وتحمل هذه القمة كل مقومات الإثارة، ليس فقط بسبب التاريخ الكبير بين الفريقين، بل لأنهما يدخلان المواجهة وهما الفريقان الوحيدان اللذان لم يتعرضا للهزيمة حتى الآن هذا الموسم، ما يجعلها مواجهة “كاملة المعايير” بين عملاقي ألمانيا.
رقم قياسي يلوح في الأفق
يمتلك بايرن ميونخ فرصة تاريخية لتحطيم رقم قياسي يخص غريمه نفسه، وذلك بحسب ما نشره الموقع الرسمي للنادي البافاري قبل ساعات من انطلاق اللقاء.
فبعد بداية مذهلة هذا الموسم، نجح بايرن في تحقيق الفوز في جميع مبارياته التنافسية العشر الأولى، مسجلًا بذلك أفضل انطلاقة في تاريخه.
بوروسيا دورتموند
ولا يتفوق عليه في هذا الجانب سوى بوروسيا دورتموند، الذي فاز في أول 11 مباراة له في موسم 2015-2016، ما يعني أن رجال المدرب فنسنت كومباني أمام فرصة حقيقية لمعادلة هذا الرقم أو تجاوزه، لا سيما وأن الفريق يقدم مستويات هجومية مبهرة ويتفوق بفارق الأهداف على سجل دورتموند التاريخي قبل عشر سنوات.
قمة اللاهزيمة
يدخل الفريقان المباراة وهما يتمتعان بثبات مدهش في الأداء، إذ لم يخسر بايرن ميونخ في آخر 15 مباراة متتالية بالبوندسليجا، بينما يمتلك دورتموند سلسلة مشابهة من 14 مباراة دون هزيمة.
وبذلك، فإن مواجهة الليلة ستكون صراعًا بين أصحاب أطول سلسلتين من اللاهزيمة في الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى، وهو ما يضيف بعدًا خاصًا إلى “دير كلاسيكر” الذي لا يعرف الرحمة.
هجوم ناري ودفاع فولاذي
تحولت ماكينة الأهداف البافارية هذا الموسم إلى آلة لا تهدأ. فقد سجل بايرن ميونخ 25 هدفًا في أول ست جولات فقط، وهو رقم لم يسبق لأي فريق في تاريخ الدوري الألماني أن وصل إليه خلال الفترة نفسها.
وما يزيد من الإعجاز أن الفريق تمكن من تسجيل ثلاثة أهداف أو أكثر في سبع مباريات متتالية في الدوري، وهو إنجاز لم يتحقق منذ موسم 2005 تحت قيادة فيليكس ماجات، حين حقق بايرن السلسلة نفسها لثماني مباريات متتالية.
وفي المقابل، لم يكن دفاع الفريق أقل صلابة، إذ استقبل بايرن ثلاثة أهداف فقط منذ بداية الموسم، وهو أفضل سجل دفاعي في المسابقة حتى الآن، يليه بوروسيا دورتموند الذي استقبل أربعة أهداف.
كما حافظ دفاع بايرن على نظافة شباكه في ملعب أليانز أرينا طوال 465 دقيقة متتالية في البوندسليجا، أي ما يعادل خمس مباريات كاملة، وإذا خرج الليلة دون أن تهتز شباكه مجددًا، فسيعادل الرقم القياسي للنادي الذي تحقق في موسم 1998-1999 تحت قيادة أوتمار هيتسفيلد.
صراع الهدافين: كين ضد جيراسي
لن تكون الأضواء مسلطة فقط على الصراع الجماعي بين العملاقين، بل أيضًا على التحدي الفردي بين هدافي الفريقين.
هاري كين، الذي كسر منذ أيام الرقم القياسي كأول لاعب في تاريخ البوندسليجا يسجل 11 هدفًا في أول ست جولات، يسعى الآن إلى بلوغ رقم جديد بعد الجولة السابعة، حيث يبلغ الرقم القياسي المسجل 13 هدفًا ويحمله مهاجم دورتموند سيرهو جيراسي.
ويتألق جيراسي بدوره في عام 2025 بشكل لافت، إذ سجل 32 هدفًا في مختلف المسابقات، بينما يتفوق عليه كين بـ39 هدفًا خلال العام نفسه، في حين يحتل كيليان مبابي صدارة هدافي العام في أوروبا برصيد 44 هدفًا بقميص ريال مدريد.
وبذلك، فإن مواجهة بايرن ودورتموند لا تحمل فقط طابع “الكلاسيكو”، بل أيضًا نكهة سباق “الحذاء الذهبي” بين اثنين من أكثر المهاجمين فاعلية في العالم حاليًا.
كومباني وصناعة التاريخ
من جانبه، يواصل المدرب البلجيكي فنسنت كومباني كتابة فصول جديدة في مسيرته التدريبية الواعدة. فانتصاره الأخير على آينتراخت فرانكفورت بثلاثية نظيفة رفع رصيده إلى 100 نقطة في البوندسليجا من 40 مباراة فقط، ليصبح ثاني أسرع مدرب في التاريخ يصل إلى هذا الرقم بعد بيب جوارديولا، الذي حققه في مباراته التاسعة والثلاثين.
ويمتلك كومباني أيضًا سجلًا مميزًا بمتوسط 2.5 نقطة في المباراة، مع معدل تهديفي استثنائي بلغ 3.1 هدف في كل لقاء، وهي أرقام تضعه في مصاف أبرز المدربين في أوروبا في الوقت الحالي.
تاريخ “دير كلاسيكر”
تُعد مواجهة اليوم النسخة رقم 138 من “دير كلاسيكر” منذ تأسيس الدوري الألماني عام 1963، ما يجعلها أكثر المواجهات تكرارًا في تاريخ كرة القدم الألمانية الاحترافية.
ويتفوق بايرن ميونخ في السجل التاريخي بواقع 67 فوزًا مقابل 33 انتصارًا لدورتموند، فيما انتهت 37 مباراة بالتعادل.
ومع ذلك، يعيش البافاريون عقدة صغيرة أمام “الأسود والأصفر” في المواجهات الأخيرة، إذ فشلوا في تحقيق الفوز في آخر ثلاث مباريات جمعتهما في الدوري (تعادلان وهزيمة واحدة)، وهو سجل يسعى لاعبو بايرن إلى تصحيحه الليلة أمام جماهيرهم.
حصون لا تُقهر
منذ سقوطه على أرضه أمام فولفسبورج بنتيجة (2-3) في 8 مارس الماضي، لم يعرف بايرن طعم الخسارة في “أليانز أرينا”.
ففي سبع مباريات تلت تلك الهزيمة، فاز في ست منها وتعادل مرة واحدة فقط (2-2) أمام دورتموند في أبريل الماضي، ما يجعل القمة الحالية فرصة للثأر واستعادة الهيبة في معقل الفريق البافاري.
أما بوروسيا دورتموند، فقد تحسنت نتائجه خارج الديار بشكل لافت، إذ لم يخسر منذ سقوطه أمام لايبزيج (0-2) في 15 مارس الماضي. ومنذ ذلك الحين، خاض سبع مباريات خارج ملعبه هذا الموسم فاز في خمس منها وتعادل مرتين؛ الأولى كانت في ميونخ (2-2)، والثانية أمام سانت باولي في افتتاح الموسم الحالي.
واللافت أن دورتموند تمكن من جمع النقاط في ثلاث مواجهات متتالية أمام بايرن في الدوري للمرة الأولى منذ عام 2013، حيث فاز (2-0) في ميونخ، ثم تعادل (1-1) في ملعبه، قبل أن يكرر التعادل (2-2) في أليانز أرينا.
كما أن بوروسيا دورتموند يملك رقمًا دفاعيًا مميزًا في مواجهاته ضد بايرن، إذ لم يحافظ أي فريق في البوندسليجا على نظافة شباكه أمام العملاق البافاري أكثر منه، بواقع 23 مباراة دون استقبال أهداف.
كل الأرقام والحقائق تُشير إلى أن “دير كلاسيكر” هذه المرة سيكون استثنائيًا بكل المقاييس.
بايرن يسعى لتأكيد هيمنته التاريخية واستعادة التفوق بعد ثلاث مواجهات لم يعرف فيها طعم الانتصار أمام غريمه، بينما يدخل دورتموند المباراة بثقة عالية مستندًا إلى سلسلة من النتائج الإيجابية وأداء متوازن بين الدفاع والهجوم.
وبين حلم الأرقام القياسية وتحدي الكبرياء، ينتظر عشاق الكرة الألمانية والعالمية ملحمة جديدة في معقل الأليانز أرينا، قد تُعيد رسم ملامح الصدارة وتفتح فصلاً جديدًا في واحدة من أشرس المنافسات الكروية في أوروبا.
