قالت مي صبحي الخنساء المحامية والناشطة في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، ومسؤولة منظمة مرصد حقوق الإنسان في بيروت، في تصريح خاص للوفاق: أنه لأول مرة منذ بدء الحرب تعلن المجاعة في مدينة غزة وجاء هذا الإعلان مدعوم من هيئة تابعة للأمم المتحدة المسؤولة عن مراقبة الأمن الغذائي، حيث يعاني ما يفوق الخمسمائة ألف فلسطيني في القطاع من المجاعة أي ما يفوق ربع سكان غزة.
وأضافت رئيسة منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب “حقوق”: أن إعلان المجاعة يُعدّ مؤشراً خطيراً إلى ما آلت إليه الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة جراء السياسات والاعمال الوحشية الممنهجة من قبل الحكومة الصهيونية التي جعلت التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين من خلال منع ادخال المساعدات الغذائية وانتهاج سياسة التجويع الممنهج لشلّ قدرة الفلطسنيين على الحركة حيث ان معظم السكان اصبحوا بحاجة الى علاج منقذ للحياة جراء سوء التغذية.
* المجاعة بمنطقة خارج الدول الأفريقية
وأضافت مي الخنساء: لقد سبق وأشرنا انه للمرة الاولى منذ بداية الحرب تعلن هيئة تابعة للأمم المتحدة المجاعة في قطاع غزة وكذلك انها المرة الاولى التي تعلن فيها المجاعة بمنطقة خارج الدول الافريقية، وقد حمّلت الهيئة الاجراءات المتبعة من قبل الكيان الصهيوني عن المجاعة في قطاع غزة وعن موت الاطفال جراء الجوع ونقص التغذية، وقد أكّدت منظمات إغاثية عالمية ان ما ينقص العالم ليس القدرة على الاستجابة لإغاثة الشعب الفلسطيني، بل الإرادة السياسية التي تسمح بذلك، حيث سيبقى إعلان المجاعة وصمة عار على الاحتلال وداعميه ويفرض تحركاً فورياً لوقف الحرب وفتح المعابر، وبالرغم من القرارات المتخذة بحق الكيان الصهيوني من قبل المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان ومحكمة العدل الدولية نجد انه لا رادع للاحتلال الصهيوني عن وقف مجازرها متمسكة بالفيتو الاميركي لكل قرار يصدر بحقها من خلال التمادي بالاجرام الذي تمارسه ضاربة بعرض الحائط كل القرارات والمواثيق والأعراف الدولية المدافعة عن حقوق الانسان ومن أبسط حقوقه تأمين الغذاء والدواء .
*الضغط على الكيان الصهيوني
وقالت مسؤولة منظمة مرصد حقوق الإنسان في بيروت:على الدول أن تضغط على السلطات الصهيونية حتى تتوقف فورا عن استخدام القوة المميتة للسيطرة على حشود المدنيين الفلسطينيين، ورفع قيود الصهاينة غير القانونية الشاملة على دخول المساعدات، والضغط على الولايات المتحدة والاحتلال الصهيوني لتعليق نظام التوزيع المعيب هذا، حيث تعمل القوات الصهيونية على اطلاق النار بشكل متكرر على المدنيين الفلسطينيين المجوعين اثناء توزيع المساعدات في غزة وهي أعمال ترقى إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي وجرائم حرب، والأخطر من كل هذا انه ليس هناك من رادع يردع الصهاينة عن القيام بذلك والصمت المريب الدولي عما يحصل من تجويع، حيث يمكن ردع جرائم الاحتلال في غزة من خلال مقاطعة داعمي الكيان الصهيوني على ووقف التعامل التجاري مع الكيان الصهيوني وقطع العلاقات الدبلوماسية والضغط بكل ما أمكن من الوسائل الاقتصادية والمالية للتأثير على المنظمات الصهيونية التي تدعم الاحتلال وما يجري من ابادة جماعية من خلال التجويع والتشريد والقتل والجرائم اللاأخلاقية واللاإنسانية.
*جريمة مفتوحة ضد شعب أعزل
من جانبه، قال الخبير العراقي عباس الزيدي في حوار له مع الوفاق: لا يمكن وصف ما يجري اليوم إلا بأنه جريمة مفتوحة يرتكبها الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي ضد شعب أعزل محاصر السماء تمطر قنابل الأرض تضيق بالركام والمجاعة المعلنة رسميًا تحوّلت إلى سلاح آخر يُستخدم لكسر إرادة الفلسطينيين. الحرب لم تعد مواجهة عسكرية فحسب بل مشروع إبادة بطيئة يدمج بين الحصار والقصف والتجويع.
وقال: قوات الاحتلال كثّفت عملياتها في أحياء الزيتون والشجاعية وجباليا زاعمة أنها تضرب بنى تحتية للمقاومة بينما الحقيقة على الأرض تقول غير ذلك عشرات الشهداء يوميًا معظمهم من النساء والأطفال كل غارة على منزل أو مخيم تُترجم إلى عائلة كاملة تُمحى من السجلات، وإلى مشهد جديد يفضح الوجه الدموي للاحتلال.
* سابقة لم يشهدها العالم
وأردف معرجا على المجاعة المعلنة في قطاع غزة: في سابقة لم يشهدها العالم خارج القارة الأفريقية أُعلنت غزة منطقة مجاعة رسمية نصف مليون إنسان يواجهون الموت جوعًا بينهم أطفال لم يعرفوا من طفولتهم سوى أنين المعدة الخاوية صور الأجساد النحيلة والأطفال الذين تحولت ملامحهم إلى هياكل عظمية تقف اليوم كدليل حي على أن الاحتلال لا يكتفي بالقتل المباشر بل يزرع الجوع كسلاح طويل الأمد
وأضاف موجها كلماته الناقدة للمنظمات الدولية نظراً لعجزها على فعل أي شيء لإنقال اهالي غزة: الأمم المتحدة حذرت من أن وفيات الجوع قد تُصنّف جرائم حرب لكن الاحتلال يستمر في منع المساعدات ويصر على تحويل غزة إلى سجن كبير المساعدات التي دخلت لا تغطي إلا جزءًا يسيرًا من احتياجات شعب محاصر يواجه كارثة إنسانية بكل المقاييس العالم الغربي يكتفي ببيانات باردة فيما تستمر آلة الحرب الصهيونية في سحق ما تبقى من الحياة في غزة.
* معركة بقاء نيابة عن كل القيم
وقال: ما يحدث في غزة ليس أزمة محلية بل وصمة عار في جبين الإنسانية. غزة اليوم تخوض معركة بقاء نيابة عن كل القيم التي يدّعي العالم الدفاع عنها أصوات الأطفال الذين يموتون جوعًا تحت الحصار هي رسائل مفتوحة لكل من يملك ضميرًا ولكل من لا يزال يعتقد أن حقوق الإنسان يمكن أن تُجزأ.
وأوضح: إنها ليست حربًا عسكرية عابرة بل فصل جديد من مشروع إبادة شامل، الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي يشن حربًا مزدوجة قصف يقتل الأحياء وجوع يفتك بالباقين ومع كل شهيد وكل طفل يموت جوعًا تتكشف حقيقة أن غزة لم تسقط بل صمدت لتكشف للعالم من يملك إنسانية ومن باعها على موائد السياسة.