«الورقة الذهبية» تتوّج الإبداع بإعلان الفائزين

مهرجان طهران الدولي للأفلام القصيرة يحتفي بالفكر والمقاومة

الوفاق: المهرجان برز السينما كأداة ثقافية نابضة بالحياة، تجمع بين الإبداع والتفكير، وتعبّر عن نبض المجتمع الإيراني في لحظاته التاريخية والإنسانية.

في أجواء احتفالية مبهرة، اختتمت مساء الجمعة 24 أكتوبر فعاليات الدورة الثانية والأربعين لمهرجان طهران الدولي للأفلام القصيرة، وذلك في ملعب التنس بمجمّع «إيران مال»، حيث اجتمع صنّاع السينما، الفنانون، والمبدعون الشباب للإحتفاء بالأعمال الفائزة وتكريم رموز السينما القصيرة في إيران.

 

بدأت مراسم الإختتام بتلاوة آيات من القرآن الكريم، تلاها عزف النشيد الوطني الإيراني، ثم عرض ترويجي خاص بهذه الدورة، أعقبه عرض ناري إيذاناً بانطلاق الحفل رسمياً، الذي تولى تقديمه الإعلامي «فرزاد حسني»، والذي أعلن أن المراسم تقتصر على كلمة واحدة يلقيها «بهروز شعيبي»، المدير التنفيذي لجمعية السينما الشبابية الإيرانية وأمين المهرجان، بينما تُعرض رسائل المسؤولين عبر مقاطع مصورة.

 

 إشادة بالجهود الفنية والتنظيمية

 

في مستهل الحفل، تم توجيه الشكر لـ «أمر الله فرهادي» الذي تولى الإدارة الفنية للمهرجان، كما تم تكريم الموسيقار «مسعود سخاوت‌ دوست»، الحائز على ثلاث جوائز «العنقاء البلورية» من مهرجان فجر، لتأليفه الموسيقى الخاصة بهذه الدورة.

 

 مهرجان ناضج وسينما متفكرة

 

 

في رسالة مصورة، وصف الدكتور سيد عباس صالحي، وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، مهرجان طهران الدولي للأفلام القصيرة بأنه مهرجان «ناضج»، له جذور تمتد إلى القرن الماضي، وكان منطلقاً لعدد كبير من المواهب السينمائية التي ساهمت في بناء مجد السينما الإيرانية.

 

وأضاف الوزير أن هذه الدورة جاءت في ظروف خاصة، عقب «الدفاع البطولي للشعب الإيراني في أجواء المقاومة»، مشيراً إلى أن روح الصمود تجلت في الأعمال المشاركة ضمن حملة «الوطن كما أراه».

 

وأكد صالحي أن السينما القصيرة باتت فضاءً للتفكير والتأمل، حيث قال: «السينما ليست كتاباً، لكنها تملك القدرة على دفعنا نحو التفكير. هذا ما يجعل السينما المتفكرة ذات أهمية خاصة». وأشاد بدور الجيل الشاب الذي يربط بين الإبداع والتفكير، ويقترب أكثر من فضاء التأمل والوعي.

 

وفي ختام رسالته، وجّه الوزير شكره لجميع المشاركين، وخاصة الشباب الذين يمثلون مستقبل إيران، معتبراً أن حضورهم في هذا الحدث الثقافي يربط بين إيران والعالم.

 

بداية عام جديد للسينما القصيرة

 

في كلمته، رحّب شعيبي بالحضور، وعبّر عن امتنانه لصنّاع الأفلام الشباب الذين أضفوا حيوية على هذه الدورة، مؤكداً أن «صاحبي هذا المهرجان هم المخرجون أنفسهم»، وأن اختتام هذه الدورة يمثل انطلاقة لعام جديد في عالم السينما القصيرة.

 

 مفاجآت في قسم الأفلام القصصية

 

وأشار شعيبي إلى وجود مفاجأتين في قسم الأفلام القصصية: الأولى جودة الأعمال الأولى للمخرجين، والثانية الأداء اللافت للممثلين. وأعلن عن نية المهرجان إضافة جوائز التمثيل وتصميم المشاهد في الدورة القادمة.

 

كما أشار إلى التحديات التي واجهت لجنة الاختيار، وأشاد بأعمال تناولت قضايا مثل الإدمان والدفاع المقدس، مؤكداً أن كل من شارك في المهرجان يُعد فائزاً.

 

 جوائز مهرجان الصورة الوطنية «الأسرة الإيرانية»

 

شهد الحفل توزيع جوائز مهرجان الصورة الوطنية «خانواده إيراني» أي «الأسرة الإيرانية»، بحضور نائبة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة «زهراء بهروز آذر»، إلى جانب الفنانين «حميد جبلي»، «سيف‌الله صمديان»، و«مهدي آشنا».

 

وفي قسم الصورة الفردية، فاز سيد علي رضويان بجائزة اللوح البرونزي عن صورة «قالي بيجار» أي «سجادة بيجار»، بينما حصل عزيز بابت ‌نجاد على اللوح الفضي عن صورة «دختر شهري» أي «الفتاة المدنية»، ونال سيد علي حسيني‌فر اللوح الذهبي عن صورة «دختر سبزه بدست» أي «الفتاة ذات العشب الأخضر».

 

أما في قسم مجموعة الصور، فقد حصل مجيد حجتي على جائزة المهرجان عن مجموعة «عروسي خوبان» أي «زفاف الطيبين»، فيما نال حميدرضا هلالي الميدالية البرونزية عن صورة «مادر» أي «الأم»، وعلي آذر الميدالية الفضية عن صورة «بعداز ظهر در بُل خواجو» أي «بعد الظهر على جسر خواجو»، وأميرحسين آرمند الميدالية الذهبية عن صورة «داستان عشق» أي  «قصة حب». كما مُنحت الميدالية الذهبية لأصغر بشارتي عن مجموعة «صيد موتو» من جزيرة قشم.

 

 تكريم «آرش رصافي»

 

شهد الحفل تكريماً خاصاً للمخرج آرش رصافي، أحد رموز السينما القصيرة، ونائب الإنتاج في جمعية السينما الشبابية. عُرض فيلم وثائقي قصير عن مسيرته، بمشاركة عدد من الفنانين والمخرجين البارزين، من إخراج مجيد توكلي.

 

في كلمته، عبّر رصافي عن امتنانه العميق، مؤكداً أن كل ما قدمه كان بدافع الواجب ومن القلب. وأعرب عن أسفه لغياب رموز السينما الإيرانية، لكنه عبّر عن تفاؤله بوجود جيل شاب موهوب قادر على سد هذا الفراغ.

 

وأشار إلى أهمية السينما القصيرة كرافد ثقافي واجتماعي لا مثيل له، داعياً إلى زيادة الدعم المالي لهذا القطاع الحيوي. كما شكر أسرته وأصدقاءه الذين ساندوه طوال مسيرته، وطلب السماح من أولئك الذين لم يتمكن من دعمهم كما ينبغي.

 

 رسالة رئيس منظمة السينما

 

في رسالة مصورة، قال رائد فريدزاده، نائب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي ورئيس منظمة السينما: إن مهرجان طهران الدولي للأفلام القصيرة يُعد من أبرز الفعاليات الثقافية والفنية في البلاد، مشيداً بفريق التنظيم المحترف، وبالمخرجين الذين أضفوا على السينما القصيرة طابعاً خاصاً من الفكر والحوار.

 

 جوائز قسم «المقاومة» والإقتباس

 

عُرضت مقاطع تعريفية بالأفلام المشاركة في قسم المقاومة والاقتباس، إلى جانب تقديم أعضاء لجنة التحكيم.

 

كما تم عرض أفلام قسم «المواهب الجديدة»، وصعد كل من فريدزاده وشعيبي إلى المنصة لتوزيع الجوائز.

 

ولوح الشرف منحت مناصفةً لـ «مينا حسيني ‌مقدم» عن فيلم «تاول» أي «الفقاعة»، وحسين بورخليلي عن فيلم «ته‌باري».

 

 دعم مؤسسة فارابي

 

قرأ فرزاد حسني رسالة من حامد جعفري، المدير التنفيذي لمؤسسة السينما الوطنية «فارابي»، التي أعلنت عن جائزة جديدة لدعم المواهب، بناءً على توجيهات الوزير.

 

وقد مُنحت جائزة فارابي، التي تتمثل في دعم تطوير فكرة وتحويلها إلى فيلم طويل، لفيلم «الطابع» من إخراج هادي نوري.

 

 الجوائز الدولية

 

الجائزة الكبرى في القسم الدولي وجائزة مالية مُنحت لفيلم «المعيار» من إخراج مارتين سيكر من تشيلي، والذي سيترشح مباشرةً لجائزة الأوسكار.

 

 جائزة الجمهور

 

«الورقة الذهبية» مُنحت لأفضل فيلم من وجهة نظر الجمهور، وهو فيلم «خداحافظ آشغال» أي «وداعاً أيها القمامة» من إنتاج مهدي بدرلو وإخراج الأخوين بهمن وبهرام أرك.

 

السينما أداة ثقافية نابضة بالحياة

 

في ختام هذه الدورة من المهرجان برزت السينما كأداة ثقافية نابضة بالحياة، تجمع بين الإبداع والتفكير، وتعبّر عن نبض المجتمع الإيراني في لحظاته التاريخية والإنسانية. وبين تكريم الروّاد ودعم المواهب الجديدة، أثبت المهرجان أنه ليس مجرد منصة فنية، بل فضاء للحوار والتأمل، حيث تتلاقى الكاميرا مع القضايا، وتتحول الصورة إلى رسالة. ومع إشادة الوزير بالجيل الصاعد، تتجدد الآمال بأن السينما القصيرة ستظل منبراً حياً يعكس روح إيران الثقافية ويصلها بالعالم.

 

 

 

المصدر: الوفاق