كاتبة لبنانية فائزة بجائزة الشهيد سليماني للوفاق:

الطفل الذي يقرأ عن البطولة يكبر وفي داخله نور لا يُطفأ

خاص الوفاق: ضاهر: أطفال غزة لا يحتاجون فقط إلى الغذاء والدواء، بل إلى صوتٍ يروي حكايتهم للعالم.

موناسادات خواسته

 

قبل أيام، أحيت إيران يوم التضامن مع أطفال فلسطين، في ظل ما يواجهونه من معاناة يومية تحت الإحتلال والعدوان. وغداً، تحتفل إيران بيوم الطفل، مناسبة تُذكرنا بحق كل طفل في الأمان، والكرامة، والحلم. وبين هذين اليومين، تتقاطع القضايا الإنسانية والثقافية، وتبرز أهمية بناء وعي مقاوم لدى الأطفال على الإيمان بالحق والعدالة.

 

 

في هذا السياق، أجرينا حواراً مع الكاتبة اللبنانية «هلا ضاهر»، الحائزة على جائزة الشهيد سليماني للأدب المقاوم، التي ترى في الكلمة وسيلة لتربية جيلٍ لا يُستضعف، وجيلٍ يحمل قضايا وطنه بصدق. في حوارها، تتحدث عن دور الأدب في ترسيخ ثقافة المقاومة لدى الأطفال، وتؤكد أن الطفل الذي يقرأ عن البطولة والإنسانية يكبر وفي داخله نور لا يُطفأ.

 

 

ضاهر تدعو إلى تضامن تربوي وثقافي مع أطفال غزة، وتعتبر أنّ أطفال إيران يمكنهم أن يكونوا صوتاً لأطفال المقاومة في العالم، عبر القصة، والرسمة، والكلمة. وفيما يلي نص الحوار:

 

 

 

 

ترسيخ ثقافة المقاومة في الأطفال

 

 

بداية، سألنا الكاتبة اللبنانية «هلا ضاهر» عن رأيها حول ترسيخ ثقافة المقاومة في الأطفال، فقالت: ترسيخ ثقافة المقاومة في نفوس الأطفال ليس ترفاً فكرياً، بل هو حاجة تربوية ووطنية. فالمقاومة ليست فقط حمل السلاح، بل هي وعي، وانتماء، وإيمان بالحق والكرامة.

 

 

عندما نزرع في الطفل حبّ الوطن، ونحدثه عن العدالة، ونربّيه على الصمود والرحمة معاً، فإننا نؤسس لجيلٍ لا يُستَضعف، وجيلٍ يعرف أن المقاومة هي فعل إنساني قبل أن تكون فعلاً عسكرياً.

 

 

أدب الطفل المقاوم

 

 

وعندما سألناها عن سبب تأليف كتب في مجال أدب الطفل المقاوم، قالت: القصص التي أكتبها في مجال أدب الطفل المقاوم تمثل بالنسبة لي وسيلة لتربية جيلٍ واعٍ، يحمل قضايا وطنه بصدق، ويفهم معنى الحرية والكرامة من خلال الحكاية.

 

 

أنا أؤمن أن الكلمة تستطيع أن تبني ما لا تبنيه البنادق، وأن الطفل الذي يقرأ قصة عن البطولة والحق والإنسانية، يكبر وفي داخله نور لا يُطفأ.

 

 

هدفي أن أزرع في قلوب الأطفال بذور الوعي، وأن أقدّم لهم نموذج البطل الحقيقي الذي يقاوم الظلم بالثبات والإيمان، لا بالحقد أو العنف. فالقصص ليست مجرد تسلية، بل هي تربية وجدانية وفكرية تُسهم في بناء هوية مقاومة ناعمة ولكن عميقة الجذور.

 

 

الأدب، الطريق الأجمل لغرس قيم المقاومة

 

 

وفيما يتعلق بتربية أطفال المقاومة عن طريق الأدب وتأثيره عليهم قالت ضاهر: الأدب هو الطريق الأجمل لغرس قيم المقاومة في وجدان الطفل، لأنه يلامس خياله وعاطفته. القصة، القصيدة، والمسرحية تشكل أدوات فاعلة لترسيخ مفاهيم الصبر، والإيمان، والبطولة.

