في رحاب شهر النور، حيث تتعانق الذكرى مع الرسالة، تحلّ علينا ذكرى ميلاد السيدة زينب الكبرى(س)، تلك المرأة العظيمة التي جسّدت البطولة والصبر والبلاغة، وكانت صوت كربلاء المقدسة بعد أن خمدت السيوف. في هذا اليوم، لا نحتفي فقط بميلاد شخصية عظيمة في التاريخ الإسلامي، بل نُحيي رمزاً للوعي والمقاومة والرحمة.
ولأن السيدة زينب(س) كانت أيضاً مداويةً للقلوب قبل أن تكون خطيبةً في المجالس، فقد اختارت إيران أن تُخلّد يوم ميلادها كيومٍ وطني لـتكريم الممرضين والممرضات، أولئك الذين يحملون مشعل العناية والرحمة في وجه الألم، تماماً كما فعلت السيدة زينب(س) في أرض الطف.
وفي هذه المناسبة المباركة، نستعرض بعض الكتب التي تناولت سيرة السيدة زينب(س)، من زوايا أدبية، فكرية، وتاريخية، لتكون زاداً معرفياً وروحياً لكل من يسعى لفهم عمق هذه الشخصية النورانية، التي لم تكن فقط أخت الحسين(ع)، بل كانت حارسة الرسالة ووارثة البطولة، كما نذكر بعض الأفلام الإيرانية التي تطرقت إلى دور الممرضات في الدفاع المقدس.
«آفتاب در حجاب»
كتاب «آفتاب در حجاب» أي «الشمس خلف الحجاب» من تأليف سيد مهدي شجاعي، يُعدّ هذا الكتاب من أبرز الأعمال الأدبية التي تناولت سيرة السيدة زينب بأسلوب روائي مؤثر. صدر عن دار «نيستان» للنشر، وأُعيد طبعه أكثر من 30 مرة. يتناول الكتاب حياة السيدة زينب(س) منذ طفولتها وحتى وفاتها، في 18 فصلاً ، بأسلوب أدبي عاطفي يلامس القلوب، ويُبرز تفاصيل واقعة كربلاء وأسرها بلغة سلسة. يرى الكاتب أن «الحجاب» يرمز إلى عظمة هذه الشخصية التي لم تُدرك بعد كما تستحق، ويبدأ السرد بكابوس طفولي للسيدة زينب يُشير إلى وفاة النبي (ص)، وينتهي بالعودة إلى ذات الحلم.
«زينب صرخة أكملت المسيرة»
كتاب «زينب صرخة أكملت المسيرة» من تأليف أنطوان بارا، كتاب من منظور باحث مسيحي، يُقارن فيه السيدة زينب(س) بالسيدة مريم العذراء(س)، ويعرض حياتها في ستة فصول، من الطفولة إلى كربلاء وما بعدها. يُبرز الكاتب أن السيدة زينب(س) لم تكن بطلة كربلاء فقط، بل كانت بطلة في كل مراحل حياتها، ويؤكد أن استمرار الإسلام ارتبط بدورها في حفظ رسالة الإمام الحسين (ع). صدر الكتاب عن شركة «النشر الدولي».
«بكو جكونه دل از حسين كندي؟»
كتاب «بكو جكونه دل از حسين كندي؟» أي «قولي كيف فارقتِ الامام الحسين(ع)؟» من تأليف محسن عباسي ولدي، وهو الجزء الثاني من سلسلة «حسينية الكلمات»، صدر عن دار «آیین فطرت». يتناول الكتاب مظلومية السيدة زينب(س) وصبرها، في قالب حواري بين الكاتب والسيدة زينب، بأسلوب بسيط يناسب جميع الأعمار، خاصة الشباب. يتميز الكتاب بطرح أسئلة وجدانية تُحفّز القارئ على التأمل، ويربط بين مواقف السيدة زينب(س) وقضايا الإنسان المعاصر، مما يجعله أداة تربوية وفكرية مؤثرة.
