حضر وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي سيد عباس صالحي اجتماعًا في انقرة يوم الثلاثاء مع مجموعة من أساتذة اللغة الفارسية والنخب الثقافية التركية، وأكد على أهمية اللغة الفارسية ومكانتها في مجال العلوم والثقافة في الحضارة الإسلامية.
وفي هذا الاجتماع، صرح صالحي أنه جاء إلى أنقرة بمناسبة العام الثقافي الإيراني التركي والبرامج المتوقع تنفيذها، وأضاف: نظرًا للظروف في المنطقة وإيران، فقد بدأت البرامج متأخرة؛ لكن بعد حديثنا اليوم مع وزير الثقافة التركي، تقرر مواصلة البرامج في الأشهر المقبلة، وحتى عام ٢٠٢٦، ومتابعة العام الثقافي الإيراني التركي بجدية.
وقال: “أطلب المساعدة من هذه المجموعة المكرسة لإيران واللغة الفارسية لمساعدتنا على مواصلة تنظيم هذا العام الثقافي بشكل أفضل؛ لأن أصدقاء مثلكم، الناشطين في مجال إيران واللغة الفارسية، يشكلون جسرًا قويًا بين البلدين، ويمكنهم لعب دور فعال في هذا المسار”.
وأضاف وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي: “وفقًا لتصريحات بعض المسؤولين، تم تدريب حوالي ٤٠ ألف متعلم للغة الفارسية في تركيا خلال العقود القليلة الماضية، وهذا خبر سار للغاية؛ إن وجود أساتذة اللغة الفارسية في هذه المجموعة وغيرها من المنتديات يدل على أننا نستطيع متابعة العام الثقافي الإيراني التركي بقوة أكبر”.
وصرح صالحي قائلاً: إن الباحثين في التاريخ والثقافة الإيرانية، ومترجمي الأعمال الإيرانية، والناشرين الذين ينشرون الأعمال الإيرانية الكلاسيكية والمعاصرة، جميعهم دليل على أن العام الثقافي الإيراني التركي لا يقتصر على فترة زمنية محددة، بل يُمثل أيضًا نقطة تحول في العلاقات الثقافية بين البلدين.
وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي: “أود أن أغتنم هذه الفرصة لأقدم صورة عن إيران التاريخية والمعاصرة، لتوفير أساس لفهم أفضل للعلاقات الحضارية والثقافية بين البلدين”.
وأكد أن إيران دولة ذات حضارة عريقة ومتواصلة، استمرت لآلاف السنين، وأضاف: “على عكس بعض الحضارات التي ازدهرت ثم اندثرت ، واصلت الحضارة الإيرانية مسيرتها دون انقطاع”.
وأوضح صالحي: “من عوامل هذه الاستمرارية أن الحضارة الإيرانية كانت مرنة، فإذا واجهت عقبة في طريقها، إما أن تكسرها أو تفتح طريقًا جديدًا لمواصلة مسيرتها”.
وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي: “إلى جانب هذه المرونة، يُعدّ الصمود والإصرار من أبرز سمات الحضارة الإيرانية؛ ولعلّ الغزو المغولي كان من أصعب الفترات في تاريخ إيران”.
وأضاف صالحي: غزا المغول إيران في ثلاث مراحل، وفي تلك الفترة التاريخية، تألق الشاعر الإيراني الكبير سعدي، وقدّمته إيران للعالم في أصعب فتراتها التاريخية.
وأضاف: لقد طرحتُ هذه النقطة لأن إيران ترزح تحت العقوبات، لكن تاريخنا يُظهر أن إيران تُواصل مسيرتها بعزيمة ومرونة.
وأكد وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي أنه يسعى لتقديم صورة عن الثقافة والفن الإيرانيين في ظل الوضع الراهن، قائلاً: “يتم إنتاج ما بين 80 و100 فيلم روائي طويل في دور السينما، وعشرات المسلسلات التلفزيونية والمسرحيات المحلية سنويًا”.
وأضاف: “السينما الإيرانية حاضرة باستمرار في المهرجانات الدولية وتحصد العديد من الجوائز؛ كما تُشاهد ظروف مماثلة في الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية والرسوم المتحركة وألعاب الفيديو”.
صرح صالحي بأن فيلم رسوم متحركة إيرانيًا قصيرًا فاز بجائزة الأوسكار، وأضاف: “في مجال المسرح، يُعرض أكثر من 100 مسرحية كل ليلة في طهران، ويُرخص لحوالي 5600 مسرحية في جميع أنحاء البلاد على مدار العام”.
وأشار إلى إصدار أكثر من 7500 ترخيص لعرض موسيقي العام الماضي، وأضاف: “في مجال الفنون البصرية، أُقيم أكثر من 4500 معرض في مجالات مثل الخط والرسومات والرسم”.
وأضاف صالحي: “في مجال النشر، تنشر إيران حوالي 110 آلاف عنوان كتاب سنويًا، ويُعتبر معرض طهران الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتب”.
وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي: “لدينا أكثر من 5000 وسيلة إعلامية ورقية، بما في ذلك الصحف والمجلات الشهرية وغيرها، في إيران، وحوالي 30 وكالة أنباء نشطة في بلادنا تُوفر مساحة إعلامية”.
وأضاف: هذه لمحة موجزة عن الوضع الثقافي والفني لإيران اليوم، واستمرارًا للمسار التاريخي نفسه للحضارة الإيرانية التي لا تشعر أبدًا بالجمود، وأحيانًا تواجه صعوبات، لكن الحضارة الإيرانية تجد طريقها، لا سيما في مجال الثقافة والفن، الذي يُمثل جوهر الحضارة الإيرانية.
وأكد صالحي: آمل أن يُسهم العام الثقافي الإيراني التركي في تعريف الشعب التركي بإيران الكلاسيكية والمعاصرة بشكل أفضل، وفي المقابل، سيكتسب الشعب الإيراني المزيد من المعرفة عن تركيا.
وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي: في حديث مع وزير الثقافة والسياحة التركي ، اتفقنا على تشكيل لجنة ثقافية وفنية بين الوزارتين لمتابعة القضايا بشكل دوري.
وأضاف: أظهر هذا الاجتماع أيضًا وجود إمكانات واسعة للتعاون بين البلدين، لا سيما في مجال اللغة الفارسية، مما يُمكن أن يُعمق الروابط الثقافية بين الشعبين.
أكد صالحي: اللغة الفارسية ليست لغة منطقة جغرافية محدودة ، بل هي أيضًا لغة العلوم والثقافة الثانية للحضارة الإسلامية، ومعرفتها تعني في الواقع الاطلاع على تراث تركيا وبعض الدول الأخرى وتاريخها الحضاري العريق.
تجدر الإشارة إلى أن عام ٢٠٢٥ قد تمت تسميته العام الثقافي الايراني-التركي، وقد نُظمت هذه الرحلة أيضًا بهدف تنظيم فعاليات العام الثقافي بشكل أفضل.