مؤلفة كتاب «روح الأمين» تتحدث للوفاق:

الشهيد السيد حسن نصر الله يتحدث عن نفسه بلغة المقاومة والوجدان

خاص الوفاق: آخرتي: «روح الأمين» هو بداية لفهم أعمق لشخصية الشهيد السيد حسن نصر الله، كل فصل فيه يمكن أن يتحوّل إلى كتاب مستقل، أتمنى أن نسير في طريق المعرفة، ونرى تحقق أفكار وأمنيات السيد، وأعظمها تحرير القدس، في واقعنا.

موناسادات خواسته

 

في زمن تتكاثر فيه الروايات وتتشابك وجهات النظر، اختارت الكاتبة الإيرانية «إلهه آخرتي» أن تسلك طريقاً مختلفاً في تأريخ حياة الشهيد السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، عبر كتابها «روح الأمين». هذا العمل لا يروي سيرة القائد من منظور الآخرين، بل يقدّمه بصوته هو، من خلال خطبه ومقابلاته، دون تدخل أو تحرير أدبي. في هذا الحوار الثقافي، تكشف الكاتبة آخرتي عن دوافعها، تحدياتها، وتأملاتها في شخصية سيد المقاومة، وتروي مشاهد مؤثرة من مراسم التشييع، وتناقش أثر الشهيد السيد حسن نصر الله في وجدان الشعوب، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

أدب المقاومة

 

 

بداية نسأل السيدة «إلهه آخرتي» لماذا اختارت أدب المقاومة؟، فتقول: إن ارتباطها بهذا الطريق بدأ منذ تشكّل شخصيتها. شعرت أن الأمن الذي تعيشه هو ثمرة دماء طاهرة. كتبت عن شهداء إيران، وما زلت أكتب عنهم، مثل الشهيد فرید الدین معصومي، النابغة الذي استُشهد في شاهجراغ. أما دخولي مجال المقاومة، فكان بدافع البحث عن تأثير الثورة الإيرانية والدماء الطاهرة خارج إيران.

 

 

كنّا دائماً نبحث عن إيمان سامٍ يوحّدنا، حين يكون لنا هدف مشترك وعدو مشترك. هل حدثت أمور خارج إيران تُثبت أننا اقتربنا من بعضنا؟ هل أصبحنا جبهة واحدة؟ بحثت عن هذا، فكان دخولي مجال المقاومة، الذي له حلاوته الخاصة. رؤية هذا التكاتف والتوحد، وامتزاج دماء شعوب المنطقة، كما حدث في مطار بغداد حين امتزج دم الحاج قاسم سليماني ورفاقه الإيرانيين والعراقيين، وكما حدث في استشهاد السيد حسن نصر الله حين امتزج دمه بدم الشهيد نیلفروشان، وفي الحرب الصهيونية المفروضة الأخيرة، حيث استُشهد أبو علي اللبناني إلى جانب قادة من الحشد الشعبي العراقي وقادة إيرانيين. هذا الامتزاج خلق رابطاً عجيباً بين شعوب المنطقة.

 

 

 

كتاب «روح الأمين»

 

 

وعن كتاب «روح الأمين» تقول آخرتي: إن كتاب «روح الأمين» هو سيرة ذاتية للشهيد السيد حسن نصر الله بصوته هو، دون تدخل أو تحرير أدبي. وكان اختيارها لهذا الأسلوب لسببين رئيسيين: أولاً، لأن من أبرز نقاط قوة السيد هي قدرته على التعبير والإقناع، ولم تجد من هو أقدر منه على الحديث عن نفسه. وثانياً، لأن الروايات التي ينقلها الآخرون قد تختلف في دقتها أو لا تعبّر عن وجهة نظر السيد نفسه.

 

 

لذلك، اعتمدت على كلماته وخطاباته، واستمعت إلى 170 ساعة من مقابلاته وخطبه، واستخرجت منها مراحل حياته من الطفولة حتى أسبوعين قبل استشهاده. وفي الترجمة، حرصت على الحفاظ على أسلوبه وطريقته في التعبير، حتى لو خالفت قواعد تركيب الجمل بالفارسية، لتصل كلماته إلى القارئ كما قالها تماماً.

 

 

كيف نشأت الفكرة؟

 

 

أما حول كيفية نشأة فكرة تأليف الكتاب تقول آخرتي: إن تأليف كتاب «روح الأمين» جاء من قناعة بأن السيد حسن نصر الله هو الأقدر على رواية سيرته بنفسه، نظراً لعمق شخصيته وصعوبة الإحاطة بها من قبل الآخرين دون اجتهاد أو تحريف. لذلك اختارت أن تعتمد على كلماته وخطاباته دون أي تدخل سردي أو تحرير أدبي.

 

 

بعد استشهاده، ومع رغبة عامة في إيصال صوته للأجيال القادمة، استحضرت آخرتي عبارته الشهيرة: «بعد شهادتنا، يجب أن يكون هناك من ينقل صوت مظلوميتنا، صوت جهادنا، وصوت الطريق الذي سلكناه»، فقررت أن تؤلف كتاباً ينقل هذه الرسالة بصوته هو.

 

 

بدأت العمل بعد أسبوعين فقط من استشهاده، وسط صدمة الفقد ومشاعر الحزن، وكانت تستمع إلى خطبه لساعات يومياً، متأثرة بكلماته، ومكتشفة في الوقت نفسه جانباً مرحاً ولطيفاً في شخصيته، مما أضفى على الكتاب طابعاً وجدانياً وإنسانياً عميقاً.

 

 

التحديات والانفعالات

 

 

وفيما يتعلق بالتحديات التي واجهتها تقول آخرتي: بدأت العمل على الكتاب بعد أسبوعين فقط من استشهاد السيد، وسط حالة من الحزن والصدمة. كانت تستمع إلى خطاباته لساعات يومياً، وتتأثر بشدة، لكنها في الوقت نفسه كانت تكتشف جوانب جديدة في شخصيته، مثل روحه المرحة وطبعه اللطيف، وهو ما أضفى على العمل طابعاً إنسانياً عميقاً.

 

 

رأي السيد حسن نصر الله في إيران

 

 

تؤكد الكاتبة أن الشهيد السيد حسن نصر الله كان شديد الحب لإيران، رغم انتمائه العميق للبنان. وتضيف: هذا الأمر كان مهماً جداً بالنسبة لي، وقد كتبته في مقدمة الكتاب. كلما تعمقت في دراسة شخصية السيد، وجدته لبنانياً شديد الحب لوطنه، مخلصاً لشعبه، أباً للبنانيين، لا يشوب حبه لوطنه أي نقص، وكان دائماً نصيراً للمظلومين.

 

 

كان يساعد الفلسطينيين في لحظات حرجة، ويقف مع اليمنيين والسوريين حين يحتاجون الدعم. ومع هذه الشخصية، كان لديه حب خاص لإيران، وقد ورد ذلك في كثير من خطاباته التي نقلتها في الكتاب. وكنت، كإيرانية، أتساءل: هل كان يعلم كم نحبه؟ هل كان يعلم كم هو عزيز علينا؟ كم أثر فينا؟ هل كان يعرف تأثير خطاباته علينا؟ كان هذا السؤال مهماً جداً بالنسبة لي، وكنت أبحث عن إجابته في كلامه، ووجدت أنه كان يعلم كم نحبه. طرحت هذا السؤال في مقدمة الكتاب، وتركت للقارئ أن يجد الإجابة من خلال قراءة النص.

 

 

مشاهد من التشييع

 

 

تحكي آخرتي عن مشاركتها في مراسم التشييع: «رأيت حزناً يشبه فقدان الأب، سمعت أمهات الشهداء يرددن: كنا نتمنى أن يُستشهد أبناؤنا ويبقى السيد حيّاً. ومع ذلك، كان الشعب يعرف طريقه، ويستعد لمواصلة المسيرة». وتصف كيف أن الحزن لم يُفقد الناس بوصلتهم، بل زادهم عزيمة واستعداداً للتضحية.

 

 

كانوا حزينين، لكنهم لم يكونوا يائسين، وكانوا يعرفون طريقهم، ومستعدين للتضحية، لأنهم يشعرون أنهم قدموا أعز ما لديهم في سبيل الله، ولن يتراجعوا عن أداء واجبهم. فكل المصائب التي مرّت على لبنان، وحتى لو وقعت مصائب أشد ألف مرة، فإنهم كطائر الفينيق، ينهضون من الرماد ويجدون طريقهم من جديد.

 

 

 

تحليق الطائرات الصهيونية فوق الحشود

 

 

وتصف آخرتي لحظة تحليق الطائرات الصهيونية فوق الحشود قائلة: كان المشهد مهيباً، لكن الناس لم يهربوا. بل هتفوا: «هیهات منّا الذلة» و«لبیک یا نصرالله». تحوّل الخوف إلى عزّة، وأثبتت المقاومة أنها لا تُهزم حتى بجنازة قائدها.

