في رسالته الى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن بشأن انتهاء العمل بالقرار رقم 2231؛

عراقجي: أي ادعاء بـ”إحياء” أو “إعادة تفعيل ” قرارات منتهية الصلاحية يفتقر الى اي أساس قانوني

اكد وزير الخارجية على ان محاولة الدول الأوروبية الاعتماد على ما تسميه "إشعار بدء آلية الزناد (سناب باك)" باطلة وتفتقر الى الشرعية.مضيفا انه وبناء عليه، فإن أي ادعاء بـ"إحياء" أو "إعادة" قرارات انتهت صلاحيتها باطل ويفتقر الى الأساس القانوني ولا يمكن أن يُنتج أي أثر قانوني ملزم.

وجّه وزير الخارجية في الجمهورية الإسلامية الايرانية، عباس عراقجي،رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن موضحا فيها موقف الجمهورية الإسلامية الايرانية من انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2231.

 

 

وجاء نص الرسالة كالآتي:

 

 

السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة

 

 

السيد فاسيلي نيبينزيا، رئيس مجلس الأمن

 

 

في سياق المراسلات السابقة، ولا سيما آخرها بتاريخ 27 ايلول/ سبتمبر 2025، أحيطكم عِلما من خلال هذه المراسلة بأن قرار مجلس الأمن رقم 2231 (عام 2015) قد انتهى العمل به نهائيا في 18 تشرين الاول/ أكتوبر 2025، وفقا لأحكامه الصريحة. وفي هذا السياق، أود أن أؤكد مجددا موقف الجمهورية الإسلامية الايرانية على النحو التالي:قبل عشر سنوات، دخل الاتفاق النووي الإيراني حيز التنفيذ بموافقة مجلس الأمن على القرار 2231 (عام 2015)، الأمر الذي يعكس الاعتقاد المشترك للمجتمع الدولي بأن الدبلوماسية والتعاون متعدد الأطراف يعدان أنجع السبل وأكثرها فعالية لتسوية الخلافات.

 

 

وقد قبلت الجمهورية الإسلامية الايرانية، انطلاقا من التزامها الراسخ بتسوية الخلافات بالوسائل السلمية، الاتفاق النووي بحسن نية ونفذته تنفيذا كاملا ودقيقا وفقا لالتزاماتها. ومع ذلك، وعلى الرغم من التزام الجمهورية الإسلامية الايرانية الكامل والموثق، قامت الولايات المتحدة الأمريكية، في انتهاك صارخ لالتزاماتها، أولا بالامتناع عن تنفيذ التزاماتها، ثم انسحبت من الاتفاق بشكل أحادي في 8 ايار/مايو 2018، وأعادت فرض عقوباتها غير القانونية والأحادية و المتجاوزة لحدودها الإقليمية ووسّعتها أكثر.

 

 

وقد شكّلت هذه الإجراءات القسرية انتهاكا فاضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأدّت إلى تعطيل شديد لتنفيذ الاتفاق النووي. كما أن الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، على الرغم من التزامها الأولي بالحفاظ على الاتفاق وتعويض آثار انسحاب الولايات المتحدة، لم تفِ بالتزاماتها فحسب، بل فرضت أيضا عقوبات غير قانونية إضافية ضد أشخاص ومؤسسات إيرانية، مما جعلها ترتكب انتهاكات جوهرية أخرى للاتفاق النووي.

 

 

وعلى مدار السنوات الماضية ،تم توثيق جميع هذه الانتهاكات الجسيمة لعدم الوفاء بالالتزامات بشكل كامل، وقد أُبلغتم معاليكم وأعضاء مجلس الأمن بها مرارا في مناسبات عديدة. وقد أبدت الجمهورية الإسلامية الايرانية أعلى درجات ضبط النفس أمام هذه الانتهاكات المتكررة والجوهرية، وسعت جاهدة عبر القنوات الدبلوماسية لإعادة التوازن والحفاظ على الاتفاق.وبعد مرور عام كامل على التزام إيران الكامل بالاتفاق النووي رغم انسحاب الولايات المتحدة، بدأت الجمهورية الإسلامية الايرانية، في إطار حقوقها المشروعة المنصوص عليها في الاتفاق النووي، في 8 ايار/مايو 2019 باتخاذ إجراءات تصحيحية مرحلية ومناسبة وقابلة للارجاع.

 

 

وبعد ذلك، واصلت إيران نهجا بنّاء في التفاعل بهدف ضمان عودة الولايات المتحدة الكاملة الى الاتفاق، والتزام الاتحاد الأوروبي والترويكا الأوروبية بكافة التزاماتها، ورفع العقوبات بالكامل. لكن، وللأسف، واجهت هذه الجهود عرقلة من قبل الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية بسبب إصرارهم على مطالبهم القصوى واستمرارهم في فرض عقوبات غير قانونية وأحادية، وهو ما أدى الى تدمير الهدف الأساسي من الاتفاق النووي، ألا وهو تطبيع العلاقات الاقتصادية الدولية لإيران.

 

 

وتشير السجلات الواضحة للتعامل البناء من جانب إيران، بما في ذلك عقد اجتماعات استشارية متعددة مع الأطراف الأوروبية وحتى المفاوضات مع الطرف الأمريكي، إلى التزام إيران المستمر بمسار الدبلوماسية. ومع ذلك، فقد قوبلت هذه الجهود التي بُذلت بحسن نية بعمليات تخريبية وعدوانية ضد المنشآت النووية السلمية الإيرانية الخاضعة للضمانات. وفي الأشهر الأخيرة، بدلا من الوفاء بالتزاماتهم، شرعت الترويكا الأوروبية في حملة جديدة من التلاعب السياسي والتحريف القانوني، وسعت إلى تحويل آلية ما يسمى بـ”آلية الزناد” (سناب باك) إلى أداة ضد إيران.

 

 

وفي هذا السياق، وفي 28 آب/ أغسطس 2025، حاولت الترويكا الأوروبية ،الأعضاء في الاتفاق النووي، دون أي أساس مشروع أو قانوني أو إجرائي أو مبرر سياسي، وبشكل أحادي واستبدادي، تجاهل آلية تسوية الخلافات المنصوص عليها في الاتفاق النووي، واللجوء مباشرة الى مجلس الأمن لتفعيل “آلية الزناد” (سناب باك). وكما ورد بالتفصيل في الرسالة المشتركة لوزراء خارجية الجمهورية الاسلامية الإيرانية وجمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي بتاريخ 28 آب/ أغسطس 2025، فإن محاولة الأطراف الأوروبية الاعتماد على ما يسمّونه “إشعار بدء آلية الزناد (سناب باك)” باطلة شكليا وتفتقر إلى الشرعية جوهريا.

 

 

لذا،لا يمكن لأي إجراء يُتخذ خارج إطار قرار مجلس الأمن رقم 2231 أن يُنشئ التزاما قانونيا على الدول الأعضاء. وتشير سجلات التصويت في مجلس الأمن والمواقف الصريحة لأعضائه الى أن هذا “الإشعار” يفتقر تماما الى الشرعية القانونية. وبناء عليه، فإن أي ادعاء بـ”إحياء” أو “إعادة” قرارات انتهت صلاحيتها باطلٌ من الأساس، ويفتقر إلى الأساس القانوني، ولا يمكن أن يُنتج أي أثر قانوني ملزم.

 

 

السادة الافاضل،

 

 

وبناء على ما سبق، تؤكد الجمهورية الإسلامية الايرانية على أن السلوك الذي اتبعته الترويكا الأوروبية يُعد مثالا صارخا لسوء استخدام الإجراءات القانونية، وهو ما يتعارض مع نص وروح قرار مجلس الأمن رقم 2231 (عام 2015) والاتفاق النووي.وعليه، فقد نصّ قرار 2231 بشكل واضح ومحدّد على إنهاء جميع قرارات مجلس الأمن السابقة المتعلقة بالبرنامج النووي السلمي الإيراني. ووفقا للبند التنفيذي 8 من القرار، فإن القرار 2231 نفسه و الاحكام الواردة فيه وكذلك جميع قرارات العقوبات السابقة التي أشار إليها القرار، يجب أن تنتهي تلقائيا وفق الجدول الزمني الذي حدده المجلس.

 

 

ولم يتخذ مجلس الأمن أي قرار لاحق يمدد هذا الجدول الزمني أو يعلّقه أو يُعدله بأي شكل من الأشكال. بل أكدت المناقشات والتصويت في مجلس الأمن في ايلول/سبتمبر 2025 بوضوح عدم وجود أي إجماع على تعديل أو إعادة تفسير أحكام القرار.

 

 

وفي هذا السياق، شددت 121 دولة عضو في حركة عدم الانحياز خلال اجتماع الـ19 لوزراء خارجياتها الذي عُقد في 15 و16 تشرين الاول/ أكتوبر  2025 في كمبالا عاصمة أوغندا، في الوثيقة الختامية على انتهاء العمل بقرار 2231 في موعده،مؤكدة مجددا على أهمية روح التعاون والتعددية التي أدت إلى اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2231 (عام 2015) بالإجماع، ومذكّرة بضرورة الالتزام الكامل بأحكامه وجداوله الزمنية. كما تشدد حركة عدم الانحياز على ضرورة إنهاء العمل بجميع أحكام هذا القرار وفقا للفقرة 8 من القرار رقم 2231.

 

 

كما أظهرت جلستا التصويت اللتان عُقدتا في مجلس الأمن في 19 و26 ايلول/ سبتمبر 2025 بوضوح غياب الإجماع بين أعضاء المجلس بشأن شرعية “إشعار بدء آلية الزناد (سناب باك)”. وكما أكد مجلس الأمن في عام 2020 أن الولايات المتحدة، بعد انسحابها من الاتفاق النووي، فقدت الأهلية للجوء إلى تلك الآلية، فإن إصدار هذا “الإشعار” من قبل الأطراف الأوروبية يفتقر أيضا الى أي أساس قانوني ولا يمكن أن يُعتبر مرجعا لأي إجراء أو قرار يتعلق بحالة القرار 2231 أو قرارات العقوبات السابقة التي انتهت صلاحيتها.

 

 

علاوة على ذلك، لم يمنح قرار مجلس الأمن رقم 2231 أي صلاحية أو سلطة للأمين العام أو للأمانة العامة للأمم المتحدة لاتخاذ أي إجراء يتعلق بتحديد أو إعلان أو إعادة تفعيل أو إحياء قرارات انتهت وفقا للبند التنفيذي 8. وأي إجراء في هذا الصدد يُعتبر خارج حدود الصلاحيات القانونية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وقرار 2231، وسيكون متعارضا مع الدور الإداري والمحايد المحض للأمانة العامة وفق الميثاق.

 

 

فالأمانة العامة ليست هيئة اتخاذ قرارات أو تفسير، ولا يمكنها تغيير أو تمديد الآثار القانونية لقرارات مجلس الأمن او توسيع نطاقها، كما انها غير مخوّلة بأن تفرض التزامات على الدول الأعضاء عبر آراء وبيانات أحادية الجانب. وبالتالي، فإن أي إشعار ببدء آلية الزناد (سناب باك) أو تصديق من الأمانة العامة يعد باطلا قانونيا ويفتقر الى الشرعية، وسيضعف مصداقية الأمم المتحدة المؤسسية ويقوضها.

 

 

وبالمثل، فإن أي محاولة لإحياء أو إعادة تفعيل هيئات فرعية مثل “لجنة العقوبات” أو “فريق الخبراء” بعد انتهاء العمل بها وفق البند التنفيذي 8 من القرار تفتقر تماما الى الأساس القانوني. ولا يجوز لأي دولة عضو أو للأمانة العامة أو لأي مسؤول رسمي اتخاذ أي إجراء قانوني في هذا المجال دون اتخاذ قرار جديد وصريح من مجلس الأمن.

 

 

وبناء عليه، فإن قرار مجلس الأمن رقم 2231 (عام 2015) كان ساري المفعول حتى 18 تشرين الاول/ أكتوبر 2025، ومنذ ذلك التاريخ، ووفقا للبند التنفيذي 8، انتهت جميع أحكامه وأحكام قرارات العقوبات السابقة المتعلقة به، وأصبحت خالية من أي أثر قانوني مستمر. ولا يمكن بأي حال من الأحوال إعادة تفعيل أو تنفيذ أي من التدابير التي انتهت صلاحيتها اعتبارا من ذلك التاريخ، وأي محاولة في هذا الصدد تُعد غير قانونية وباطلة وغير ذات قيمة من الأساس.

 

 

وأكون ممتنا لو تم تعميم هذه المراسلة كوثيقة رسمية لدى مجلس الأمن والجمعية العامة.

 

 

مع فائق الاحترام والتقدير

 

 

المصدر: ارنا