كبري أميري
في إيران، بدأ هذا الحدث بشعار “الحياة في الفضاء” من 4 أكتوبر 2025، كرمز للثقة الوطنية، وجذب انتباه العالم إلى التقدم العلمي للبلاد.
أقيم الحفل الافتتاحي في قاعة مؤتمرات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في طهران، بحضور ستار هاشمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وحسن سالاريه رئيس وكالة الفضاء الإيرانية، وتم تسجيل أكثر من 284 فعالية في جميع أنحاء البلاد، مما وضع إيران ضمن أفضل 10 دول في العالم. هذا الإنجاز شهادة على إلتزام إيران المستمر بتعزيز المعرفة الفضائية رغم العقوبات الجائرة، ويعبر عن تقارب المؤسسات العلمية والأكاديمية والقطاع الخاص في خلق بيئة مبتكرة.
في هذا السياق أكد رئيس وكالة الفضاء الإيرانية، في خطابه الافتتاحي، على أهمية هذا الحدث في التوعية العامة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وقال: إن الأسبوع العالمي للفضاء يمثل فرصة لتقريب حلم العيش في الفضاء من الخيال إلى واقع انعدام الجاذبية. وأشار سالاريه إلى أهداف الأمم المتحدة، بما في ذلك التعليم العام وجذب مشاركة الشباب، وأضاف: إن إيران هي واحدة من الدول القليلة التي تنفذ هذا البرنامج بحماس كل عام.
بدوره، أشار أمين الأسبوع العالمي للفضاء في إيران، مرتضي نيكخو، إلى أن هذه الفعاليات تقام بالتعاون بين جمعية العلوم والتقنيات الحديثة في إيران “كافنا” ووكالة الفضاء الإيرانية، وتشمل معارض تفاعلية ومحاضرات متخصصة ومسابقات لطرح الأفكار، وصاحَب الافتتاح عروض محاكاة للحياة في المحطات المدارية وكشف عن نماذج مفاهيمية للمدن الفضائية، التي جذبت آلاف الطلاب والباحثين.
وتمّ تصميم جدول أعمال الأسبوع العالمي للفضاء تحت شعار “الحياة في الفضاء”، وركّز كل يوم على جانب محدد من تحديات وفرص العيش في الكون.
– السبت (4 أكتوبر): يوم “الحياة في الفضاء” الرئيسي، بدأ ببرامج تعليمية في المدارس والجامعات.
– الأحد (5 أكتوبر): خصص لـ”هندسة وتصميم المدن الفضائية”، حيث يقدّم خبراء إيرانيون نماذج مفاهيمية للمحطات المدارية.
-الإثنين (6 أكتوبر): دراسة موضوع “مناخ الفضاء والإشعاعات الفضائية”، وعقد جلسات نقاشية حول حماية البشر من الإشعاعات الكونية.
-الثلاثاء (7 أكتوبر): عنوانه “القمر، محطة السفر إلى الفضاء”، يبحث إمكانات القمر كقاعدة تمهيدية لبعثات الفضاء الأكثر عمقاً.
-الأربعاء (8 أكتوبر): عنوانه “الزراعة والتعدين الفضائي”، وسيقدم ابتكارات إيرانية في الزراعة المائية في ظروف انعدام الجاذبية.
-الخميس (9 أكتوبر): عنوانه “أنظمة دعم الحياة في الفضاء”.
-ويختتم الجمعة (10 أكتوبر) بـ “الطب الفضائي وفيزيولوجيا الانسان”، حيث يتم مناقشة التحديات الجسدية لروّاد الفضاء.
هذه البرامج ستنفذ بالتعاون مع مؤسسات مثل الجامعات وحدائق العلوم والتكنولوجيا والشركات القائمة على المعرفة، وتشمل مسابقة لطرح الأفكار حول موضوع “استقلالية أنظمة الفضاء” التي كان الموعد النهائي لتقديم الأفكار حتى 10 أكتوبر.
