عراقجي: الوحدة الإسلامية اليوم واجب ديني وضرورة حتمية

أشار وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى أهمية الوحدة بين الأمة الإسلامية، مؤكدا على أن الظروف الراهنة في العالم الإسلامي حولت الوحدة من مجرد مُثل عليا الى ضرورة مُلّحة وحتمية وواجب ديني.

وأثناء اجتماع التشاور بين مسؤولي وزارة الخارجية وضيوف المؤتمر الدولي الـ 39 للوحدة الإسلامية، أشار وزير الخارجية “عباس عراقجي” إلى أن الأيام المباركة لذكرى مولد النبوي الشريف تُعد فرصة ثمينة للحوار حول وحدة العالم الإسلامي، ولدراسة التهديدات القائمة ضد الأمة الإسلامية، مضيفا أن أسبوع الوحدة هو أفضل منصة للتعامل مع هذا الموضوع المهم.

 

ورأى وزير الخارجية أن مولد الرسول الأعظم (ص) هذا العام يتميز بخصوصية خاصة، إذ يتزامن مع الذكرى الـ 1500 لميلاده الشريف. وأضاف: “لقد مهد هذا الحدث في العالم الإسلامي أجواء لإقامة احتفالات أكبر وأكثر بهاء مقارنة بالسنوات الماضية. ولهذا السبب، اقترحنا في آخر اجتماع لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي أن يُطلق على هذا العام اسم ‘عام الوحدة’، وأن تُتخذ ترتيبات خاصة للاحتفال به، وقد لاقى هذا الاقتراح اهتماما واسعا. ”

 

وشدد عراقجي على ضرورة الوحدة الإسلامية، قائلا: “وحدة العالم الإسلامي ليست مجرد مُثلٍ عليا وإيجابية أو عملٍ مستحب، بل هي اليوم ضرورة ملّحة وحتمية وواجب ديني. فالظروف الراهنة للأمة الإسلامية تتطلب منا أن ننظر إلى الوحدة ليس فقط كتكليفٍ ديني، بل كخيار استراتيجي لا غنى عنه. ”

 

وتابع: “لتحقيق وحدة الدول الإسلامية، يجب الاستفادة من الفرص والإمكانات الهائلة المتاحة في العالم الإسلامي. فإذا اتحدت الأمة الإسلامية، التي يبلغ تعدادها مليارا ونصف المليار نسمة، فإنها تستطيع تفعيل قدراتها الهائلة والمساهمة في نمو العالم الإسلامي وتقدمه وتطوره.

 

وأضاف: “هوية ووحدة العالم الإسلامي اليوم مستهدفتان أكثر من أي وقت مضى، وتتعرض قوة المسلمين لهجمات شديدة؛ تهديدٌ أرى أنه لم يكن بهذا الخطر في الماضي، ويحظى بدعمٍ من دول غربية وأوروبية وأمريكية بأشكالٍ مختلفة. ”

 

الكيان الصهيوني يستخدم التجويع كسلاح

 

ونوّه عراقجي: بينما نجتمع ونحتفل سويا بمولد الرسول الأكرم (ص)، لا ينبغي لنا أن ننسى أن إخوتنا وأخواتنا في فلسطين، وخاصة في غزة، يتعرضون يوميا لإبادة جماعية واضحة. فالكيان الصهيوني يستخدم التجويع كسلاح، ويضع الشعب الأعزل تحت ضغط شديد، بل ويهاجم حتى أولئك الذين يحاولون الحصول على كميات قليلة من الطعام. هذه الأعمال تمثل نموذجا صارخا لجرائم حرب تتجاوز التصور. لم يعد هناك أي خط أحمر للكيان الصهيوني، فقد ارتكب كل جريمة ممكنة.

 

وفي اشارة إلى صمت المجتمع الدولي إزاء جرائم الكيان الصهيوني، قال وزير الخارجية: “على الرغم من أن التقدم التكنولوجي جعل العالم بأسره على علم بتفاصيل هذه الجرائم، بل وشاهدناها مباشرة عبر البث التلفزيوني الحي، فإن العديد من الدول ما زالت صامتة. ومن المؤسف أن الأمة الإسلامية، التي لا تُظهر رد فعل مناسب إزاء مثل هذه المآسي. لا خيار أمامنا سوى الوحدة لمواجهة هذا التهديد، وهو تهديد لن يقتصر بالتأكيد على فلسطين فقط. كما رأينا، فإن آثاره ظهرت أيضا في لبنان وسورية وحتى في الهجمات ضد إيران. ”

 

ومضى يقول إن دول المنطقة ادركت الآن أن تهديد الكيان الصهيوني لا يقتصر على نقطة واحدة، بل يستهدف المنطقة بأكملها والأمة الإسلامية جمعاء، موضحا أن الصهاينة يسعون إلى زرع التفرقة والضعف وتفتيت الأمة الإسلامية، وأن الامر وصل بهم إلى حدّ إعلان ما يسمى بـ ‘إسرائيل الكبرى’ بشكل صريح مرة أخرى.

 

وأضاف: “من بين النتائج الإيجابية للمقاومة البطولية للشعب الفلسطيني، ولفرض الحروب المختلفة على سورية وإيران، أن حقيقة التهديد الرئيسي للمنطقة أصبحت واضحة للجميع. فقد بُذلت جهود لسنوات طويلة لتصوير إيران على أنها التهديد، لكن اليوم ظهرت الحقيقة، وأدركت دول المنطقة أن إيران كانت محقّة: العدو الرئيسي هو الصهيونية. والآن، التعاون بين دول المنطقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تزايد وتطور، وتُعرف إيران كصديق وداعم حقيقي للمسلمين وشعوب المنطقة. ”

 

وأشار وزير الخارجية إلى السياسات العدائية للكيان الصهيوني، قائلا: “هناك من وقعوا ضحية للدعاية الغربية وأخطأوا في تقديرهم للكيان الصهيوني. هذا الكيان اليوم هو التهديد الأساسي للمنطقة، وحجم الجرائم التي ارتكبها في غزة ولبنان واضح للجميع. وفي سورية، نشهد يوميا اعتداءات جديدة، وقد أصبحت المساحات التي يحتلها هذا الكيان في الفترة الأخيرة أكبر حتى من مساحة غزة. إن هذه السياسات الاحتلالية، المصحوبة بقصف يومي ومحاولات لتفتيت سورية، تُعد جرس إنذار خطير لجميع المنطقة. ”

 

وشدد على التزام إيران بمبدأ احترام سيادة الدول، وأضاف: “ما يحدث في لبنان هو قرار الشعب اللبناني، وما يجري في سورية يخص الشعب السوري. نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكن من الطبيعي أن نعبّر عن قلقنا ونطرح وجهات نظرنا في المحافل الدولية. ”

 

الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تترك طاولة المفاوضات أبدا

 

وأشار عراقجي إلى الحرب التي شنها الكيان الصهيوني على ايران لمدة 12 يوما، فقال: “ظنّ هذا الكيان أنه يستطيع، من خلال هجوم مفاجئ، إجبار الجمهورية الإسلامية الإيرانية على التراجع، لكنه وقع في خطأ حسابي كبير. ففي الأيام الأولى، دعت الولايات المتحدة وبعض الدول إلى التفاوض، بينما كنا نحن في نفس الوقت نسلك طريق الدبلوماسية منذ بداية الحرب. وإذا كان لا بد من مفاوضات، فإن شرطها المسبق هو وقف الهجوم. وفي الأيام الأخيرة من الحرب، طرحوا في النهاية طلب وقف إطلاق النار دون أي شروط مسبقة. ”

 

واعتبر هذه التجربة درسا كبيرا لأمريكا وداعمي الكيان الصهيوني، وقال: “لقد أدركوا أنه لا يوجد حل عسكري للمسألة الإيرانية. الطريق الوحيد الممكن هو الدبلوماسية العادلة القائمة على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة. الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تترك طاولة المفاوضات أبدا، وهي دائما مستعدة للحوار الشريف والعادل. ”

 

كما شدد وزير الخارجية على الوحدة الداخلية للشعب الإيراني، وأضاف: “كان أعداؤنا يراهنون على التفرقة، لكن خلال الحرب التي استمرت 12 يوما، تبيّن أنه لا فرق بين شيعي وسني، أو عربي وفارسي، فجميعهم دافعوا عن الوطن تحت هوية واحدة تُسمى إيران. ”

 

ولفت عراقجي إلى ضرورة تحقيق وحدة عملية في العالم الإسلامي، فقال: “شرط مواجهة الأعداء الكبار هو ألا تبقى الوحدة مجرد كلام، بل يجب أن تترافق مع إجراءات عملية. إصدار القرارات ضروري، لكنه غير كافٍ. فأهل غزة اليوم بحاجة إلى الطعام والماء والدواء، ويجب على الدول الإسلامية أن تقف إلى جانبهم بأفعال ملموسة. كما ينبغي على الدول التي ما زالت تحافظ على علاقات دبلوماسية أو تجارية مع الكيان الصهيوني أن تقطع هذه العلاقات، فهذا ليس فقط شرطا للعقل والإنسانية، بل هو أيضا واجب ديني. ”

 

 

المصدر: ارنا