مؤلف كتاب "روح الله" للوفاق:

النضال ليس في ميدان المعركة فقط.. بل في ميدان القلم أيضاً

خاص الوفاق: حكيميان: الإمام الخميني(رض)، كان أشبه بجبلٍ شامخ، كلما ابتعدتَ عنه، ازداد إدراكك لعلوّه وعظمته، كان شخصية متعددة المواهب، فهو كان فقيه، أستاذ، خطيب، حكيم، فيلسوف، شاعر، سياسي، وعارف.

موناسادات خواسته

 

في زمن تتقاطع فيه السياسة مع الأدب، وتُعاد فيه كتابة التاريخ بلغة أقرب إلى القلب، يبرز كتاب “روح الله” للكاتب “هادي حكيميان” كمحاولة جريئة لإعادة تقديم شخصية الإمام الخميني(رض) للأجيال الجديدة، بعيداً عن الخطاب الأكاديمي الجاف، وبأسلوب سردي مشوّق يلامس وجدان القارئ.

 

الكتاب الذي صدر عن مؤسسة “شهرستان أدب”، لا يُقدّم الإمام الخميني(رض) بوصفه شخصية تاريخية جامدة، بل يروي سيرته بأسلوب شبه روائي، يجمع بين التوثيق والتحليل، ويستهدف فئة الشباب الذين لم يعيشوا زمن الإمام الخميني(رض)، ولم يختبروا حضوره المباشر في حياتهم. في حوار خاص مع مؤلف الكتاب، تناولنا الدوافع وراء هذا العمل، والجوانب الفكرية والسياسية لشخصية الإمام الخميني(رض)، ودور القلم والأدب في معركة الوعي والمقاومة. إليكم تفاصيل الحوار:

 

 

سيرة وثائقية عن حياة الإمام الخميني(رض)

 

بداية، طلبنا من السيد هادي حكيميان أن يتحدث عن دوافعه لكتابة كتاب “روح الله”، فقال: كتاب “روح الله” هو سيرة وثائقية عن حياة الإمام الخميني(رض)، كُتب بأسلوب قصصي أو شبه روائي. رغم أنه ليس رواية بالكامل، إلا أنني حاولت توظيف بعض تقنيات السرد القصصي المعتادة لإضفاء طابع سلس وجذاب على النص.

 

الهدف هو الخروج من اللغة الأكاديمية الجامدة بحيث يتمكن الشباب والقرّاء العاديون من قراءته بسهولة. لقد كُتب الكثير عن الإمام الخميني(رض)، وهنالك أعمال جيدة، لكنها غالباً أكاديمية. أما أنا، فأردت أن أكتب كتاباً يمكن أن تقرأه ربة بيت، أو طالب في المرحلة الثانوية، أو عامل بسيط. لذلك حافظت على لغة سلسة وأسلوب قريب من الرواية، مع تصوير مشهدي، شخصيات حيوية، وحوارات منسوجة بعناية. الجمهور المستهدف الأساسي لهذا الكتاب هم الشباب، خاصة أولئك الذين وُلدوا بعد رحيل الإمام الخميني(رض) ولم يعيشوا فترته.

 

الإقبال الكبير على الكتاب وترجمته للعربية

 

وفيما يتعلق بأصداء الكتاب، وترجمته للعربية، قال حكيميان: تلقينا ردود فعل إيجابية جداً. أحد الناشرين العراقيين تواصل معنا وتم توقيع عقد لترجمة الكتاب إلى اللغة العربية. فالإمام الخميني(رض)، باعتباره مرجعاً رفيعاً في التقريب بين المذاهب، له تأثير واسع في دول مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن والبحرين. كما أن الكثير من حركات المقاومة في هذه الدول متأثرة بأفكاره.

 

إن الأفكار والمبادئ التي طرحها الإمام الخميني(رض) تركت بصمة واضحة في مسارات النضال العربي، وله محبّون كثيرون في العالم العربي، سواء في الحوزات العلمية، الجامعات، المراكز الثقافية، أو حتى بين عامة الناس الذين يحملون تطلعات ثورية. ومن الطبيعي أن يكون هناك اهتمام واسع بالتعرّف على حياة الإمام الخميني(رض)، ولهذا جاءت خطوة الترجمة لتلبية هذا الاهتمام، عبر أحد الناشرين العراقيين الذين أخذوا على عاتقهم إنجاز هذا المشروع الثقافي.

 

منظومة الإمام الخميني(رض) الفكرية

 

أما عن الجوانب التي ركّز عليها حكيميان وإيصالها للقرّاء، قال مؤلف الكتاب: لم أتعمق كثيراً في تفاصيل الحياة الشخصية للإمام الخميني(رض)، بل ركّزت أكثر على منظومته الفكرية والسياسية. ما أردت بيانه هو: كيف يمكن لأستاذ حوزوي شاب في عقدَيْ السبعينات والثمانينات أن يتحول إلى قائد ثوري يهز العالم في التسعينات؟ كيف أثّرت رؤاه في المنطقة، وخلقت تيارات تقاوم الهيمنة الغربية؟

 

دور الأدب في نقل فكر المقاومة

 

وفيما يتعلق بدور القلم والأدب في نقل فكر المقاومة وتعريف الأجيال بشخصياتها، يقول حكيميان: النضال ليس فقط في ميادين المعركة، بل أيضاً في ميدان القلم. قادة كالفريق الشهيد الحاج قاسم سليماني قاموا بدورهم في ساحة المعركة، لكن الآن المسؤولية على الإعلام والأدب لنقل هذه التجارب للأجيال. الأدب الروائي هو أداة فعالة.

 

لقد اشتهرت معظم الثورات الكبرى في العالم، مثل الثورة الفرنسية، والأمريكية، والروسية، من خلال الأدب والسرد الروائي. هذه الثورات، على الرغم من عظمتها، كانت ذات طابع مادي، أما ثورتنا، فهي ثورة دينية عالمية، انطلقت من مدرسة الوحي، وقادها عالم ديني.

 

نحن نملك أدوات قوية مثل الأدب والفن، ويمكننا من خلالها تقديم شخصيات عظيمة مثل الإمام الخميني(رض)، وكذلك الشخصيات الثورية التي لم تُعرّف بعد كما تستحق، مثل الشهيد السيد حسن نصر الله، الشهيد عماد مغنية، والقائد الشهيد الحاج قاسم سليماني. هؤلاء يمكن تقديمهم من خلال الرواية والسرد الأدبي، وهناك مجال واسع لم يُستثمر بعد في هذا الاتجاه.

 

شخصية الإمام الخميني(رض) العرفانية

 

وعندما سألناه عن الموضوع الذي لفت نظره في شخصية الإمام الخميني(رض) كقائد عالمي، قال حكيميان: أكثر ما لفت نظري هو تكامل شخصيته، من ناحية الفكر، القيادة، الزهد، والقدرة على التأثير العابر للحدود. كيف استطاع أن يجمع بين قيادة حراك شعبي وفكر ثوري متجذر في الدين، ويصبح أيقونة عالمية لا تُنسى. قضيت ست سنوات في البحث والتحقيق وجمع المعلومات. ومع مرور الوقت، كلّما تقدّمت في العمل، كنت أكتشف أبعاداً جديدة في شخصية الإمام الخميني(رض)، كان أشبه بجبلٍ شامخ، كلما ابتعدتَ عنه، ازداد إدراكك لعلوّه وعظمته. كان شخصية متعددة المواهب، فهو كان فقيه، أستاذ، خطيب، حكيم، فيلسوف، شاعر، سياسي، وأيضاً عارف. إن البُعد العرفاني العميق في شخصيته هو الأكثر جاذبية، لأنه يخاطب الروح ويصل إلى القلب بسهولة.

 

رسالة للقارئ العربي

 

وحول سؤالنا عن رسالته للقارئ العربي، يرد علينا بالجواب قائلاً: أقول إن الشعار الأساس هو الوعي الذاتي. صحيح أن شخصية الإمام الخميني(رض) قد لا تكون حاضرة بقوة في بعض أوساط العالم العربي، لكن لديهم شخصيات عظيمة في تاريخهم، مثل عمر المختار في ليبيا، وسيد جمال الدين الأسدآبادي، ومحمد عبده، ورشيد رضا وغيرهم. هؤلاء جميعاً دعوا إلى إحياء مفهوم الجهاد والدفاع عن الكرامة في مواجهة الاستعمار. الإمام الخميني(رض) أكد أن الغرب لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يؤمن بالتفاوض الحقيقي. لذلك، الجهاد، بأنواعه المختلفة، هو السبيل، من الجهاد العسكري، الإعلامي، وحتى جهاد القلم.

 

المقاومة لا تقتصر على البندقية

 

وعن دور الأدب والفن في المقاومة والدفاع عن فلسطين، قال حكيميان: المقاومة لا تقتصر على البندقية فقط. تماماً كما حمل المجاهدون السلاح، فإن على الأدباء والإعلاميين حمل القلم والميكروفون، نحتاج إلى جهاد القلم. ليس من مسؤولية فرد واحد، بل مسؤولية الجميع، وخاصة وسائل الإعلام. خذ مثلاً ناجي العلي، رسام الكاريكاتير الفلسطيني، بلغ تأثيره حدّاً جعل الاحتلال يغتاله في وضح النهار بلندن! الكاتب، الصحفي، الروائي، وحتى صانع الأفلام يستطيع أن يكون أكثر تأثيراً من بعض الجنود. الرواية الجيدة عن فلسطين يمكن أن تتحول إلى فيلم أو مسلسل، وتُصبح صوتاً عالمياً ينقل معاناة الشعب الفلسطيني إلى كل بيت.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص