موناسادات خواسته
في إطار الإحتفاء بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس جمعية الخطاطين الإيرانيين، والتي تُعدّ من أعرق المؤسسات الثقافية والفنية في البلاد، أجرينا حواراً مع الأستاذ «بيمان بيروي»، أحد أبرز أساتذة الخطّ الإيراني المعاصر، للحديث عن خصوصية هذا الفن العريق، ومكانته في المشهد الثقافي العالمي، ودوره في تعزيز الحوار الفني بين الشعوب.
بيروي، الذي يُعرف بأسلوبه التجريبي في فن «التشكيل الحروفي»، تحدّث عن بداياته، ورؤيته الجمالية، وأهمية الخطّ الإيراني كجسر للتواصل الثقافي، مؤكداً أن هذا الفن لا يزال يحمل في طياته طاقة تعبيرية هائلة قادرة على مخاطبة وجدان الإنسان أينما كان. وفيما يلي نص الحوار:
عروس الخطوط الإسلامية
في البداية، تحدث الأستاذ «بيمان بيروي» عن فن الخطّ الإيراني وميزاته الخاصة مقارنةً بالفنون الأخرى، قائلاً: الخط والخطاط الإيراني، ولا سيما خط النستعليق، يتمتع بخصائص فريدة جعلته يُعرف بـ «عروس الخطوط الإسلامية». من حيث التكوين والبنية، يتميز بجمال خاص واستثنائي، ويحظى باهتمام بالغ في العالم الإسلامي وفي العديد من الدول الأخرى، حيث يبرز كجوهرة متألقة ومتميزة بين سائر الخطوط.
ومن فروع هذا الخط، خط «شكسته»، الذي يُعدّ شاعر الخطوط بفضل حركاته وانحناءاته وتمايلاته الجميلة. ولهذا، فإن الخطاطين الإيرانيين، من خلال إتقانهم لهذين الخطين الرائعين، يبدعون أعمالاً فنية فاخرة وخالدة، ويساهمون في ترسيخ مكانة فن الخط الإيراني على الساحة العالمية.
الخط التحريري والفني
بعد ذلك سألنا الأستاذ عن سبب إنجذابه بالخط كذلك فن «نقاشي خط» أي فن «التشكيل الحروفي»، فقال: فن الخط كان متجذراً في داخلي بشكل وراثي؛ فقد كان والدي يتمتع بخط جميل وكان مدرساً في المرحلة الثانوية، وكان يكتب أسئلة الامتحانات الفصلية بقلم «استنسل» بخط أنيق وجميل. لقد ورثت منه الخط التحريري، «خط ريز» أي «الخط الدقيق» الذي يُشبه الخط النسخي في الفن العربي، أما الخط الفني، «خط درشت» أي «الخط العريض» الذي يُشبه الخط الجلي بالفن العربي، فقد طوّرته من خلال الدورات المستمرة والتدريب والمثابرة. لاحقاً، وبفضل قابلية هذا الفن للتشكيل، وتنوع الألوان والأنسجة، وجاذبيته البصرية، انجذبت إلى فن “التشكيل الحروفي” الذي يمثل ذروة الجمال البصري في هذا المجال.
فن «التشكيل الحروفي»
وفيما يتعلق بجاذبية فن «التشكيل الحروفي» وأسلوبه في هذا لمجال، يقول الأستاذ بيروي: بالطبع، يتمتع فن الخط بجماله وكماله الخاص، ولكن عندما يُدمج بالألوان ويأخذ طابعاً تصويرياً، فإنه يصبح أكثر جذباً للجمهور العام. ولهذا السبب، يحظى فن «التشكيل الحروفي» بحضور بارز ومميز في المزادات والمعارض الدولية المرموقة.
أما عن أسلوبي في هذا الفن، فأنا أستخدم منذ سنوات قالب «سياه مشق»، لأنه يتمتع بمرونة كبيرة ويمنح تنوعاً بصرياً واسعاً، ولا توجد أية قيود في استخدامه لتنفيذ أعمال «التشكيل الحروفي».
الخطّ الإيراني في الساحة الدولية
أما حول مكانة فن الخطّ الإيراني على الساحة الدولية، قال أستاذ الخط الإيراني: إيران هي مهد الفن، وأفضل الفنانين الإيرانيين يبدعون أجمل وأخصّ الأعمال الفنية. ولهذا نرى أن المتاحف والمقتنين الكبار من مختلف أنحاء العالم يشترون أعمال الفنانين الإيرانيين أو يحتفظون بها ضمن مجموعاتهم الخاصة بناءً على طلبهم.
وتابع: هذا الفن يمكن أن يكون عاملاً للوحدة بين الفنانين الإيرانيين ونظرائهم في الدول الأخرى، بشرط أن يتم التواصل والتفاعل الثقافي، وأن يعمل الفنانون معاً على إنتاج أعمال مشتركة تُعرض للعالم.
ندوات ومعارض بموضوع السلام
وأخيراً حول كيفية مساهمة فناني الخطّ في دعم الشعب الفلسطيني المظلوم، قال الأستاذ بيروي: إن تنظيم الندوات والمعارض المتنوعة التي تتمحور حول مواضيع السلام وغيرها سيكون ذا تأثير بالغ. وفي الختام، أتمنى أن يصل هذا الفن إلى مكانته الحقيقية، وأن يكون له صوت مسموع على الساحة العالمية أكثر من سابق، لكن تحقيق ذلك كله يعتمد على رؤية الأساتذة والقائمين على هذا الفن.