شمس الدين محمد بن علي التبريزي، المعروف بشمس التبريزي، هو أحد أبرز أعلام التصوف في القرن السابع الهجري، وصاحب تأثير عميق في حياة وفكر جلال الدين الرومي. وُلد في مدينة تبريز بإيران، وكان منذ شبابه باحثاً عن الحقيقة، متنقلاً بين المدن، متأملاً في أسرار الوجود، حتى التقى بالرومي في قونية عام 642 هـ.ق، لقاءً غيّر مسار الأدب الصوفي.
امتاز شمس بأسلوبه الفريد في التعبير عن الحب الإلهي، وكان يرى أن الطريق إلى الله لا يسلك إلا عبر العشق والتجرد من الأنا. لم يكن شاعراً بالمعنى التقليدي، بل كان متحدثاً ملهماً، تنساب كلماته كأنها نار تُشعل القلب، وماء يطهر الروح. وقد جُمعت أقواله في كتاب “مقالات شمس”، الذي يعد من أهم النصوص الصوفية في التراث الإسلامي.
كان تأثيره على الرومي عميقاً، إذ ألهمه لكتابة “الديوان الكبير” و”المثنوي”، وفتح له أبواباً جديدة في فهم الحب الإلهي والتجلي الروحي. ورغم غموض اختفائه المفاجئ، بقي شمس حاضراً في وجدان الرومي، وفي كل بيت شعري كتبه بعده.
شمس التبريزي لم يكن مجرد شاعر أو متصوف، بل كان شرارة أضاءت طريق العاشقين، وصوتاً لا يزال يتردد في أروقة القلوب الباحثة عن النور.