 

 

تحوّل الاستاد بأكمله إلى ساحة هتاف، والمشهد الذي كان يُفترض أن يكون مشهد رعب وانكسار لجمهور المقاومة، أصبح مشهداً مهيباً يفيض بالعزّة. مشهد لا يستطيع أي مخرج أن يصممه بهذه الروعة، وأثبت أن الكيان اللقيط كان مهزوماً حتى أمام جسد الشهيد السيد حسن نصر الله.

 

 

وتقول الكاتبة أنها وضعت كتاباً جديداً بعنوان «سلام آخر»، يوثق يومياتها خلال التشييع، وسيصدر قريباً عن دار سوره مهر، في الذكرى السنوية لتشييع سيد شهداء الأمة.

 

 

عن الحرب الـ 33 يوماً

 

 

أما  عن عن الحرب الـ 33 يوماً تستشهد بكلام الشهيد السيد حسن نصر الله قائلة: «رأيت الله قبل الحرب، وفي الحرب، وبعد الحرب». وتضيف: «قال السيد إن نتائج الحرب كانت خارقة، كما لو أن 3+3 أصبحت 600. وهذا ما حدث أيضاً في الحرب الصهيونية الأخيرة المفروضة على إيران، حين أُجبرت قوتان نوويتان على طلب وقف إطلاق النار خلال الـ 12 يوماً».

 

 

اللغة العربية وسماع الشهيد حسن نصر الله

 

 

تقول الكاتبة إنها تعلمت اللغة العربية لتفهم الشهيد السيد نصر الله بلغته الأصلية، وتضيف: كنت أريد أن أسمعه كما هو، لا عبر الترجمة. حتى من لا يعرفون العربية كانوا يفضلون سماعه بلغته، وحينما كنا نقول لهم إن هناك ترجمة، يقولون: نقرأها لاحقاً، لكننا نريد أن نسمعه بصوته. لحن السيد شيء آخر! وهذا تأثيره الذي لا يُمكن تجاهله في إيران.

 

 

هل تنتهي المقاومة بالشهادة؟

 

 

وعندما نسأل آخرتي هل تنتهي المقاومة بالشهادة؟، تجيب: هذا وهمهم.الشهيد السيد حسن نصر الله علّمنا أن من لا يسلك طريق الشهادة لا يُصدّق. هو عاش مجاهداً، وكان يحب أن يُستشهد. ودمه، كما يقول اللبنانيون، صار فاصلاً بيننا وبين الكيان الصهيوني. هذا الدم سيُطلق سيلاً يجتثّ جذورهم.

 

 

تعتبر آخرتي أن الشهادة كانت الجائزة الكبرى التي يستحقها السيد، وأن تأثير الدماء المسفوكة في منطقتنا عظيم، كما أثبت التاريخ. وتستشهد بقول الإمام الخميني(رض): «اقتلونا، فالشعب سيستيقظ»، مؤكدة أن استشهاد القادة في إيران ولبنان، مثل السيد عباس الموسوي، كان له أثر بالغ في تقوية المقاومة.

 

 

وترى أن دم الشهيد السيد نصر الله أصبح رمزاً فاصلاً بين الشعوب المقاومة والعدو الصهيوني، وأن هذا الدم سيطلق موجةً من الغضب والوعي، تجتثّ جذور الاحتلال وتُرسّخ طريق المقاومة.

 

 

ترجمة الكتاب للعربية

 

 

أما حول ترجمة كتاب «روح الأمين» للعربية تقول آخرتي: إن الترجمة يجب أن تكون دقيقة جداً، لأن أي تغيير في الكلمات قد يُشوّه المعنى. لذلك، يجب أن يُعاد استخراج المقاطع الأصلية من خطابات السيد، وتُقدّم كما هي، دون ترجمة تقليدية.

 

 

رسالة للقراء العرب

 

 

وتختم آخرتي كلامها برسالة للقراء العرب قائلة: «روح الأمين» هو بداية لفهم أعمق لشخصية الشهيد السيد حسن نصر الله. كل فصل فيه يمكن أن يتحوّل إلى كتاب مستقل. أتمنى أن نسير في طريق المعرفة، ونرى تحقق أفكار وأمنيات السيد، وأعظمها تحرير القدس، في واقعنا.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة