عبر أعمال تشكيلية وموسيقية وسينمائية

الفنّ الإيراني يحتفي بملحمة «طوفان الأقصى»

الوفاق: الفنّانون الإيرانيون، من خلال أعمالهم، لم يكتفوا بالتضامن، بل شاركوا في المقاومة، كلٌّ بلغته البصرية، وكلٌّ له بصمته الجمالية.

يُعدّ فنّ المقاومة بلا شك واجهة شاملة تُجسّد نضالات وتضحيات الأحرار في العالم. إنه تجلٍّ بصري يُعبّر بصدق عن الجهود والمثابرة والتضحيات البطولية للمجاهدين، ويُبهر عالم الإعلام الذي يسعى دائماً إلى إسكات صوتهم، بقوة تأثيره في الرأي العام.

 

 

ومن أبرز الأمثلة الحية على هذا الفن، كانت ردود الفعل الفنية على عملية «طوفان الأقصى» التي تصادف غداً الذكرى السنوية لها، حيث استطاع فنانو المقاومة من خلال مختلف الأشكال الفنية أن يُظهروا عمق هذا الانتصار للعالم، وأن يُسلّطوا الضوء على المآسي التي عانى منها شعبٌ مُحاصر لعقود، موضحين أسباب هذه الملحمة التاريخية. وفي هذا السياق، نسلّط الضوء على أبرز الأنشطة الفنية التي عبّرت عن دعمها لحماسة المقاومة الفلسطينية.

 

 

الفنّانون التشكيليون في طليعة التعبير

 

 

من بين أكثر الفنانين نشاطاً في دعم ملحمة «طوفان الأقصى»، برز الفنانون التشكيليون الذين بادروا بشكل تلقائي، ومن دون توجيه رسمي، إلى التعبير عن تضامنهم. من بينهم الرسام الكاريكاتيري هادي حيدري، الذي نشر على إنستغرام صورة مؤثرة دعماً لأطفال غزة، وكتب عليها: «قتل الأطفال بلا حدود!». فنذكر بعضها فيما يلي:

 

 

الكاريكاتير كفن احتجاج

 

 

من الفنانين البارزين الذي كان له كاريكاتيرات كثيرة حول مواجهة الكيان الصهيوني وعملية «طوفان الأقصى» مسعود شجاعي طباطبائي، مدير بيت الكاريكاتير الإيراني. وله كاريكاتيرات منها كاريكاتير يرسم فيه جندي صهيوني، جعل السلاح على شقيقته ويريد الإنتحار بعد العملية.

 

 

الخط والرمز

 

 

أمّا مسعود نجابتي، مصمم الجرافيك وفنان الخط المعروف، فقد قدّم أعمالاً رمزية عالية الدقة خلال عملية «طوفان الأقصى». إحدى أبرز أعماله كانت جدارية على الجدار العنصري الفاصل بين لبنان وفلسطين تحت عنوان «نصر من الله وفتح قريب».

 

 

طوفان بصري من طهران إلى غزة

 

 

إلى جانب شجاعي ونجابتي، شارك فنانون آخرون في خلق طوفان بصري، منهم حسن روح الأمين، محمد صابر شيخ رضائي، وميكائيل براتي وغيرهم. أعمالهم تراوحت بين الواقعية والأسطورة، وبين الرمز والتجريد، لكنها جميعاً حملت رسالة واحدة: «فلسطين ليست وحدها».

 

 

في إحدى لوحات «حسن روح الأمين» بعنوان «هروب الفئران القذرة»، يُظهر الصهاينة وهم يفرّون في الصحراء، في مشهد ساخر ومؤلم في آن. أما شيخ رضائي فقد أعاد تصميم ملصق «زوروا فلسطين» التاريخي ليصبح رمزاً للمقاومة، مؤكداً أن الفن قادر على إعادة تعريف الرموز.

 

 

جداريات

 

 

شهدت الجداريات الحضرية في طهران تفاعلاً لافتاً، حيث شهدنا في ساحة وليعصر(عج) إزاحة الستار عن جدارية جديدة بعنوان «درد فلسطين» أي «ألم فلسطين»، من تصميم صالح كوشكي، تحمل شعار «الشرف يقترن بألم فلسطين»، تضامناً مع الشعب الفلسطيني.

 

 

أما جدارية ساحة فلسطين، التي رُفعت في اليوم الأول من العملية تحت عنوان «بداية عملية التحرير الكبرى»، فقد تم تحديثها لاحقاً لتتضمن الآية 22 من سورة السجدة: «إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ»، إلى جانب عبارة «طوفان الأقصى» باللغتين العربية والإنجليزية، مع رسم لقبة المسجد الأقصى.

 

 

ومن الأعمال الرمزية الأخرى، تصميم علم «فتح القدس» باستخدام فن الخط والتايبوغرافي، مستوحى من هندسة قبة الصخرة، ويتضمن الآية 13 من سورة الصف: «نصر من الله وفتح قريب»، من تصميم مجتبی حسن‌زاده.

 

 

الشعر والنشيد.. صوت المقاومة في الإبداع

 

 

لم يغب الفن الموسيقي عن المشهد، إذ عبّر الفنانون عن دعمهم منذ اللحظات الأولى، معتبرين «طوفان الأقصى» بداية لانهيار الكيان الصهيوني. وشارك عدد من الشعراء، منهم علیرضا قزوه، حسین خزایي، محمدمهدي سیار، ناصر دوستي، محمود جولیده، ومحمود تاري، في كتابة قصائد مستوحاة من هذه الملحمة.

 

 

ومن أبرز الأعمال الموسيقية: نشيد «طوفان الأقصى» من أداء فرقة «نسيم رحمت»، فيديو كليب «طوفان الأقصى» من إنتاج مؤسسة سراج، إخراج موسی حاجي نجاد، وتلحين إيمان محسني‌فر، وأداء كورال فرقة قاصدك، ونشيد «في طريق القدس» من إنتاج فرقة «عادیات» وغيرها.

 

 

السينما توثق وتُدين

 

 

تزامناً مع عملية «طوفان الأقصى» والعدوان الوحشي على غزة، الذي أودى بحياة عدد كبير من الأطفال، عبّر فنانو السينما عن تضامنهم، كما عرضت مؤسسة «بيت الوثائقي» مجموعة أفلام وثائقية منها: «سهی»، «بوريم»، «حلم العودة»، و«البحث عن وطن شرقي»، لتوعية الجمهور بأسباب الأحداث الأخيرة.

 

 

ورداً على الأكاذيب التي روّجها نتنياهو حول مجازر الأطفال، والتي كذّبتها لاحقاً وسائل إعلام عالمية، أُنتج فيلم كوميك موشن بعنوان «جمدانت را ببند» أي «احزم حقیبتك»، من إعداد مریم جعفري وإخراج حامد حسیني ‌فر، يتناول جريمة حرق الفتى الفلسطيني محمد حسين أبو خضير حياً.

 

 

الفيلم يُسلّط الضوء على تاريخ الصهيونية في قتل الأطفال، ويُظهر النظام الطبقي والتمييز العنصري داخل الكيان، حتى تجاه سكانه اليهود الذين يُستخدمون كأدوات في يد كيان الفصل العنصري. وقد نُشر الفيلم على منصات التواصل.

 

 

الفن كأداة إعلامية ومقاومة

 

 

عملية «طوفان الأقصى» فجّرت طوفاناً فنياً في إيران، حيث تحوّلت الريشة إلى بندقية، والملصق إلى بيان، والكاريكاتير إلى صرخة. الفنانون الإيرانيون، من خلال أعمالهم، لم يكتفوا بالتضامن، بل شاركوا في المقاومة، كلٌّ بلغته البصرية، وكلٌّ بصمته الجمالية. الفن هنا ليس زينة، بل موقف، وهو ما يجعل «طوفان الأقصى» حدثاً فنياً بقدر ما هو سياسي.

 

 

المصدر: الوفاق