إيران وروسيا ترسمان خريطة جديدة للتقارب الثقافي

صالحي: الثقافة ليست ذكرى؛ إنها لغة المستقبل

العودة إلى الثقافة تعني العودة إلى القيم المشتركة مثل العدالة، والكرامة الإنسانية، والتضامن، والروحانية، مشدداً على أن إيران تمثل جسراً تاريخياً يربط بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب.

في مشهد ثقافي متعدد الأبعاد، جمعت زيارة وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني، السيد عباس صالحي، إلى مدينة سانت بطرسبورغ الروسية بين الفن، التراث، والدبلوماسية الروحية، حيث شارك في الدورة الحادية عشرة من «المنتدى الدولي للثقافات المتحدة»، وطرح رؤية شاملة للتقارب الثقافي بين الدول المستقلة، مؤكداً أن «الثقافة ليست ذكرى، بل هي لغة المستقبل».

آلية عادلة للتبادل الثقافي
دعا وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني، السيد عباس صالحي، إلى إنشاء آلية متعددة الأطراف للتبادل والتجارة الثقافية العادلة بين الدول المستقلة، مؤكداً أن العودة إلى الثقافة يجب ألا تقتصر على الحوار النظري، بل تتطلب خطوات عملية ملموسة.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للدورة الحادية عشرة من «المنتدى الدولي للثقافات المتحدة»، الذي يُعقد في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية بمشاركة وزراء ومسؤولين ثقافيين من أكثر من 40 دولة حول العالم. وأكد صالحي على أن العودة إلى الثقافة لا يجب أن تبقى مجرد شعار، بل تتحول إلى خطوات عملية ملموسة.

وقال: «العودة إلى الثقافة هي العودة إلى القيم المشتركة: العدالة، الكرامة الإنسانية، التضامن، والروحانية»، مضيفاً أن إيران تمثل جسراً تاريخياً يربط الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب. وتحت شعار «العودة إلى الثقافة – فرص جديدة»، أكد صالحي أن الثقافة ليست مجرد إرث حضاري، بل هي لغة المستقبل، وهي السبيل لفتح آفاق جديدة في العلاقات الإنسانية.

وأضاف أن العودة إلى الثقافة تعني العودة إلى القيم المشتركة مثل العدالة، والكرامة الإنسانية، والتضامن، والروحانية، مشدداً على أن إيران تمثل جسراً تاريخياً يربط بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب.

فرص ذهبية في المجال الثقافي
وفي معرض حديثه عن الفرص المتاحة في المجال الثقافي، أشار الوزير إلى أهمية الإنتاج والاستهلاك الثقافي في العصر الحديث، مؤكداً أن الصناعات الإبداعية والتصدير الثقافي تلعب دوراً محورياً في التنمية المستدامة والدبلوماسية العامة. ولفت إلى أن الفنون الإيرانية مثل السجاد والموسيقى والصناعات اليدوية والأدب والفن المعاصر تحمل رسائل السلام والصداقة من الشعب الإيراني إلى العالم.

السينما والدبلوماسية الشعبية
أشاد الوزير بالسينما الإيرانية التي تألقت في مهرجانات دولية، واصفاً إياها بأنها «اللغة المباشرة وغير الوسيطة لشعبنا، رواية عن الإنسانية، الأمل، والمقاومة». كما أكد أهمية إشراك المجتمع المدني في الدبلوماسية الثقافية، من جمعيات فنية وأكاديمية، وشباب ونساء، وحتى الأطفال والناشئين، مشيراً إلى تجارب إيران الناجحة في هذا المجال، من مهرجانات ثقافية وفنية إلى شبكات أصدقاء اللغة والأدب الفارسي.

التكنولوجيا والثقافة
كما تناول الوزير دور التكنولوجيا الحديثة في تعزيز الثقافة، مشيراً إلى أن الحديث عن العودة إلى الثقافة يجب أن يستند إلى فهم الفرص التي توفرها التقنيات الجديدة. وأكد أن الشباب الإيراني المبدع، شأنه شأن نظرائه في الدول الأخرى، قادر على توظيف هذه الأدوات لخدمة الثقافة الإنسانية.

غزة.. إنذار لموت الإنسانية
وفي موقف إنساني لافت، قال الوزير الإيراني إن ما يحدث في غزة لا يقتصر على سقوط نحو 60 ألف ضحية، بل يمثل ناقوس خطر لموت القيم الإنسانية. وأضاف أن العدوان الوحشي الذي شنّه الكيان الصهيوني بدعم من الولايات المتحدة على إيران يُعد مثالاً آخر على تراجع المبادئ الإنسانية.
وخاطب الحضور من المسؤولين الثقافيين قائلاً: «دعونا نتحد من أجل العودة إلى الثقافة، وبناء مستقبل جديد قائم على السلام والعدالة والصداقة بين الشعوب».

الأسبوع الثقافي الإيراني في روسيا
وفي لقاء رسمي جمع الوزير الإيراني بنظيرته الروسية أولغا ليوبيموفا، أُعلن عن إقامة الأسبوع الثقافي الإيراني في روسيا العام المقبل، بعد نجاح الأسبوع الثقافي الروسي في إيران. كما دعت الوزيرة الروسية إيران لدعم ترشيح مدينة قازان كعاصمة للثقافة الإسلامية عام 2026، في إطار التعاون الثقافي الإسلامي المشترك، فيما ناقش الطرفان نتائج لقائهما السابق في طهران ضمن المعاهدة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.

زيارة ثقافية مميزة إلى متحف الإرميتاج الروسي
في إطار زيارته إلى مدينة سانت بطرسبورغ، قام وزير الثقافة بجولة خاصة في متحف الإرميتاج الروسي، حيث التقى برئيس المتحف ميخائيل بيتروفسكي في لقاء وُصف بالودي والمثمر.
الزيارة شملت فتح أقسام نادرة من المتحف، وتبادل الهدايا الثقافية، من بينها كتابان نفيسان عن الفن الإسلامي والمينياتور الإيراني، أحدهما من تأليف المستشرقة الروسية آداموفا. كما ناقش الطرفان آفاق التعاون البحثي، بما في ذلك مشاركة باحثين إيرانيين في مشاريع ميدانية في آسيا الوسطى.

فهرسة المخطوطات الفارسية في روسيا
خلال زيارته إلى المكتبة الوطنية الروسية، أعلن صالحي عن اتفاق جديد لإعداد فهرس شامل للمخطوطات الفارسية المحفوظة في المكتبات الروسية، بالتعاون مع معهد المخطوطات التابع لأكاديمية العلوم الروسية.

ووصف الوزير المكتبة بأنها «كنز ثقافي وإنساني عالمي، لا سيما في مجال الدراسات الإيرانية»، مشيراً إلى أن عدد المخطوطات الفارسية في إيران يتجاوز المليون، منها نحو 400 ألف موثقة حتى الآن.

وفي ختام الزيارة، قدّم الوزير كتاب «الخليج الفارسي» كهدية لرئيس المكتبة، في خطوة رمزية تعكس عمق الروابط الثقافية بين البلدين.
وفي لفتة إنسانية وروحية، أدى الوزير الإيراني صلاة المغرب جماعة في المسجد الجامع التاريخي بمدينة سانت بطرسبورغ، تزامناً مع ذكرى ميلاد النبي الأكرم (ص).

المصدر: الوفاق