزاء، وإقامة صلوات الجماعة بحضور حشود كبيرة من المعزين، كلها من المشاهد التي لا تُنسى في ذكرى وفاة النبي الأعظم(ص) واستشهاد الإمام الرضا(ع) في مدينة مشهد المقدسة وبهذه المناسبة سوف نقدم نبذة عن الحرم المطهر للإمام الرضا(ع):

 

مرقد الإمام الرضا(ع) في مدينة مشهد المقدسة يعد من أروع وأفخم العمارات الإيرانية-الإسلامية، ويمكن القول إنه قمة فن العمارة الإسلامية. ويستقبل دائمًا الزوار من داخل إيران وخارجها، مما أسهم في ازدهار صناعة السياحة الدينية.  ويقصده العديد من السياح سنويًا من مختلف المدن الايرانية بحثًا عن السكينة الروحية. وبالإضافة إلى كونه مكانًا للزيارة والروحانية، فإنه يتميز بعمارته الرائعة والفريدة من نوعها. يتكون الحرم من عدة صحون، وقد جعلت الزخارف والفسيفساء عيون كل زائر تنجذب إلى جماله. ويضمّ هذا الحرم القبة والمنائر والصحون والأيوانات والأروقة، وفيما يلي نبذة تاريخية عن هذه العمارة الرائعة وميزاتها البارزة:

 

القبة الذهبية والمآذن في مرقد الامام الرضا(ع)

 

تُعد القبة الذهبية للحرم واحدة من أكثر الرموز شهرة وجاذبية في هذا المكان المقدس. هذه القبة، التي تغطيها أكثر من سبعمائة ألف قطعة من الذهب الخالص، تجذب دائمًا انتباه الزوار وحتى السياح غير المسلمين. لا تكتسب هذه القبة أهميتها من الناحية الجمالية فقط، بل لها أيضًا مكانة معنوية كبيرة وتُعتبر الرمز الرئيسي للمرقد.

 

مآذن الحرم: يضم حرم الإمام الرضا(ع) منارتين طويلتين ورائعتين. هذه المآذن تلفت الأنظار ليس فقط من الناحية المعمارية، بل تُعتبر أيضًا رموزًا تاريخية ودينية.

 

وتوجد صحون ذات مساحة مفتوحة وكبيرة حول الضريح المبارك تساهم كثيراً في جمال وروعة هذا البناء. حول كل صحن توجد أماكن مسقوفة ومحصورة تُعرف بالرواق، وفيما يلي بعض هذه الصحون:

 

صحن انقلاب: يُعرف صحن انقلاب (صحن الثورة) بأنه أقدم صحن في مرقد الإمام الرضا(ع)، هذا الصحن الذي يُعرف أيضاً باسم الصحن العتيق، بُني في عهد التيموريين ويقع في الجهة الشمالية من الحرم. يحتوي صحن انقلاب على أربعة إيوانات، ويعد إيوان الذهب النادري، الذي يقع في الجهة الجنوبية منه وفوق نافذة الفولاذ، من أشهر الإيوانات في هذا الصحن. أما الإيوان العباسي فقد أضفى على شمال الصحن مظهراً مميزاً، ويقع إيوان نقارة‌خانه في شرق الصحن. وفي الجهة الغربية من هذا الصحن يوجد إيوان الساعة. يحظى صحن انقلاب بمكانة عالية بين الزوار، حيث يقضي الكثير من الناس ساعات في العبادة عند نافذة الفولاذ المصنوعة من الفولاذ والبرونز.

 

صحن آزادي: يُعتبر صحن ازادي أحدث بناء من صحن انقلاب ويبلغ عمره حوالي 200 عام. ولهذا السبب يُعرف هذا الصحن أيضاً باسم «الصحن الجديد». وقد تم تخصيص أربعة إيوانات لصحن ازادي، وهي على التوالي: إيوان الذهب، إيوان الساعة، إيوان باب السلام، وإيوان الحكمة. تقع هذه الإيوانات في الغرب، الجنوب، الشرق، والشمال من «صحن ازادي».

 

صحن قدس: يُعتبر صحن القدس أصغر صحن في حرم الإمام الرضا(ع). تم بناء هذا الصحن خلال فترة الثورة الإسلامية. وتوجد سقاية على شكل بيت المقدس في هذا الصحن، ولأنها بُنيت بنية الإمام الرضا(ع)، فهي تتكون من ثمانية أقسام. كل قسم من هذه الأقسام يُجسد بناءً من أبنية بيت المقدس. تقع هذه السقاية في الجهة الجنوبية لبيت المقدس وبعد مسجد غوهرشاد.

 

صحن الجمهورية الإسلامية: تم بناء صحن الجمهورية الإسلامية في عام 1989. تقع هذه الساحة في الجهة الشرقية من الحرم وتحتوي على إيوان ذهبي، وسقاية في الوسط، وبرج ساعة، ونافذة فولاذية. تشبه هذه الساحة كثيراً صحن انقلاب، ونظراً لوجود أربعة إيوانات ذهبية فيها تُعرف أيضاً باسم باب الولاية.

 

صحن الجامع الرضوي أو صحن النبي الأعظم(ص): تبلغ مساحة صحن الجامع الرضوي حوالي 117,000 متر مربع، وتُعرف بأنها أكبر صحن في حرم الإمام الرضا(ع). يستطيع هذا الصحن استيعاب أكثر من 25 ألف زائر، وتُعد من أكبر الساحات في الأماكن المقدسة في جميع أنحاء العالم. تم بناء هذا الصحن في العصر الحديث، ويحتوي على 30 حجرة و46 غرفة. وقد خُصصت هذه الحجرات والغرف لإقامة مختلف البرامج الدينية. يقع هذا الصحن في الجهة الجنوبية من الحرم.

 

صحن کوثر: صحن الكوثر. هذا الصحن يشبه ممراً ارتباطياً، ولن تشهد فيه إقامة العديد من المناسبات. كما أن الزخرفة بالذهب وغيرها لا تظهر في هذا الصحن، ويمكن فقط مشاهدة إبداع فناني البلاط الذين بذلوا جهداً كبيراً في تصميم وبناء هذا الصحن.

 

صحن غدير: صحن الغدير الذي بُني في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم، وكان الهدف الرئيسي من بنائه هو ربط المناطق المختلفة في الحرم مثل جامع رضوي، الجمهورية الإسلامية. تقع كل من دورات المياه والمجمع التجاري والخدماتي للغدير في هذا الصحن.

 

أروقة حرم الإمام الرضا(ع)

 

أروقة حرم الإمام الرضا(ع) هي جزء آخر من الأماكن التي تواجهها عند اكتشاف هذا البناء المبارك. يحتوي حرم الإمام الرضا(ع) على ٢٦ رواقاً، وقد بُني كل واحد منها لهدف خاص. من بين أروقة حرم الإمام الرضا(ع) يمكن الإشارة بعض الرواقات وهي فیما یلي:

 

رواق الشيخ طوسي: يُعد رواق الشيخ طوسي واحدًا من أجمل الأروقة في حرم الإمام الرضا(ع). الشباب الذين يرغبون في عقد قرانهم في هذا المكان المبارك، ويودون أن تكون أول لحظات حياتهم الزوجية في حرم الإمام الرضا(ع)، يقصدون هذا الرواق.

 

رواق الإمام الخميني(رض): يُعتبر رواق الإمام الخميني(رض) أكبر رواق في حرم الإمام الرضا(ع). كان هذا الرواق في الماضي عبارة عن صحن، ومع التغييرات التي طرأت عليه وتغطيته، أصبح الآن رواقًا كبيرًا. كان يُسمى في السابق صحن المتحف، وذلك بسبب وجود المتحف والمكتبة في نهاية الرواق. تُقام في رواق الإمام الخميني(رض) الفعاليات السياسية والاجتماعية والدينية المهمة، ومنها صلاة الجمعة في الحرم.

 

رواق دار الحجة: رواق دار الحجة هو أحد الأروقة التي أُنشئت حديثًا في حرم الإمام الرضا(ع)، حيث تم تأسيسه عام 2008م. يقع هذا الرواق تحت صحن انقلاب، ويمكن الوصول إليه عبر مدخل الحر العاملي والشيخ الطوسي. في الواقع، يربط هذا الرواق القسم الشرقي للحرم بأقصى القسم الغربي منه.

 

رواق دار الإجابة: رواق دار الإجابة هو واحد من أشهر أروقة مرقد الإمام الرضا(ع). وهو أقرب مكان إلى قبر الإمام الرضا(ع)، لأن الجدار الشرقي لرواق دار الإجابة يقع تحت ضريح الإمام الرضا(ع)، وهو أقرب جزء إلى مكان دفن الإمام.

 

متاحف العتبة الرضوية المقدسة

 

تُعد متاحف العتبة الرضوية المقدسة من الأقسام السياحية الأخرى في حرم الإمام الرضا(ع). يوجد في حرم الإمام الرضا(ع) ستة متاحف، ولكل منها موضوعها ومحورها الخاص وفيما يلي بعض هذه  المتاحف.

 

متحف القرآن والنفائس: يُعتبر متحف القرآن والنفائس واحدًا من أثمن الكنوز القرآنية في العالم. يُعد هذا المتحف أول متحف قرآني في العالم، وقد تأسس عام 1985م. يضم هذا المتحف مجموعة واسعة من المخطوطات والأعمال القرآنية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة.

 

متحف أعمال الأستاذ محمود فرشجيان: يُعد متحف الأستاذ فرشجيان احد معالم الجذب الأخرى في حرم الإمام الرضا(ع)، ويحظى باهتمام خاص من محبي الفن. في هذا المتحف يمكن مشاهدة لوحات الأستاذ الفريدة التي تُعد أعمالاً ثمينة وقد تم تصويرها بطريقة مختلفة. من بين أعمال الأستاذ فرشجيان المعروضة في هذا المتحف: اليوم الخامس من الخلق، ظهر عاشوراء، حامل راية الحق، تسبيح الخالق، رعاية اليتيم، رمي الجمرات، أول رسالة، والتوسل.

 

المتحف المركزي: يعرض المتحف المركزي للإمام الرضا(ع) كل ما تم وقفه أو تبرع به الآخرون أمام أنظار الزوار. من بين المعروضات التي يحتفظ بها هذا المتحف يمكن الإشارة إلى كنوز الحرم الرضوي أو المجوهرات التي تعود إلى العصر الصفوي، والذهب والفضة من فترة البهلوي، والنقوش المحفورة، والأقفال القديمة، وميداليات الشخصيات البارزة من سنوات مختلفة، ومجموعة العملات النقدية في الحرم.

 

 

 

 

المصدر: الوفاق