هذا الإنجاز العلمي، الذي جاء استجابة للتحديات الناتجة عن ظاهرة الشيخوخة السريعة في إيران، تم تصميمه وتنفيذه ضمن أطروحة دكتوراه للطالبة مرضية اللهدادي، طالبة الدكتوراه في التصميم الصناعي بكلية الفنون الجميلة في جامعة طهران، بإشراف علي فرجي وعلي رضا أجدري. ويُعدّ هذا النموذج أول نموذج محلي شامل في البلاد يمكن أن يسهم في تحسين جودة الحياة، والحفاظ على الاستقلالية الفردية، وتقليل الضغط على نظام رعاية كبار السن الأصحاء في البلاد.
وقال علي فرجي، أحد الأساتذة، بشأن ضرورة إجراء هذا البحث: إن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه كبار السن هي التفاعل مع المنتجات الفيزيائية التكنولوجية التي تلعب دوراً بارزاً في الحياة اليومية، من الأجهزة المساعدة على الحركة والمعدات الصحية إلى الأجهزة المنزلية الذكية وأدوات الاتصال، ويتم تصميم العديد من هذه المنتجات بنهج تصميم عام دون مراعاة الخصائص الجسدية والنفسية والاجتماعية لكبار السن، مما يؤدي إلى مواجهتهم لمشكلات مثل تعقيد الأداء، قلة الثقة، القلق التكنولوجي، وعدم التوافق مع حالتهم الجسدية. هذه التحديات، إلى جانب إثارة شعور العجز، يمكن أن تؤدي إلى تقليل الاستقلالية الفردية وانخفاض جودة حياتهم.
وقال فرجي: لقد تناولت هذه الأطروحة، بهدف الاستجابة لهذه الحاجة المتزايدة، صياغة نموذج محلي في مجال التصميم الصناعي، حيث تم تطوير هذا النموذج بناءً على دراسة شاملة للنظريات الدولية، ومراجعة منهجية للأبحاث، وجمع بيانات ميدانية من كبار السن الإيرانيين، وتحليل متعدد الطبقات للنتائج. وأضاف: إن النموذج المقترح يوفر إطاراً شاملاً للمصممين الصناعيين من خلال الأخذ في الاعتبار الأبعاد الفردية والنفسية والسلوكية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، إلى جانب عوامل القابلية للاستخدام، والإرغونوميا، وعناصر التصميم التفاعلي والعاطفي-الإدراكي، لتنظيم التفاعل بين كبار السن والمنتجات الفيزيائية التكنولوجية بطريقة فعالة وآمنة. وتابع: يركز هذا النموذج بشكل خاص على العناصر الأساسية مثل سهولة الاستخدام، والموثوقية، والجماليات، والشعور بالسيطرة، والدعم الاجتماعي، والقيمة الاقتصادية، والتي تلعب دوراً حاسماً في قبول واستخدام التكنولوجيا بشكل مستدام من قبل كبار السن.
وصرح عضو الهيئة العلمية في قسم التصميم الصناعي بكلية الفنون الجميلة في جامعة طهران، قائلاً: إن تطبيق هذا النموذج يمكن أن يؤدي إلى تصميم وإنتاج منتجات تتوافق بشكل أكبر مع احتياجات وقدرات كبار السن، وتعزز استقلاليتهم الفردية، وتوفر إمكانية مشاركتهم بشكل أكثر نشاطاً في الحياة الاجتماعية. علاوة على ذلك، يمكن لهذه المنتجات أن تقلل من الضغط على العائلات وأنظمة الرعاية، وتساهم في تحسين مؤشرات الصحة والرفاه الاجتماعي.
واختتم فرجي حديثه قائلاً: إن هذا البحث يرسم رؤية مشرقة لمستقبل التصميم الصناعي في إيران؛ مستقبل لن يكون فيه تصميم المنتجات الفيزيائية التكنولوجية مجرد عملية فنية، بل نهجاً إنسانياً واجتماعياً وثقافياً، ومن المتوقع أن تكون نتائج هذه الأطروحة أساساً للتعاون متعدد التخصصات بين المصممين الصناعيين وخبراء العلوم السلوكية ومهندسي التكنولوجيا وصانعي السياسات في مجال الشيخوخة، وأن تمهد الطريق لتطوير تكنولوجيات صديقة لكبار السن في البلاد.
