المشهد الموسيقي الإيراني يشهد حراكاً متجدداً يجمع بين دعم المواهب المحلية والانفتاح على الساحة الدولية. ففي الدورة الحادية والأربعين من مهرجان فجر الدولي للموسيقى، أعلن مجلس السياسات عن توجه نوعي يركّز على جودة الأداء وتقديم أعمال جديدة لمؤلفين إيرانيين لم تُعرض سابقاً، في خطوة تهدف إلى تحفيز الإنتاج الموسيقي المحلي وتوسيع دائرة المشاركة الفنية.
شهرام صارمي، عضو المجلس، أكد أن المهرجان يسعى إلى خلق «حراك فني» مختلف عن الدورات السابقة، من خلال تكليف مؤلفين بإنتاج قطع جديدة تُعرض لأول مرة، وتشكيل فرق موسيقية متنوعة تتناسب مع طبيعة الأعمال المختارة. هذا التوجه يعكس رغبة حقيقية في تجديد الخطاب الموسيقي الإيراني وتعزيز حضوره المعاصر.
في سياق متصل، شهدت العاصمة طهران مراسم إزاحة الستار عن ملصق الدورة الثانية من رسيتال البيانو الكلاسيكي والإيراني، والتي ستُقام في مركز «نیاوران» الثقافي، بمشاركة واسعة من الفنانين الشباب والرواد. المنظمون أكدوا أن هذه الدورة ستكون أكثر احترافية، وتهدف إلى دعم المواهب الصاعدة وتوفير فرص حقيقية لهم في سوق الموسيقى.
أما على الصعيد الدولي، فقد تألق المؤلف الموسيقي الإيراني محمدرضا أجدری في مسابقات عالمية مرموقة، حيث وصل إلى النهائيات في جوائز Hollywood Independent Music Awards وWorld Entertainment Awards لعام 2025، عن عمله الآلي «Els». كما تم تسجيل هذا العمل ضمن الترشيحات الأولية لجوائز غرامي، ما يعكس الحضور المتنامي للموسيقى الإيرانية في المحافل العالمية.
هذا التفاعل بين الداخل والخارج، بين دعم المواهب المحلية والانفتاح على العالم، يعكس نضجاً في السياسات الثقافية الإيرانية، حيث لم يعد الفن مجرد تعبير جمالي، بل أصبح أداة استراتيجية لتعزيز الهوية والانخراط في الحوار الثقافي العالمي.
إن التركيز على الجودة، وتكليف أعمال جديدة، ودعم الشباب، إلى جانب النجاحات الدولية، يشير إلى أن الموسيقى الإيرانية تخطو بثبات نحو مرحلة أكثر تأثيراً وتنوعاً، حيث تتلاقى الأصالة مع الحداثة، وتُصاغ الهوية من جديد عبر النغم والصوت.