وسط تدفق مئات الآلاف من النازحين نحو منازلهم

فصائل المقاومة تعلن رفضها المطلق لأيّ وصاية أجنبية على غزة

بعد 735 يوماً من حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبعد وقف إطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال الصهيوني نحو الخط الأصفر، تدفق مئات آلاف الفلسطينيين نحو مدينة غزة للعودة لمنازلهم وأماكن سكناهم رغم الدمار الذي تعرضت له المدينة.

وفي الوقت ذاته، أعلنت وزارة الداخلية في غزة بدء الانتشار لاستعادة النظام، في حين بدأت فرق الدفاع المدني عمليات بحث واسعة عن المفقودين، وانتشال جثامين الشهداء. كما أعربت حماس والجهاد والجبهة الشعبية، في بيان مشترك، عن استعدادها للاستفادة من المشاركة العربية والدولية في إعادة إعمار غزة، مؤكدة رفض أي وصاية أجنبية.

 

الاحتلال يحتجز جثامين 735 فلسطينياً

 

كشفت الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، في بيان السبت، أن الاحتلال الصهيوني يواصل احتجاز 735 جثماناً فلسطينياً، بينهم 67 طفلاً. وأوضحت الحملة أنّ من بين الجثامين الـ 735 المحتجزين، 256 جثماناً في مقابر الأرقام.

 

يُشار إلى أنّ مقابر الأرقام مدافن بسيطة محاطة بحجارة من دون شواهد، ومثبّت فوق كل قبر لوحة معدنية تحمل رقماً من دون اسم صاحب الجثمان، ولكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهات الأمنية الصهيونية.

 

كما يُذكر أن هذه الممارسات الصهيونية تأتي استمراراً لانتهاكات الاحتلال بحق جثامين الفلسطينيين عامّةً، والشهداء على وجه الخصوص، حيث يمارس التنكيل والتشويه، فضلاً عن سرقة الجثامين من المقابر.

 

 

إدارة قطاع غزة شأن فلسطيني داخلي

 

من جانب آخر، أكدت حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رفضها بشكل قاطع أيّ وصاية أجنبية على قطاع غزة، مشددة على أن تحديد شكل إدارة القطاع وأسس عمل مؤسساته شأن فلسطيني داخلي. وأبدت الفصائل في الوقت عينه في بيان ثلاثي استعدادها للاستفادة من مشاركة عربية ودولية في مجالات الإعمار والتعافي ودعم التنمية.

 

وأشارت إلى العمل بالتعاون مع مصر على عقد اجتماع وطني شامل عاجل من أجل الخطوة التالية بعد وقف إطلاق النار لتوحيد الموقف الفلسطيني وإعادة بناء المؤسسات الوطنية.

 

ورأت الفصائل أنّ هذه المرحلة تُمثّل فرصة لتعزيز التكافل الاجتماعي داخل قطاع غزة، مُجدّدةً نداء الوحدة والمسؤولية الوطنية للشروع في مسار سياسي وطني موحّد مع جميع القوى والفصائل. وشدّدت على التمسّك الثابت بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه والإصرار على مواصلة المقاومة بكلّ أشكالها حتى تحقيق الحقوق كاملة وعلى رأسها إزالة الاحتلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

 

اتفاق وقف إطلاق النار

 

وبشأن اتفاق وقف إطلاق النار، أكدت الفصائل أنّ الوفد الفلسطيني المفاوض وضع نصب عينيه مطالب الشعب بوقف حرب الإبادة وقد توصّل حتى الآن إلى اتفاق لتطبيق المرحلة الأولى من هذا المسار، رغم محاولات الاحتلال للتعطيل.

 

وقالت: إنّ “ما توصلنا إليه فشل سياسي وأمني لمخططات الاحتلال وكسر أهدافه في فرض التهجير والاقتلاع”، مضيفة أنّه “حقّقنا جزئياً إنهاء معاناة شعبنا وتحرير المئات من أسيراتنا وأسرانا الأبطال من سجون الاحتلال”.

 

ولفتت الفصائل إلى أنّه ما زال المسار التفاوضي وآلية تنفيذ الاتفاق بحاجة إلى يقظة وطنية عالية ومتابعة دقيقة، مؤكدةً مواصلة العمل بمسؤولية عالية مع الوسطاء لضمان إلزام الاحتلال بما يحمي حقوق الشعب وينهي معاناته.

 

وفي البيان، أوضحت الفصائل أنّ الاحتلال أجهض إطلاق سراح عددٍ كبير من الأسيرات والأسرى وقيادات الحركة الأسيرة، داعيةً الطرف الأميركي والوسطاء لمواصلة الضغط لضمان التزام الاحتلال ببنود الاتفاق كافة.

 

حرب الإبادة

 

وذكرت الفصائل أنّ أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة واجهوا أفظع الجرائم الصهيونية بصمود وثبات أسطوري، وأنّ “ثبات المقاومين وكل أبناء شعبنا أفشل مخططات التهجير وسجل درساً خالداً في الصمود والتحدي”.

 

وأضافت، في البيان المشترك، أنّ المشاهد المهيبة لعودة أبناء الشعب الفلسطيني النازحين إلى مدينة غزة تجسّد إرادة شعب يرفض الهجرة القسرية ويصرّ على العودة.

 

وأكدت أنّ “العدو لم يستطع على مدار عامين وأكثر أن يكسر صمود وإرادة المقاومة رغم كل ما يمتلكه من أسلحة”، معاهدةً الشعب وعائلات الأسرى بأن “قضية تحريرهم جميعاً ستبقى على رأس جدول أولوياتنا الوطنية ولن نتخلى عنهم”.

 

وتوجّهت الفصائل بتحية فخر واعتزاز إلى جبهات الإسناد في اليمن ولبنان والجمهورية الإسلامية في إيران والعراق، معبّرةً عن التقدير العميق للجهود الجبّارة التي بذلها الوسطاء الأشقاء مصر قطر وتركيا وكل من ساند هذا المسار.

 

وثمّنت عالياً الحراك العالمي التضامني غير المسبوق الذي وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، معتبرةً أنّ هذا الحراك يؤكد أنّ الاحتلال بات في عزلة وحصار ويجب أن يتزايد ويتصاعد.

 

وأضافت الفصائل، أنّ تضامن الشعوب الحرة مع فلسطين وغزة هو رسالة قوية بأنّ قضية الشعب الفلسطيني هي قضية سياسية وإنسانية عالمية.

 

أجهزة وزارة الداخلية تبدأ انتشارها

 

في غضون ذلك، لم تمر ساعات على انسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من غزة حتى كانت أجهزة وزارة الداخلية قد بدأت انتشارها في المناطق لنشر الأمن والبدء في أعمال إعادة الحياة للقطاع الفلسطيني.

 

وواصلت الأجهزة انتشارها السبت في المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال الصهيوني ابتداء من الجمعة تطبيقا لاتفاق وقف إطلاق النار، وأوضحت الصور الواردة من القطاع السبت انتشارا واضحا في الطرق الرئيسية والأسواق الشعبية على وجه الخصوص.

 

وكانت وزارة الداخلية في غزة أعلنت بدء انتشار أجهزتها الأمنية في المناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال الصهيوني بمحافظات القطاع كافة، من أجل استعادة النظام ومعالجة مظاهر الفوضى التي سعى الاحتلال لنشرها على مدار عامين.

 

خطة طوارئ

 

ودعت الوزارة الفلسطينيين، في بيان، إلى “المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، والابتعاد عن أية تصرفات قد تشكل خطراً على حياتهم، وإلى التعاون مع ضباط وعناصر الأجهزة الشرطية والأمنية والخدماتية، والالتزام بالتعليمات التي ستصدر عن الجهات المختصة في أجهزة الوزارة خلال الأيام القادمة”.

 

والسبت، أعلنت حكومة غزة عن إنجاز أكثر من 5 آلاف مهمة ميدانية وخدماتية وإنسانية خلال 24 ساعة ضمن خطة طوارئ لإعادة الحياة تدريجيا إلى القطاع الفلسطيني.

 

آخر تطورات الضفة المحتلة

 

ميدانياً، استشهد شاب وأُصيب طفل، مساء الجمعة، برصاص قوات الاحتلال الصهيوني في جنين. وأعلنت وزارة الصحة أن الشهيد هو الشاب محمد عدنان يوسف سلامة (25 عاماً).  كما أُصيب طفل يبلغ من العمر 15 عاماً بشظايا الرصاص في أطرافه، بالقرب من دوار السينما، ونقلته طواقم الهلال الأحمر إلى المستشفى لتلقّي العلاج.

 

ووفقاً لوسائل إعلام محلية، فقد اقتحمت قوات الاحتلال عدة أحياء في مدينة جنين، وأطلقت الرصاص الحي باتجاه المواطنين، ما أسفر عن استشهاد الشاب سلامة وإصابة الطفل.

 

وتزامن هذا الاعتداء مع تصعيد الاحتلال في مدن الضفة الغربية، حيث تتواصل الهجمات العسكرية والاعتقالات، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في المنطقة.

 

المصدر: الوفاق/ وكالات

الاخبار ذات الصلة