في مقابلة مع موقع khamenei.ir

لاريجاني: إيران لن تستسلم واستراتيجيتها هي دعم المقاومة

عندما لا تتعاون الدول الغربية معنا، فما الذي علينا أن نفعله؟

نشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي حوارًا مع الدكتور علي لاريجاني، مستشار قائد الثورة الإسلامية، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي وممثّل القيادة فيه، وذلك لعرض الرواية والتحليل الشامل لانتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب المفروضة الأخيرة التي استمرّت 12 يومًا مع الكيان الصهيوني، وتحدث عن دور قائد الثورة الإسلامية في توجيه البلاد خلالها.

 

في هذا الحوار، تناول الدكتور لاريجاني سرد أحداث مرحلة وقف إطلاق النار مع الكيان، وما واجهته الجمهورية الإسلامية من قضايا وتحديات في تلك الأيام، وكيفية إدارتها، مثل: المفاوضات النووية، مهام المجلس الأعلى للأمن القومي، مسألة جبهة المقاومة، قضية آلية الزناد، اتفاق أذربيجان وأرمينيا، موضوع معالجة الثغرات الدفاعية وتعزيز القدرات الهجومية العسكرية، إضافةً إلى أولوية البلاد الأساسية في حلّ مشكلات الشعب.

 

في ما يلي النصّ الكامل للحوار مع الدكتور علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي.

 

بدايةً، أود أن أسألكم، في ظل الظروف الحالية وبعد توليكم هذه المسؤولية الجديدة، ما هي المهمة الأساسية الملقاة على عاتق المجلس الأعلى للأمن القومي؟ فالتحديات متنوعة ويمكن ترتيبها حسب الأولوية. هل في ظل هذه التحديات، ستُجرى تغييرات هيكلية أو منهجية أو في التوجهات في هذا المجال أم لا؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يجب أن أقول إن أهم واجب ملقى على عاتق هذا المجلس هو إدارة التحديات بطريقة تؤدي في المحصلة إلى خلق بيئة هادئة للتنمية الوطنية في البلاد، إذ يتمكن الناس من عيش حياة قابلة للتنبؤ. التحديات موجودة دائمًا؛ قد تكون اليوم حربًا أو قضايا أخرى.

 

بالأمس كانت هناك أمور مختلفة، وهناك قضايا إقليمية ودولية أيضًا. في النهاية، تكمن البراعة في مجال الدبلوماسية وظروف قوى المقاومة والقوات المسلحة في المزج بين هذه العناصر لتحقيق المصالح الوطنية للبلاد، وتوفير مسار للتنمية أو التقدم المتوازن للبلد والحكومة.

بطبيعة الحال، بما أننا الآن في خضم حرب وهناك وقف لإطلاق النار حاليًا، فهذه مسألة مهمة يجب أن نوليها اهتمامنا وأن نخلق قدرات تمنع العدو من التفكير في شن عدوان جديد.

في الوقت نفسه، تترتب على هذا الموضوع تداعيات أخرى تتعلق بالقضايا النووية والمسائل الإقليمية وغيرها.

ما هي تدابير المجلس لتحقيق هذا الاستعداد؟ ربما من الأفضل أن نصيغ السؤال كالآتي: من المحتمل أن يكون السؤال الأول الذي يطرحه الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إليكم هذه الأيام هو: هل ستندلع الحرب مجددًا أم لا؟ – وهو السؤال الشائع اليوم – وبعد ذلك، يأتي السؤال الثاني: ما مدى استعدادنا لذلك؟

الإجابة عن هذا السؤال تتعلق بنا نوعًا ما، وتتعلق بالعدو أيضًا نوعًا ما، فليست الأمور كلها بأيدينا. لكن القضية الأهم هي أن نرى كيف يمكننا درء الحرب عبر الإجراءات التي يمكن اتخاذها. تصوري هو أن هناك عوامل عدة يمكن أن تكون مؤثرة في هذه القضية.

المسألة الأولى هي الوحدة الوطنية، تمامًا كما كانت مؤثرة جدًا في حرب الاثني عشر يومًا.

إن تمتع الإيرانيين في تلك الأيام بفهم عالٍ وتحليلهم الصحيح للعدو والخصم، وإيمانهم بضرورة الدفاع عن إيران ومصالحها رغم الخلافات في وجهات النظر كلها، هما ذكاء عظيم.

طبعًا، يجب الحفاظ على هذا الأمر؛ بمعنى أنه علينا جميعًا، حكومةً وشعبًا، أن نسعى إلى الحفاظ على هذا التضامن والانسجام. هذه نقطة. في إحدى زياراتنا، قال أحد قادة الدول: «لقد أدرك العالم هذه الوحدة الوطنية للإيرانيين!».

لذا، هذا رأسمال وطني، والحفاظ عليه وصيانته يتطلبان عوامل مختلفة لا أريد أن أستغرق وقتكم في الحديث عنها.

النقطة الثانية هي أن أحد العوامل المهمة للصمود هو تمتع الناس بحد أدنى من متطلبات الحياة. صحيح أننا في حالة حرب، ولكن تجب إدارة شؤون حياة الناس بطريقة تمكنهم من الصمود.

هذه إحدى القضايا التي نناقشها الآن، وأعتقد أن الحكومة والسيد الرئيس نفسه ملتزمان جدًا بهذه المسألة ويوليانها اهتمامًا ويعدانها جزءًا من العدالة. لذلك، يجب تأمين قاعدة من احتياجات الناس على نحو جيد، وهو ما يختلف في ظروف السلم عنه في ظروف الحرب. هذه هي النقطة الثانية التي أعتقد أنه يجب التمهيد لها.

النقطة التالية هي الحفاظ على «العُدّة والعدد» من الإمكانات العسكرية وتعزيزها. على أي حال، لقد كنا نتمتع بإمكانات جيدة دفعت العدو، رغم أنه هو من بدأ الحرب، إلى السعي جاهدًا إلى إنهائها.

صحيح أنهم يروجون في الخارج بأنهم حققوا نجاحًا كبيرًا، ولكن أدركت معظم الدول والشعوب المهمة أن عدونا مُني بهزيمة إستراتيجية في هذه الحرب، وهناك طبعًا أسباب مختلفة لذلك.

هذه المسألة مفيدة لإيران، وفي الوقت نفسه يمكن أن تكون مغرية للعدو؛ لأن العدو الذي لم ينجح إستراتيجيًا، سيسعى بطبيعة الحال إلى تحقيق النجاح مرة أخرى بطريقة ما.

كيف يمكننا أن نُخيّب أمله؟ يجب تعزيز الإمكانات العسكرية والأمنية للبلاد، ومعالجة بعض العيوب التي كانت موجودة في عملنا.

لذلك، جزء من وقتنا مخصص لتحديد مكامن ضعفنا بدقة وواقعية، ثم معالجة هذه العيوب وتقوية إمكاناتنا. إذن، هذا جزء آخر من العمل.

طبعًا، جزء آخر من العمل هو التفاعلات الدولية والإقليمية والتوازنات التي يمكن إيجادها؛ أي إن الحوارات الأكثر دقة على الساحة الدولية – خارج الأعراف التي تكثر فيها المجاملات عادة – يجب أن تكون جزءًا من عملنا.

توصيتي حقًا هي أن نولي اهتمامًا داخل البلاد لحقيقة أن حربنا لم تنتهِ بعد؛ على التيارات السياسية والأشخاص الذين يمتلكون منابر إعلامية أن ينتبهوا إلى أننا في وضع حسّاس.