 

 

من خلال الأدب المقاوم يتعلم الطفل أن البطولة ليست حكراً على الكبار، وأن الكلمة قد تكون أقوى من الرصاصة. الأدب يعلّمه كيف يحب وطنه دون كراهية، وكيف يقف في وجه الظلم دون أن يفقد إنسانيته.

 

 

تأثير الأدب المقاوم عميق وواضح، إذ نرى الأطفال يرددون قصائد المقاومة، ويرسمون أبطالها في دفاترهم، ويكتبون عنها في مدارسهم. هذا الأدب يجعلهم أكثر ثقة بذاتهم، وأكثر إدراكاً لهويتهم. إنه يحرّرهم من الخوف، ويمنحهم أفقاً من الأمل والإيمان بأن الظلم إلى زوال مهما طال الزمن.

 

 

القادة الشهداء نماذج البطولة والتضحية

 

 

أما في ذكرى إستشهاد السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، سألنا الكاتبة اللبنانية أنها كيف وجدت تأثير القادة الشهداء على الأطفال، فأجابت قائلة: القادة الشهداء تركوا في نفوس الأطفال أثراً يفوق الوصف. صاروا رموزاً يُحتذى بها، ونماذج للبطولة والتضحية في سبيل الحق.

 

 

أطفال لبنان والعالم رأوا فيهم قدوةً تُلهِمهم أن القيادة الحقيقية هي عطاءٌ وبذلٌ وحبٌّ للناس. إنّ استشهادهم جعل الأطفال يدركون أن الكرامة ثمنها غالٍ، لكنّها تستحق أن تُصان.

 

 

غرس روح التضامن مع أطفال غزة في أطفالنا

 

 

وبالنسبة لما يجري على أطفال غزة، وكيفية دعمهم، قالت ضاهر: أطفال غزة لا يحتاجون فقط إلى الغذاء والدواء، بل إلى صوتٍ يروي حكايتهم للعالم. يمكن دعمهم عبر نشر قصصهم، تنظيم حملات إنسانية وتربوية ونفسية لهم، والضغط لإيقاف العدوان.

 

 

كما يجب أن يكون دعمهم تربوياً أيضاً، عبر غرس روح التضامن في أطفالنا كي يشعروا أن طفل غزة هو أخوهم في الإنسانية والمقاومة.

 

 

وتتابع الكاتبة اللبنانية: تضامن أطفال العالم يمكن أن يبدأ من المدرسة والصف والرسمة والكلمة. الطفل الذي يكتب رسالة تضامن، أو يرسم لوحة لأطفال غزة، يشارك في فعل مقاومة رمزية عظيمة.

 

 

أما الناشطون، فعليهم توحيد جهودهم في حملات إعلامية وتربوية مشتركة، لإيصال صوت الأطفال الفلسطينيين إلى كل منبر في العالم. فالتضامن ليس فقط بالعاطفة، بل بالفعل الثقافي والتربوي والإعلامي المستمر.

 

 

جائزة الشهيد سليماني

 

 

 

 

وأخيراً حول قصتها التي حصلت على جائزة الشهيد سليماني قالت ضاهر: وصلت قصتي الموجهة للفتيان إلى القائمة الطويلة ضمن التصفيات وهي مرشحة للفوز بجائزة الشهيد سليماني العالمية للأدب المقاوم، ويأتي ذلك بعد عامين من فوزي بجائزة المرتبة الثانية ضمن فئة القصة القصيرة وكان عنوانها العكاز الخشبي.

 

 

وهنا أذكر نبذة عن القصة الموجهة للفتيان وعنوانها: «مذكرات عساكري»: تحكي مذكرات عساكري قصة فتى صغير لم يحمل السلاح، لكنه حمل قلباً أكبر من عمره. في قريته الواقعة على خط النار، كان يراقب المقاومين بصمت، ثم يجد نفسه يوماً جزءاً من حكايتهم، يساعدهم في إيصال الرسائل، ويحفظ الأسرار بين دفاتره الصغيرة.

 

 

من خلال مذكراته نكتشف عالم الطفولة حين يلتقي بالبطولة، ونشهد كيف يمكن للحلم أن يتحوّل إلى مقاومة، وللخوف أن يصبح شجاعةً خفيّة.

 

 

هي قصة عن الإنتماء، والوعي، والبراءة التي تتعلّم معنى التضحية قبل أن تكبر. وصولاً إلى مرحلة شبابه وكيف تابع عمله المقاوم. نترك هذا الأمر للقارىء كي لا نحرق المفاجأة.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص