صرح وزير الدفاع واسناد القوات المسلحة الايرانية العميد طيار عزيز نصير زاده انه تم خلال العام الاخير، اختبار جيل جديد من الصواريخ التي تتميز برؤوس حربية متطورة للغاية وقدرة عالية على المناورة، مما يسمح لها باختراق أنظمة الدفاع الجوي للعدو.
وقال العميد طيار نصير زاده في حوار مع التلفزيون الايراني مساء الجمعة، في الاشارة إلى أبعاد الحرب الأخيرة والتهديدات الجديدة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية: “لقد قدمت لنا هذه الحرب المفروضة علينا مؤخراً مشاهد أظهرت لنا المجالات التي يجب أن نعمل فيها، سواء في المجالين الهجومي أو الدفاعي. واكد انه، يجب أن يُرسم مستقبل صناعة الدفاع في البلاد بناء على هذه الاتجاهات وبطريقة منظمة.
وبخصوص مقارنة قدرات ايران الدفاعية مع العدو في الحرب المفروضة الصهيونية، قال: “لم نكن نواجه تهديداً عادياً في هذه المعركة، بل كانت أقوى قوة عسكرية في العالم وراء هذا الحادث. لا ينبغي النظر بأن الكيان الصهيوني كان لوحده ضدنا، بل إن اميركا وبعض الدول الأوروبية والغربية تدخلت أيضا من حيث المعدات والدعم والقضايا اللوجستية.
وأكد العميد نصير زاده أنه في مثل هذه الظروف، من الطبيعي أن تكون هناك فجوات بيننا وبين الجانب الاخر في التكنولوجيا، وأضاف: “ساحة المعركة لا تقتصر على تفوق المعدات، بل هناك مؤشرات أخرى يمكن أن تحدد مسار المعركة. ولهذا السبب، تمكنا من السيطرة على ساحة المعركة وتوجيه المشهد لصالحنا بالاعتماد على هذه المؤشرات”.
*لدينا أولويات أخرى إلى جانب مجال الصواريخ
وردًا على سؤال حول أولويات تطوير صناعة الدفاع بعد الحرب المفروضة الصهيونية، قال: “لا تزال أولويتنا الرئيسية في تطوير صناعة الدفاع لدينا هي تطوير القوة الصاروخية، ولكن بعد الحرب، ربما وُجدت أولويات في مجالات أخرى. حتى الآن، كانت قوتنا في حرب الـ 12 يوما في الغالب في مجال القدرات الجوية. أي أنهم استخدموا القوة الجوية، ونحن استخدمناها. الطائرات أداة من أدوات القدرات الجوية، والصواريخ أداة أخرى من أدوات القدرات الجوية.
وأوضح: لو تطورت الحرب، لكان من الممكن أن تحدث تطورات في مجالات الحرب البرية والبحرية، ولدخلت المعركة معدات أخرى. ليس الأمر أننا اكتفينا بالصواريخ فقط. لقد ركزنا على القدرات الجوية وجعلنا قوتنا الهجومية مرتكزة على الصواريخ، لكننا سعينا أيضا في مجالات أخرى.
وصرح وزير الدفاع أن الخبرات التي اكتسبناها من حرب الـ 12 يوما دفعتنا إلى إدراج أولويات أخرى في خطة عملنا. لذلك، ليست الصواريخ فقط هي أولوية لنا.
وأكد العميد نصير زاده على ضرورة اعتماد القوات المسلحة على القدرات المحلية، قائلا: يجب على القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية الاعتماد على الطاقة الإنتاجية المحلية، لأنه في أوقات الأزمات، لا يمكن تلبية الاحتياجات من الخارج.
وأضاف: لهذا السبب، يجب علينا إنشاء جميع البنى التحتية اللازمة محليا، وإنتاج وتخزين وتوفير المعدات اللازمة للقوات المسلحة؛ وذلك بما يتوافق مع احتياجات العصر. ووفقا للعميد نصير زاده، فإن خصائص ساحة الصراع واتجاه التطورات التكنولوجية تتطلب من القوات المسلحة أن تتبنى نهجا متطورا دائما وأن تتحرك بما يتماشى مع ظروف المعركة والتقنيات الجديدة.
وأكد وزير الدفاع: يجب علينا دائما رصد التقنيات التي يمتلكها العدو والمتطلبات التي يفرضها ميدان المعركة علينا، ثم بناء بنيتنا التحتية على هذا الأساس وتلبية الاحتياجات.