طبعًا، قدرة الردع الإيرانية عالية جدًا. لا أقول إن هناك حربًا فعلية الآن، ولكن يجب أن نعلم أن حربًا قد بدأت واقتصرت الآن على وقف إطلاق النار، ولذا يجب أن نكون مستعدين ونحافظ على تضامننا.

على أي حال، كانت إحدى النقاط المهمة في هذه الحرب هي تدابير سماحة القائد. لقد تابع سماحته القضايا منذ اليوم الأول بدقة شديدة، ووضع الخطط، وعيّن القادة، وتابع مسار الحرب، وتحدث إلى الناس. لذلك، في هذه الظروف، يجب دعم سماحته دعمًا كاملًا.

طبعًا، البعد العقلي لهذه المسألة قوي جدًا أيضًا. قد تكون لدى الأفراد آراء مختلفة في بعض القضايا السياسية، ولكن عندما نكون في أزمة كبيرة، يجب أن يكون دعمنا قويًا لمن هو في موقع القيادة ويتولى إدارة الحرب.

لذا، ينبغي ألا نثير الخلافات. أعتقد أن هذا جزء من الفهم المهم لظروف المرحلة. لا أقول إنه لا يوجد اختلاف في وجهات النظر؛ قد تكون هناك خلافات كثيرة في المجتمع، وقد يختلف السياسيون، والأحزاب أيضًا؛ المسألة هي أنه ينبغي ألّا نتجاهل ظروف الزمان والمكان والوضع الذي يعيشه الناس، لأن مثل هذه الأمور تخلق أحيانًا خلافات تُطمِع العدو في شن هجوم ضدنا. لذلك، هذا الجانب مهم أيضًا في رأيي ويجب الانتباه إليه.

هل من الممكن أن يتدخل المجلس الأعلى للأمن القومي في هذه القضايا على نحوٍ ما؟

دائمًا ما كانت لدى المجلس الأعلى للأمن القومي آليات في هذا المجال، ولديه قرارات سابقة أيضًا؛ لذا لا داعي لإصدار قرار جديد، لأنها موجودة من قبل، وأنا على علم بأنهم كانوا يؤدون أعمالًا في هذا الاتجاه في الماضي.

أي إن المهم هو أن تؤدي هذه الآلية نشاطها، بمعنى أن تتواصل مع الخبراء والصحافيين وأهل القلم وتوضح لهم الأمور.

في الماضي، كنا نعقد هذه الجلسات ونشرح لهم الظروف. طبعًا، أعتقد أن هذا النضج الفكري موجود لدى معظم هؤلاء الأفراد؛ فعندما توضّح الظروف لهم على نحو جيد، سيتخذون قرارات سليمة.

 

 رغم أن العدو مُني بهزيمة إستراتيجية في هذه الحرب، ولكننا واجهنا أيضًا ثغرات على الصعيد التكتيكي في المجال العسكري وبعض القضايا الأخرى. بما أن خطة النظام في هذا الخصوص تتركز في المجلس الأعلى للأمن القومي، ربما يرغب الرأي العام الآن في الحصول على تقرير، قدر الإمكان، عما يحدث لملء هذه الثغرات الأمنية والعسكرية والدفاعية والإعلامية قبل الجولة الآتية من الصراع المحتمل – إن كانت قادمة.

في البعد الدفاعي، اتُّخذ قرار مهم في المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو إنشاء «مجلس الدفاع». هذا المجلس هو هيئة تابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومهمته تقتصر على قضية الدفاع ومعالجة عيوب القوات المسلحة ووضع الخطط في هذه الأمور.

وُفّرت آلياته وبدأ العمل، وعُقدت جلسة له وتُتابَع الأعمال بانتظام. في هذا السياق، تولت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة مهمات وتتابعها، ووزارة الدفاع نشطة في تأمين الاحتياجات، والجميع منهمك في العمل؛ خاصة قائد حرس الثورة وقائد القوة الجوفضائية، كلهم يسعون جاهدين قدر الإمكان إلى معالجة أي عيوب رأيناها في هذا المسار.

يُستفاد على نحو جيد من قدرات الخبراء والشباب الموهوبين والمتخصصين. نحن في أمانة المجلس، وبسبب دخولنا حقًا في عصر الحروب الحديثة، أنشأنا معاونية للتكنولوجيا في البعد الدفاعي تركز على هذا الموضوع، وهم يعملون بجد. لذلك، اتخذنا إجراءات في هذا المجال، وأنا شخصيًا متفائل جدًا، لأن كثيرًا من القوات المتخصصة من الجامعات قد انضمت إلى هذه العملية.

إذا أمكن، هل يمكنكم شرح هذه المسألة بمزيد من التفصيل والأمثلة المحددة؟

على سبيل المثال، لنفترض أنه كانت لدينا بعض النواقص في مجال الدفاع الجوي والرادارات، الآن يُركّز على هذه الأمور ويُعمل عليها؛ وكذلك بعض القضايا الأخرى المتعلقة بهذه المواضيع.

طبعًا، ليس من الضروري أن أذكر التفاصيل جميعها الآن؛ فقط اعلموا أن هذا هو المسار العام للعمل.

طبعًا، كان لدينا في هذه الحرب عدد من نقاط القوة في البعد الصاروخي وما شابه، وهذه هي التي قصمت ظهر العدو؛ لذا، يجب أن يستمر تعزيزها، والعمل جارٍ في هذا المجال. بناءً على ذلك، يُتابَع البعد الدفاعي، وإن شاء الله، ستكون النتائج جيدة؛ أي إن آفاقه بحمد الله واعدة.

في هذا السياق، هل طُرح موضوع شراء معدات جديدة؟

نعم، هذا الأمر طُرح أيضًا؛ على أي حال، اعتمادنا الأكبر هو على قدراتنا الداخلية، ولكننا نستفيد أيضًا من مساعدة الآخرين.

هناك بعد آخر وهو معالجة العيوب التي كانت موجودة في القطاعات الأمنية، وتُعقد اجتماعات في هذا الصدد؛ هذه ثغرة يجب بالتأكيد سدّها.

طبعًا، الأمر لا يقتصر على الجانب البشري فقط؛ أي عندما نقول «اختراقًا»، ينبغي ألا يتصوَّر المرء أن هناك بالضرورة عناصر بشرية متورطة؛ نعم، هذا الجانب موجود – لا أقول إنه غير موجود – ولكن هناك عوامل أخرى أيضًا.

في هذا الصدد تحديدًا، أردت أن أشير إلى أن أحد الالتباسات والتحديات التي تواجه رأينا العام في الداخل، الذي لم يُقدَّم له جواب مناسب وأصبح مادة لاستغلال العدو في مجال الدعاية، هو غياب تقديم تقرير شفاف لشعبنا ورأينا العام عن مدى «الاختراق» وعمقه. لا أعرف ما إذا كان في إمكان مسؤول الأمن في البلاد التحدث على نحو أكثر تحديدًا عن هذا الموضوع أم لا؛ إذا كان ذلك ممكنًا، يرجى تقديم بعض التوضيحات.

طبعًا، ليس من الضروري أن ندخل في تفاصيل دقيقة جدًا، لأن ذلك قد يكون ضارًا بالتأكيد؛ ولكن تجب حتمًا متابعة هذه الحالات.

المهم هو أنه التُفِت إلى هذه المسألة وهي قيد المتابعة. لكن التصور الأولي هو أن المشكلة برمتها تكمن في هؤلاء العملاء المنتشرين في الشارع أو في أماكن أخرى ويزودون العدو بالمعلومات، في حين الأمر ليس كذلك.

أي عندما تنظر إلى ساحة الاختراق، تدرك أن التقنيات الحديثة وتقاطع كميات هائلة من المعلومات معًا يمكن أن يساعدا أجهزة الاستخبارات الأجنبية بما هو أبعد من ذلك بكثير.

لذا، إن السيطرة التقنية على المعلومات يمكن أن تساعد كثيرًا في هذا المجال، وهذا هو الجانب الأكبر من المشكلة.

لذلك، ما يفعله الآخرون لا يقتصر فقط على إرسال عناصر بشرية، فهذه طريقة قديمة – ورغم أنها لا تزال موجودة – ولكن الأهم هو أن أجهزة التجسس يمكنها، عبر مجموع المعلومات التي تحصل عليها ومن تقاطعها، أن تستخلص استنتاجات وتستغلها على أفضل وجه في عملياتها. بناءً على ذلك، يجب إيلاء اهتمام أكبر بكثير لهذا البعد من القضية.

بالتأكيد، تُعدّ الروايات الإعلامية إحدى نقاط ضعفنا.

على نحو عام، لا أرى أن وضع الإعلام في إيران سيئ، فكثيرون يبذلون جهدًا كبيرًا في هذا المجال، يكتبون المقالات، ويتحدثون في الإذاعة والتلفزيون وأماكن أخرى. يجب أن نعترف أن الجانب الإعلامي لدينا قد أصابته صدمة مفاجئة في بداية هذه الحرب، التي كانت غير متوقعة وغادرة إلى حد ما، بمعنى أنها كانت مصحوبة بالخداع. لكنه سرعان ما استعاد وعيه وبدأ في العمل.

أما الآن، فالمسألة الأهم هي أن نُعزز من قدراتنا الإعلامية ونجعلها أكثر احترافية. في رأيي، أسلوبنا الإعلامي سطحي بعض الشيء ولهذا لا يترك تأثيرًا كبيرًا. المتلقي يحتاج إلى الحصول على معلومات قصيرة ودقيقة ومُعبأة على نحو جيد لتلبي احتياجاته. لا أقول إن هذا هو الحال دائمًا؛ فقد يستمع المتلقي أيضًا إلى مادة طويلة وموسعة إذا وجدها جذابة، ولكنه عمومًا يفضل المقاطع القصيرة.

جزء كبير من نجاح الرسالة الإعلامية يكمن في صدقها. الجميع يدرك أنه بسبب المسائل الأمنية، لا يمكن قول كل شيء، لكن يجب ألا يُقال أي شيء مخالف للحقيقة. يجب أن يشعر الناس بأن وسائل الإعلام لا تكذب ولا تقول كلامًا زائفًا. قد تقول: «لا يمكننا الآن الحديث عن بعض الأمور»، وحينها سيتقبل الجميع ذلك. أما إذا قلت خلاف الحقيقة، فستفقد مصداقيتك. يجب أن يكون هذا مبدأ أساسيًا للعمل. خاصة في ظروف الحرب، بقدر ما يعتمد الناس على القيادة لدفع الأهداف قدمًا، بقدر ما يجب أن يكون اعتمادهم على وسائل الإعلام في الصدق، حتى يتقبلوا ظروف المرحلة ويتمكنوا من التكيف معها.

من المحتمل أنك قد عقدت وتعقد اجتماعات مع قائد الثورة الإسلامية في هذه المدة. أود أن أسألك: في أول لقاء وأول اجتماع لك بعد تسلّم هذا المنصب والمسؤولية الجديدة، ما هو أهم طلب كان لديه منك؟

كان طلبه الأساسي أن نبذل ما في وسعنا كله لحماية المصالح الوطنية للبلاد على نحو جيد وأن نحقق أمنًا مستدامًا، وهذا طبعًا موضوع واسع يشمل مسائل داخلية وإقليمية ودولية مختلفة.

كان رأيه دائمًا أن هذا العمل يجب أن يُتابع بثبات وصمود وصلابة، وسلوكه كذلك. لم أرَ فيه أدنى شك في المسار الذي يسير عليه طوال مدة الحرب.

هل كنتم على تواصل مع سماحته في تلك المرحلة أيضًا؟

نعم، كنت على تواصل معه وكانت توجيهاته تصلنا على نحو كامل. كانت لدينا اجتماعات أيضًا، وكنا نرسل إليه آراءنا على نحو مستمر، وكانت ردود أفعاله تصلنا وكانت واضحة تمامًا. أما الآن، بعد الحرب، فإن تواصلنا معه غدا أكبر.

يسير بخطوات واثقة جدًا في طريقه، وهذا السلوك يشبه الإمام الخميني كثيرًا. عندما كان الإمام في باريس، ذهب المرحوم الشهيد مطهري لزيارته ومكث لديه أيامًا عدة. عندما عاد، ذهبت أنا وعلي مطهري إلى المطار لنحضره.

في الطريق، سألناه: كيف وجدت الإمام؟ فأجاب: لقد رأيته مؤمنًا بطريقه، ومؤمنًا بالناس، ومؤمنًا بالله، ومتوكلًا على الله. لقد ذكر هذا الأمر لاحقًا في أحد كتبه، إذ قال إن الإيمان كان رباعيًا: مؤمنًا بالهدف، مؤمنًا بالطريق، مؤمنًا بالناس، ومؤمنًا بالله. في هذه الأحداث أيضًا، رأيت الحالة نفسها في الإمام الخامنئي؛ أي إن خطواته ملؤها الثقة الكاملة. هذه إحدى سمات القادة الذين يسلكون طريقًا إلهيًا ويتبنون نهجًا هادفًا.

لننتقل إلى موضوع آخر. كما أشرت على نحو عابر، كنا في خضم مفاوضات عندما قصف العدو طاولة المفاوضات عمليًا، وبالتالي إن نظرتنا ونهجنا للمفاوضات في الوضع الحالي يختلفان بالتأكيد عما كانا قبل الثالث والعشرين من خرداد (13 حزيران/يونيو). في رأيك، هل لا يزال من الممكن أن تعمل الدبلوماسية في هذه الظروف، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي شروطها؟

نصيحتي دائمًا هي ألا تتخلى إيران أبدًا عن الدبلوماسية، لأن الدبلوماسية بحد ذاتها أداة. لقد قال قائد الثورة ذات مرة: «اجعلوا دائمًا علم المفاوضات في أيديكم»، وهذا صحيح تمامًا.

الدبلوماسية في الواقع جزء من عمل الحكومة ولا معنى للتخلي عنها. المهم هو متى وكيف نستخدمها.

إذا حوّل العدو الساحة الدبلوماسية إلى مسرح، فلن يخرج من هذه الدبلوماسية أي شيء. أو إذا كان هدفه هو استخدام الدبلوماسية لتبرير عمل آخر، فمن الواضح أن الدبلوماسية بحد ذاتها لم تكن هي المقصود، وأنه في الواقع لم يكن يريد استخدامها.

لكن، إذا كانت الدبلوماسية نابعة من إدراكنا بأننا لا نجني فائدة من الحرب، ورغبتنا الآن في إحلال السلام، فهنا يأتي دور الدبلوماسية، وهذه هي الدبلوماسية الحقيقية. أنا الآن لا أرى الظروف على هذا النحو، أي إنني أشعر أن الدبلوماسية التي يتبعونها هي دبلوماسية لخلق الذرائع. لكن في الوقت نفسه، ينبغي ألا نقول إننا سنقطع العلاقات الدبلوماسية.