تقدم إيران في مجال الأقمار الصناعية
منذ العقد الأول من الألفية الثانية، شهدت إيران مساراً متسارعاً في مجال التكنولوجيا الفضائية. بإطلاق قمر “سينا-1” الصناعي في عام 2005 كخطوة أولى، انضمت إيران إلى مجموعة الدول الفضائية في العالم. منذ ذلك الحين، واعتماداً على المعرفة المحلية وعلى الرغم من العقوبات الجائرة، تم إرسال أكثر من 16 قمراً صناعياً إلى مدار الأرض، بما في ذلك إنجازات مثل قمر الصناعي “أميد” (2008) و”رصد” (2010).
هذه الإنجازات المتقدمة هي نتيجة جهود وكالة الفضاء الإيرانية والمعاهد البحثية التابعة لها والشركات القائمة على المعرفة.
أمّا في السنوات الأخيرة، فحدثت قفزة ملحوظة، في عام 2023، ثُبت إطلاق كبسولة الحياة الحيوية التي تزن 500 كيلوغرام كمنصة بحثية، وبتكنولوجيا العودة القابلة للاسترداد. ووفّرت الأقمار الصناعية للاستشعار عن بُعد “بارس-1″ و”ناهيد-2” بدقة تصوير عالية. كما أثبتت الأقمار الصناعية “شمران-1″ و”كوثر” و”هدهد” قدرات المناورة المدارية ونقل كتلة “سامان-1”. وأطلق الناقل “سيمرغ” أثقل حمولة إلى المدار، وأُكملت قاعدة “تشابهار” مرحلتها الأولى لعمليات الإطلاق بالوقود الصلب.
هذه الإنجازات وضعت إيران ضمن أفضل 10 دول في العالم القادرة على تصنيع واطلاق اقمار صناعية محلية يصل وزنها إلى 250 كيلوغرام.
إطلاق “ظفر-2″ و”بايا”
في خضم هذه الفعاليات، برزت التقدمات الملحوظة لإيران في مجال الأقمار الصناعية، حيث أعلن رئيس منظمة الفضاء عن إطلاق القمرين الصناعيين “ظفر-2” و “بايا” – وكلاهما للاستشعار عن بُعد – بواسطة ناقل من خارج البلاد في الأشهر القادمة.
وأشـار سالاريه إلى قفـزة وكالـة الفضاء من “عرض القدرات” إلى “العمليات المنظمة”، وشرح خطط العام 2024 استناداً إلى الوثيقة العشرية للفضاء وبرنامج التنمية السابع. وقال: هذه الأقمار الصناعية، بقدرتها على التصوير الدقيق، ستعزز خدمات الزراعة ومراقبة الكوارث،كما أن إطلاق النموذج الأكثر تطوراً “ناهيد-2” بواسطة الناقل المحلي “سيمرغ” مدرج في جدول الأعمال. وأضاف: هذا القمر الصناعي بعمر تشغيلي 15 عاماً، سيقدم خدمات النطاق العريض في المدار الجغرافي المتزامن ويمثل رمزاً للاكتفاء الذاتي.
وتناول سالاريه الإنجازات الأخيرة، مثل إطلاق “ناهيد-2″ بنجاح في آب/ أغسطس 2024 بواسطة ناقل روسي، و”ثريا” للاستشعار عن بُعد، مما سهل الوصول الى صور عالية الدقة. كما أن مجموعة “الشهيد سليماني” المكونة من 20 قمراً صناعياً نانوياً (3U و6U) للاتصالات بنطاق ضيق ولانترنت الأشياء، أنهت مرحلتها التجريبية والنماذج جاهزة للاطلاق.
وقال رئيس وكالة الفضاء: “بارس-2 في اختباراته النهائية وبارس-3 بدقة أقل من متر وراد-2 (راداري بدقة 20 متراً) وناهيد-3 بنطاق ترددي أعلى قيد التصنيع.” وأضاف: الخطط المستقبلية ترسم آفاقاً أكثر إشراقاً، حيث اكتملت المرحلة الأولى من قاعدة تشابهار للإطلاق للصواريخ ذات الوقود الصلب، وتمّ وضع حجر الأساس للمرحلة الثانية المخصصة للوقود السائل، وتوفر هذه القاعدة إمكانية الوصول إلى مدارات مائلة بزوايا تتراوح بين 40 و100 درجة، وتتيح إجراء عمليات إطلاق متعددة. كما تم تطوير كبسولات حيوية قابلة للإعادة تزن 500 كيلوغرام لاختبار تأثيرات الفضاء على الأنواع الحية، وستبدأ الاختبارات قريباً.
