في خطاب سياسي واستراتيجي هام، أكّد قائد حركة أنصار الله في اليمن، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أنّ «الاتفاق بشأن غزة يدلُّ على الفشل الكبير جدًا مقارنةً بحجم ما يمتلكه العدو الصهيوني من إمكانات، وما حظي به من مشاركة أميركية ودعم غربي واسع، وتَحرُّك الصهيونية العالمية معه بكل إمكاناتها».
المقاومة الفلسطينية تصمد أمام آلة الحرب
جاء ذلك في كلمته يوم الخميس 16 اكتوبر 2025، والتي تناول فيها المستجدات في قطاع غزة والتطورات الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أنّ العدو الصهيوني دفع بالمنطقة نحو حافة حرب كبرى، لكنه فشل في تحقيق أهدافه العملياتية، وعلى رأسها السيطرة على قطاع غزة وإنهاء المقاومة، رغم الغطاء السياسي الأميركي لما وصفه بـ«جريمة القرن»، مذكّرًا بأنّ «الأميركي قدّم الغطاء السياسي والحماية لهذه الجريمة في قطاع غزة بكل ما فيها من جرائم بشعة جدًّا».
وشدّد السيد الحوثي على أنّ « العدو لم يتمكن بكل إجرامه الهائل الفظيع جدًا من كسر إرادة الشعب الفلسطيني ومجاهديه، ولم يستطع استعادة أسراه إلا عبر صفقة تبادل، مؤكدًا أنّه فشل أيضًا في تصوير تحركات عملائه كحرب أهلية داخلية، مستشهدًا بتصريحات «القيادة الوسطى» الأميركية المتضامنة مع العصابات العميلة الإجرامية في قطاع غزة».
اتفاق وقف إطلاق النار بين الأمل والحذر
وفيما أمّل بأنْ «يستمرّ اتفاق وقف إطلاق النار وأنْ يُتاح للفلسطينيين إعادة الإعمار بدعم واسع، وأنْ يتوقّف العدوان على قطاع غزة»، نبّه إلى أنّ «العدو الصهيوني لا يلتزم إلا بالإرغام»، داعيًا إلى «الجهوزية المستمرّة واليقظة العالية والمواكبة المستمرّة والاستعداد لأيّ تطورات».
جبهات الإسناد محور التحول في المواجهة
وفي سياق حديثه عن جبهات الإسناد، اعتبر السيد الحوثي أنّ «جبهات الإسناد هي من أهم التطوّرات في هذه الجولة المهمة بعد عملية «طوفان الأقصى»»، قائلًا: «جبهة حزب الله في مقدّمة من قدَّم التضحيات الكبرى وعلى رأسهم الشهيد العظيم السيد حسن نصر الله. الجمهورية الإسلامية في إيران قدّمت التضحيات الكبيرة من القادة المجاهدين، وعلى رأسهم القائد الكبير الشهيد قاسم سليماني، في دعم القضية الفلسطينية بثبات لا تتزعزع عنه مهما كانت الضغوط». وتابع قوله: «العدو سعى إلى القضاء على المقاومة في لبنان لكنّه فشل فشلًا تامًا”، وأضاف: “جبهة العراق كانت من الجبهات التي أثارت القلق الكبير للعدو الصهيوني، وكانت جانباً مهمًا في إطار هذه الجولة».
اليمن في طليعة الداعمين للمقاومة
وأشار إلى أن الجبهة اليمنية كانت في طليعة الداعمين للمقاومة، منطلقة من معيار الواجب الديني، ومتحررة من السقف الأميركي، مشيرًا إلى استمرار العمليات الإسنادية بالصواريخ والطائرات المسيّرة والعمليات البحرية، التي حققت نجاحات استراتيجية واضحة.
في هذا الإطار، زفّت القوات المسلحة اليمنية اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري، الذي ارتقى شهيدًا مع بعض مرافقيه ونجله حسين (13 عامًا)، «وهو في سياق عمله الجهادي وأداء واجبه الإيماني شهيدًا سعيدًا ضمن قافلة العظماء الشهداء على طريق القدس».
وقدّم السيد الحوثي «التعازي والتبريكات لأقارب الشهيد اللواء الغماري ورفاقه في القوات المسلحة ولكل الأحرار»، كاشفًا عن أنّ«الشهيد الغماري كان له إسهام كبير في معركة الإسناد لغزة، ومنذ استشهاده ورفاقه في المسؤولية والجهاد يواصلون المشوار».
الشهيد الغماري عنوان العزة اليمنية في معركة غزة
وقد أكدت القوات المسلحة اليمنية في بيان نعى اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري أن تحرك الشعب اليمني لنصرة غزة جاء انطلاقًا من إيمان عميق بالله سبحانه وتعالى، وثقة مطلقة به، واستشعارًا للمسؤولية الإيمانية والجهادية تجاه القضية الفلسطينية، باعتبار الجهاد في سبيل الله واجبًا دينيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا يضمن للأمة عزتها وكرامتها، ويمنح المجاهد الفوز والرضوان في الدنيا والآخرة.
وأوضح البيان أن الشعب اليمني خاض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، نصرةً للشعب الفلسطيني وإسنادًا للمجاهدين الصامدين في قطاع غزة، مقدمًا الأموال رغم الحصار، والتضحيات رغم الجراح والآلام، ومؤثرًا إخوانه المظلومين على نفسه، جهاداً في سبيل الله ونصرة للمستضعفين.
وأشار البيان إلى أن القوات المسلحة اليمنية، ممثلةً بوزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة، وجميع تشكيلاتها البرية والبحرية والجوية، كانت في طليعة هذا التحرك، ورأس الحربة في عمليات الإسناد وخوض المعارك المباشرة مع العدو الصهيوني، مؤكدةً أن دماء الشهيد الغماري ورفاقه ستبقى منارةً تهدي طريق المجاهدين، وعنوانًا لعزة اليمن وموقفه الثابت في دعم فلسطين.
هذا وقد نعت فصائل المقاومة الفلسطينية الشهيد الغماري، رئيس هيئة الأركان اليمنية، مشيدةً بدوره البارز في إسناد غزة ومؤكدةً أن استشهاده جاء في واحدة من أشرف المعارك، حيث امتزج الدم الفلسطيني واليمني في مواجهة الاحتلال. كما عبّر رئيس هيئة الأركان الإيرانية، اللواء عبد الرحيم موسوي، عن تعازيه، معتبرًا أن الشهيد كان قائدًا شجاعًا وفعّالًا في الدفاع عن اليمن ودعم القضية الفلسطينية، وأن الشعب اليمني يقف في طليعة المدافعين عن الأمة الإسلامية.
خلايا تجسسية في المنظمات الإنسانية
هذا وقد كشف السيد عبد الملك الحوثي عن معلومات أمنية تؤكد تورط خلايا تجسسية منتمية لمنظمات إنسانية في دعم الاستهداف الصهيوني لاجتماع حكومي يمني، عبر الرصد والتبليغ، مشيرًا إلى امتلاك الأجهزة اليمنية أدلة قاطعة على ذلك. وحذّر من استمرار المخطط الصهيوني الذي يهدد الشعب الفلسطيني في كل فلسطين، معتبرًا أن ما جرى في غزة ليس نهاية المعركة بل جولة مؤقتة، وأن العدو الصهيوني والأميركي يواصلان العمل على مختلف المستويات.
وأشار إلى أن جريمة القرن يجب أن توقظ الأمة تجاه خطورة هذا العدو وضرورة التخلص منه، منتقدًا بعض الموالين لأميركا وكيان العدو الذين يضلّلون الأمة ويصرفون أنظارها عن القضية الفلسطينية. وأكد أن الأميركي والصهيوني يبنيان نفسيهما لجولات قادمة، سواء عبر اتفاقات أو مواجهات ميدانية، ويمارسان الخداع السياسي، بينما ينشغل بعض العرب داخليًا بما يخدم العدو.
وفي ختام كلمته، جدّد السيد الحوثي تأكيد الحضور اليمني المستمر والجهوزية الدائمة لعمليات الإسناد، في حال استأنف العدو عدوانه، مشددًا على أن زوال الكيان الصهيوني قادمٌ لا محالة. كما استذكر الذكرى السنوية لاستشهاد القائد يحيى السنوار، واصفًا إياه برمز الصمود والتضحية، ومصدر إلهام للأجيال.