مناورات جوية للناتو تكتسب دلالة استراتيجية أكبر من مجرد تمرين روتيني

في ظل تصاعد الأزمة الأوكرانية ومخاوف انزلاق المواجهة بين روسيا والغرب إلى مستويات خطرة، تكتسب مناورات الناتو الجوية "ستيدفاست نون" دلالة استراتيجية أكبر من مجرد تمرين روتيني.

فرغم التأكيدات الرسمية بأن التدريبات “لا علاقة لها بأي أحداث جارية”، فإن توقيتها، وحجمها، وموقعها قرب الحدود الروسية مباشرة يجعلان منها إشارة تصعيدية صريحة، تقرأ في موسكو على أنها جزء من استراتيجية غربية منسقة لرفع سقف الضغط النووي على روسيا.

 

 

وقد بدأت هذه المناورات أمس الاثنين، وتستمر أسبوعين فوق بحر الشمال، بمشاركة 70 طائرة عسكرية من 14 دولة عضو في الحلف، بينها مقاتلات حديثة من السويد وفنلندا الدولتين اللتين انضمتا حديثا أو تتجهان للانضمام إلى الناتو.

 

 

إضافة إلى طائرات ألمانية وبولندية معدة لحمل قنابل نووية أمريكية من طراز B61، وأربع مقاتلات أمريكية من طراز F-35 متعددة المهام، قادرة على حمل أسلحة نووية وتقليدية على حد سواء.

 

 

ويتركز التمرين حول قاعدة فولكل الجوية في هولندا، التي يعتقد أنها تستضيف نحو 20 قنبلة نووية أمريكية، في إطار سياسة “المشاركة النووية” (Nuclear Sharing) التي تتيح لدول غير نووية في الناتو استخدام أسلحة نووية أمريكية في حال اندلاع نزاع، وهو ما يعتبره الخبراء انتهاكا لروح معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

 

 

رسميا، تهدف المناورات إلى “التدريب الدوري لضمان جاهزية الردع النووي”، ولا تتضمن استخدام أسلحة فعلية، بل نماذج محاكاة تعلق على الطائرات. لكن الخبير العسكري الروسي يوري كنوتوف يشير إلى أن “السيناريو النووي بات أحد أولويات الناتو”، موضحا أن “الغرب يتدرب على سيناريوهات قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا”، مضيفا أن “ما يعلن عنه كثلاث طائرات في الجو قد يحاكي في الواقع عمليات جناح جوي كامل مكون من ثلاثين طائرة”.

 

 

ويذهب دميتري سوسلوف، نائب مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية في جامعة البحوث العليا للاقتصاد (الهسك)، إلى أن “توقيت هذه المناورات ليس عرضيا”، مؤكدا أنها “تندرج في سياق تصعيدي واضح”، خاصة في ظل “الاتهامات المتكررة وغير المبررة لروسيا بانتهاك المجال الجوي عبر طائرات مسيرة، وتفعيل المادة الرابعة من معاهدة الناتو بشكل شبه دائم”.

 

 

ويرى سوسلوف أن “الحلف، لو لم يكن يسعى إلى مزيد من التصعيد، لكان من الحكمة تأجيل هذه التدريبات في ظل الأجواء المشحونة”، معتبرا أن ما يجري “يعكس نية غربية منسَقة لزيادة الضغط على روسيا وتقليل فرص التسوية الدبلوماسية للأزمة الأوكرانية”.

 

 

وبينما يصر أمين عام حلف الناتو، مارك روته، على أن الهدف من التدريبات هو “إرسال إشارة واضحة إلى الخصوم المحتملين”، فإن موسكو لا تحتاج إلى تفسيرات إضافية: فالرسالة نووية، والتوقيت استفزازي، والسياق يوحي بأن الردع لم يعد وسيلة للردع، بل أداة في معركة نفسية واستراتيجية مفتوحة.

 

 

المصدر: روسيا اليوم