منتدى بغداد الدولي للطاقة: بين أهدافه الاستراتيجية والتحديات التي قد تحد من نجاحه

يهدف المنتدى الى تعزيز التعاون الدولي والاقليمي في قطاع الطاقة، بحيث يجمع خبراء ووزراء طاقة من مختلف الدول لمناقشة أحدث التطورات والتحديات، كما يسعى المنتدى لجذب الاستثمارات وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الطاقة

انطلقت فعاليات منتدى بغداد الدولي للطاقة في العاصمة العراقية بغداد، وهو حدث يعكس أهمية العراق في خارطة الطاقة الإقليمية والعالمية، يأتي هذا المنتدى في وقت تتغير فيه معادلات سوق الطاقة، مما يفتح آفاقاً جديدة للعراق لتعزيز مكانته وجذب الاستثمارات في قطاع النفط والغاز والطاقة المتجددة. يعتبر العراق من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم وله دور محوري في منظمة أوبك، ورغم هذا الدور، يواجه قطاع الطاقة في العراق تحديات عدة ، منها الحاجة لتطوير البنية التحتية، وضمان الأمن والاستقرار، وتنويع مصادر الطاقة، في هذا السياق يأتي منتدى بغداد الدولي للطاقة كمنصة تجمع بين الحكومة العراقية والقطاع الخاص، والمستثمرين المحليين والدوليين، بهدف تعزيز التعاون ومناقشة التحديات والفرص.

 

 

يهدف المنتدى الى تعزيز التعاون الدولي والاقليمي في قطاع الطاقة، بحيث يجمع خبراء ووزراء طاقة من مختلف الدول لمناقشة أحدث التطورات والتحديات، كما يسعى المنتدى لجذب الاستثمارات وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الطاقة، ويولي المنتدى اهتماماً خاصاً بمناقشة دور الطاقة المتجددة وكيفية دمجها ضمن مزيج الطاقة العراقي لتوفير مستقبل مستدام.  فهل يعتبر هذا المنتدى فرصة حقيقية للعراق في تحويل قطاع الطاقة نحو الاستدامة والتنوع، ودعم الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال امتلاك برنامجاً رسمياً تحت عنوان “رؤية العراق 2030” .

 

 

المنتدى كمنصة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة

 

 

في ظل التحولات الجيوسياسية والمناخية التي يشهدها العالم تبرز أهمية هذا المنتدى ليس فقط من ناحية التباحث في قضايا الطاقة، وإنما أيضاً لما يحمله من فرص تنموية حقيقية للعراق والمنطقة.

 

 

أولاً: تعزيز الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات، يمثل المنتدى فرصة استثنائية لجذب رؤوس الاموال والاستثمارات الأجنبية الى العراق، خصوصاً في قطاع الطاقة الذي يشكل العامود الفقري للاقتصاد العراقي.

 

 

ثانياً: خلق فرص عمل وتمكين اجتماعي، التنمية الاجتماعية تعد أحد الأبعاد الأساسية لأي مشروع اقتصادي ناجح، وفي هذا السياق فإن المشاريع المصاحبة للمنتدى والتفاهمات التي تعقد على هامشه قادرة على توليد آلاف فرص العمل في مجالات متعددة، مثل البناء، والتقنيات، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، كما إن اشراك الشباب العراقي والمرأة في البرامج التدريبية والتنموية ذات الصلة بالطاقة سيسهم في تعزيز رأس المال البشري، ورفع كفاءة القوى العاملة المحلية.

 

 

ثالثاً: تعزيز التكامل الإقليمي والشراكة العابرة للحدود، بحيث يفتح الباب أمام مشاريع تعاون اقليمي، خصوصاً في مجالات الربط الكهربائي ونقل الطاقة، والممرات التجارية التي تدعم التنمية الاقليمية المشتركة، مثل مشروع الطريق التنموي ، الذي يربط العراق بجيرانه ويمهد لتحوله الى مركز لوجستي إقليمي، هذه المشاريع لا تعزز الاقتصاد فحسب بل تسهم في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.

 

 

الدلالات الاستراتيجية للمنتدى على الداخل العراقي

 

 

– إبراز دور العارق كفاعل محوري في أمن السوق العالمي للطاقة، بصفته ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك يسعى لعرض نفسه كلاعب رئيسي في هذا القطاع.

 

 

– إعادة بناء الثقة الدولية، وذلك بعودة شركات كبيرة مثل شيفرون للمشاركة يفتح المجال أمام جذب الاستثمار الأجنبي الطاقي الى العراق.

 

 

– دمج الطاقة التقليدية والمتجددة، التركيز على التوازن بين الوقود الأحفوري والطاقة النظيفة ( مثلاً مشاريع الهيدروجين والأمونيا )

 

 

– تأسيس منصة معرفية استراتيجية مستقبلية ، تصميم المنتدى ليصبح منصة سنوية مستدامة تمثل صوت العراق في المشهد الطاقوي العالمي.

 

 

– ترسيخ العراق كجسر تواصل بين المنتجين والمستهلكين، يلتقي في هذا المنتدى المنتجون، المستثمرون، والجهات التحليلية ضمن منصة حوارية مشتركة لتعزيز السياسات والتكامل الإقليمي والدولي.

 

 

التحديات المحتملة

 

 

في ظل الزخم الكبير الذي يرافق هذا المنتدى، تبرز عدة تحديات قد تعيق تحقيق أهدافه أو تحد من فعاليته على المستوى المحلي والدولي، وتتجسد في عدة أصعدة أبرزها:

 

 

  • تحديات البنية التحتية للطاقة

 

رغم الطموحات الكبيرة للمنتدى، إلا أن الواقع يفرض بعض التحديات المتعلقة بجاهزية شبكات النقل والتوزيع، وخطوط الأنابيب، والمنشآت النفطية، مما قد يعيق تنفيذ بعض الأتفاقيات أو المشاريع المتوقعة.

 

 

  • التقلبات في الأسواق العالمية

 

تعتمد نتائج المنتدى الى حد كبير على استقرار الأسواق العالمية للنفط والغاز، وهو أمر خارج عن سيطرة أي دولة منفردة. تقلب الأسعار قد يؤثر على جدوى المشاريع الاستثمارية التي تم التباحث حولها في المنتدى.

 

  • تنوع المصالح الاقليمية والدولية

 

يستضيف المنتدى أطرافاً ذات مصالح متباينة أحياناً، مما قد يُصعب الوصول الى توافقات عملية في بعض الملفات، إدارة هذا التنوع بشكل متوازن يعد تحدياً بحد ذاته.

 

  • ضمان البيئة الاستثمارية الجاذبة

 

رغم وجود فرص استثمارية واسعة ، إلا أن جذب الاستثمارات يتطلب منظومة متكاملة من القوانين، والشفافية، والضمانات، وهو ما قد يحتاج الى وقت ومتابعة مستمرة لضمان تنفيذ الاتفاقيات التي يتم توقيعها خلال المنتدى.

 

  • التحول نحو الطاقة النظيفة

 

أحد أبرز المحاور في المنتديات العالمية هو التركيز على الانتقال الى الطاقة النظيفة، وقد يشكل ذلك تحدياً في تحقيق التوازن بين استثمار الموارد الهيدروكربونية التقليدية والتوجه نحو الطاقات البديلة، مع الحفاظ على التزامات التنمية المستدامة.

 

  • تحويل مخرجات المنتدى الى خطوات عملية

 

عادة ما يتضمن هذه المنتديات توصيات وخططاً واسعة، لكن التحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذه المخرجات الى سياسات واستراتيجيات قابلة للتنفيذ ضمن جداول زمنية واضحة.

 

  • الاعتماد على البيانات المحدثة والدراسات

 

نجاح القرارات المنبثقة عن المنتدى يعتمد على دقة المعلومات والدراسات الاقتصادية والجيولوجية، وجود فجوات في هذه البيانات قد يؤثر على دقة التوقعات وجدوى المشاريع.

 

توصيات لتعزيز المنتدى وتحقيق أهدافه

 

– خارطة طريق تنفيذية بخط زمني واضح.

 

– لجنة متابعة من جهات مستقلة ووزاية.

 

– شراكات دولية طويلة الأجل بموجب عقود شفافة.

 

– إدراج أجندة واضحة حول الطاقة المتجددة والمائية البمستدامة لمواجهة التحديات البيئية.

 

الخلاصة

 

لا شك ان المتتدى الدولي للطاقة في بغداد يمثل فرصة تاريخية للعراق لإعادة رسم مساره التنموي، والانخراط الفعال في قضايا الطاقة العالمية، وتعزيز مكانته الجيوسياسية،  وإذا ما تم استثماره بالشكل الأمثل فإنه يمكن أن يتحول الى نقطة انطلاق حقيقية نحو مستقبل اقتصادي مزدهر ومجتمع أكثر عدالة واستدامة، والجدير بالذكر وما يسهم في تحقيق ذلك ما جاء من تصريحات عن لسان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لناحية احتياطي النفط العراقي وامكانية التصدير الطويل الأمد، وأيضاً لناحية إعادة الاستثمار في الغاز المصاحب ، والاستفادة من الثروة النفطية ضمن استراتيجية تشمل تنمية مستدامة،   وهذا بحد ذاته أيضاً اختبار صعب لقدرة الدولة على تجاوز مجمل التحديات التي قد تعتريها، لذلك فإن نجاح هذا المنتدى لا يقاس فقط بعدد الوفود الحاضرة، بل بمدى الجدية في معالجة الاشكاليات التي تعيق نهوض قطاع الطاقة العراقي.

 

 

مسعدة ناصر دكتورة بالعلاقات الدولية والدبلوماسية

 

 

 

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص