خلال زيارته إلى جامعة سانت بطرسبورغ الروسية

صالحي: الثقافة هي البنية التحتية لعالم متعدد الأقطاب

أكد صالحي على أن العلاقات بين الدول لا تُبنى فقط على المصالح الاقتصادية والسياسية، بل على الروابط الثقافية والوجدانية، التي تضمن استدامة التعاون، داعياً إلى غرس شجرة صداقة ثقافية تظلل الأجيال القادمة في إيران وروسيا.

خلال زيارته إلى جامعة سانت بطرسبورغ الروسية، أكد وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي سيد عباس صالحي، على أن العلاقات الثقافية بين إيران وروسيا تمثل ركيزة أساسية في بناء عالم متعدد الأقطاب، لا يقتصر على السياسة والعسكرة، بل يتجذر في القيم الثقافية والهوية الحضارية للشعوب.

 

 

في كلمته أمام جمع من الأساتذة والطلاب، اعتبر صالحي أن التعددية الثقافية هي الأساس الحقيقي للتعددية السياسية، مشيراً إلى أن النظريات التنموية الأحادية التي تجاهلت الثقافة أدت إلى نشوء نظام عالمي أحادي القطب. وأكد أن الثقافة لم تعد مجرد عنصر ثانوي في التنمية، بل أصبحت في قلبها، حيث ترتبط مباشرة بالكرامة الإنسانية، والهوية، والمعنى الذي يسعى الإنسان لتحقيقه في حياته.

 

 

أبرز وزير الثقافة أهمية الأدب والفن في تعزيز التفاهم بين الشعوب، مشيراً إلى أن الأدب الفارسي، من أشعار حافظ وسعدي إلى فردوسي، كان مصدر إلهام لكبار الأدباء الروس مثل تولستوي وبوشكين، كما أن الأدب الروسي أثّر بعمق في التيارات الفكرية والأدبية الإيرانية. وأوضح أن المسرح الإيراني يعرض يومياً أعمالاً روسية، وأن الموسيقى الكلاسيكية الروسية، مثل أعمال تشايكوفسكي، مألوفة لدى الجمهور الإيراني.

 

 

وفي سياق تعزيز التعاون الثقافي، اقترح صالحي إنشاء كراسي للغة والأدب الفارسي في الجامعات الروسية، وكراسي للغة الروسية في الجامعات الإيرانية، إلى جانب دعم البرامج البحثية المشتركة في مجالات الأنثروبولوجيا والفنون. كما دعا إلى توسيع نطاق الترجمة المباشرة للأعمال الأدبية والعلمية بين اللغتين، لتكون روائع الأدب الفارسي والروسي في متناول الجميع.

 

 

وأشار إلى أن قسم “إيران شناسي” أي “الدراسات الإيرانية” في روسيا يُعد من أهم جسور التواصل الثقافي، حيث نشر الباحثون الروس أكثر من 10 آلاف عمل علمي حول إيران، ولا تزال المؤسسات الأكاديمية الروسية نشطة في هذا المجال. واعتبر أن هذا التراكم المعرفي يمكن أن يتحول إلى محور رئيسي في العلاقات الثقافية والعلمية بين البلدين.

 

 

وأشاد الوزير بالعلاقة الثقافية بين المدينتين التاريخيتين أصفهان وسانت بطرسبورغ، قائلاً:  “العمارة، القصور، المساجد، والمتاحف في المدينتين تشهد على حب مشترك للجمال والفن، ويجب أن نحافظ على هذا الإرث وننقله للأجيال القادمة”.

 

 

كما تناول صالحي العلاقة بين الثقافة والتنمية، موضحاً أن النظريات القديمة كانت تعتبر التنمية عملية مادية بحتة، وأن الثقافة كانت تُعد عائقاً أو عاملاً ثانوياً. لكن مع مرور الزمن، أدرك المفكرون أن التنمية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالقيم والمعتقدات والعادات، وأن الثقافة أصبحت اليوم أحد أعمدة التنمية، بل أساسها.

 

 

وأشار إلى أن التجارب التاريخية أثبتت أن التنمية التي تتجاهل العدالة والكرامة الإنسانية، كما هو الحال في غزة وفلسطين، لا يمكن أن تحقق الخير الحقيقي للإنسان.

 

 

وفي ختام كلمته، أكد صالحي على أن العلاقات بين الدول لا تُبنى فقط على المصالح الاقتصادية والسياسية، بل على الروابط الثقافية والوجدانية، التي تضمن استدامة التعاون، داعياً إلى غرس شجرة صداقة ثقافية تظلل الأجيال القادمة في إيران وروسيا.

 

 

 

المصدر: الوفاق