وأشار إلى أن مستقبل صناعة الدفاع في البلاد سيُشكل ويُهيكل على هذا الأساس تماما، كما أظهرت الحرب الأخيرة المجالات التي يجب أن نستثمر ونعمل فيها بشكل أكبر في القطاعين الهجومي والدفاعي.
وفي إشارة إلى عدوان الكيان الصهيوني على المباني السكنية، قال: حتى مكتبي تعرض لهجوم صاروخي.
*لم نستخدم صاروخ “قاسم بصير” في الحرب
وقال العميد نصير زاده، حول صاروخ “قاسم بصير” وفيما اذا جرى استخدامه في الحرب المفروضة: “قبل بدء الحرب المفروضة، ازيح الستار عن صاروخ قاسم بصير، لكن هذا الصاروخ لم يُستخدم في الحرب المفروضة الصهيونية”.
وأضاف: “يتميز هذا الصاروخ بميزة خاصة؛ يمكنني القول إنه أدق صاروخ لدينا. لقد استخدمنا تقنية جديدة في هذا الصاروخ، وهي ثمرة خبراتنا المكتسبة بعد عملية “الوعد الصادق 2″ ، وقد مكّنت هذه التقنية من عدم تأثير إجراءات الحرب الكهرومغناطيسية للعدو عليه، وتمكّنه من تحديد واصابة أهدافه بدقة متناهية”.
وأضاف: “لدينا صواريخ فرط صوتية، سجيل، وجيل جديد من الصواريخ تم اختباره وإثبات فعاليته خلال العام الاخير. هذه الصواريخ مزودة برأس حربي متطور للغاية، وهي قادرة على المناورة، مما يسمح لها بالهروب من أنظمة الدفاع الجوي للعدو والوصول إلى الهدف. هذه التقنية الجديدة تجعل رأس الصاروخ متحركا. لم نستخدم هذه التقنية في حرب الاثني عشر يوما ولو استمرت الحرب لفترة أطول، مثلا 15 يوما، ربما في الأيام الثلاثة الأخيرة، لم يكن بإمكان العدو التصدي لأي صاروخ.
وأضاف: ان انظمة الدفاع الجوي للعدو (مثل تات وباتريوت) ضخمة ومكلفة للغاية، وفي كل مرة تُطلق فيها صواريخها، يتعين عليها قضاء وقت طويل في إعادة التعبئة، لذا فإن إطلاق عدد كبير من الصواريخ ليس بالأمر السهل. ومن المؤكد ان استمرار الحرب لم يكن لصالح العدو، ولم تكن لديهم القدرة على الدفاع كما في الأيام الأولى، ولهذا السبب طلبوا وقف إطلاق النار.
وفي إشارة إلى الأضرار التي لحقت بالكيان الصهيوني في الحرب الأخيرة، صرّح العميد نصير زاده قائلاً: أعلنت إحدى الشبكات الناطقة بالفارسية في تقرير مباشر من تل أبيب أن ضربة صاروخية واحدة دمرت تماما دائرة نصف قطرها 500 متر، وهذا ما حدا بالعدو إلى طلب وقف إطلاق النار.
ولفت الى ان سكان الكيان الصهيوني رحبوا بوقف إطلاق النار لأن استمرار الحرب كان سيعود عليهم باضرار بالغة جدا.وأكد أن القدرات الصاروخية الإيرانية تفوق ما تم استخدامه حتى الآن، وقال: “لدينا صواريخ برؤوس حربية أقوى حتى من تلك المستخدمة في الحرب الأخيرة، ولم يتم تشغيلها بعد؛ بما في ذلك صاروخ “خرمشهر 5″، الذي يُعتبر من أكثر النماذج تطورا في هذا المجال”.
وتابع نائب رئيس أركان القوات المسلحة حديثه بالإشارة إلى الاكتفاء الذاتي لإيران في إنتاج المعدات الدفاعية، قائلا: “اليوم، يمكننا القول بثقة إن أكثر من 90% من المعدات التي تحتاجها القوات المسلحة تُنتج محليا. وخاصةً في مجال الصواريخ، تُصنع الصواريخ، سواءً التي تعمل بالوقود الصلب أو السائل، محليًا بنسبة 100%، ولا نعتمد على أي دول أجنبية”.
وأضاف العميد نصير زاده: “حتى خلال الحرب، استمرت عملية إنتاج الصواريخ، ومن أهم تجاربنا أننا عدّلنا أسلوب الإنتاج؛ بحيث لم تعد هناك حاجة إلى مصانع كبيرة وواضحة، ويمكننا استغلال إمكانات جغرافية البلاد الشاسعة والمعقدة لإنشاء بنى تحتية إنتاجية سرية وآمنة”.
وأشار إلى أن “المجالات الوحيدة التي قد يكون فيها اعتماد طفيف تتعلق ببعض المواد الخام أو القطع الصغيرة التي لا يُعد إنتاجها محليا مجديا اقتصاديا، وقد اتبعت العديد من الدول نفس النهج”.
وأكد العميد نصير زاده: “إذا لزم الأمر، فإن القدرة على إنتاج هذه العناصر موجودة محليا أيضا، وهذا يشير إلى الاكتفاء الذاتي المستدام لإيران في المجال الدفاعي”.
*نتقدم نحو تجهيز المعدات العسكرية بالذكاء الاصطناعي
وأضاف العميد نصير زاده، مشيرا إلى أهمية التقنيات الحديثة في مجال الدفاع، قائلاً: “من أهم متطلبات عملنا دخول مجال الذكاء الاصطناعي. لقد استثمر العدو وعمل فيه لسنوات، ويستخدمه على نطاق واسع”.
وأضاف: “دخلنا هذا المجال لاحقًا، ولكن بانطلاقة جادة وصحيحة، أنشأنا هيكلا خاصا به في وزارة الدفاع، وأضفنا عليه طابعا مؤسسيا من خلال استقطاب الشباب المؤهلين وإقامة اتصالات فعّالة. نتقدم تدريجيا نحو تجهيز الأنظمة الدفاعية والعسكرية بتقنيات الذكاء الاصطناعي”.
وفي جانب آخر من حديثه، أشار إلى ضعف التغطية الإعلامية للحرب الأخيرة، وقال: “لم نتمكن بعد من التحدث بشكل كامل مع الشعب حول إنجازاتنا الدفاعية والعسكرية العظيمة في حرب الاثني عشر يوما، وشرح أبعادها. فبينما بالغنا أحيانا في الكشف عن المعلومات العسكرية قبل الحرب، لم نتمكن من تحقيق نفس النجاح خلال الحرب، وكشف حقائق ساحة المعركة بشكل كامل للجمهور”.
وأكد قائلاً: يجب أن نفكر في كيفية شرح أبعاد الحرب وتقديم معلومات دقيقة للجمهور حتى نتمكن من تقديم صورة أكثر واقعية لقدرات البلاد الدفاعية وإنجازاتها في المستقبل.
وأشار إلى أنه على الرغم من القيود، فإن جمهورية إيران الإسلامية اليوم لديها إنجازات كبيرة في مجالات الطائرات بدون طيار وغيرها من المجالات الدفاعية التي لم يتم تبيانها بالكامل للجمهور بعد.
*أنشأنا بنية تحتية للصناعة الدفاعية ومصانع أسلحة في بعض الدول
وفي جزء آخر من الحوار قال العميد نصير زاده، في إشارة إلى تطوير الصناعات الدفاعية في البلاد: في بعض المناطق، ليس من المجدي اقتصاديا إنشاء مصانع كبيرة لإنتاج قطع أو معدات محددة، لذلك نلبي هذه الاحتياجات بطرق أخرى.
وأضاف: في الوقت نفسه، تمكنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من إنشاء بنية تحتية صناعية في قطاع الدفاع في بعض الدول. وفي بعض الحالات، تم بناء مصانع في الخارج ومن المرجح أن يتم افتتاحها رسميا والإعلان عنها في المستقبل القريب.
وأكد العميد نصير زاده: “هذا الامر يدل على أن العالم يؤمن بقدرات إيران الدفاعية وأن الطلب على بعض منتجاتنا آخذ في الازدياد”.
وفي إشارة إلى السمعة العالمية لبعض المنتجات الدفاعية الإيرانية، قال وزير الدفاع: “خاصة في مجال الطائرات المسيرة، حظيت المنتجات الإيرانية باهتمام وقبول عالميين وهناك طلب كبير عليها”.
وردا على سؤال حول أهم التحديات الحالية التي تواجه صناعة الدفاع، قال: “لا أريد استخدام كلمة عقبة، لكن الحقيقة هي أنه إذا كانت لدينا المزيد من القدرة المالية، ستزداد سرعة ونطاق عملنا ويمكننا تحقيق المزيد من الإنجازات”.