عراقجي: إيران مستعدة للتعاون مع تونس في مختلف المجالات

أكد وزير الخارجية في مقال له أن تعزيز التعاون السياحي عبر إلغاء التأشيرات المتبادلة وإطلاق رحلات جوية مباشرة بين إيران وتونس، يمكن أن يسهم في توطيد الروابط الاقتصادية بين البلدين بشكل أكبر.

وزير الخارجية الإيراني سيد عباس عراقجي كتب مقالاً في الصحف التونسية أوضح فيه أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتونس كانتا دوماً متناغمتين ومتوافقتين على الساحة الدولية. وأشار إلى أن الموقف المشترك الصارم الرافض للتدخلات الأجنبية في شؤون الدول الداخلية، والدعم الثابت للقضية الفلسطينية، والتصدي لمحاولات التطبيع الباطلة مع الكيان الصهيوني الغاصب، تعد من أبرز المواقف المشتركة التي يعتز بها البلدان في تعاملهما مع التطورات الجارية.

 

 

نص مقال عراقجي جاء على النحو التالي:

 

 

تونس، مهد الحضارة والثقافة على الساحل الجنوبي للمتوسط، تحظى بمكانة رفيعة وخاصة في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. فالعلاقات بين البلدين، الضاربة جذورها في التاريخ، تقوم على الأخوة والاحترام المتبادل والروابط الدينية والثقافية العميقة والأهداف المشتركة على الساحة الدولية، وقد شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولاً إيجابياً وحيوياً بفضل العزيمة الراسخة للطرفين.

 

 

العلاقات الدبلوماسية بين إيران وتونس، المستمرة منذ أكثر من ستة عقود، كانت دائماً مفعمة بروح الأخوة والصداقة والتفاهم المتبادل. وهي تمثل نموذجاً بارزاً لالتزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتعزيز روابطها المتينة مع العالم الإسلامي، على أساس المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية.

 

 

حتى في أكثر الظروف الإقليمية اضطراباً، ظلت هذه العلاقة الودية ثابتة وفي طريقها نحو مزيد من التطور. وكانت الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى إيران في حزيران/يونيو 2024 ولقاؤه قائد الثورة الإسلامية، محطةً فارقة دشّنت فصلاً جديداً من التعاون الشامل بين البلدين، وأكدت الإرادة المشتركة لتعزيز هذه العلاقات.

 

 

خلال العدوان الأخير للكيان الصهيوني على الأراضي الإيرانية، أظهر موقف تونس – شعباً وحكومة – صلابةً ومبدئيةً ودعماً ثميناً للجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأمر الذي عكس عمق العلاقات الأخوية واللحمة المتينة بين الشعبين. وقد كان هذا الدعم، المنسجم مع المبادئ المشتركة في مواجهة الغطرسة والدفاع عن السيادة ووحدة الأراضي، محل تقدير وامتنان بالغ من قبل الدولة والشعب في إيران، وأثبت أن تونس تقف إلى جانب الحق في مواجهة الباطل.

 

 

الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتونس كانتا، على الساحة الدولية، دائماً متناغمتين ومتوافقتين؛ إذ يشتركان في رفض التدخلات الأجنبية في شؤون الدول، والدفاع عن القضية الفلسطينية، والتصدي لمحاولات التطبيع العقيمة والباطلة مع الكيان الصهيوني الغاصب، وهو ما يُعد من المواقف المشتركة المشرّفة التي تعكس وحدة الرؤية في مواجهة التطورات الراهنة.

 

 

وعلى الرغم من الطابع الإيجابي والبنّاء للعلاقات السياسية والدبلوماسية بين إيران وتونس، إلا أنّه لا بد من الاعتراف بأن الإمكانات الاقتصادية الهائلة بين البلدين لم تُستثمر بعد بشكل كامل. فتعزيز حجم التبادل التجاري يحتاج إلى قفزة كبيرة وإرادة مضاعفة، ومع ذلك فإن التصميم الجاد لدى القيادات العليا في البلدين على تطوير وتنويع العلاقات الاقتصادية يبشّر بمستقبل مشرق في هذا المجال.

 

 

إن تعزيز التعاون السياحي من خلال إلغاء التأشيرات المتبادلة، وإطلاق رحلات جوية مباشرة بين البلدين، وعقد جولة جديدة من اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، وتوسيع المبادلات التجارية في مختلف المجالات، والتعاون في قطاع التكنولوجيا، كلها خطوات فاعلة يمكن أن تسهم في ترسيخ الروابط الاقتصادية أكثر فأكثر. والجمهورية الإسلامية الإيرانية على أتم الاستعداد لتوظيف خبراتها، ومعارفها التقنية، وتكنولوجياتها المحلية للتعاون مع الجمهورية التونسية في شتى الميادين.

 

 

كما أن تعزيز التبادلات الثقافية والفنية، خاصة في مجالات السينما والموسيقى والمعارض الحرفية والرياضة، من شأنه أن يرسّخ التعارف المتبادل ويقوي الروابط الشعبية بين البلدين، مستنداً إلى رصيد كبير من المشتركات الدينية والثقافية. وقد مثّل الحضور اللافت للفنانين الإيرانيين، ولاسيما ممثلي المسلسل الشهير يوسف الصديق وفيلم ملك سليمان في المهرجانات التونسية، دليلاً واضحاً على التقدير والاهتمام الذي يوليه الشارع التونسي للإبداع الفني الإيراني. وعلى أساس هذه المشتركات، يمكن لحركة السياحة المتبادلة، التي شهدت ازدهاراً غير مسبوق بعد تطبيق نظام إلغاء التأشيرات، أن تتحول إلى فرصة استثنائية لتوطيد أواصر الأخوّة بين الشعبين.

 

 

وهنا يحضرني بيتان جميلان وخالدان للشاعر التونسي الكبير أبو القاسم الشابي، إذ يقول:

 

 

إذا الشعبُ يَوماً أراد الحياة … فلابُدَّ أن يستجيب القدر

 

 

ولابُدَّ للَّيل أن ينجلي … ولابُدَّ للقَيد أن ينكسر

 

 

وفي الختام، يطيب لي أن أهنئ، بكل سرور، المنتخب الوطني التونسي لكرة القدم بتأهله إلى نهائيات كأس العالم 2026، متمنياً لهذا الفريق، كما لمنتخب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، النجاح والتألق في هذا الحدث الرياضي العالمي الكبير.

 

 

المصدر: تسنیم