أما عن كيفية ظروف التفاوض ومتى يؤتي ثماره، فالتفاوض يؤتي ثماره عندما يفهم الطرف المقابل أن لا فائدة من الحرب، ويريد على سبيل المثال حل القضايا عن طريق التفاوض. لكن إذا أراد أن يتخذ من التفاوض ذريعة لعملية أخرى، فهذا ليس تفاوضًا صحيحًا.

لذلك، شرطنا في هذا المجال هو أن نجري مفاوضات حقيقية. إذا كنتم تسعون إلى الحرب، فاذهبوا وأكملوا ما بدأتموه، وعندما تندمون، تعالوا للتفاوض.

أما إذا توصلتم حقًا إلى نتيجة مفادها أنكم لا تستطيعون إخضاع هذا الشعب الصامد وهذه المقاومة بالحرب، – وهذه الترهات التي يطلقونها بأننا يجب أن نمارس الضغط حتمًا حتى تستسلم إيران، والتي رد عليها القائد أيضًا، وفي هذه الحرب أدركوا أن «الإيرانيين لا يستسلمون» -، فإن شرط إجراء مفاوضات حقيقية هو أن تدركوا هذه الحقيقة.

 كيف سيكون أفق الجمهورية الإسلامية تجاه فصائل المقاومة وجبهتها بعد حرب الاثني عشر يومًا؟ لقد زرتم إلى العراق، وزرتم لبنان مرة أخرى. حاليًا، تُمارس ضغوط شديدة على «حزب الله» في لبنان، تطالبه بإلقاء سلاحه، وهو ما لم يتمكن الإسرائيليون من تحقيقه في الحرب العسكرية المباشرة! من ناحية أخرى، في الفضاء الإعلامي الدولي، يسود تحليل مفاده أن الفصائل التي كانت تدعمها الجمهورية الإسلامية تحت مسمى «جبهة المقاومة» آخذة في الضعف.

حسنًا، إذا كانوا قد ضعفوا، فلماذا يصرون ويمارسون هذا الضغط كله؟ إذا ضعفوا، فقد ضعفوا وانتهى الأمر. عادةً ما يُمارس الضغط على نقطة القوة؛ عندما تكون ضعيفة، فهي ضعيفة.

في رأيي، هذا من الأقوال العجيبة والغريبة. لو عدنا إلى وسائل الإعلام قبل أربع أو خمس سنوات مثلًا، وقبل هذه الأحداث، لم يكن الحديث عن الضعف مطروحًا آنذاك؛ أليس كذلك؟ لكن انظروا ماذا كانوا يقولون عن المقاومة وعلاقة إيران بها: كانوا يقولون إن إيران مخطئة، وإن هؤلاء لا قيمة لهم، وكلهم تكاليف تتحملها إيران!

كانت أدبياتهم في الغالب أن هؤلاء ليسوا شيئًا مهمًا، وأن إيران تهدر طاقاتها عليهم بلا طائل، وأنهم لا يُعتد بهم أصلًا! الآن يقولون إن جبهة المقاومة قد ضعفت، ولكن في ذلك الوقت الذي لم تكن فيه ضعيفة بزعمهم، كانوا يقولون الكلام نفسه ولكن بأدبيات مختلفة.

الآن أيضًا يقولون إنهم ضعفاء؛ حسنًا، إذا كانوا ضعفاء، فاتركوهم وشأنهم، دعوهم؛ لماذا تخططون ضدهم هذا التخطيط كله!

في رأيي، لقد تسبب هؤلاء في العامين الأخيرين بكثير من المتاعب لأنفسهم ولشعوب المنطقة؛ لقد قتلوا الناس وجرحوهم وتسببوا في تجويعهم، ولكن هذه جرائم كيان لا خطوط حمراء لديه، يفعل كل شيء، وقد تقبّل العالم الغربي هذه الوحشية.

ثم، السؤال هو: أنتم الذين تقولون إنكم قضيتم على «حماس»، لماذا تخافون الآن من السيطرة على غزة؟

لقد قتلتم الناس واستشهدوا، وجوّعتموهم، ولكنكم لم تتمكنوا من القضاء على «حماس».

لماذا لا يُقضى عليها؟ السبب يعود إليهم أنفسهم؛ عندما تقتلون الناس وتبيدونهم، فإن لهؤلاء عائلات وشبابًا؛ أنتم تدفعونهم إلى موقف يجبرهم على مواجهتكم.

متى نشأ «حزب الله»؟ نشأ «حزب الله» عندما جاءت “إسرائيل” واحتلت بيروت بالكامل.

عندما احتلت بيروت، فمن البديهي أن شعب أي بلد لن يكون مستعدًا لقبول هيمنة دولة أخرى عن طريق الاحتلال.

لذلك، قالت مجموعة من الشباب إنه علينا أن ندافع عن أنفسنا، وهذه كانت النواة الأساسية لـ«حزب الله». الآن يقولون إن إيران هي من أوجدت «حزب الله»! لا، هم أنفسهم من أوجدوا «حزب الله» بسلوكهم.

نعم، نحن ساعدنا؛ نحن لا نكذب، نقول إننا ساعدنا، وسنستمر في المساعدة، ولكن أصل «حزب الله» أوجده الشعب اللبناني بنفسه، وأصبح هذا رصيدًا لهم؛ أي إن بلدًا صغيرًا تمكّن من مقاومة “إسرائيل”.

«حماس» كذلك تنشأ بهذه الطريقة، فعندما تأتون وتستولون على بلد ثم تقولون لسكانه إنكم لا تملكون أي مكانة، وإن أراضيكم يجب أن تُعطى لغيركم، فإن الناس يقفون في وجهكم.

نشأ الوضع نفسه في العراق، فعندما جاء الأمريكيون واحتلّوه، ظهرت حركات المقاومة، لأنكم احتليتم البلاد وظلمتم الناس، إضافةً إلى السلوك الأحمق الذي أظهره جنودهم.

في اليمن، لماذا وُجدت المقاومة؟ الحوثيون كانوا موجودين دائماً وكانت لهم منازعات مع الحكومة، ولكن عندما بدأوا بقصف اليمن، قال هؤلاء: إذن لا بدّ من المقاومة، فتشكّل تيار المقاومة.

يتبيّن أنّ المقاومة تنشأ عبر سلوكهم هم أنفسهم، وكلّما زادوا الضغط، ازدادت المقاومة عمقاً. يقولون مثلًا إنّنا وجّهنا ضربات؛ نعم، هذا صحيح، فقد وجّهوا ضربة إلى «حزب الله»، ولكن السؤال هو: هل أعاد «حزب الله» بناء نفسه أم لا؟ لقد كان في صفوفه من الشباب المجاهدين ما يكفي لينهضوا بعملية إعادة البناء.

يقول هذا برجنسكي، الذي كان في زمن ما مستشار الأمن القومي الأميركي، في كتاب له ــ حيث يورد حتى بعض أشعار الفنانين ويستشهد بها ــ إننا نواجه في الشرق الأوسط ظاهرةً تتمثل في وعي الشباب السياسي وكراهيتهم لأميركا.

ثم يضرب مثالاً بشاعر سنغالي قال مثل هذا الشعر. هذه حقيقة وواقع. عندما يمارس الأمريكيون الضغط ويقولون إن نظريتنا هي «السلام عبر القوة»، فماذا يعني «السلام عبر القوة»؟ ما معنى ذلك؟ ترجموا هذا على أرض الواقع.

أي الاستسلام.

إمّا الاستسلام أو الحرب. أيّ إنسان ذي غَيرة يقبل بهذا الاستسلام؟ ثم يأتي ذلك الأحمق منه نتنياهو ليكرّر الأمر نفسه ويقول: «أنا أيضاً أتبنّى هذا الرأي»! يريد أن يُقحم نفسه في تلك الساحة. هكذا تكون النتيجة نفسها، وتكون النتيجة الأخرى أنّه عندما يقول نتنياهو إنني بوصفي دولة صغيرة أريد أن أصنع السلام من طريق القوّة، فإنّ معنى ذلك أنّه يخاطب دول المنطقة مثل السعودية ومصر والأردن أو الكويت قائلاً: كلّكم يجب أن تُسلّموا لي أو تحاربوني!

وبهذا يثير حساسية الجميع، ولذا إنّ وضع المنطقة اليوم هو أنّ الكلّ يقف في حالة مواجهة تجاه “إسرائيل”.

طبعًا، قد يختلفون معنا في الرأي ــ ولا أقول إنّهم يفكّرون مثلنا ــ ولكنّهم يعترضون على سلوك “إسرائيل” ويدركون أنّ إيران تقف سداً في وجهها. حسنًا، هذه نقطة، لذلك أنا أعتقد أن المقاومة حيّة وتتحرّك باستمرار.

هل سياسة الجمهورية الإسلامية الايرانية بعد حرب المفروضة الاثني عشر يوماً هي السياسة نفسها القائمة على دعم تيار المقاومة وتقويته؟

التفتوا! لا شكّ في أنّه يجب دائماً اتخاذ القرارات بما يتناسب مع الزمان، ولكنّ الجمهورية الإسلامية تدعم المقاومة دائماً، لأنّها تعدّها تياراً أصيلاً ورصيداً [إستراتيجياً]. هل تخلّوا هم عن “إسرائيل”؟ هل تخلّت أمريكا الآن عن “إسرائيل”؟ إنّها ما تزال تدعمها.

إذا لم تدعم إيران الطاقات المتاحة التي تقول إنّنا ندافع عن مصالح الإسلام ونحرص على إيران، فإنّ ذلك يُعدّ نوعاً من خفّة العقل على المستوى السياسي.

لا بدّ لإيران أن تستفيد من إمكاناتها. عندما يوظّف العدوّ طاقاته كلّها صغيرها وكبيرها، ما الذي يجعلنا لا نوظّف نحن طاقاتنا؟

لقد لاحظتُ أنّهم يقولون أحيانًا إنّ المقاومة لم تفعل شيئاً لنا! الواقع أنّهم يريدون التأثير على عقولكم ليُوحوا إليكم بأنّ هؤلاء مثلاً عبء عليكم ويتسبّبون لكم في تكاليف، فاتركوهم، فيمكن عندها صنع السلام. في هذه الأيّام الأخيرة، تحدّثتُ مرّةً مع أحد قادة العالم وهو عضو في مجلس الأمن أيضاً، فقلت له: لماذا وضعتم هذه القوانين الدولية؟ عندما يهاجموننا وأنتم أعضاء في مجلس الأمن لا تفعلون شيئاً، فما فائدة هذه القوانين الدولية؟ فأجاب: هذه القوانين هراء، لأنّ الساحة الدولية تعني القوّة! هكذا هو الأمر؛ فإذا لم تحموا عناصر قوّتكم، ستتلقّون الضربات.

إنّه أمر سيّئ جداً؛ الساحة الدولية على هذه الشاكلة، مثل الغابة، ولكنّها حقيقة قائمة. حسنًا، يمكنكم تقبّل هذا أو لا، وإذا لم تتقبّلوه، ستتلقّون ضربات أكبر.

لذلك، يجب أن تعزّزوا عناصر قوّتكم. في الداخل، شعبكم مهم؛ يجب أن تتمسّكوا بالشعب وتحافظوا على تماسكه وتلبّوا احتياجاته وتتعاملوا معه برفق ولا تخاطبوه بلهجة آمرة وأن تستطيعوا أن تدركوا مشاعره. في المنطقة أيضاً تملكون إمكانات، يجب أن تتوحّدوا مع إمكاناتكم في المنطقة.

أمّا التفكير في أنّ «حزب الله» أو قوى المقاومة عبء علينا، فهو خطأ إستراتيجي. في رأيي، هم بحاجة إلى مساعدتنا، ونحن أيضاً يجب أن نستفيد من مساعدتهم؛ لأنّ خلق العزلة ليس في صالح الأمن القومي لإيران.

في زيارتكم إلى لبنان، التقيتم أيضاً الشيخ نعيم قاسم؛ فهلا تفضّلتم ــ بعيداً قليلاً من اللغة الدبلوماسية وبصورة أشمل ــ ببيان تقييمكم لإحياء «حزب الله» وإعادة تنظيمه عبر تلك الزيارة واللقاءات التي أجريتموها؟

لقد تحدّثتُ سابقاً في هذا الموضوع. لقد رأيتُ فعلاً أنّ قوّات «حزب الله» وقادته عازمون جداً في طريقهم.

اليوم أيضاً، إنّ الكادر القيادي لـ«حزب الله» وشبابه جميعاً مصمّمون. في مراسم الاستقبال أو عند مرقد الشهيد السيّد نصر الله حين تكلّمنا معهم، رأيتم ذلك الجيل، وكان ذلك مجرّد صورة جزئية عنهم؛ إذ لم يدعهم أحد، بل جاؤوا من تلقاء أنفسهم. هذه هي روحيتهم؛ يشعرون أنّ ظلماً يُمارس ضدّهم، ولذلك بذلوا أرواحهم دفاعاً عن لبنان.

الآن يأتي بعضهم ليقول: يجب أن تستسلموا! ولماذا نستسلم؟ ولمن نستسلم؟ إنّهم منزعجون من ذلك.

موقفنا دائماً كان أن يحلّوا هذه القضايا بأنفسهم في حوار وطني، وما نزال نتمسّك بهذا المبدأ. نحن لم نفرض يوماً شيئاً على قوى المقاومة. الآن يقولون إنّهم مرتبطون بإيران؛ نعم، هم مرتبطون، لأنّهم إخوتنا، لا بمعنى أنّهم مأمورون منا.

أسلوبنا أصلاً ليس هذا، ونحن نعتقد أنّهم يملكون من النضج ما يمكّنهم من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم.

الفرق بين سلوك إيران وسلوك الآخرين يكمن بالضبط في هذه النقطة؛ إستراتيجيتهم ترتكز على «إمّا أن تستسلموا لنا أو الحرب»، أمّا نحن، فنرى أنّه يجب احترام نضجهم العقلي.

نحن نقول: ينبغي ألا نكون نحن الأقوياء فقط، بل يجب أن تكون المنطقة كلّها مستقلّة وقويّة؛ يجب أن تكون دولة لبنان قويّة، ودولة العراق قويّة، والدولة السعودية قويّة أيضاً.

نحن لا نقول إنّ عليهم أن يكونوا في مرتبة أدنى ونحن مسيطرون عليهم؛ لسنا طلاب هيمنة، بل نقبل بسلوك أخويّ وتعاون عقلاني، ونؤمن بوجود دول مستقلّة وقويّة في المنطقة.

دائماً ندعم المقاومة، والإستراتيجية الثابتة للجمهورية الإسلامية هي دعم المقاومة.

إذا كنتم توافقون، فلننتقل إلى مسألة الطاقة النووية. أنتم تملكون منذ زمن طويل خبرة واسعة في ملفّ القضيّة النووية والتعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية. ما هو تقييمكم لأداء الوكالة في هذه الأحداث الأخيرة وفي مجريات هذه الحرب؟ وما هي الخطّة التي تعتمدها الجمهورية الإسلامية للتعامل مع هذا الموضوع من مختلف الجوانب، سواء في إطار التفاعل مع الوكالة أو في المتابعات القانونية؟

حسب اطّلاعي، إنّه منذ عهد محمد البرادعي والجيل الذي جاء بعده وصولاً إلى هذا الرجل، لم تكن الوكالة الدولية للطاقة الذرّية في يوم من الأيّام على هذا المستوى المدمّر الذي نراه اليوم! كان يسودهم قدر من العقلانية؛ صحيح أنّهم يعملون تحت هيمنة الغرب، ولكنّهم كانوا يراعون إلى حدّ ما الاعتبارات الدولية.

أمّا هذا الشخص، فكأنّه قدّم شيكاً على بياض للعدوّ الصهيوني وأمريكا؛ فقد كان بمنزلة مُشعِل المعركة في هذه القضيّة المرتبطة بالحرب.

إنّه لأمر مخزٍ أنّ لوائح الضمانات تنصّ على أنّ الوكالة يجب أن تدافع عن الدول الأعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي، وأن تبادر فوراً إلى عقد اجتماع لمجلس الحكّام وترفع النتيجة إلى مجلس الأمن، ولكنّه اكتفى بالتفرّج ولم يُصدر حتى إدانة!

هل يليق بمثل هذا الشخص أن يتولّى منصب المدير العام للوكالة؟ أمّا السيّد البرادعي، فكان يتصرّف بمنتهى العقلانيّة. على أيّ حال، كان الضغط الدولي يحيط دائماً بهؤلاء، ولكنّه كان بتدبيرٍ ما يحافظ إلى حدّ ما على مكانة الوكالة بوصفها مؤسّسة مهنية.

لا أقول مئة في المئة، ولكن كان يحافظ إلى درجة تظهر على الأقل أنّهم ينجزون عملاً ذا طابع مهني. أمّا هذا الرجل، فقد تخلّى كلّياً واستسلم. الحرب بلغت ذروتها؛ فقد شنّوا حرباً علينا، وقُصفت منشآتنا النووية، والوكالة لم تصدر حتى بياناً واحداً لإدانة ذلك! إنّه أمر فاضح حقاً.

في رأيي، يجب أوّلاً أن يُفكَّر جدّياً في شأن هذه الوكالة: ما هي خصوصيتها؟ لقد أصبح هذا سؤالاً مطروحاً حقاً أمام الدول: ما فائدة هذه الوكالة؟ نحن أعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي، فما الجدوى من تعاوننا مع الوكالة؟ لا أقول إنّ علينا الانسحاب من المعاهدة، ولكن أقول إنّ هذا سؤال منطقي يطرحه شعبنا وتطرحه الدول كلّها.

هل يُعَدّ الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي أحد خيارات الجمهورية الإسلامية؟

هذا الاحتمال قائمٌ دائماً. طبعاً لا أقول إنّ أحداً يُقدم على ذلك الآن، لأنّ هذا الأمر نفسه يجب أن يُدار بتدبير، ويُنظر هل له جدوى أم لا.

نحن لا نسعى وراء القنبلة، فحين تسعى دولة ما وراء القنبلة، فينبغي لها ألا تقبل بمعاهدة حظر الانتشار النووي، أمّا إذا لم تكن تسعى وراء القنبلة، فينبغي أن تقبل بالمعاهدة ولا يوجد مبرّر لرفضها. لكنّ الحقيقة هي أنّ المعاهدة لم تكن ذات فائدة لنا إطلاقاً.

لاحظوا! في كلّ مرّة تتصرّفون فيها إزاء هذه القضايا من موقع القوّة، تتقدّم أموركم ــ الساحة الدولية على هذه الشاكلة ــ، أمّا إذا ظننتم أنّ المشكلات تُحلّ في ميدان الدبلوماسية بالعناق والمعانقة، فلا، لا وجود لمثل هذا. إذا امتلكتم القوّة، تتقدّم أموركم؛ لذلك، على إيران أن تسعى وراء امتلاك القوّة.

ما هي ترجمة هذا الكلام في سياستنا النووية الراهنة؟

ترجمته في سياستنا النووية هي ألّا نلغي التفاوض أبداً، ولكن في الوقت نفسه لا نستسلم في التفاوض، بل نقدّم الحلول العقلانية.

لا أقول إنّه ينبغي ألا تُبدى المرونة، ولكن يجب أن تكون المرونة في الموضع الذي يكون فيه الطرف الآخر عازماً على حلّ المشكلة.

مثلاً، حين تحدّث الإمام الخامنئي ذات مرّة عن «المرونة البطولية»، فإنّ ذلك يكون في الحالة التي يريد فيها الطرف المقابل أيضاً السير في هذا الاتجاه؛ أمّا إذا قال الطرف المقابل إنّ عليكم أن تستسلموا، فهنا ينبغي ألا يُستسلَم، بل يجب الثبات والصمود.

في الأسابيع المقبلة سنكون أمام قضيّة «آلية الزناد» التي بدأت نقاشاتها منذ أشهر عدة. في هذه القضيّة، يلعب الأوروبيون الدور الأساسي، إذ يستخدمونها أداة تهديد في مواجهة إيران. ما هو تقييمكم لهذه الأداة ولسلوك الأوروبيين في هذا المجال؟

سلوك الأوروبيين واضح ولا يحتاج إلى تقييم، فهو أظهر من الشمس؛ إنّهم ينفّذون جزءاً من عمليّات أمريكا، ولكن في هذا المجال توجد اختلافات في الرأي.

كثير من الدول مثل روسيا والصين أصدرت بيانات ورأت أنّ «آلية الزناد» وُضعت لمرحلة لا يلتزم فيها أحد الأطراف ببنود الاتفاق النووي. من الذي لم يلتزم؟ لقد قُصفت منشآتنا؛ فلماذا تُستخدم «آلية الزناد» ضدّنا؟ من حيث مراعاة القوانين الدولية، فإنّ المشهد مؤسف جداً. هناك بيت شعر يقول: «سهم مقلتك من وراء النظّارة *** أصاب قلب أخي فقتله»! أي إنّ شخصاً آخر ارتكب الفعل، بينما هذا يوجّه الضربة.

هذا هو المشهد الدولي حقاً؛ أمر عجيب غريب، وفيه مثل هذه الوقائع المؤلمة. عليه، هناك اختلاف في وجهات النظر.

الاختلاف الآخر هو أنّه إذا أردتم استخدام «آلية الزناد»، فلا يمكنكم الذهاب مباشرة إلى مجلس الأمن؛ بل عليكم أولاً أن تتقدّموا بالطلب، ثم هناك لجنة خبراء، وبعدها لجنة وزراء، ثم تُقيَّم النتائج، وبعدها يُرفع الأمر إلى مجلس الأمن. لكنّهم ذهبوا مباشرة إلى مجلس الأمن!

النقطة التالية أنّ أمريكا انسحبت؛ فكم يبقى من الأشخاص؟ ستة أطراف: إيران وروسيا والصين وثلاث دول أوروبية.

يصبح العدد ثلاثة مقابل ثلاثة. كيف ستتّخذون القرار؟ إذا كانوا سبعَ دول، لكان للأكثريّة معنى؛ أمّا الآن، فهي ثلاث مقابل ثلاث، وإذا أرادوا أن يسيروا وفق القاعدة، فالأمر ليس بهذه البساطة.

كان المسار المنطقي أن تُحلّ القضيّة عبر التفاوض، ولكنّهم يريدون حلّها بالضغط.

الضغط نوعان: أحدهما أسلوب الأمريكيين الذي هو القصف، والآخر أسلوب هؤلاء، إذ يرفعون هذه الأداة فوق رؤوسنا ملوّحين: إمّا تفعلون هذا وإمّا كذا! لكنّ ما هو موجود في النصّ مختلف؛ ولذلك هناك اختلاف في الرأي.

أنتم لديكم أيضاً سابقة في موضوع التعاون والاتفاق الإستراتيجي مع الصين. في الظروف الراهنة، كيف هي علاقتنا مع الصين وروسيا، وكيف تسير؟ هناك الآن بعض النقاشات – أنا لا أريد أن أحكم الآن – تقول إنهما لم يظهرا في هذه الحرب على النحو الذي كان ينبغي. أود أن تبيّنوا لنا تقييمكم: في أي وضعٍ نحن في علاقتنا مع هذين البلدين، وإلى أي اتجاهٍ نسير؟

في المجمل، علاقاتنا مع هذين البلدين جيدة؛ فلدينا مراودات سياسية ممتازة، ومبادلات تجارية واسعة، إلى جانب تعاون عسكري وأمني. أمّا أن تعمل الدول وفق تدابيرها الخاصة، فهذا أمر طبيعي، فنحن أيضاً نفعل الشيء نفسه.

في رأيي، ينبغي ألا نتوقع من أي دولة أن تتعامل معنا تماماً بالطريقة التي نريدها، إذ لكل طرف معاييره وإطاره الخاص.

عندما لا تتعاون الدول الغربية معنا، فما الذي علينا أن نفعله؟ هل الذين يقولون «لا تتعاونوا مع هؤلاء» يعتقدون أننا يجب أن نقف وحدنا؟ إذا رفض الغربيون التعاون معنا، فإننا نتعاون مع الصين ومع دول أخرى.

بما أنّ الغربيين تعاملوا معنا بتعالٍ شديد، اتجهنا نحو هؤلاء وأقمنا معهم علاقات إستراتيجية، والإنصاف يقتضي القول إنهم تعاونوا معنا.

في مدة الحظر، كان تعاوننا قائماً مع هذه الدول ومع جيراننا. في عالم السياسة، بقدر ما هناك دول، هناك حلول.

ليس الأمر أنّ الغربيين إذا عبسوا في وجوهنا نلقي عقولنا جانباً ونقول: «تفضّلوا، نحن مستسلمون»! كلا، بل إنّ إيران تبحث عن طريق آخر.

أرى أنّ من الصواب أن إيران استفادت من جيرانها ومن دول أخرى، وتمكّنت عملياً من معالجة مشكلة الحظر إلى حدّ ما.

لا أقول إن آثاره جميعها قد زالت، فهي بطبيعة الحال تركت انعكاساتها على اقتصادنا، ولكن ينبغي ألا نجلس مكتوفي الأيدي بانتظار الضغط من دون فعل. لذلك، إن القرارات التي اتخذتها الدولة كانت صحيحة، حتى وإن تعاونت معنا بعض الدول بدرجة أقل وأخرى بدرجة أكبر.

كان هناك تصوّر قبل الحرب في العام الماضي، ثم طُرح مجدداً في أواخرها، والآن بعدما ابتعدنا قليلاً عن أجوائها، عاد الحديث مجدداً عن مدى التناغم والانسجام بين الدبلوماسية والميدان: هل يدفعان معاً مشروعاً واحداً، أم أنّ كل طرف يشدّ الحبل باتجاهه؟ ما هو رأيكم؟

في الأساس، هذان الأمران غير منفصلين، بل هما معاً عناصر للقوة الوطنية.

في العام الأخير، كان هناك اعتقاد بأن الدبلوماسية تسعى إلى شيء بينما الميدان يسعى إلى شيء آخر في ما يتعلق بأسلوب المواجهة مع “إسرائيل”.

هذا ما أريد قوله: الدبلوماسية والميدان ليسا مسارين منفصلين. الدول التي تسعى وراء قوتها الوطنية تنظر إلى هذه العناصر جميعها مجتمعة، بما فيها الاقتصاد.

من الطبيعي أن توازن بينها، فتقول: هذه الخطوة ضرورية لقوتنا الوطنية، فتتولاها الدبلوماسية في مجالها، والميدان في مجاله، وكذلك الاقتصاد والثقافة.

الفعل الأساسي إذن هو التوجّه نحو المصالح الوطنية والقوة الوطنية، وتظهر انعكاساته في الميدان وفي الدبلوماسية وفي الاقتصاد وفي الثقافة والمجتمع.

الدولة الناجحة هي التي تحدد فعلها الأساسي في مجال القوة الوطنية، وتخطو الخطوة الصحيحة، وتقدّم ترجمته بدقة في هذه المجالات، وتعرّف خطواتها في الوقت المناسب.

يعني هل كان هذا التنسيق قائماً لدينا في هذه المجالات؟

نعم، لقد كان قائماً دائماً وهو قائم الآن أيضاً. نحن لا نعاني من مشكلة في هذا المجال، بل تتحرك هذه العناصر جنباً إلى جنب.

المهم أنّ الوظيفة الأساسية للمجلس الأعلى للأمن القومي هي هذه بالذات: أن يحدد إذا كان أمر ما ضرورياً للأمن القومي، فما الذي يجب أن تفعله الدبلوماسية، وما الذي يجب أن يفعله الميدان، وما الذي يجب أن يفعله الاقتصاد. المجلس الأعلى للأمن القومي في الدستور هو الإطار الذي تُنظر فيه هذه المجالات معاً. لهذا إن تركيبته تضمّ العناصر العسكرية والاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية.

ما هو تقييمكم للاتفاق الأخير بين أرمينيا وأذربيجان في الولايات المتحدة؟ هل يمكن أن يشكّل تهديداً لنا؟ وما هي تدابيرنا المحتملة حياله؟

هذا الاتفاق يندرج ضمن تصميم أوسع لا يخصّ إيران وحدها، بل يدخل في إطار الاستفادة المكثفة من آسيا الوسطى والقوقاز. أمريكا وحلف الناتو وغيرهما ينظرون إليه بريبة، وهو في الوقت نفسه نوع من الضغط على روسيا وعلينا.

لكن السؤال: هل يمكن أن يؤدي إلى خنق جيوسياسي لإيران أم لا؟ هذا يتوقف على طبيعة تعاملنا. فقد اتصل بي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في أرمينيا وشرح الأمر، وكذلك اتصلوا بوزارة الخارجية وبالرئيس.

لا أقول إن تصرفهم كان دقيقاً تماماً – كان يمكن أن يكون أدق – ولكنهم أوضحوا أنّ ما فعلوه عمل تجاري يهدف إلى فتح طرق مختلفة لتسهيل العبور، وأنهم لا يريدون قطع طريق الشمال – الجنوب.

لكن هذه الأقوال الهاتفية لا تكفي، ويجب أن تُدوّن. إذا دُوّنت وتُوصِّل إلى اتفاق، فلن يشكّل ذلك خنقاً جيوسياسياً لنا.

