ويؤكد سماحته أن السيد نصر الله ثروة عظيمة للعالم الإسلامي

الإمام الخامنئي: لم ولن نستسلم للضغوط..ووحدة الشعب كقبضة فولاذية تهوي على رأس العدو

الوفاق: ألقى قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي خطاباً تلفزيونياً مساء الثلاثاء موجهاً إلى الشعب، وصف خلاله وحدة وتماسك الشعب الإيراني المستمر بأنها "كقبضة فولاذية تهوي على رأس العدو".

ووضح سماحته أسباب إباء وصمود الشعب الإيراني الأبي ورفضه الاستسلام للضغوط والتهديدات المعادية التي تهدف إلى التخلي عن تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم مفيدة الجدوى، مؤكداً أن “المفاوضات التي تحدد أمريكا نتائجها مسبقاً وتفرضها هي مفاوضات عقيمة وضارة، لأنها تشجع العدو المعتدي على فرض مزيد من مطالبه، ولا تدفع أي ضرر عنا، ولا يقبلها أي شعب ذو كرامة أو سياسي حكيم”.

 

كما أشار قائد الثورة إلى ذكرى استشهاد السيد حسن نصر الله، واصفاً هذا المجاهد العظيم بأنه ثروة عظيمة للعالم الإسلامي والتشيع ولبنان، قائلاً: “الثروة التي أوجدها السيد حسن نصر الله بما فيها حزب الله باقية ومستمرة، ولا ينبغي الغفلة عن هذه الثروة المهمة في لبنان وخارج لبنان”.

 

وقدم سماحة آية الله الخامنئي تعازيه القلبية والخالصة إلى عائلات القادة والعلماء وسائر شهداء الحرب المفروضة الاثني عشر يوماً، مركزاً المحاور الرئيسية لكلمته التلفزيونية مع الشعب على ثلاثة محاور: أهمية وحدة وتماسك الشعب الإيراني في حرب الاثني عشر يوماً وفي حاضر ومستقبل البلاد، وشرح أهمية تخصيب اليورانيوم مفيد الجدوى، وبيان المواقف المتينة والحكيمة للشعب والنظام في مواجهة تهديدات أمريكا.

 

وفي بيان المحور الأول، اعتبر سماحته وحدة الشعب العامل الرئيسي لإحباط العدو في حرب الاثني عشر يوماً، قائلاً: “كان استهداف القادة وبعض الشخصيات المؤثرة وسيلة لكي يُحدث العدو في البلاد وخاصة طهران بمساعدة عملائه فوضى واشتباكات، وإذا استطاع أن يسحب الناس ضد الجمهورية الإسلامية إلى الشوارع ويستهدف نظام الجمهورية الإسلامية نفسه من خلال تعطيل أمور البلاد، ويقتلع الإسلام من هذه الأرض بمخططات لاحقة”.

 

واعتبر سماحة الإمام الخامنئي تحديد خلفاء القادة الشهداء بسرعة، ومتانة وارتفاع معنويات القوات المسلحة، وإدارة شؤون البلاد بشكل منظم ومنتظم وبقاعدة، من العوامل المؤثرة في هزيمة العدو، لكنه أكد أن “الشعب كان العنصر الأكثر تأثيراً في إفشال العدو، وبالوحدة والتماسك لم يقع مطلقاً تحت تأثير مطالب العدو، وملأ الشوارع بالجموع لكن ضد المعتدين دفاعاً عن الجمهورية الإسلامية”.

 

وأضاف سماحته مشيراً إلى محاسبة العدو لعملائه في إيران بسبب العجز وعدم القدرة: “العملاء التابعون للصهيونية وأمريكا أجابوا: لقد حاولنا لكن الناس أعطونا ظهورهم ومسؤولو البلاد قاموا بإدارة الأمور”.

 

ووصف قائد الثورة وحدة وتماسك الشعب بأنهما عاملا إفشاء مخططات المعتدين، مؤكداً أن “النقطة المهمة هي أن تلك الوحدة الحاسمة التي لا تزال باقية ومؤثرة جداً”.

