2000 أسير فلسطيني يعانقون الحرّية

الاحتلال الصهيوني يرضخ لشروط المقاومة في تبادل الأسرى

إنطلقت عند الثامنة من صباح الإثنين عملية تسليم جميع الأسرى الصهاينة الأحياء لدى المقاومة الفلسطينية والبالغ عددهم عشرين إلى كيان الاحتلال عبر الصليب الأحمر الدولي وذلك على دفعتين.

وشملت الدفعة الأولى سبعة أسرى أعلن جيش الاحتلال أن وضعهم جيد بعد خضوعهم لتقييم طبي أولي، كما جرت مكالمات هاتفية بين بعض المحتجزين وعائلاتهم التي تنتظر وصولهم الى قاعدة ريعيم العسكرية قرب غزة. وفي الدفعة الثانية، سلمت حركة حماس إلى الصليب الأحمر الدولي ثلاثة عشر أسيراً صهيونياً. بالمقابل، نشر مكتب إعلام الأسرى قائمة بأسماء الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم في إطار الصفقة، وعددهم ألفا وتسعمئة وثمانية وستين أسيراً بينهم مئتان وخمسون من المحكومين بالمؤبد وأصحاب الأحكام العالية. وأشار مكتب إعلام الأسرى إلى أنه سيتم إبعاد مئة وثلاثة وأربعون أسيراً فلسطينياً من قائمة المحكومين بالمؤبد الذين سيتم الإفراج عنهم إلى خارج الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.

 

تسليم جميع الأسرى الصهاينة الأحياء

 

في التفاصيل، نقلت إذاعة جيش الاحتلال الصهيوني عن مصادرها تأكيدها أنه لم يعد هناك أي رهائن أحياء لدى حماس، فيما أكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن طواقم المنظمة نفذت عملية إطلاق سراح الأسرى الصهاينة في قطاع غزة.

 

وتشمل الصفقة الإفراج عن 250 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام المؤبدة والعالية، بالإضافة إلى 1700 معتقل من أبناء قطاع غزة الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في خطوة وصفت بأنها الأكبر منذ سنوات من حيث عدد الأسرى المفرج عنهم.

 

وبدأت كتائب القسام عملية تسليم الأسرى الصهاينة إلى فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تمام الساعة الثامنة صباح الإثنين، وانتشر عناصر وحدة الظل التابعة للقسام في شوارع مدينة غزة لتأمين حركة فرق الصليب الأحمر وضمان سير عملية التسليم بسلاسة وأمان.

 

واحتشد مئات المواطنين في المدينة مرددين هتافات مؤيدة للمقاومة الفلسطينية خلال عملية تسليم الأسرى الصهاينة، وسط أجواء وطنية تعكس فرحة الشعب الفلسطيني بإنجاز صفقة التبادل.

 

غزة تستقبل الأسرى المحررين

 

واكتملت في قطاع غزة التحضيرات اللوجستية لتنفيذ عملية تبادل الأسرى واستقبال المحررين وسط أجواء وطنية، في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

 

وأعلنت الشرطة الفلسطينية في مدينة خان يونس عن اتخاذ إجراءات مرورية وأمنية مشددة في محيط مجمع ناصر الطبي، ضمن الترتيبات الخاصة باستقبال الأسرى المحررين.

 

وكانت الشرطة قد ذكرت، في تعميم رسمي، أنه سيتم إغلاق عدد من الطرق الرئيسية والفرعية المحيطة بالمجمع أمام حركة المركبات ابتداءً من الساعة السابعة صباحاً وحتى إشعار آخر، لضمان انسيابية الفعاليات وسلامة المشاركين.

 

وأوضح البيان أن ساحة مجمع ناصر الطبي ستُخصَّص بالكامل لاستقبال الأسرى المحررين، فيما سيكون الدخول للمرضى والعاملين في المستشفى محصوراً عبر البوابتين الشمالية والشرقية فقط.

 

ودعت شرطة خان يونس المواطنين إلى استخدام طرق بديلة للوصول إلى وسط وغرب المدينة، مؤكدة أهمية الالتزام بالتعليمات والتعاون مع الأجهزة الأمنية لضمان سير فعاليات هذا اليوم الوطني بصورة آمنة ومنظمة.

 

كتائب القسام: الاتفاق ثمرة لصمود الشعب والمقاومة

 

من جهتها، أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه جاء ثمرةً لصمود الشعب الفلسطيني وثبات مقاوميه، مشددةً على التزامها الكامل بما ورد فيه من جداول زمنية، ما دام الاحتلال ملتزماً بتنفيذه.

 

وأضافت الكتائب، في بيانها، أن المقاومة كانت حريصة منذ الأشهر الأولى للحرب على إيقاف “حرب الإبادة” التي يشنها الاحتلال، وسعت في أكثر من مناسبة إلى التوصل إلى تفاهمات إنسانية، غير أن العدو أفشل كل الجهود بسبب “حساباته الضيقة وإشباعاً لغريزة الانتقام لدى حكومته النازية”.

 

وأشارت الكتائب إلى أن الاحتلال فشل في استعادة أسراه عبر الضغط العسكري، رغم تفوقه الاستخباري وفائض القوة التي يمتلكها، مؤكدة أن العدو “خضع أخيراً ليستعيد أسراه عبر صفقة تبادل كما وعدت المقاومة منذ البداية”.

 

وأكد البيان أن الاحتلال كان بإمكانه استعادة معظم أسراه أحياء منذ شهور طويلة، لكنه فضّل المماطلة والمكابرة، ما أدى إلى مقتل العشرات منهم نتيجة “سياسة الضغط العسكري الفاشلة”.

 

وخاطبت الكتائب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بالقول: “لقد قدّمت غزة ومقاومتها أغلى ما تملك، وسعت بأقصى طاقتها لكسر قيودكم، ونعاهدكم أن تبقى قضيتكم على رأس أولوياتنا الوطنية حتى تنالوا حريتكم جميعاً”.

 

وفي إطار صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الإفراج عن الأسرى الصهاينة الأحياء التالية أسماؤهم: بار أبراهام كوبرشتاين، أفيتار دافيد، يوسف حاييم أوحانا، سيغيف كالفون، أفيناتان أور، إلكانا بوحبوط، ماكسيم هيركين، نمرود كوهين، متان تسنغاوكر، دافيد كونيو، إيتان هورن، متان أنغريست، إيتان مور، غالي بيرمان، زيف بيرمان، عمري ميران، ألون أوهل، غاي جلبوع-دلال، روم براسلافسكي، أريئيل كونيو.

 

تنفيذ المرحلة الأولى من خطة واشنطن

 

بدورها، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن كتائب الشهيد عز الدين القسام وفصائل المقاومة في قطاع غزة أفرجت عن عشرين أسيراً من جنود الاحتلال، وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب على قطاع غزة.

 

وأكدت الحركة، في بيان رسمي، أن هذه الخطوة تأتي تأكيداً لالتزام المقاومة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، مشددة على أهمية دور الوسطاء في ضمان التزام العدو الصهيوني بجميع بنود الاتفاق واستكمال تنفيذها وفق الجداول الزمنية المحددة.

 

وأوضحت حماس أن تحرير الأسرى الفلسطينيين، وبينهم أصحاب الأحكام المؤبدة والعالية الذين أمضوا عقوداً طويلة خلف القضبان، هو ثمرة بطولة وصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومقاومته الباسلة، ووفاءٌ من المقاومة بعهدها لأسرى الحرية، وتجسيد لإرادة التحرير التي لا تنكسر أمام “بطش النازيين الجدد”.

 

وأشار البيان إلى أن نتنياهو وجيش الاحتلال فشلا طوال عامين من “حرب الإبادة والتدمير” في استعادة الأسرى بالقوة، واضطرا في النهاية للرضوخ لشروط المقاومة، التي أكدت منذ البداية أن طريق عودة الجنود الأسرى لا يكون إلا عبر صفقة تبادل وإنهاء العدوان على غزة.

 

وأكدت الحركة أن المقاومة حرصت على الحفاظ على حياة الأسرى الصهاينة رغم محاولات الاحتلال المتكررة لاستهدافهم، في وقت يتعرض فيه الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال لأبشع الانتهاكات من تعذيب وتنكيل وقتل.

 

استقبال حاشد رغم قمع الاحتلال

 

هذا ووصلت حافلات الأسرى المحررين إلى رام الله في الضفة الغربية، فيما تجمعت حشود غفيرة في قصر رام الله الثقافي استعداداً لاستقبالهم. وأفادت وسائل إعلام بأن 1966 أسيراً فلسطينياً كانوا يستعدون منذ صباح الإثنين في الحافلات الصهيونية داخل السجون. وقالت: “من المتوقع إطلاق سراح 250 فلسطينياً محكومين بالمؤبد إلى الضفة الغربية والقدس والخارج”.

 

يأتي ذلك في وقت حاول الاحتلال الصهيوني منع الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية من الاحتفال بتحرّر الأسرى الفلسطينيين من سجونه.

 

وأكد محامي مركز معلومات وادي حلوة القدس، سراج أبو عرفة، أن المخابرات الصهيونية استدعت أهالي الأسرى المنوي الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل ودفعتهم إلى توقيع على شروط الإفراج.

 

وأوضح المحامي أن شروط الإفراج تمثلت بـ”عدم التجمهر والتجمع ومنع أي مظاهر للاحتفال، وأن كل أسير مُفرج عنه ستوصله مركبة المخابرات إلى داخل منزله وتتأكد من الالتزام بالشروط”.

 

وقد أُصيب شاب بالرصاص الحي خلال انتظار الأهالي لأبنائهم قرب سجن “عوفر” غرب رام الله في الضفة الغربية.

 

أكثر من 7000 موظف يشاركون في تحضيرات استقبال الأسرى

 

بدوره، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في بيان صحافي، أن أكثر من 7000 موظف حكومي يشاركون في التحضيرات الواسعة لاستقبال الأسرى الفلسطينيين الأبطال الذين سيفرج عنهم من سجون الاحتلال الصهيوني، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.

 

وأوضح البيان أن التحضيرات تسير على قدم وساق بمشاركة الوزارات الصحية والخدمية والأمنية والإغاثية والإعلامية، لضمان حسن التنظيم والاستقبال اللائق بالأسرى الذين صمدوا فترات طويلة في وجه السجان الصهيوني، وبما يعكس التقدير الوطني والشعبي لهم.

 

وأكد أن هذه الاستعدادات تمثل جهداً وطنياً جامعاً تشارك فيه المؤسسات الحكومية كافة، في إطار خطة متكاملة تُعنى بالجوانب الإنسانية والخدمية والإدارية والإعلامية، لتأمين عملية الاستقبال وتوفير كل مقومات الراحة والرعاية للأسرى وعائلاتهم.

 

وشدد المكتب الإعلامي الحكومي على أن استقبال الأسرى واجب وطني وأخلاقي، مشيراً إلى أن التحضيرات تأتي انسجاماً مع رسالة الوفاء لتضحياتهم، ومع التزام الحكومة الراسخ بخدمة الشعب الفلسطيني في كل الميادين، خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تعكس وحدة الموقف الفلسطيني وتمسكه بحقوقه وثوابته.

 

أسرى صهاينة يجرون اتصالات

 

من جهة أخرى، كشف منتدى عائلات الأسرى والمفقودين الصهاينة أن أسرى صهاينة لم يفرج عنهم بعد أجروا اتصالات عبر الفيديو من غزة مع عائلاتهم الاثنين.

 

وشارك منتدى العائلات مقاطع فيديو وصوراً لعائلات ماتان زانغاوكر ونمرود كوهين وأريئيل وديفيد كونيو، وهم أسرى لم يكن قد أفرج عنهم بعد، بحسب السلطات الصهيونية، أثناء إجرائهم المكالمات.

 

وقالت المراسلة الصهيونية غيلي كوهين: “ما يحصل الآن لا يصدق. في حين لا يزال متان تسنغاوكر في الأسر، فإنه يتحدث عبر video call من هاتف تابع لحماس إلى والدته وصديقته”.

 

ووصفت العديد من المنصات الصهيونية ومحللون صهاينة الحديث الهاتفي للأسرى الصهاينة وهم في الأسر مع عائلاتهم بـ “الجنون”.

 

أما المراسل في القناة 12 الصهيونية يارون أبراهام، فقد علق: “كان لديهم خرائط قواعد جيش الاحتلال، إذاً ما العجيب أن يكون لديهم أرقام هواتف العائلات”.

 

الغزيون يواجهون مأساة هائلة في شمال غزة

 

هذا وبدأ الفلسطينيون باستخدام الأدوات اليدوية وأيديهم العارية في مهمة شاقة للعثور على رفات أحبائهم المدفونين تحت أنقاض شمال غزة، وفق تقرير لصحيفة “الغارديان”.

 

وعاد آلاف الفلسطينيين منذ وقف إطلاق النار يوم الجمعة، في مهمة صعبة للبحث عن أحبائهم الذين قضوا في الغارات الجوية الصهيونية خلال الأسابيع أو الأشهر الماضية.

 

وتقدّر هيئة الدفاع المدني في غزة أن حوالى 10 آلاف شخص ما زالوا عالقين تحت الأنقاض والمباني المنهارة.

 

وقد أتاح توقف القتال فرصة أخيرة لفرق الإسعاف للبدء بعملية البحث، ومنح العائلات فرصة لإنهاء معاناتهم.

 

وتعتبر المهمة هائلة بالنظر إلى تقديرات بـ 60 مليون طن من الأنقاض المنتشرة في جميع أنحاء القطاع.

 

المصدر: الوفاق/ وكالات