في افتتاح المؤتمر الوطني الثاني لإيران ومنظمة التعاون الاقتصادي (إيكو)؛

عراقجي: العالم اليوم، يواجه أكثر من أي وقت مضى، استشراء أحاديةٍ جامحة

أكد وزير الخارجية على أن تحقيق الأهداف يتطلب فهما دقيقا للفرص والتحديات القائمة وتجنب الوقوع في الطموحات غير الواقعية ، معتبرا أن هذا المؤتمر الذي يُعقد اليوم ضمن إطار منظمة التعاون الاقتصادي (إيكو) هو مبادرة قيّمة في هذا الاتجاه.

و في افتتاح المؤتمر الوطني الثاني لإيران ومنظمة التعاون الاقتصادي (إيكو)، قال وزير الخارجية ، عباس عراقجي: إن منطقتنا والعالم شهدا خلال العامين الماضيين تحديات كبيرة، بما في ذلك الانتهاكات غير المسبوقة والصارخة والوقحة لأهم القيم الإنسانية ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة من قبل الكيان الصهيوني بمساندة بعض القوى العالمية. وقد عرّض هذا المسار الإنجازات التي حققتها المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية للخطر والانهيار.

 

 

وأضاف أن اليوم، يواجه العالم أكثر من أي وقت مضى استشراء أحادية جامحة. وهذا الاتجاه المقلق جعل النظام الدولي أكثر هشاشة، وعرّض الاستقرار والسلام والأمن الإقليمي والعالمي لتحديات خطيرة، وأضعف فرص التعاون بين الدول وأضر بها.

 

 

وأشار وزير الخارجية إلى أن هذا الوضع زاد من أهمية تعزيز الآليات متعددة الأطراف القائمة، وكذلك إنشاء مؤسسات ومنظمات جديدة للتعاون متعدد الأطراف، معتبرا أن التعاون والتكامل بين الدول النامية في أطر متعددة الأطراف ليس خيارا، بل ضرورة حتمية.

 

 

ولفت إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت ولا تزال ضحية للهيمنة الأحادية الظالمة من قبل الولايات المتحدة، وكذلك للمغامرات الخطيرة للكيان الصهيوني.موضحا أن إيران ،ومع ذلك، لم ولن تغفل أبدا عن واجباتها ومسؤولياتها كطرف فاعل ونشط ومؤثر في مجال العلاقات الاقتصادية والتنموية متعددة الأطراف والإقليمية، مضيفا أن هذا المؤتمر اليوم شاهد على هذه الحقيقة.

 

 

ونوّه عراقجي أنه قد مرّ أكثر من ستة عقود على تأسيس منظمة “آر.سي.دي” ثم خليفتها، منظمة إيكو.  مما لا شك فيه أن هذا الهيكل للتعاون الإقليمي يُعدّ أقدم آلية للتعاون الاقتصادي في العالم النامي وعلى مدى هذه السنوات، تم وضع أسس قيّمة وإنشاء أطر للتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية.مبيّنا أنه ومع ذلك، فإن ما يشهده العالم اليوم لا يتناسب بأي شكل مع الإمكانات والطاقات الهائلة لمنطقة إيكو، حيث يمكن لمنظمة إيكو أن تتحول الى نموذج ناجح للتعاون الاقتصادي متعدد الأطراف بين الدول المجاورة.

 

 

وذكر أنه ولحسن الحظ، شهدت السنوات الأخيرة ،تزايدا ملحوظا في اهتمام الدول الأعضاء بمنظمة إيكو، خاصة تلك التي انضمت إليها في أوائل التسعينيات من القرن الماضي. وقد أدركت هذه الدول اليوم قيمة إيكو في تحقيق أهدافها التنموية الوطنية، وكذلك في علاقاتها الإقليمية وعبر الإقليمية.

 

 

وأضاف أن هيكل التعاون مع هذه الدول المهمة في آسيا الوسطى والجنوبية والغربية يُعدّ بلا شك ذا قيمة مضافة لا يمكن تجاهلها لنا جميعا، موضحا أن ما هو بحاجة إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى هو اتخاذ قرارات بشأن التحرك الجماعي والمتزامن نحو تحقيق رؤية مثالية لمنظمة إيكو.