 

وانتقد سماحته الذين يأخذون توجيهاتهم من الخارج ويريدون التظاهر بأن وحدة الشعب كانت خاصة بفترة الحرب، مضيفاً: “البعض يقول إن الاختلافات في الرأي تظهر تدريجياً، ويمكن باستخدام الصدوع العرقية والاختلافات السياسية جرّ الناس إلى الفوضى والاشتباكات، لكن هذا الكلام محض خطأ”.

 

وقال سماحة آية الله الخامنئي مشيراً إلى إعتزاز جميع عرقيات البلاد بانتمائهم الإيراني: “لدينا أيضاً اختلافات سياسية طبيعية لكن في مواجهة المتغطرسين، فإن الأمة كلها اليوم وغداً تهوي كقبضة من فولاذ على رأس العدو”.

 

واعتبر سماحته إيران اليوم هي نفسها إيران في يومي 13 و14 يونيو هذا العام، مضيفاً: “تلك الأيام كانت الشوارع مليئة بالجموع وهتافاتهم المدوية ضد الصهيونية الملعونة وأمريكا المجرمة، دليلاً على تجانس ووحدة الأمة، وهذه الوحدة لا تزال موجودة وستبقى موجودة وبالطبع الجميع مسؤولون عن الحفاظ عليها وتعزيزها”.

 

وفي القسم الثاني من كلمته مع الشعب، أشار قائد الثورة إلى تكرار كلمة “تخصيب” في الفضاء السياسي والخارجي، قائلاً: “يجب أن يُفهم لماذا هذه القضية بهذه الأهمية بالنسبة للأعداء”.

 

ودعا سماحته المختصين لشرح أبعاد وفوائد التخصيب، قائلاً: “في التخصيب يحول العلماء والمختصون اليورانيوم المستخرج من مناجم البلاد بجهود فنية ومعقدة ومتطورة إلى مادة ذات قيمة عالية جداً هي اليورانيوم المخصب الذي له تطبيقات واسعة في مجالات مختلفة وفي حياة الناس”.

 

وأضاف سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي مشيراً إلى التطبيقات المتنوعة لليورانيوم المخصب في الزراعة والصناعة والمواد والبيئة والموارد الطبيعية والصحة والتغذية والبحث والتعليم: “في إنتاج الطاقة الكهربائية أيضاً فإن استخدام اليورانيوم المخصب أرخص بكثير وبدون تلويث للبيئة، ومحطات الطاقة النووية لها عمر طويل جداً وامتيازات متعددة، ولهذا السبب الدول المتقدمة تستخدم محطات الطاقة النووية لكن وقود محطاتنا في الغالب هو البنزين والغاز وهو ذو تكاليف عالية”.

 

وشرح قائد الثورة كيفية تشكل صناعة التخصيب في البلاد، قائلاً: “لم تكن لدينا هذه التكنولوجيا وكان الآخرون لا يلبون احتياجاتنا أيضاً، لكن بجهود بعض المديرين أصحاب الهمم والمسؤولين ذوي المكانة الرفيعة منذ حوالي ثلاثين عاماً بدأنا التحرك والآن نحن في مستوى عالٍ في التخصيب”.

 

واعتبر سماحته هدف بعض الدول في التخصيب حتى 90% هو صنع السلاح النووي، قائلاً: “نحن لأننا لا نملك سلاحاً نووياً وقرارنا هو عدم صنع واستخدام هذا السلاح،فقد رفعنا مستوى التخصيب إلى 60% وهو أمر جيد جداً”.

 

ووصف سماحة الإمام الخامنئي إيران بأنها واحدة من بين 10 دول لديها صناعة تخصيب من بين أكثر من 200 دولة في العالم، قائلاً: “إلى جانب دفع هذه التكنولوجيا المتقدمة كان العمل المهم لعلمائنا هو تربية الكوادر بحيث أصبح اليوم العشرات من العلماء والأساتذة البارزين والمئات من الباحثين والآلاف من الكوادر المدربة في التخصصات المرتبطة بالموضوع النووي يعملون ويجتهدون؛ حينئذ يتوهم العدو أن بقصف بعض المنشآت أو التهديد بالقصف ستزول هذه التكنولوجيا من إيران”.

