هويلوند، الذي عانى من التذبذب في مستواه داخل يونايتد، ما إن غادر الفريق حتى عاد للتألق، وسجل هدفين حاسمين لنابولي في دوري أبطال أوروبا ، ليقود الفريق للفوز على سبورتينغ لشبونة. راشفورد، الذي بدا تائهاً في أولد ترافورد، يُقدّم حالياً مستويات جيدة مع برشلونة، حيث استعاد ثقته وساهم في صناعة الفارق هجومياً.
أما أنتوني، الذي واجه انتقادات واسعة في إنكلترا، فقد أصبح محبوباً في ريال بيتيس، حيث قامت جماهير النادي بحملة واسعة هذا الصيف لإبقائه ضمن صفوف الفريق، بعد أن أظهر انسجاماً واضحاً وأداءً أكثر نضجاً.
اللاعبون الذين يأتون إلى يونايتد غالباً ما يكونون في قمة مستواهم، لكنهم يصطدمون بواقع مختلف. منظومة غير مستقرة، مدربون يتغيرون كل موسم، فلسفات متضاربة، وضغط جماهيري وإعلامي لا يرحم.
راشفورد، ابن النادي، عاش لحظات تألق فردي، لكنه بدا دائماً وكأنه يبحث عن نفسه داخل فريقه. هويلوند، رغم موهبته، وجد نفسه فجأة في منظومة هجومية لا تمنحه المساحة ولا الثقة. أما أنتوني، فصفقة ضخمة من أياكس، لكنها لم تُترجم إلى أداء مقنع، وسط انتقادات لضعف التمرير واتخاذ القرار.
حتى المدربين لا ينجون من هذا التراجع. روبين أموريم، الذي كان يُعد من ألمع المدربين في البرتغال، وحقق نجاحات لافتة مع سبورتينغ لشبونة، بدا هزيلاً على مقاعد البدلاء في أولد ترافورد. في إحدى المباريات، لم يتمكن حتى من النظر إلى لاعبه وهو يسدد ركلة جزاء، وكأن الضغط تجاوز قدرته على إدارة التفاصيل. هذا التحول من مدرب واثق إلى رجل مرتبك يُعبّر عن حجم الأزمة التي تُحيط بكل من يدخل هذا النادي.
الأزمة داخل النادي
فيما لم يتردد جوزيه مورينيو في الإشارة إلى عمق الأزمة خلال فترته في النادي، حيث قال بوضوح إن هناك لاعبين لا يمثلون مانشستر يونايتد، في إشارة إلى خلل في التعاقدات وعدم توافقها مع رؤية المدرب.
أما رالف رانغنيك، فكان أكثر صراحة حين قال إن النادي بحاجة إلى “عملية جراحية”، وليس مجرد إصلاحات سطحية. هذه التصريحات لا تُدين اللاعبين بقدر ما تكشف عن بيئة غير صحية، لا تساعد على التطور ولا تمنح الاستقرار.
اختلال داخلي يتجاوز الملعب
في شباط/فبراير 2025، كشف موقع Forbes أن مانشستر يونايتد خسر المال لخمس سنوات متتالية، مما أدى إلى تسريح أكثر من 450 موظفاً خلال عام واحد. التقرير أشار إلى أن الإدارة الجديدة بقيادة عمر برادة أطلقت خطة “تحول” لتقليص النفقات، لكنها أثارت غضب العاملين الذين يرون أن المشكلة الحقيقية تكمن في غرفة الملابس، وليس في الأقسام الإدارية.
كما أشار التقرير إلى أن اللاعبين الأساسيين يحصلون على حصة غير متناسبة من الإيرادات، دون تقديم أداء يوازي هذه الامتيازات، مما يُعزز الشعور بعدم العدالة داخل النادي.
هذه الأزمات المالية لا تنفصل عن الواقع الفني، بل تُغذّيه. فالتوتر الداخلي، وتضارب المصالح، وغياب الانسجام بين الإدارة والجهاز الفني، كلها عوامل تُضعف الأداء وتُربك اللاعبين، وتُحوّل كل مباراة إلى اختبار نفسي أكثر منه فني.
موسم جديد… وأخطاء متكررة
في تشرين الأول/أكتوبر 2025، يحتل مانشستر يونايتد المركز الرابع عشر في جدول الدوري الإنكليزي، بعد مرور ست جولات فقط. الفريق فاز في مباراتين، وتعادل في واحدة، وخسر ثلاث، وسجّل سبعة أهداف في مقابل أحد عشر هدفاً في مرماه.
هذه الأرقام تُعبّر عن واقع مأزوم، حيث يُعاني الفريق من ضعف هجومي واضح، واستقبال متكرر للأهداف، خصوصاً خارج ملعبه، حيث لم يحقق أي فوز حتى الآن.
معدل النقاط لكل مباراة لا يتجاوز 1.17، ومعدل استقبال الأهداف يصل إلى 1.83، وهي أرقام تُظهر أن الفريق لا يُنافس، بل يُصارع. حتى على مستوى الإحصائيات المتقدمة، فإن معدل تحويل الفرص لا يتجاوز 7%، ومعدل الأهداف المتوقعة ضده أعلى من المعدل الذي يُسجله.
كل هذا يُعيدنا إلى السؤال الأساسي: هل المشكلة في اللاعب، أم في المنظومة؟ الواقع يقول إن المنظومة لا تُنتج أداءً، ولا تُحصّن المواهب، بل تُستهلكها. مانشستر يونايتد لا يفتقر إلى النجوم، بل يفتقر إلى بيئة تُنضجهم. الإصلاح يبدأ من الداخل: هوية واضحة، إدارة منسجمة، ومدرب يُمنح الوقت والثقة. حينها فقط، قد يعود القميص الأحمر ليكون مصدر تألق، لا عبئاً.