كلمة وزير الخارجية في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي:

عراقجي: التاريخ لن يغفر التأخر في الإدانة العملية لمأساة غزّة

قال وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية: "فلنتذكّر أنّ مأساة غزّة لا تخصّ المسلمين وحدهم. إنّها اختبار لضمير الإنسانية جمعاء. ومن هنا ندعو جميع الشعوب، بصرف النظر عن الدين أو الجغرافيا، إلى الوقوف في صفّ الإنسانية والعدالة والكرامة؛ أي في الصفّ الصحيح من التاريخ. "

جاءت تصريحات وزير الخارجية عباس عراقجي هذه، في كلمة له القاها أمام الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي مخاطبا نظراءه من الدول الإسلامية.

 

 

و أكد وزير الخارجية على أن التجويع والقصف العشوائي يصنَّفان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و أن ما يجري أمام أعيننا هو إبادة منظّمة لشعب محاصر على يد كيان فصل عنصري وحشي يعمل بحصانة كاملة.

 

 

و قدم عراقجي اقتراحات لتحرك العالم الإسلامي لوقف هذه المجازر و الجرائم في حق الشعب الفلسطيني و قال، يجب أن نعقد العزم على تسخير كلّ الأدواتللمارسة الضغوط الدولية على الكيان العنصري.

 

 

و ملاحقة كلّ من ارتكب أو سهّل جرائم الحرب والإبادة في فلسطين و مواجهة تواطؤ الدول التي تزوّد الكيان المحتل بالسلاح، وتحميه من الإدانة الدولية.

 

 

و أوضح أن غزّة أكثر من مكان يتألم و شعب غزّة ينتظر دعمنا العملي، وصموده يدعونا للوقوف إلى جانبه ليس بالكلام، بل بالفعل الحاسم.

 

 

وفيما يلي النصّ الكامل لكلمة الوزير عراقجي :

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

نلتقي اليوم في لحظة يقف فيها قطاع غزّة كمرآة صادمة أمام ضميرنا الجماعي. إنّ ما يجري أمام أعيننا هو إبادة منظّمة لشعب محاصر على يد كيان فصل عنصري وحشي يعمل بحصانة كاملة.

 

إنّ شعب غزّة يتعرّض لمجزرة ممنهجة؛ أحياء سكنية أُبيدت بالكامل؛ مستشفيات تحوّلت إلى مقابر؛ وأطفال حُكم عليهم بالجوع والمجاعة القاتلة في انتهاك صارخ لكلّ المعايير الإنسانية. ليست هذه حربا عادية، بل عقابا جماعيا، وسياسة للهيمنة، وهجوما يحمل كل سمات الإبادة الجماعية.

 

واليوم يعلن مرتكبو هذه الجرائم صراحة عن خططهم لفرض سيطرة عسكرية كاملة ودائمة على غزّة. يتحدّثون عن عزل جديد، مناطق عازلة جديدة، وتهجير جديد باسم “الأمن”. لكننا نعرف اسمها الحقيقي: “التطهير العرقي”، وهي محاولة منهجية لتفتيت شعب كامل حتى لا يبقى له سوى الفناء أو المنفى.

 

القانون الدولي واضح هنا، فالتجويع والقصف العشوائي يصنَّفان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وفي الوقت نفسه، تحظر اتفاقية جنيف الرابعة استهداف المدنيين وتدمير المنازل والتهجير القسري. إنّ فرض ظروف مقصودة تؤدي إلى تدمير شعب بأكمله لا يُسمّى إلا إبادة جماعية. فأيّ دليل آخر نحتاج؟

 

سيسألنا التاريخ: عندما كانت غزّة تختنق، هل تكلم العالم الإسلامي بصوت واحد؟ هل تحرّكنا أم انتظرنا الآخرين ليتحرّكوا ويقرّروا عوضا عنا؟ اليوم، الإدانة الفارغة بلا فعل لا قيمة لها.

 

ومن أجل إحلال السلام وضمان الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من كلّ شبر من أرض غزّة، يجب أن نعقد العزم على:

 

1- تسخير كلّ الأدوات السياسية والاقتصادية والقانونية، من عقوبات ومقاطعات وضغوط دولية منسّقة. 

 


2- ملاحقة المسؤولين على جميع المستويات وفي كلّ المحاكم ضد كلّ من ارتكب أو سهّل جرائم الحرب والإبادة في فلسطين، وقطع العلاقات فورا مع قتلة إخوتنا وأخواتنا في غزّة الذين يحلمون اليوم بـ”إسرائيل الكبرى”. لقد أثبت الواقع أنّ المساومة في الماضي لم تأتِ بنتيجة، ولن تأتي بها مستقبلاً.

 


3- مواجهة تواطؤ الدول التي تزوّد الكيان المحتل بالسلاح، وتحميه من الإدانة الدولية، وتستخدم حق النقض لتعطيل العدالة. هؤلاء أبعد ما يكونون عن الحياد، فحتى الحياد أمام الجريمة ليس حيادا، بل تواطؤ.

 


الزملاء الأعزاء،

 

غزّة أكثر من مكان يتألم. غزّة شاهد ورمز للمقاومة، وتذكير بأن الكرامة الإنسانية لا يمكن تحويلها إلى رماد بالقنابل. إنّ شعب غزّة ينتظر دعمنا العملي، وصموده يدعونا للوقوف إلى جانبه ليس بالكلام، بل بالفعل الحاسم.

 

لقد علّمنا النبي الأكرم (ص) أنّ الأمة الإسلامية كالجسد الواحد. واليوم هذا الجسد يتألم وينزف في غزّة. الصمت خيانة لأنفسنا، والفعل الشجاع هو طريق الشفاء.

 

آمل مخلصا أن يبقى هذا الاجتماع في ذاكرة التاريخ لا كمناسبة للخطابات والوعود، بل كلحظة تجاوز فيها العالم الإسلامي دور الشاهد الصامت إلى الإرادة الحاسمة، ومن السكوت إلى القيادة القوية. أن يكون اليوم الذي فضّلنا فيه العدالة على الخوف، والوحدة على الشك، والإنسانية على السياسة.

 

فلنتذكّر أن مأساة غزة لا تخصّ المسلمين وحدهم. إنها اختبار لضمير الإنسانية جمعاء. لذلك ندعو جميع الشعوب، بغضّ النظر عن الدين أو الجغرافيا، إلى أن تقف في صفّ الإنسانية والعدالة والكرامة؛ أي في الصفّ الصحيح من التاريخ. إن التاريخ لن يغفر التأخر. غزة لا يمكنها الانتظار. وقت العمل هو الآن.

 

والجدير بالذكر انه ومع استمرار جرائم الكيان الصهيوني، وجّهت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتاريخ 6 آب/أغسطس 2025 رسالة عبر وزير خارجيتها “عباس عراقجي” الى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، طالبت فيها- استنادا الى ميثاق المنظمة ـ بعقد اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء لبحث الوضع الإنساني الكارثي في غزّة. كما تقدّمت كل من تركيا بصفتها رئيسة مجلس الوزراء، وفلسطين بعد هذه الرسالة، بطلبات مماثلة لعقد الاجتماع الاستثنائي بمقرّ الأمانة العامة. وبإعلان المندوبية الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى المنظمة، انعقد اجتماع كبار المسؤولين يوم الأحد 24 آب/أغسطس 2025، واجتماع مجلس الوزراء يوم الإثنين 25 آب/أغسطس 2025.

 

 

المصدر: ارنا