 

وأكد سماحته مشيراً إلى عقود من الضغوط غير المجدية من قبل القوى المتغطرسة لاستسلام الشعب الإيراني وتراجع البلاد عن التخصيب: “لم نستسلم ولن نستسلم وفي أي قضية أخرى أيضاً لا نستسلم للضغوط”.

 

وقال قائد الثورة: “الأمريكيون كانوا يقولون سابقاً لا يكون لديكم تخصيب مرتفع وإنقلوا المنتجات المخصبة إلى خارج إيران لكن الآن الطرف الأمريكي يصر على أنه لا ينبغي أن يكون لديكم تخصيب على الإطلاق”.

 

وأكد سماحته: “معنى هذا التغطرس هو أن تهبوا هذا الإنجاز الكبير الذي حصلتم عليه بالاستثمار والجهد المتواصل في الهواء لكن الشعب الإيراني الأبي لا يقبل هذا الكلام ويصفع فم قائله”.

 

وفي بيان النقطة الثالثة من كلمته أشار قائد الثورة إلى طرح وجهات نظر مختلفة حول قضية “المفاوضات مع أمريكا” من قبل أهل السياسة، قائلاً: “البعض يرى المفاوضات مع أمريكا مفيدة والبعض الآخر يراها ضارة لكن ما فهمناه ورأيناه على مدى سنوات طويلة أقدمه للشعب العزيز وأطلب من المسؤولين والناشطين السياسيين أيضاً التفكير والتأمل في هذه القضايا والحكم على أساس الوعي”.

 

وقال سماحة الإمام الخامنئي: “قد تنشأ في المستقبل مثلاً بعد 20 أو 30 سنة وضعية أخرى لكن في الوضع الراهن المفاوضات مع أمريكا هي عمل غير مجدي لا يساعد مطلقاً في المصالح الوطنية ولا يدفع أي ضرر عن البلاد بل يترتب عليه أضرار كبيرة وأحياناً لا يمكن تعويضها”.

 

وشرح سماحته عدم جدوى المفاوضات مع أمريكا، قائلاً: “الطرف الأمريكي قد حدد مسبقاً وأعلن نتائج المفاوضات من وجهة نظره يريد مفاوضات تكون نتيجتها تعطيل الأنشطة النووية والتخصيب داخل إيران”.

 

واعتبر قائد الثورة الجلوس إلى طاولة مثل هذه المفاوضات يعني قبول إملاءات وفرض وتغطرس الطرف المقابل، مضيفاً: “الآن هو قال تعطيل التخصيب لكن نائبه قال قبل أيام حتى الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى لا ينبغي أن تكون لدى إيران أي أن تكون يدا إيران مكبلة وخاوية إلى درجة أنه إذا تعرضت لهجوم لا تستطيع حتى الرد على القاعدة الأمريكية في العراق أو مكان آخر”.

 

واعتبر سماحته مثل هذه التوقعات وتصريحات المسؤولين الأمريكيين نابعة من عدم معرفة الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية والجهل بفلسفة وأساس وسيرة إيران الإسلامية، قائلاً: “كما نقول نحن المشهديون هذه الأقوال أكبر من فم قائلها وغير قابلة للإهتمام”.

 

وبعد بيان عدم جدوى المفاوضات مع أمريكا تطرق سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى بيان أضرارها المهمة، قائلاً: “الطرف المقابل هدد بأنكم إذا لم تفاوضوا فسيفعل كذا وكذا لذلك قبول مثل هذه المفاوضات سيكون دليل على قبول التهديد والخوف والذعر واستسلام الشعب والبلاد أمام التهديد”.

 

واعتبر سماحته الاستسلام أمام تهديدات أمريكا سبباً لاستمرار مطالبه المتغطرسة وغير المتناهية، مضيفاً: “اليوم يقولون إذا كان لديكم تخصيب فسنفعل كذا وكذا وغداً يجعلون امتلاك الصواريخ أو وجود أو عدم وجود علاقة مع بلد ما ذريعة للتهديد وإجبارنا على التراجع”.

 

وأكد سماحة آية الله الخامنئي: “لا يقبل أي شعب ذو كرامة المفاوضات المصحوبة بالتهديد ولا يصدقها أي سياسي حكيم”.

 

واعتبر قائد الثورة وعد الطرف المقابل بمنح الامتيازات في حال قبول مطالبه كذباً، ومشيراً إلى تجربة الاتفاق النووي وقال: “قبل 10 سنوات عقدنا اتفاقاً مع الأمريكيين بناءً عليه يتم إغلاق مركز إنتاج نووي واحد وإخراج المواد المخصبة من البلاد أو تخفيفها مقابل ذلك ترفع العقوبات ويعود ملف إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الوضع الطبيعي”.

 

وأضاف سماحة الإمام الخامنئي: “طبعاً أنا قلت للمسؤولين في ذلك الوقت 10 سنوات فترة طويلة وتعادل عمراً لماذا تقبلونها؟ وتقرر ألا يقبلوا ولكنهم قبلوا،لكن على أي حال اليوم وقد انقضت تلك السنوات العشر ولم يعد ملفنا النووي طبيعياً فحسب بل زادت مشاكله في مجلس الأمن والوكالة”.

 

وقال سماحته مشيراً إلى نقض أمريكا لوعدها برفع العقوبات وخروجها من الاتفاق النووي أو بتعبير شائع تمزيقها للإتفاق النووي رغم تنفيذ إيران لالتزاماتها: “الطرف المقابل هكذا إذا فاوضته وقبلت مطالبه يؤدي إلى استسلام وضعف البلاد وتدمير كرامة الشعب وإذا لم تقبل فستعود نفس المشاجرات والتهديدات الحالية”.

 

واعتبر قائد الثورة عدم نسيان تجارب البلاد بما فيها تجربة السنوات العشر الماضية أمراً ضرورياً، مضيفاً: “حالياً لا أنوي طرح قضية مع أوروبا ولكن الطرف المقابل أي أمريكا قد نقض عهده وكذب في كل شيء ويهدد بين الحين والآخر عسكرياً وإذا سنحت له الفرصة يغتال شخصياتنا مثل القائد الحبيب الشهيد سليماني العزيز أو يقصف مراكزنا هل يمكن مع مثل هذا الطرف التفاوض بثقة واطمئنان وعقد اتفاق؟”

 

وأكد سماحة الإمام الخامنئي: “المفاوضات مع أمريكا بشأن القضية النووية وربما قضايا أخرى هي طريق مسدود محض”.

 

واعتبر سماحته المفاوضات مع أمريكا مفيدة للرئيس الحالي لكونها وسيلة لعرض وإيهام فعالية تهديداته وإجلاس إيران إلى طاولة المفاوضات، وقال مرة أخرى: “لكن هذه المفاوضات بالنسبة لنا ضرر محض ولا تترتب عليها أي فائدة”.

 

وفي ختام كلمته اعتبر قائد الثورة الطريق الوحيد لعلاج وتقدم البلاد هو القوة في جميع الأبعاد العسكرية والعلمية والحكومية والهيكلية والتنظيمية، مضيفاً: “يجب على الأشخاص الأذكياء وأصحاب الرأي المخلصين أن يجدوا ويتبعوا سبل تقوية البلاد لأنه في حالة القوة فإن الطرف المقابل لا يهدد حتى”.

 

واعتبر سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي التوكل على الله والتوسل بالأئمة الأطهار لجلب العون الإلهي أمراً ضرورياً، مضيفاً: “يجب إنجاز الأعمال من خلال إحضار الهمة الوطنية وهذا العمل سيتم بتوفيق الله عزوجل”.

 

 

ترجمة الوفاق

 

 

المصدر: الوفاق