الوفاق/ خاص
سهامه مجلسي
لا يستطيع التربويون أو الأهل في أيامنا أن ينكروا وجود أزمة في التربية، فأولادنا اليوم يميلون إلى العنف الشديد، التمرد، الانحراف الخلقي، الاختلال النفسي، وقد يعزو الأهل هذه الميول أحيانا إلى: الحرية الزائدة أو أسلوب القسوة والتزمّت أو التلفزيون-الدولة-الرفاق –الأقارب -المدرسة…أو بتحليل أدق الى التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية السريعة، والمتتابعة التي يشهدها العالم اليوم.
ونتيجة لهذه التحولات أصبحنا نعاني من الحيرة في اختيار الأسلوب التربوي مع أبنائنا، وخاصة أننا اليوم كأهل أصبحنا نرفض الأسلوب المتشدد في التعامل مع الأطفال، إلا أننا في الوقت نفسه لم نلمس فعالية الأسلوب المتساهل في تربية طفل سوي، إننا نرى أن أطفال اليوم أصبحوا يدركون حقوقهم ولكنهم لم يدركوا مسؤولياتهم، ونحن ومن دون وعي منا، ورغبة في حماية أبنائنا تحمّلنا عنهم هذه المسؤولية، فتعاظم لديهم أثر ذلك الشعور بعدم المسؤولية والالتزام، بل تجاوزت الأمور أحياناً هذا الحدّ حين سعى الأطفال لتحصيل حقوقهم كاملة مع عدم الاستعداد للإلتزام بالقوانين والضوابط المعتمدة، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الخبيرة اللبنانية في شؤون تربية الاطفال الاستاذة سمر بشير وفيما يلي نص الحوار:
في خضم كل التطورات هل نحتاج الى إعادة النظر بوسائل وأساليب تربية أولادنا؟
إن مشاكل الأبناء تبدأ من البيت وتعالج في البيت ولكن ما نحتاجه هو إعادة النظر بوسائل وأساليب تربية أولادنا. وقد أكد الرسول (ص) على المنبت الصالح ولكن لماذا نعيد النظر؟ لعدة أسباب:
أولا: بسبب البيئة الجديدة التي تتسم بحرية واسعة بشكل مختلف عن الماضي .
ثانيا: لان أسلوب الجزرة والعصا لم يعد ينفع.
ثالثا: لأن أطفالنا اليوم مختلفون والعقاب السلبي يجعل الأهل أعداء يجب الثورة عليهم .
إن الأهل الذين يعتمدون على الثواب الدائم كثيراً ما يكتشفون أن أطفالهم لا يعدلون سلوكهم إلا عندما يثابون، ويتعلم الطفل تدريجياً عدم الامتثال للضوابط إلا مع الثواب، فمن قطعة الحلوى التي يكتفي بها الطفل الصغير ذي السنوات الخمس، تصبح في عمر المراهقة هاتفاً نقالاً أو حتى سيارة..
ما هي الأساليب المعتمدة في التربية؟
الأسلوب المتسلّط: إن الأسلوب المتسلّط الذي يتسم بالفوقية والتسلّط لم يعد ينجح في عصر أحسّ فيه الأبناء بحقوقهم وتمتعوا بها.
سماته: أوامر/تنفيذ إرادة الأهل «إفعل كذا»، «أنا أريد ذلك».
نتيجته على الأولاد: عدم استقلالية، لا إبداع، عدم الثقة بالنفس، عدم احترام القواعد عندما يكون من دون رقابة، قلق وعدوانية.
الأسلوب المتسامح: يؤدي هذا الأسلوب إلى فوضى في العلاقة أكثر مما هو موجود إذ لا يمكن لأي مجتمع أو بيت أن يستمر في البقاء دون أن يضع حدوداً واضحة لسلوك أفراده، لا قوانين، لا قواعد، لا مراقبة، لا إشراف
الأولاد: يفعلون ما يشاؤون، متطلبين، اتكاليين، لا يضبطون انفعالاتهم، عدم احترامهم لمن هم اكبر سناً وإدراكهم لحقوقهم دون تحٍمل المسؤولية.
– الأسلوب ذو السلطة الحكيمة: إذاً لا بدّ من وجود أسلوب في التربية يقوم على اعتماد أسلوب الحوار، الذي يرتكز على مبادئ العدالة والاحترام والتشاور، مع وجود السلطة الخيرة والحكيمة والهادفة.
– المحبة والاحترام للولد مع السلطة الخيرة المبنية على المنطق والقوانين والقواعد التي يعرفها الولد.
– تأثيره على الأولاد: ثقة بالنفس، إبداع، توظيف طاقاتهم، قدرة على إدارة شؤونهم.
كيف نواصل الحب لأولادنا؟
بالكلمة وبالفعل (والسلوك)، قال رسول الله (ص) «أحبوا الصبيان وارحموهم، وان وعدتموهم شيئا فأوفوا، فإنهم لا يرون إلا أنكم ترزقونهم».
الحب لا يعني حماية مفرطة أو تحكم بأولادنا، الحب يسمح بتطوير مشاعر المسؤولية والاستقلال، ينبغي علينا التعبير لهم عن حبنا لهم في الوقت الذي لا يتوقعونه، بالكلمات أو التعبير اللفظي.
الفرح هو الترويح عن النفس الذي نحتاج له ساعة بعد ساعة وهو حاجة يومية تجدد الطاقة وتحسن العلاقة وتنفس الضغوطات.
* الوصفة السحرية هي كيفية قضاء الوقت وليس كميته.
* اقضي بعض الوقت كل يوم مع واحد من أطفالك، ومضمون حديث الرسول (ص) إن النظر في وجه الطفل عبادة.
* قم بشيء يفرح به كلاكما (استحباب إدخال السرور على قلوب الأهل والمؤمنين).
* اختر شيئا لا تشعر أنك مجبر عليه.
* وقت الذهاب إلى النوم هو من أكثر الأوقات متعة للطفل لذا استغل هذا الوقت.
* أشرك الأبناء في التخطيط في كيفية قضاء وقت الفرح.
* قم بالتصابي للأطفال كما قال رسول الله(ص):”من كان له صبي فليتصابى له.”
وسائل للفرح وهي مثل: أنشطة رياضية (سباحة/ كرة قدم/لقيطة /تنس…)، هوايات (موسيقى/قراءة الشعر /الرسم….)، ألعاب فردية، ألعاب جماعية، قراءة القصص /مشاهدة فيلم عائلي.
الحاجة غذاء التربية:
حقوق الأبناء: قال رجل: يا رسول الله ما حق ابني هذا، قال تحسن اسمه وأدبه وتضعه موضعا صالحا.
تعلم أنه منك، تعلم أنه مضاف إليك بخيره وشره، مسؤول عن حسن أدبه (التربية والرعاية الدائمة)، مسؤول عن الدلالة على ربه، مسؤول عن اعانته على طاعة الله، النفقة، اختيار التسمية
طباع الأولاد: مما لا شك فيه إن هناك اختلافات جينية، وراثية، يولد بها الطفل كفرد مستقل بذاته فهناك الطفل العسر صعب التكيف، وهناك الطفل السهل التكيف. ولكن هناك أيضا الحقيقة العلمية التي تؤكد على أهمية البيئة الخاصة والعامة كعامل قوي في التأثير في سلوك الطفل.
إن الطباع تولد مع الإنسان وهي شيء ايجابي وجميل ولكن يبقى على الأهل تنمية وتوجيه هذه الطباع بالشكل السليم والسوي لأنها هي التي تؤدي الى التنوع في الحياة وتجعل البعض يميل لأن يكون طبيبا أو معلما أو مهندسا أو فنانا …
ما هي الرسائل في التربية الإيجابية؟
من الطبيعي أن تكون مختلف: وكما قال رسول الله(ص)”اختلاف أمتي رحمة”. يهدف أن نغذي حاجة الولد ليشعر أنه محبوب ومميز (وكأننا نقول للطفل بان البشر مختلفون عن بعضهم البعض وهذا ما يجعل كل واحد منهم مميزا ويغني الوجود).
من الطبيعي أن يكون لديك مشاعر سلبية: لكي ينمو مع وعي لما يمكن أن يشعر به من مشاعر سلبية كالغضب والكره (وكأننا نقول للطفل بأنه من الطبيعي أن يكون لديك مشاعر سلبية ولكن عليك أن تتعلم كيف تتعاطى معها بعد أن تعبر عنها).
من الطبيعي ان تطلب المزيد: يفتح الباب لتنمية الشعور بالذات والحاجات، ويمكن أن يحسن معرفته لما يريد ويمكن أن يجعله يصبر على تأخر المكافأة (وكأننا نقول للطفل انه من الطبيعي أن تطلب ما تريد ولكن عليك أن تكون صبورا في حصولك عليه وإنك ربما لن تحصل على ما تطلبه دائما).