في ذكرى تكريم حافظ الشيرازي

إيران تحتفي بحافظ الشيرازي.. من شاشات التلفزيون إلى جدران العاصمة

الوفاق: أكد الوزير أن حرية الفكر التي اتسم بها حافظ، ومناهضته للتعصب والرياء، كانت من أبرز أسباب شهرته العالمية، حيث جذب إليه مفكرين وشعراء كبار مثل بوشكين وإمرسون.

بمناسبة الذكرى السنوية لتكريم الشاعر والعارف الكبير خواجه شمس الدين محمد حافظ الشيرازي، تشهد إيران هذا العام احتفاءً واسع النطاق يجمع بين الإعلام الوطني، المؤسسات الثقافية، والمبادرات الفنية، في إطار الدورة الرابعة من الحدث الوطني «إيران جان – فارس ایران».

 

وزير الثقافة: حافظ؛ شاعر وفيلسوف عالمي

 

 

في هذا السياق وفي أمسية ثقافية احتفاءً بذكرى الشاعر الكبير حافظ الشيرازي، أكد وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، سيد عباس صالحي، أن شعر حافظ وفكره تجاوزا حدود الزمان والمكان، ليصبحا مصدر جذب لجمهور عالمي واسع، واعتبر الوزير، حافظ الشيرازي شاعراً وفيلسوفاً عالمياً.

 

 

وفي كلمته خلال الحفل الرسمي الذي أقيم مساء السبت في مدينة شيراز، أشار صالحي إلى أن حافظ كان شخصية قوية حتى في عصره، واستشهد ببيت شهير من ديوانه يصف انتشار شعره في الهند والبنغال، مؤكداً أن هذا ليس من باب المبالغة، بل دليل على عمق تأثيره الأدبي.

 

 

وأضاف الوزير أن شعر حافظ يمثل خلاصة المعرفة والروحانية الإسلامية والإيرانية، ويشبع الحاجة العرفانية للإنسان، مشيراً إلى أن ديوانه، رغم اختصاره، يُعدّ محيطاً معرفياً لا ينضب.

 

 

كما تطرق صالحي إلى الأسلوب اللغوي الفريد لحافظ، واصفاً إياه بالإعجاز الأدبي، ومشيراً إلى أن الرحالة الإيطالي بيترو ديلا فالي قدّم حافظ للأدباء الأوروبيين، مقارناً إياه بالشاعر الروماني فرجيل.

 

 

وأكد الوزير أن حرية الفكر التي اتسم بها حافظ، ومناهضته للتعصب والرياء، كانت من أبرز أسباب شهرته العالمية، حيث جذب إليه مفكرين وشعراء كبار مثل بوشكين وإمرسون.

 

 

واختتم صالحي حديثه بالإشارة إلى فلسفة حافظ ورؤيته الوجودية، التي جعلت منه شاعراً وفيلسوفاً في آنٍ واحد، لافتاً إلى أن تيارات فلسفية حديثة، كالإكزيستانسيالية، وجدت في شعره إجابات عميقة لأسئلة الإنسان المعرفية.

 

 

وفي ختام الحفل، قدّم أهالي شيراز للوزير هدية رمزية تمثلت في نسختين من “القرآن الكريم” و”ديوان حافظ”، تعبيراً عن ارتباط الدين بالأدب في قلب الثقافة الإيرانية.

 

 

التلفزيون الإيراني يحتفي بجماليات فارس

 

 

تتوجه أنظار الإعلام الرسمي إلى محافظة فارس، مهد حافظ، حيث خصصت شبكات التلفزيون الإيراني أسبوعاً كاملاً من البث المباشر والبرامج الوثائقية والفقرات الثقافية، من 11 إلى 17 أكتوبر، لتسليط الضوء على المعالم التاريخية والطبيعية والثقافية للمحافظة، مثل مسجد نصير الملك، شاهجراغ، بوابة القرآن، آرامكاه حافظ، تخت جمشيد، وحدائق إرم وجهان‌نما.

 

 

وتشارك شبكات التلفزيون الكبرى في هذا الحدث، من بينها القناة الأولى التي تبث وثائقي «إيران من الأعلى»، والقناة الثانية التي تقدم فقرات يومية عن معالم فارس، إلى جانب برامج حوارية من شيراز، وتغطيات ميدانية من مرقد أحمد بن موسى (ع)، وجلسات دفاع جامعية، وعروض موسيقية وفنية من إنتاج مركز فارس.

 

 

معرض «حافظ عبر الزمن»

 

 

وفي شيراز، افتُتح معرض «حافظ عبر الزمن» في مقر إدارة الوثائق والمكتبة الوطنية بجنوب إيران، حيث تُعرض وثائق تاريخية نادرة تعود إلى عصر القاجار، إضافة إلى نسخ خطية ثمينة من ديوان حافظ، من مقتنيات المكتبة الوطنية ومتحف ملك. ويستقبل المعرض الزوار يومياً من الساعة 8 صباحاً حتى 7 مساءً، حتى نهاية أسبوع حافظ.

 

 

جدارية «لسان الغيب»

 

 

 

 

وفي العاصمة طهران، كُشف عن جدارية ضخمة في ساحة وليعصر(عج) تحمل عنوان «لسان‌ الغیب»، تُظهر حافظ إلى جانب نخبة من شعراء إيران والعالم الذين تأثروا بشعره، من بينهم نيما يوشيج، غوته، شهريار، فروغ فرخزاد، وسهراب سبهري. وتزين الجدارية بيت شعري شهير للشاعر شهريار في مدح حافظ، يقول فيه: «أنا منشِدُ ثنائك ما دمت حيّاً، لكنني على يقين أن الحقّ لن يُوفي أبداً أستاذاً مثلك يا حافظ».

 

 

إرث حافظ في وجدان الإيرانيين

 

 

وفي رسالة بهذه المناسبة، أكد الدكتور علي أكبر صالحي، رئيس مؤسسة الدراسات الإيرانية، أن إرث حافظ لا يقتصر على الغزل، بل يتجلى في أسلوب حياة الإيرانيين، مشدداً على أن غزلياته ما زالت تنير دروب الحكمة والحرية بعد قرون من رحيله. وأضاف أن فهم إيران لا يكتمل إلا من خلال استيعاب أفكار الحكماء والمتصوفة والشعراء أمثال حافظ، الذي يُعد تجسيداً لروح الإيراني، تلك الروح التي تجد معناها في التنقل بين العقل والعشق، التصوف والحكمة، الحقيقة والجمال.

 

 

ويأتي هذا الاحتفاء في وقت تتجدد فيه مكانة حافظ كرمز خالد للهوية الثقافية الإيرانية، حاضراً في الإعلام، في الذاكرة، وعلى جدران المدن، داعياً إلى التأمل، الحب، والحرية، كما كان دائماً.

 

 

المصدر: الوفاق