المفكّر الإيراني الدكتور محمدعلي آذرشب للوفاق:

الوحدة الإسلامية حول محور النبوة تنهض بالأمة وتكسر الفتنة

خاص الوفاق: آذرشب: صوت التقريب بين المذاهب الإسلامية إزداد في الفترة الأخيرة، رغم كل ما أحاط بالعالم الإسلامي من تحديات.

موناسادات خواسته

في زمن تتكاثر فيه الفتن وتشتد فيه الهجمة على الأمة الإسلامية، يعلو صوت المفكر الإسلامي الدكتور محمد علي آذرشب داعياً إلى وحدة تتجاوز الشعارات، وتُبنى على الوعي، والثقافة، والتقارب العلمي والفني، ففي أسبوع الوحدة الإسلامية وعلى أعتاب ميلاد النبي(ص) أجرينا حواراً مع الأستاذ، هذا الحوار ليس مجرد توصيف للواقع، بل هو دعوة إلى بناء مشروع حضاري إسلامي جامع، يواجه الهجمة الصهيونية والصليبية الجديدة، ويعيد للأمة الإسلامية دورها التاريخي في صياغة العدالة والسلام العالمي. ويركّز الحوار على أهمية الوعي الجمعي، ودور الإعلام والتعليم والخطاب الثقافي في ترسيخ هذا الوعي، كما يستعرض نماذج تاريخية من تفتيت الأمة عبر الطائفية والقومية، ويقدم رؤية مستقبلية للتقريب بين المذاهب الإسلامية، لا على أساس المجاملة، بل على أساس التعاون العلمي والفني والثقافي. وفيما يلي نص الحوار:

 

 

الوحدة الإسلامية في الظروف الراهنة
بداية، سألنا الدكتور آذرشب عن الوحدة الإسلامية في الظروف الراهنة، فهو يعرب عن شكره على الإهتمام بهذا الموضوع الهام خاصة في هذه الظروف التي نحتاج فيها أشد الإحتياج إلى وحدة الأمة الإسلامية، من أجل مواجهة التحديات التي نعيشها اليوم، ويرى أن الأمة الإسلامية تواجه هجوماً شرساً يستهدف تفتيتها، مما يجعل الوحدة ضرورة وجودية لا شعارية، ويؤكد أن الالتفاف حول محور رسول الله(ص) هو السبيل الوحيد لمواجهة هذا الهجوم وكسر شوكة الأعداء، قائلاً: كما تعرفون، التحديات التي نعيشها اليوم تتزايد والهجوم الغادر الذي يشنه أعداء الأمة من أجل تجزئة المسلمين و تفريقهم، وتقسيم البلدان الإسلامية وإثارة الصراعات الطائفية والقومية بينها أصبحت في حالة إزدياد و لهذا نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى وحدة حول محور رسول الله(ص) من أجل مواجهة هذه التحديات، نحن في ظروف هجوم جديد صليبي صهيوني على الأمة الإسلامية من أجل إضعافها و كسر شوكتها ولهذا الحاجة هي اليوم أكثر من أي وقت إلى وحدة الأمة والى الإلتفاف حول محور رسول الله(ص)، والذي هو مصدر عزتنا وكرامتنا ومحور وحدتنا.
 

 

طرق التقريب بين المذاهب الإسلامية

 

أما حول طرق للوصول إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية والوحدة التي تجمع بين المسلمين، يرى أن أهم طريق للتقريب هو ترسيخ الوعي، عبر الإعلام والتعليم والخطاب الديني والثقافي، ويقول: أهم شيء اليوم نحتاجه هو الوعي، وعي المسلمين على ما يحيط بهم من مؤامرات ما يحيط بهم من أخطار، هذا الوعي يجب ترسيخه عن طريق الإعلام و التعليم والخطب والكتابة والفضاء المجازي، يجب أن نبين للأمة الإسلامية ما يواجهها من أخطار وأن هذه الأخطار لا ترتبط ببلد معين دون بلد، أي كل البلدان الإسلامية وكل العالم الإسلامي، كل الحضارة الإسلامية اليوم مهددة بالخطر، ولا تقتصر المسألة على بلد معين، وإذا اتجهت سهام الغدر إلى بلد معين اليوم فإنها غدا سوف تتجه إلى بلد آخر ولذلك يجب أن يفهم المسلمون جميعا بأنهم مستهدفون جميعا، وهذا الوعي بما يحيط بالأمة من الأخطار، يستطيع أن يجمعهم، كما قيل «إن المصائب تجمعنا»، وهذه المصيبة أؤكد مرة أخرى لا تقتصر على غزة أو بلد خاص، ولكن كل البلدان الإسلامية معرّضة لأن تكون مثل غزة، وبقية البلدان معرضة للهجوم والضغوط، ومن هنا فإن المسلمين مكلفين شرعا وعقلا، بأنهم يتحدوا من أجل مواجهة هذه الأخطار التي تحدق بهم اليوم والتي إذا أحدقت اليوم ببلد معين وبشعب معين فإنها سوف تحدق غدا بالشعوب الأخرى المسلمة، إن دائرة الحضارة الإسلامية من طنجة إلى جاكارتا مستهدفة لكسر شوكتها وإزالتها عن ظهر الأرض.