وحول التعاون في المجال الدولي، قال سالاريه: وصل التعاون مع الصين في مشروع “تشانغ-8” إلى مرحلة بناء النموذج الهندسي، كما تجري مفاوضات مع دول رائدة حول محطات الفضاء. وأكد أن “مناقصات البحث 1 و2 و4 مفتوحة أمام الجامعات لإنشاء نوى ابتكارية، وندعو القطاع الخاص للمشاركة.”
تشغيل محطتي “سلماس” و”جناران”
من جانبه، صرح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: نسعى لتشغيل محطتي “سلماس” و”جناران” للأقمار الاصطناعية حتى نهاية هذا العام. وقال ستار هاشمي: أحداث قيّمة وقعت في المجال الفضائي، وجرأة التوجه نحو الأعمال الكبيرة أمر ثمين” وأضاف: محطتا “سلماس” و”جناران” للأقمار الاصطناعية سيتم تشغيلهما قبل نهاية العام، فيما وصلت المرحلة الأولى من قاعدة تشابهار فضائية الى 93% من الإنجاز وسيتم افتتاحها قريباً.
تعزيز التعاون الإيراني-الروسي
بدوره، أعلن رئيس وكالة الفضاء الروسية “روسكوسموس”، في رسالة فيديوية مسجلة خلال حفل افتتاح الأسبوع العالمي للفضاء، عن بدء التنفيذ الفعلي لمشروع إنشاء محطة علمية دولية على سطح القمر، مشيرًا إلى انضمام 13 دولة للمشروع حتى الآن.
وأعرب ديمتري روغوزين عن سعادته بحضور جميع المشاركين في حفل الافتتاح، واعتبر المشاركة في الحفل شرفًا له، وشدد على رغبة الوكالة في التعاون مع المهندسين والباحثين الإيرانيين في مشاريعها، وقال: أعترف بأن الإنجازات الكبيرة في رحلات الفضاء البشرية وضمان حياة الإنسان في فراغ الفضاء هي مصدر فخر لنا. وأضاف: نحن نعمل على إنشاء محطة مدارية روسية جديدة، وسنكون سعداء للترحيب بشركائنا الأجانب الراغبين في الانضمام إلى هذا المشروع. روسيا مستعدة لتوفير شروط متساوية لجميع المشاركين، سواء لوحدات المعدات أو لإجراء التجارب في المحطة.
وتابع مؤكدًا: بالطبع، سنكون سعداء لرؤية أصدقائنا الإيرانيين في هذا المشروع، لقد بدأنا بالفعل المحادثات مع وكالة الفضاء الإيرانية. وواصل قائلاً: يمثل القمر الخطوة الأولى خارج المدار الأرضي المنخفض. ويتم حاليًا تطوير أفكار لمهمة بشرية إلى المريخ، وهذا يتطلب حل عدد من القضايا التقنية التي يعمل عليها العلماء والمهندسون في جميع أنحاء العالم، ونحن مستعدون أيضًا للتعاون مع العلماء والمهندسين الإيرانيين هنا.
وأعرب رئيس وكالة الفضاء الروسية عن أمله في أن تتمكن الدول في المستقبل من التعاون بفعالية لدفع عجلة استكشاف الفضاء السلمي.
تكريم فريق الأولمبياد الفلكي
كما تمّ، في الحفل التكريمي للأسبوع العالمي للفضاء الذي أقيم بحضور وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، تكريم الحاصلين على الميداليات الذهبية في الأولمبياد الدولي للفلك والفيزياء الفلكية، وهم: حسين سلطاني، علي نادري، هيربد فودازي، حسين معصومي، وعرشيا ميرشمسي.