فيما الحكومة تضع أهدافاً طموحة لنمو الصادرات غير النفطية

فائض تجاري إيجابي عبر تجاوز بيع المواد الخام في الأسواق التصديرية

يُعدّ خلق قيمة مضافة بدلاً من بيع المواد الخام وتنويع المنتجات أحد الحلول لتجاوز العجز التجاري، مما لا يزيد فقط من قدرة البلاد التصديرية، بل يقلل من مخاطر التجارة.

وتُظهر إحصائيات مصلحة الجمارك الإيرانية، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، انخفاضًا بنسبة 10٪ في تجارة إيران في الأسواق العالمية، حيث بلغ إجمالي حجم التبادلات الخارجية 34 مليارًا و175 مليون دولار بما يعادل 61 مليون طن.

 

وبلغت حصة صادرات إيران خلال الأشهر الأربعة من هذا العام 48 مليون طن من البضائع المصدّرة بقيمة 16 مليارًا و500 مليون دولار، مسجلة نموًا سلبيًا بنسبة 5٪ مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي. كما تم الإبلاغ عن واردات البلاد خلال هذه الفترة والتي بلغت 17 مليونًا و600 ألف طن بقيمة 17 مليارًا و600 مليون دولار.

 

وتظهر دراسة وضعية تجارة إيران، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، انخفاضًا في الصادرات غير النفطية بنحو 5/5٪ وانخفاض الواردات بنسبة ١٥٪، مما أدى بشكل إجمالي إلى تراجع التجارة الخارجية بنحو ١٠٪.

 

وكان للعجز التجاري خلال الأشهر الأربعة من هذا العام أسباب متعددة، أهمها حادثة الانفجار في ميناء الشهيد رجائي في شهر أيار/ مايو والحرب الصهيونية المفروضة ضد إيران التي استمرت ١٢ يومًا، حيث ساهمت هذه العوامل في تفاقم مشاكل أخرى بما في ذلك القيود على العملة الصعبة، ونقص السيولة، وعدم التوازن في الطاقة، وتوريد المواد الأولية، وقضايا أخرى، مما أدى إلى انقطاع في الأنشطة الاقتصادية للبلاد.

 

وتحديد نقاط القوة والضعف وطرح الحلول لتحقيق فائض تجاري يتطلب تخطيطًا متجانسًا وإزالة العوائق، على الرغم من أن الحكومة الرابعة عشرة (الحالية) قد بدأت بإجراءات لتعزيز حضور إيران في الأسواق التصديرية العالمية، وتطوير العلاقات الدبلوماسية الاقتصادية والسياسية مع دول بريكس وأوراسيا، إلا أن تحقيق الأهداف يتطلب تحديد الأسواق التصديرية، وتنفيذ الاتفاقيات التجارية، وخلق قيمة مضافة في المنتجات.

 

التخطيط لنمو سنوي بنسبة ٢٣٪ في الصادرات غير النفطية

 

وضعت الحكومة أهدافًا طموحة للنمو السنوي للصادرات غير النفطية. ووفقًا لما ذكره محمد علي دهقان دهنوي، رئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية، فقد تم تضمين هدف طموح في برنامج التنمية السابع للبلاد يتمثل في تحقيق نمو سنوي بنسبة ٢٣٪ في الصادرات غير النفطية.

 

وقال بهذا الصدد: تمكنا العام الماضي من إنهاء العام بنمو في الصادرات غير النفطية بلغ 8/15٪، مما يمثل نموًا جيدًا مقارنة بالسنوات السابقة، كما أن وصول قيمة صادراتنا إلى ٥٨ مليار دولار كان أيضًا رقمًا قياسيًا جديدًا لم نشهده في السنوات السابقة.

 

وبخصوص دراسة أسباب انخفاض الميزان التجاري الإيراني، صرح محمد علي محمد ميرزائيان، نائب رئيس لجنة تنمية الصادرات غير النفطية في غرفة التجارة الإيرانية، في حوار مع مراسل وكالة الجمهورية الاسلامية للأنباء “إرنا”: إن الصادرات غير النفطية في الأشهر الأربعة الأولى من العام الإيراني الجاري شهدت انخفاضًا بنسبة 10٪ مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وهذا الانخفاض يعزى في الغالب إلى الاعتماد الشديد للاقتصاد الإيراني على تصدير المواد الخام مثل المنتجات البتروكيماوية والمعادن الأساسية، التي واجهت انخفاضًا في الأسعار العالمية؛ بالإضافة إلى ذلك، كانت لمشاكل النظام المصرفي والعملة، والجزاءات الدولية، والتحديات اللوجستية، وانخفاض النمو الاقتصادي للشركاء التجاريين الرئيسيين مثل الصين، تأثير في هذه العملية.

 

وأضاف ميرزائيان قائلاً: لقد أثر انخفاض الصادرات تأثيرًا مباشرًا على اقتصاد البلاد، وأدى إلى زيادة العجز في الميزان التجاري بمقدار 1/1 مليار دولار؛ وللتغلب على هذا الوضع، يجب الأخذ في الاعتبار تنويع سلة الصادرات، وتحسين العلاقات التجارية مع الجيران، وإزالة العقبات المصرفية واللوجستية.

 

وأكد: الأهم من كل ذلك هو موضوع تنويع الأسواق والمنتجات، لأن تقليل الاعتماد على عدد محدود من الأسواق والتركيز على تصدير المنتجات ذات القيمة المضافة العالية “مثل الصناعات القائمة على المعرفة، والخدمات التقنية والهندسية، والمنتجات التحويلية” يقلل من مخاطر التجارة.

 

رفع العقبات أمام جذب العملة الصعبة من الأسواق العالمية

 

وقال ميرزائيان: إن انخفاض حجم التجارة الخارجية، سواء في مجال الصادرات أو الواردات، يؤثر مباشرة على عدة مجالات رئيسية في الاقتصاد، ولعل أول وأكثر التأثيرات فعالية هو تراجع إيرادات البلاد من العملات الأجنبية، مما يعني انخفاض تدفق العملة الصعبة إلى الداخل.

 

ومع تقييد الموارد من العملات الأجنبية، يزيد الضغط على سعر الصرف، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم وانخفاض القوة الشرائية المحلية. وأكد قائلاً: إن انخفاض التفاعل التجاري غالبًا ما يؤدي إلى تقليل حافز المستثمرين الأجانب ويحد من الوصول إلى التكنولوجيا والأسواق الجديدة.

 

وأضاف: من وجهة نظري، فإن الحلول المهمة لزيادة حصة إيران التجارية تتمثل أولاً في وضع سياسة نقدية مستقرة، لأن التقلبات الحادة في سعر الصرف تجعل التخطيط التجاري صعبًا، فالاستقرار النسبي في سعر الصرف يزيد من ثقة الشركاء التجاريين والمستثمرين.

 

تطوير البنية التحتية للوجستيات والعبور

 

وأشار ميرزائيان إلى العامل الثاني وهو تطوير البنية التحتية للوجستيات والعبور، مصرحًا: إن تحسين شبكة النقل بالسكك الحديدية والطرق والبحرية، وتسهيل الإجراءات الجمركية، يؤدي إلى خفض تكاليف وأوقات تسليم البضائع.

 

وتناول دور الاتفاقيات التجارية والعضوية في الاتفاقيات الإقليمية وعبر الإقليمية في تحسين العلاقات التجارية الإيرانية، قائلاً: يمكن أن يُعد هذا أحد الأدوات الرئيسية لزيادة حصة الدول في التجارة العالمية، ويمكن لإيران من خلال العضوية أو المشاركة النشطة في آليات مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومجموعة بريكس، أن تعزز قدراتها التصديرية عبر عدة مسارات.

 

وقد تمت الإشارة بشكل عام إلى أهمية هذه القضايا خلال الزيارة الأخيرة للنائب الأول لرئيس الجمهورية إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.

 

وأكد رئيس لجنة تنمية الصادرات غير النفطية في غرفة التجارة الإيرانية: أعتقد أن أحد هذه المسارات هو خفض أو إلغاء الرسوم الجمركية، حيث أن تنفيذ اتفاقيات التجارة التفضيلية أو الحرة يقلل من الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام البضائع الإيرانية، وهذا سيجعل أسعار المنتجات الإيرانية المصدرة أكثر تنافسية في الأسواق المستهدفة، خاصة في قطاعات مثل المنتجات الزراعية والبتروكيماويات والصناعات المعدنية.

 

إنشاء بنية تحتية لوصول أسهل إلى أسواق متنوعة

 

ووصف ميرزائيان وسيلة أخرى للدبلوماسية الاقتصادية وهي توفير وصول أسهل إلى أسواق متنوعة، قائلاً: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يشمل أسواقًا يزيد عدد سكانها عن ١٨٠ مليون نسمة مع احتياجات صناعية وزراعية متنوعة، كما أن مجموعة بريكس، التي يزيد عدد سكانها عن ٣ مليارات نسمة، توفر إمكانية الوصول إلى اقتصادات ناشئة بما في ذلك الهند والصين والبرازيل، وإن وجود إيران في هذه الهياكل يقلل من مخاطر الاعتماد على عدد محدود من الأسواق.

 

وقال: في حال التنفيذ الكامل لبنود الاتفاقية مع الاتحاد الأوراسي وتفعيل قدرات التعاون ضمن مجموعة بريكس، يمكن زيادة حصة إيران في الصادرات غير النفطية في أسواق الدول الأعضاء بنسبة تتراوح بين ٣٠ إلى ٥٠٪ خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة.

 

ومع ذلك، فإن تحقيق هذه القدرة مرهون بإصلاح الهياكل الداخلية مثل تسهيل الإجراءات الجمركية، وتحسين البنية التحتية للنقل، وتحقيق الاستقرار في القوانين والسياسات النقدية والتجارية.

 

وأشار رئيس لجنة تنمية الصادرات غير النفطية في غرفة التجارة الإيرانية إلى أن تسهيل عمليات اللوجستيات والعبور هو عامل آخر مهم في تسهيل التجارة الخارجية، وقال: لأن جزءًا من تعاونات هذه الاتفاقيات مخصص لإنشاء شبكات النقل، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وخفض تكاليف العبور، يمكن للموقع الجيوسياسي لإيران كطريق عبور بين الشرق والغرب، في هذا الإطار، أن يزيد من الإيرادات وحصة صادرات خدمات العبور.

 

وأضاف: إلى جانب التصدير المباشر، تزيد الاتفاقيات مثل مجموعة بريكس من فرص جذب الاستثمار الأجنبي والمشاركة في المشاريع الصناعية المشتركة، مما سيعزز بدوره الإنتاج الموجه نحو التصدير.

 

 

المصدر: الوفاق خاص / إرنا