 

 

مواجهة إثارة الفتن الطائفية والقومية

 

فيما يتعلق بمواجهة إثارة الفتن والقومية يؤكد الأستاذ آذرشب على أهمية فهم التاريخ، خاصة كيف استخدم المستعمر التفرقة لإسقاط الإمبراطوريات الإسلامية الكبرى، ويقول: الوعي الذي يجب ان يتحلى به المسلمون أولا تجاه مستقبلهم وتجاه حاضرهم، يجب أن نراجع التاريخ ونقرأه بدقة، خاصة ما يرتبط بالقرنين الأخيرين، كيف أن المستعمر دخل و فرّق المسلمين وأطاح أولا بالدولة العثمانية ثم الدولة الصفوية، ثم الدولة  التيمورية في الهند وهذه الإمبراطوريات الثلاث التي كانت تمثل رمز و قوة ووجود الإسلام إستطاعوا أن يطيحوا بها عن طريق التفرقة الطائفية والقومية وبذلك إستطاعوا أن يحتلوا العالم الإسلامي وأن يشنوا غاراتهم على العالم الإسلامي بأجمعه.

 

 

مستقبل التقريب والوحدة الإسلامية

 

أما حول مستقبل التقريب بين المذاهب الإسلامية والوحدة الإسلامية، يعوّل على فطرة الشعوب الإسلامية وعقلها ودينها، ويؤكد أن الوعي يتصاعد رغم الخطوب، قائلاً: المستقبل للإنسان بفطرته، وبشعوره، و بإدراكه، الشعوب الإسلامية لها عقل وفطرة ولها دين وطريق، وهذا  لا يمكن أن ينتهي على الإطلاق، مهما إشتدت الخطوب والظروف سوءاً، فإن المسلمين يزدادون وعياً وتمسكا بمنهجهم بدينهم وباعتقادي حوادث غزة والحوادث الأخرى التي ألمت بالعالم الإسلامي سواء في أفريقيا أو في آسيا أو أفغانستان، جعلت المسلمين يفهمون ما يحيط بهم من أخطار ويتحدون، الأخطار مهما تصاعدت فإن هناك أيضا في الجانب الآخر إزدياد للوعي وتحسس للأخطار واستعداد للمواجهة، من هنا، فإننا نرى أن صوت التقريب بين المذاهب الإسلامية، قد إزداد في الفترة الأخيرة على الرغم مما أحاط بالعالم الإسلامي من تحديات قومية، وطائفية، ولكن صوت التقريب علا، وبقي مرتفعا، كما نشاهد ذلك في الفضائيات ووسائل التواصل الإجتماعي، وفيما يكتب، مثلاً أخيراً أنا سمعت من شيخ الأزهر الشريف، حديث  جيد عن الشهيد محمدباقر الصدر وهو يشيد به في كتابه «الأسس المنطقية للإستقراء» ويعتقد أنه نتاج نبوغ إسلامي كبير، هذا العالم الكبير عندما يتحدث عنه شيخ الأزهر، هذا يدل على أنه هناك حاجة إلى تقارب علمي بين العالم الإسلامي، وطبعا التقارب ليس فقط تقارب مذهبي، وإنما تقارب فني وثقافي، على سبيل المثال حينما نشاهد وفاة شخصية فنية كبيرة في إيران تؤثر على كل العالم الإسلامي، ويتعاطف معها كل العالم الإسلامي، هذا يدل على أن هناك وحدة حضارية تجمع الأمة الإسلامية، وإن لم تكن ظاهرة فإنها موجودة في الأعماق وتحتاج إلى الفرص لتعبّر  عن وجودها ونحتاج كما قلت إلى التقارب، العلمي والفني والثقافي وإلى أن يكون هناك تعاون بين الجامعات والمراكز العلمية وهذا كله يستطيع أن يواجه ما يحيط بنا من تآمر طائفي او قومي.

 

 

دور الثقافة في بناء الوحدة الإسلامية

 

أما حول دور الثقافة في الوحدة الإسلامية، عرّف الدكتور آذرشب الثقافة بأنها المنظومة الفكرية والعاطفية التي توجه المجتمع نحو هدفه، وقال: الثقافة هي مجموعة المنظومة الفكرية والعاطفية التي يعيشها المجتمع  توجه حركته نحو هدف معين، فالثقافة مهمة وهي الأساس التي ينبني عليها المجتمع، العلم بدون ثقافة علم غير موجه نحو هدف معين، وهي الموجهة للعلوم والأفكار والسياسات.

 

وينتقد الأستاذ النظرة السطحية للثقافة في بعض البلدان الإسلامية، ويدعو وزراء الثقافة إلى تحمل مسؤولياتهم في بناء الإنسان والمجتمع.

 

 

مولد يوازي مولد أمة

 

يختم الدكتور آذرشب حديثه بمباركة مولد رسول الله(ص)، معتبراً أن هذه المناسبة يجب أن تكون انطلاقة لميلاد أمة جديدة، تحمل رسالة الإسلام، وتنهض بمسؤولية العدل والسلام في العالم، قائلاً: مولده يوازي مولد أمة، فيجب أن تكون الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف بداية بمولد أمة جديدة تحمل رسالة الإسلام ومسؤولية العدل والسلام و الأمان في العالم بأجمعه.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة