خلال المؤتمر الوطني للقدرات وفرص الاستثمار في المناطق الحرة والتجارية الايرانية،

عراقجي: اللامبالاة بالعقوبات والمبالغة فيها يعتبر خطأ ويؤدي الى ضياع الفرص

رأى وزير الخارجية ان الآثار السلبية للعقوبات لا يمكن إنكارها، لكن لا ينبغي ارتكاب خطأين: الأول، اللامبالاة والتغاضي عن العقوبات وآثارها وتداعياتها، مما قد يؤدي إلى إهمال ضرورة التخطيط وضياع الفرص؛ والثاني، المبالغة المفرطة أو الاستسلام أمامها.

و خلال مشاركته في المؤتمر الوطني للقدرات وفرص الاستثمار في المناطق الحرة والتجارية الايرانية،اشار وزير الخارجية عباس عراقجي الى اقتراح رئيس المناطق الحرة في البلاد بشأن مشروع حديقة التكنولوجيا في كيش، مستهلا كلمته باعتبار ان منطقة شنزن الحرة في الصين التي لم تكن سوى قرية صغيرة يعيش سكانها على صيد الأسماك، قد تحولت اليوم إلى أحد أهم مراكز التكنولوجيا والتجارة في العالم بعد أن واجهت الصين ضغوطا دولية.

 

 

وأضاف انه تم تحويل هذه القرية الصغيرة إلى منطقة حرة، وبفضل السياسات الصحيحة التي تم اتخاذها، حصلت على موقع خاص.لافتا الى ان إيران تمر بظروف مشابهة مع ضغوط وقيود دولية،ولديها إمكانات فريدة يمكن أن ترسم لها مستقبلا مختلفا، موضحا ان التاريخ يثبت أن الشعوب التي اختارت الإبداع بدلا من الاستسلام تمكنت من شقّ طريقها نحو التقدم والتنمية.

 

 

التغاضي عن العقوبات أو المبالغة فيها خطأ

 

 

وأشار وزير الخارجية في معرض حديثه الى أن ايران تواجه حاليا عقوبات متعددة الابعاد ومعقدة وواسعة النطاق، تركت آثارها على الاقتصاد والتجارة الخارجية وحياة الناس،موضحا انها حقيقة لا ينبغي إنكارها من جهة ومن جهة اخرى شدد على ضرورة عدم تصويرها ككارثة نهائية.

 

 

وفي هذا السياق ، رأى ان الذين صمموا العقوبات وفرضوها على ايران، كان هدفهم شلّ إيران، حتى انهم اطلقوا عليها اسم “العقوبات المعوقة”، لكن الحقيقة أن إيران ما زالت صامدة بقوة وثبات .مضيفا أن الاستنتاج الذي يصور بان  العقوبات لم تترك أي أثر أو لم تفرض أي ضغوط فهو استنتاج خاطىء.

 

 

لذا ، فان الآثار السلبية للعقوبات لا يمكن إنكارها، لكن لا ينبغي ايضا ارتكاب خطأين: الأول، اللامبالاة والتغاضي عن العقوبات وآثارها وتداعياتها، مما قد يؤدي إلى إهمال ضرورة التخطيط وضياع الفرص؛ والثاني، المبالغة المفرطة أو الاستسلام أمامها.مبيّنا ان الطريق الصحيح هو الواقعية وتحديد الضغوط وإدارة عواقبها والاستفادة من الفرص التي تنشأ في ظل هذه الظروف.

 

 

من المؤكد أن أي سياسة لن تنجح دون تعاون القطاع الخاص

 

 

واشار الى أن المعوقات والصعوبات ليست كلها نتيجة العقوبات والضغوط الخارجية، بل إن جزءا منها جذوره داخلية، موضحا أن المستثمرين بحاجة اكثر من اي شيء الى قابلية التنبؤ، واستقرار القوانين، وتقليل المخاطر وهناك نواقص كبيرة في هذا المجال.

 

 

ولفت عراقجي الى ان جزءا من هذه القيود ناتج عن ظروف الحرب الاقتصادية، وبالتالي تم وضع لوائح تنظيمية، ولكن يجب أن يكون الهدف هو ألا تصبح هذه القيود دائمة، وأن يقترب الاقتصاد الايراني من بيئة تنافسية وحرة بعد تجاوز الظروف الطارئة.

 

واستطرد قائلا : الحكومة ملزمة بتمهيد طريق الاستثمار بالتوازي مع تعزيز الصمود أمام الضغوط الخارجية. ومن المؤكد أن أي سياسة لن تنجح دون تعاون القطاع الخاص سواء كانت سياسة مواجهة العقوبات أو سياسة التنمية أو أي سياسة أخرى نسعى لتحقيقها. خاصة المناطق الحرة التي تلعب حقا دورا محوريا في اقتصاد أي دولة، والتي يُشار إليها غالبا بأنها “رئتا الاقتصاد”.

 

 

وزارة الخارجية بصدد إعداد ملحق للسياسة الخارجية لكل منطقة حرة

 

 

وبالاشارة الى مهام معاونية الدبلوماسية الاقتصادية بوزارة الخارجية في تمهيد الطريق للتغلب على العقوبات، وكذلك دعم المستثمرين والمنتجين في البلاد على الساحة الدولية ، افاد عراقجي ان وزارة الخارجية اعتمدت نهجا اقتصاديا، وفي هذا الإطار، تعمل حاليا على إعداد ملحق للسياسة الخارجية لكل منطقة حرة، وهذا الملحق يتم تصميمه بما يتناسب مع الخصائص والظروف الخاصة لكل منطقة.

 

 

وزارة الخارجية مكلفة بتعزيز صمود البلاد امام العقوبات

 

وشدد عراقجي على أن المستثمر يحتاج أكثر من أي شيء الى الثقة في استقرار القوانين، وإمكانية تحويل الأموال، ودعم الحكومة في الظروف الصعبة، قائلا: هذه الأمور تم تحديدها كمهمات بالنسبة لنا، ووزارة الخارجية تتحرك في هذا المسار لتحويل المناطق الحرة الى محركات وشرايين رئيسية للتنمية في إيران.

 

 

وراى انه يمكن تحقيق هذا الهدف بتضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمستثمرين الإيرانيين والأجانب، واعتبار هذا المشروع مهمة وطنية، داعيا المستثمرين إلى خوض غمار هذا المجال بثقة تامة بقدرات البلاد، وبرؤية بعيدة المدى، مضيفا ان وزارة الخارجية ستقدم الدعم اللازم في هذا الصدد.

 

 

وتابع: في الختام، أرى من الضروري الإشارة إلى نقطة أخرى. قد يُطرح السؤال: مع ذكر كل هذه القدرات الداخلية للبلاد لتنمية المناطق الحرة، ما هو مصير مسألة رفع العقوبات؟ هذا سؤال دقيق ومشروع تماما. والحقيقة أن وزارة الخارجية، إلى جانب جهودها لرفع العقوبات، مكلفة أيضا بتعزيز صمود البلاد أمامها. وبالنسبة لرفع العقوبات، فإن المسار الطبيعي يتم عبر المفاوضات.

 

 

نحن قريبون جدا من التوصل إلى إطار تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة النووية

 

 

وعن ملف المفاوضات ،لفت وزير الخارجية الى ان ايران كانت جادة في التفاوض لرفع العقوبات، وفي الحكومة الجديدة، مثل الحكومات السابقة، تم التخطيط وبذل الجهود، وأجريت خمسة جولات تفاوض، لكن قبل الجولة السادسة شنّ العدو هجوما عسكريا وانضمت إليه أمريكا. بعد هذه الحرب والدفاع البطولي للشعب الايراني وتقديم أكثر من ألف شهيد من أبنائه، فإن المفاوضات لن تعود كما كانت قبل الحرب لان الظروف قد تغيرت، وستأخذ شكلا وأبعادا جديدة مع إدخال عناصر مستجدة يجب أن  نصمم لها استراتيجيات خاصة.

 

 

وأشار الى أن العلاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية شهدت اضطرابا بعد الهجوم على المنشآت الإيرانية، موضحا : من الطبيعي أن تعاوننا لن يكون كما في السابق ونحن  بحاجة الى إطار جديد للتعاون مع هذه الوكالة. ومع ذلك فإن زملائي في فيينا أحرزوا تقدما جيدا في التوصل إلى إطار جديد للتفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونحن قريبون من اتفاق نبدأ فيه مرحلة جديدة من التعاون مع هذه الوكالة؛ تعاون يراعي فيه جميع مخاوفنا التي انعكست بوضوح في قانون مجلس الشورى الاسلامي.

 

 

إذا كانت امريكا مستعدة للتفاوض على أساس الاحترام المتبادل، فنحن أيضا مستعدون لبدء المحادثات

 

 

وفيما يخص المفاوضات مع الترويكاالاوروبية ، اوضح عراقجي ان هذه المفاوضات مستمرة ، لافتا الى انه قد اجرى محادثات هاتفية مع وزراء خارجية هذه الدول وآخرها اتصال مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي قبل يومين، مؤكدا: أعتقد أن هناك فهما أفضل للواقع يتشكل تدريجيا. الأوروبيون ارتكبوا خطأ كبيرا عندما لجأوا إلى آلية الزناد (سناب باك)، فقد صعّبوا الأمور أكثر، لكن الحوار مستمر ونأمل الوصول إلى تفاهم مشترك.

 

 

ومضى يقول ان المحادثات مع أمريكا ايضا مستمرة عبر الوسطاء، وعندما تكون واشنطن مستعدة للتفاوض على أساس الاحترام المتبادل، فإن إيران أيضا جاهزة. لكن يجب ضمان حقوقنا ومصالحنا، ولا ينبغي لأي طرف آخر أن يغفل عن مسؤولياته.

 

 

المصدر: ارنا