الطباعة والنشر في إيران.. مرآة الثقافة وتحولات الهوية

مع التحولات الرقمية، واجهت صناعة الطباعة تحديات جديدة، أبرزها تراجع الإقبال على الكتب الورقية وظهور منصات النشر الذاتي. ومع ذلك، لا تزال الكتب الورقية تحتفظ بمكانتها الرمزية.

يُصادف اليوم الثلاثاء 2 سبتمبر، يوم صناعة الطباعة في إيران، مناسبة وطنية تسلط الضوء على أحد أركان الحضارة الحديثة التي تجاوزت كونها تقنية لنقل المعرفة، لتصبح فعلاً ثقافياً يعكس نبض المجتمع وتحولاته الفكرية. فالطباعة في السياق الإيراني ليست مجرد حبر على ورق، بل هي جسر بين الماضي والمستقبل، ووسيلة مقاومة وبناء في آنٍ واحد.

 

دخلت الطباعة إلى إيران في أوائل القرن التاسع عشر، مع تأسيس أول مطبعة حجرية في تبريز عام 1812، لتبدأ رحلة طويلة من طباعة الكتب الدينية والأدبية. ومع الثورة الدستورية (1905–1911)، تحوّلت المطابع إلى منابر للتنوير السياسي والاجتماعي، حيث انتشرت الصحف والمجلات التي ناقشت قضايا الحرية والتعليم والهوية الوطنية.

 

النشر في إيران تجاوز مفهوم توزيع الكتب، ليصبح فعلاً ثقافياً متعدد الأبعاد. فقد ساهم في ترسيخ الهوية الدينية من خلال طباعة الكتب الإسلامية، خاصة في مدينة قم المقدسة، التي تحوّلت إلى مركز عالمي لطباعة الكتب الشيعية. كما عزز الهوية القومية عبر نشر الأدب الفارسي الكلاسيكي والحديث، وفتح آفاقاً فكرية جديدة عبر ترجمة التيارات الغربية.

 

في فترات الرقابة، تحوّل الكتاب إلى وسيلة مقاومة، حيث لجأ المثقفون إلى النشر السري أو الطباعة خارج البلاد. وبعد الثورة الإسلامية، ورغم الرقابة، شهدت إيران ازدهاراً في طباعة الكتب الدينية والفكرية.

 

ومع التحولات الرقمية، واجهت صناعة الطباعة تحديات جديدة، أبرزها تراجع الإقبال على الكتب الورقية وظهور منصات النشر الذاتي. ومع ذلك، لا تزال الكتب الورقية تحتفظ بمكانتها الرمزية، خاصة في الأوساط الدينية والأكاديمية.

 

وتُعد إيران من أبرز الدول التي تطبع الكتب العربية خارج العالم العربي، مما يجعلها جسراً ثقافياً بين الحضارات، ومرآة تعكس عمق الهوية وتجدّدها المستمر.

 

 

المصدر: الوفاق