واستعرض فرزين، في الاجتماع الثالث والخمسين لمجلس إدارة الدول الأعضاء في اتحاد المقاصة الآسيوي، آخر التطورات والإجراءات والإنجازات التي حققها اقتصاد جمهورية إيران الإسلامية في العام الماضي والأشهر الأولى من العام الجاري، وقال: واجه اقتصاد إيران العديد من التحديات في الفترة الأخيرة، ويرجع ذلك أساسًا إلى فرض العقوبات، وبالطبع، الهجوم العدواني وغير القانوني من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
وتابع: ارتكز النهج العام لسياسات البنك المركزي في التعامل مع التقلبات والاحتكاكات التي حدثت ولا تزال مستمرة على ترسيخ الاستقرار وتعزيز النمو الاقتصادي في إطار ضبط وإدارة نمو السيولة، والحد من تقلبات أسعار الصرف، وتنظيم سوق النقد والصرف الأجنبي والتمويل، وتوجيه الموارد نحو الأنشطة الإنتاجية، ودعم سبل عيش الأسر، مشيراً إلى أنه “بطبيعة الحال، يجري تنفيذ هذه السياسات على نطاق كلي منذ عام ٢٠٢٣ في شكل سياسات استقرار اقتصادي حول المحاور الثلاثة: “ضبط نمو السيولة”، و”جعل الاقتصاد وسوق الصرف الأجنبي قابلين للتنبؤ”، و”مراجعة اللوائح”، والتي استمرت خلال الفترة المذكورة وفقًا لظروف البلاد”.
استخدام قدرات “الدبلوماسية الاقتصادية”
وأوضح فرزين: إن تنفيذ سياسات البنك المركزي في الفترة المذكورة في مجال سوق الصرف الأجنبي ارتكز على محاور إدارة تكاليف النقد الأجنبي، وزيادة الموارد المتاحة من النقد الأجنبي من خلال استخدام قدرات الدبلوماسية الاقتصادية، وتحسين توقعات المجتمع من خلال جعل الوضع الاقتصادي قابلاً للتنبؤ.
وعليه، من أهم الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لتعزيز استقرار سوق الصرف الأجنبي وقابليتها للتنبؤ، وكسب ثقة الجهات الاقتصادية الفاعلة، ومنع انتشار التقلبات المؤقتة في سعر الصرف إلى أسعار السلع الأساسية والمتعلقة بمعيشة الناس، تعزيز دور مركز الصرف الأجنبي والذهب الإيراني بهدف إنشاء سلطة تسعير وإطلاق سوق صرف أجنبي تجاري من خلال فصل مجموعات السلع، وزيادة حجم التبادلات الرسمية وتسهيل توفير أنواع مختلفة من الطلب على النقد الأجنبي، والموافقة على معايير عودة النقد الأجنبي من الصادرات إلى الدورة الاقتصادية للبلاد، وخلق توافق بين خريطة الصرف الأجنبي والتجارة في البلاد، وتوفير منصة لاستخدام موارد النقد الأجنبي المتاحة في الخارج من خلال الدبلوماسية النقدية والمصرفية، والاستجابة المناسبة لمختلف أنواع الطلب على النقد الأجنبي، وتطوير وتنويع الأدوات المالية من أجل منع التقلبات الحادة والمؤقتة في العملة والسيطرة على المخاطر المرتبطة بها.
ضبط الميزانية العمومية للبنوك ومؤسسات الائتمان
وأضاف فرزين: لإدارة تطورات السيولة، باعتبارها أحد العوامل الأساسية التي تحدد مسار حركة سعر الصرف، استخدم البنك المركزي أدوات السياسة النقدية التقليدية، مثل عمليات السوق المفتوحة، بما في ذلك اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو”، واستخدام التسهيلات المنظمة، وإمكانية الإيداع بسعر الفائدة الأقصى في ممر ما بين البنوك، والإيداع بسعر الفائدة الأدنى من قبل البنوك، بالإضافة إلى ذلك، ولضبط نمو إصدار النقود من قبل البنوك ومؤسسات الائتمان، وفي إطار استهداف نمو السيولة، اتبع البنك المركزي بجدية سياسة ضبط الميزانية العمومية للبنوك ومؤسسات الائتمان خلال الفترة من عام 1401هـ.ش “21 اذار/مارس 2022 – 20 اذار/مارس 2023” إلى عام 1403هـ.ش “20 اذار/مارس 2024 – 20 اذار/مارس 2025”.
تطبيق سياسات الاستقرار الاقتصادي
كما صرح محافظ البنك المركزي قائلاً: إن تطبيق سياسات الاستقرار الاقتصادي، وخاصةً خلال عام 1403هـ.ش والأشهر الأولى من عام 1404هـ.ش، كان له آثار ملموسة على سوق الصرف الأجنبي في البلاد. وتشير مراجعة التغيرات والتطورات في أسعار الصرف الرسمية وغير الرسمية إلى أنه على الرغم من تقلب سعر الصرف في السوق غير الرسمية بسبب الأحداث السياسية والأمنية، إلا أن سعر الصرف في السوق الرسمية “مركز صرف العملات الأجنبية والذهب الإيراني”، الذي يلبي الاحتياجات الحقيقية لمختلف قطاعات اقتصاد البلاد، ينمو بوتيرة معتدلة ومتماشية مع الواقع الاقتصادي.
وأشار فرزين إلى أن فائض ميزان المدفوعات للبلاد، الذي بلغ 8.6 مليار دولار في عام 1402 هـ.ش، ارتفع بمقدار 4.7 مليار دولار ليصل إلى 13.8 مليار دولار في عام 1403 هـ.ش، وأضاف: “بفضل الفائض في التجارة وميزان المدفوعات، تمكنا من تخصيص مواردنا من النقد الأجنبي لشراء الذهب من الأسواق العالمية، بحيث أصبح البنك المركزي الإيراني العام الماضي من بين أكبر خمسة بنوك مركزية في العالم من حيث شراء السلع. وقد أدت هذه المشتريات إلى نمو احتياطيات الذهب لدى البنك المركزي الإيراني بنسبة 37%”.
وأشار إلى أنه “على الرغم من جميع العقوبات، تمكنا من توسيع نطاق تفاعلنا مع الدول الأخرى في المجال الاقتصادي، وبناء علاقات مميزة مع دول المنطقة، والدول المجاورة، وأعضاء الاتحاد، وأعضاء مجموعة البريكس، في المجالات الاقتصادية والنقدية والمصرفية”.
الأداء الإيجابي للنمو الاقتصادي
وأضاف محافظ البنك المركزي: “تشير البيانات المستمدة من المصادر الإحصائية والتقديرات الأولية إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الإيراني، شاملاً النفط، وباستثناء النفط، بالأسعار الثابتة لعام 1400 هـ.ش (21 اذار/مارس 2021- 20 اذار/مارس 2022)، في عام 1403 بلغ 3.1% و3.0% على التوالي”.
ويشير الأداء الإيجابي للنمو الاقتصادي على مدى 20 فصلا متتاليًا إلى استمرار النمو المقبول في الأنشطة الاقتصادية في البلاد.
وصرح محافظ البنك المركزي قائلاً: “يُظهر استعراض أداء النمو الاقتصادي حسب مجموعات الأنشطة الاقتصادية (بالأسعار الثابتة) أن النمو الاقتصادي في عام 1403 هـ.ش كان نتيجةً لنمو إيجابي في القيمة المضافة في جميع المجموعات الرئيسية.
وأضاف: “بناءً على الأدلة المذكورة آنفًا، يمكن القول إن التخطيط وصنع السياسات، اللذين نُفِّذا رغم العقوبات وظروف الحرب، قد وفّرا أساسًا للاستقرار الاقتصادي والاستدامة بالاعتماد على القدرات المحلية”.
وأعرب فرزين عن أمله في أن يوفر هذا الاجتماع، في ضوء القدرات التجارية والمالية للدول الأعضاء، فرصة مناسبة لتعميق وتوسيع العلاقات النقدية والمصرفية وتسهيل التبادلات المالية والتجارية بين الأعضاء.