«زينب، بطلة كربلاء»

كتاب «زينب، بطلة كربلاء» من تأليف د. عائشة بنت الشاطي، وتم ترجمة الكتاب للفارسية على يد الدكتور سيد جعفر شهيدي، كتاب كلاسيكي يعرض سيرة السيدة زينب(س) بأسلوب علمي رصين، ويُبرز دورها في مواجهة المحن، ونقل رسالة كربلاء، مستنداً إلى مصادر موثوقة. صدر عن «مكتب نشر الثقافة الإسلامية»، ويُعد من أهم الكتب التي تناولت شخصية السيدة زينب(س) من منظور أكاديمي.
«واينكونه است زينب(س)»
كتاب «واينكونه است زينب(س)» أي «وهكذا هي زينب(س)» من تأليف محمود سوري، تلخيص عصري لكتاب «خصائص زينبية» للعلامة نورالدين جزائري، صدر عن «دار جمكران». يعرض 39 خصلة من صفات السيدة زينب(س)، مثل: العالمة، الزاهدة، الشجاعة، العابدة، ويختم بخطبتين من خطبها التاريخية، بأسلوب مبسط يناسب القارئ المعاصر. يهدف الكتاب إلى تنقية الروايات الضعيفة وتصحيح المفاهيم حول شخصية السيدة زينب، وقد نال إشادة كبار العلماء والمحققين.
«سفر الشهادة»
صدر مؤخراً عن «مؤسسة الإمام موسى الصدر» كتاب «سفر الشهادة»، وهو من تأليف الإمام موسى الصدر، وترجمة مهدي فرخيان وأحمد ناظم. يُعد هذا الكتاب الجزء السابع من سلسلة «في رحاب فكر الإمام موسى الصدر»، ويضم 16 خطبة ومقالة تناول فيها الإمام واقعة كربلاء من زوايا فكرية وإنسانية متعددة، مع تركيز خاص على الدور المحوري للسيدة زينب الكبرى (س).
الممرضات في سينما الدفاع المقدس
في إيران، لا يقتصر الاحتفاء بـيوم الممرض والممرضات على المؤسسات الصحية، بل يمتد إلى الفضاء الثقافي والفني، حيث تُستحضر شخصية السيدة زينب(س) بوصفها رمزاً للرعاية والصمود، وتُكرّم الممرضات في الأعمال الأدبية والسينمائية، خاصة تلك التي تناولت فترات الدفاع المقدس والأزمات.
في سينما الدفاع المقدس، برزت شخصيات نسائية قوية جسّدت دور الممرضة والمسعفة، وخلّدت تضحياتهن في الذاكرة الوطنية. ومن أبرز هذه الأعمال:
– «سررزمين خوررشيد» أي «أرض الشمس»: من إنتاج عام 1996، للمخرج أحمد رضا درويش، حيث جسّدت «كُلجهره سجاديه» شخصية «هانية»، الممرضة التي بقيت في خرمشهر رغم الخطر، لتداوي الجرحى. نالت عن هذا الدور جوائز مرموقة، وأصبحت رمزاً للمرأة الخوزستانية الشجاعة.
– «نجات يافتكان» أي «الناجون»: من إنتاج عام 1995، للمخرج رسول ملاقلي بور، وفيه أدّت عاطفه رضوي دور «مريم قندي»، الممرضة التي تواجه الموت لإنقاذ جريح. حاز أداؤها على جائزة أفضل ممثلة، واعتُبر من أبرز الأدوار النسائية في سينما الدفاع المقدس.
– «شيدا»: من إنتاج عام 1998، للمخرج كمال تبريزي، حيث لعبت ليلا حاتمي دور «شيدا»، الممرضة التي تُخفف عن جريح فاقد للبصر بتلاوة القرآن، في قصة حب إنسانية مؤثرة وسط أجواء الحرب.
هذه الأعمال تُظهر كيف أن السينما الإيرانية لم تغفل عن دور الممرضات، بل جعلته جزءاً من سردية البطولة والتضحية، في تماهٍ جميل بين الفن والواقع، وبين الرسالة الإنسانية والبطولة النسائية.