أما إذا أصبح عائقاً، فقد يشكّل تهديداً. إذن الأمر مرتبط بكيفية التعامل مع هذه القضية، وهذا هو الحوار الدائر بيننا وبينهم.

إذن ما يحدث على الأرض الآن لا يعدّ بحد ذاته تهديداً مباشراً لنا؟

نعم، في حد ذاته لا يعدّ تهديداً حالياً، بشرط تنفيذ ما وُعد به. لكن من الضروري أن تبقى المراقبة قائمة دائماً، فلا أقول إن الأمر خالٍ من المخاطر.

في الجهاز التحليلي للجمهورية الإسلامية، كيف تعرّفون «الخنق الجيوسياسي» في تلك المنطقة؟

الخنق الجيوسياسي هناك يتمثل في أن يُقطع طريقنا إلى أرمينيا. إذا قُطع الطريق وفقدنا القدرة على الوصول، يتحقق الخنق. لكن التوضيحات التي قدّمتها أرمينيا لا تشير إلى ذلك.

إذا حدث، فعلينا أن نواجهه بالتأكيد، ولكن حتى الآن لا يوجد ما يدل على ذلك. مع ذلك يجب أن يُعالج الأمر بدقة أكبر، وأعتقد أنّ زيارة رئيس الجمهورية ستوضّح المسألة إلى حد كبير.

علاقتنا مع أحد البلدان الجارة، ومع ما يُتداول عن تعاونه مع الإسرائيليين في العدوان العسكري على بلدنا، تثير تساؤلات لدى الرأي العام. نرجو توضيحكم.

بالتأكيد، إنّ تعاونهم مع “إسرائيل” – إن حصل – لم يكن مما ننتظره.

هل يعني هذا أنّ الجمهورية الإسلامية الايرانية وصلت الآن إلى قناعة بأنهم تعاونوا مع الإسرائيليين في الحرب التي استمرت اثني عشر يوماً؟

حتى الآن لا نملك أي مؤشر في هذا المجال. يجب أن نتكلم بالمستندات. بعضهم يطلق أقوالاً، ولكن ينبغي أن يقدّموا لنا أدلة دقيقة.

نحن حتى الآن لا نملك أي مستند، بل إن حكومة أذربيجان نفسها تقول بوضوح إن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث، ونحن أيضاً لا نملك ما نضعه على الطاولة.

يجب أن ننتبه إلى أنّ أذربيجان بلد مسلم وجار لنا، وقريب منا ثقافياً، وصديق لنا. نعم، قد نختلف معهم في بعض القضايا، كما نختلف مع دول أخرى في جنوبنا.

نحن في صداقاتنا مع الدول نأخذ هذا العامل في الحسبان. الصداقة مراتب: قد تكونوا أصدقاء في مجالات كثيرة، وتضعون قيوداً في مجالات أخرى. حتى الدول الكبرى مثل روسيا والصين التي لدينا معها علاقات، لها أيضاً علاقات مع “إسرائيل”.

لكننا في هذه القضية نتابع مصالحنا. يجب أن نقبل أنّ عالم اليوم قائم على التعددية، والتصور الذي نحمله نحن تجاه الكيان الصهيوني لا تشاركه كثير من الدول. نعم، بعض الدول – مثل العراق وبعض أخرى – تفكر مثلنا.

سؤالي لم يكن عن طبيعة نظرتهم، بل عن احتمال أن يكونوا منطلقاً لعمل أمني ضدنا.

هذا الاحتمال قائم نظرياً دائماً، ولكنه لم يتحقق حتى الآن. التوضيحات التي قدّمتها حكومة أذربيجان لا تدل على أنهم أقدموا على عمل ضدنا.

على الأقل نحن في مجلس الأمن القومي لا نملك مستنداً قوياً في هذا المجال. نحن نعتقد أيضاً أنّ حكومة أذربيجان، وهي دولة جارة ومسلمة وصديقة لنا، لا تقدم على ذلك.

حتى الآن لم نجد دليلاً، ولو عثرنا يوماً على شيء، فسيكون لنا تصرف آخر. أما حالياً، فلا نملك ما يبرر أن نتصرف استناداً إلى أقوال بلا أساس.

في ما يتعلق بالموضوع السابق، يبدو أنّ آلية «سناب باك» (إعادة فرض الحظر) ستُفعَّل. إذا فُعّلت، كيف سيكون رد إيران؟

هناك نقاشات جارية داخل البلاد، وحسب ما أعلم فإن بعض الدول تبذل جهوداً للتفاوض كي لا يُنفّذ هذا القرار، كما إن روسيا والصين لهما موقف مختلف ويحولان دون ذلك.

إذا قُدّم اقتراح بالتمديد، هل ستقبل به إيران؟

في هذا المجال يوجد اختلاف في وجهات النظر. نحن لا نقبل ذلك. بعض الدول طرحت هذا الاقتراح، ولكن إيران ترفضه، لأنها ترى أنّه سيصبح ترتيباً دائماً إذ يأتون كل مرة ليقولوا: هذه ستة أشهر، والمرة القادمة سنة.

نحن كان لدينا اتفاق يقضي بانتهاء الأمر في عشر سنوات، ولم يكن مقرراً أن يلتفّوا عليه ويضيفوا من جديد.

نعم، هناك من قال في الداخل إنه ربما من المناسب قبول هذا التمديد القصير، ولكن الموقف العام هو أننا لا نقبل.

إذن لم يُتخذ قرار بعد في مجلس الأمن القومي؟

كلا، هناك مسارات في المجلس لمعالجة هذه القضية، ويجب أن تُستكمل. كما ذكرت، هناك اختلافات حول كيفية تفعيل آلية «سناب باك»، وحتى الدول الكبرى لديها هذه الاختلافات.

إذا وصل الأمر إلى مجلس الأمن، فسيكون هناك أيضاً نقاش، وقد يُتخذ القرار بتفعيلها أو لا.

حسناً، وإذا حدث ذلك، فما هو تدبير الجمهورية الإسلامية لمواجهته؟ يبدو أنه أسوأ الاحتمالات!

حينها سنتخذ التدابير المناسبة. أنتم تفترضون أسوأ الاحتمالات، ولكن ما يزال أمامنا وقت قبل أن نصل إلى تلك المرحلة.

في الختام، إذا كانت لديكم نقطة ترون من الضروري إضافتها، فتفضلوا.

تصوري هو أنّ الاهتمام الأساسي لنا جميعاً اليوم يجب أن يكون برفع احتياجات الشعب، فهذا هو الأمر الأهم والأكثر إيلاماً. في رأيي، هناك حلول، ولكنها تحتاج إلى همة.

أن يعاني الناس من صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأولية فهذا مؤلم أكثر من أي شيء آخر ويجب معالجته.

هناك أيضاً مشكلات مثل الكهرباء والغاز وغيرها، وهي قابلة للحل. لا يجوز أن تتوقف مصانعنا، فإذا توقفت ينخفض رصيد ثروتنا الوطنية، وهذا ينبغي ألا يحدث في إيران.

الحكومة تعمل الآن، عبر مباحثاتها مع الدول، على معالجة هذه التحديات والاختلالات.

ربما يكون هذا هو المحور المركزي الذي يجب أن نبذل جميعاً الجهد فيه. طبعًا، العبء الأكبر ملقى على عاتق الحكومة ومجلس الشورى، ولكننا معنيون من جانب الأمن القومي، لأن هذه القضايا تمسّ صمود الشعب.

 

 

المصدر: الوفاق - وكالات