 

 

وأوضح وزير الخارجية  أننا في خضم عملية صياغة الرؤية العشرية القادمة لإيكو، وتحديد أهدافها الاستراتيجية وآليات تحقيقها. مضيفا: لقد أتاحت هذه العملية فرصة للعمل الجماعي. كما مثّلت قمة منظمة التعاون الاقتصادي الأخيرة في جمهورية أذربيجان تجسيدا لهذه الإرادة الجماعية على أعلى مستوى. معتبرا انه وفي ظلّ تقلبات الاقتصاد العالمي، والتحديات الجيوسياسية، والتطورات التكنولوجية المتسارعة، تُعدّ منظمة التعاون الاقتصادي منصة مناسبة لتضافر الجهود نحو التنمية المستدامة، والأمن الإقليمي، والازدهار المشترك.

 

 

وفي هذا السياق، استطرد عراقجي مؤكدا على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤمن بأن منظمة التعاون الاقتصادي قادرة ويجب عليها أن تلعب دورا رائدا وفعالا في تشكيل البنية الاقتصادية الجديدة للمنطقة؛ وهي بنية تقوم على مبادئ الشراكة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

 

 

وأثنى على جهود الأمين العام المحترم، وسفراء وممثلي الدول الأعضاء الدائمين لدى إيكو، الذين يعملون على صياغة مسودة الرؤية، وذكّر قائلا: “من الضروري الاستفادة من الخبرات المتوفرة والدروس المستفادة من تنفيذ الرؤى السابقة، مثل رؤية 2025، في صياغة الرؤية الجديدة. يجب أن تكون رؤية إيكو 2035 واقعية، علمية، قابلة للتطبيق، وقابلة للقياس، حتى تتمكن من وضع هذه المنظمة على مسار الازدهار في العقد المقبل.”

 

 

و جدد وزير الخارجية التأكيد على أن تحقيق الأهداف يتطلب فهما دقيقا للفرص والتحديات القائمة وتجنب الوقوع في الطموحات غير الواقعية، مبيّنا أن هذا الامر لن يتحقق هذا إلا من خلال إدراج آراء وتقييمات جميع أصحاب المصلحة في الدول الأعضاء والمنطقة، بما في ذلك الحكومات، والقطاع الخاص، والأكاديميون، والسيدات والشباب.معتبرا ان هذا المؤتمر الذي يُعقد اليوم ضمن إطار منظمة التعاون الاقتصادي (إيكو) هو مبادرة قيّمة في هذا الاتجاه.

 

 

ومضى يقول إنه علاوة على ذلك، لا يمكن صياغة الأهداف الاستراتيجية لإيكو للعقد المقبل دون النظر الى الفرص والتحديات الناتجة عن النمو والتطور المذهل للتكنولوجيات الحديثة، وخاصة الذكاء الاصطناعي. ففي عالمنا اليوم، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية، بل هو تحول جوهري في أساليب الحياة والإنتاج والتعليم والحوكمة.

 

 

ورأى عراقجي أنه يجب على الدول الأعضاء، بمنظور مستقبلي، أن تمهد الطريق للاستفادة من هذه التكنولوجيا، لأننا إذا لم يتم التمكن من ركوب هذا الموج العظيم، فسوف تتسع الفجوة التنموية بين تطورنا وبين باقي مناطق العالم أكثر فأكثر.

 

 

وتابع :في الاجتماع الأخير لرؤساء دول إيكو، قدّم رئيس الجمهورية الإسلامية الايرانية، مقترحا بإنشاء مركز إيكو للذكاء الاصطناعي، مؤكدا على أهمية هذا الموضوع. ويمكن لهذا المركز أن يكون منصة انطلاق للتعاون التكنولوجي الإقليمي من جهة، ومحركا للتعاون في المجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك للأعضاء من جهة أخرى.

 

 

وفي الختام، شدد قائلا: “يجب أن يساهم التعاون في منظمة إيكو خلال السنوات المقبلة في تعزيز مرونة الدول الأعضاء الفردية والجماعية في مواجهة التحولات والأزمات المستقبلية. فانعدام الأمن الطاقي، وانعدام الأمن الغذائي، والأوبئة، وتغير المناخ، والكوارث الطبيعية، وتقلبات الاقتصاد العالمي، واضطراب سلاسل الإمداد العالمية، كلها تهديدات تواجه منطقتنا وغيرها من المناطق. ويجب أن تحظى التخطيط والتنسيق لمواجهة هذه التحديات باهتمام جاد في الرؤية العشرية لإيكو.”

 

 

المصدر: ارنا