المؤتمر الدولي الرابع للدراسات الايرانية المعاصرة؛

تخت روانجي: إيران تؤمن بالدبلوماسية لكنها ترفض أي حوار يُفرض فيه رأي طرف على آخر

أكد مساعد وزير الخارجية الايرانية للشؤون السياسية على أن إيران تؤمن بالدبلوماسية، لكنها ترفض أي حوار يُفرض فيه رأي طرف على آخر. وشدّد على أن الحل السلمي للخلافات ممكن فقط إذا كان الطرفان على قدم المساواة ولا يسعى أحدهما لفرض شروطه.

خلال الملتقى الدولي الرابع للدراسات الإيرانية المعاصرة، و في جلسة بعنوان “إيران والعالم بعد حرب الـ 12 يوما”، أشاد مساعد وزير الخارجية الايرانية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، بهذا الاجتماع المخصص لدراسة قضايا إيران المعاصرة. مضيفا أنه وبخصوص سبب اندلاع الحرب، فلا يمكن القول بدقة تامة لماذا وقعت، ولا يصح من الناحية العلمية أو التاريخية أن يتم تبني سيناريو واحدا بشكل قاطع واستبعاد غيره.

 

 

وتابع روانجي: “عندما تولّى ترامب رئاسة أمريكا، أرسل رسالة إلى سماحة قائد الثورة الإسلامية عرض فيها مقترحاتٍ معينة. وبغض النظر عن لهجة الرسالة وردّنا عليها بنفس اللهجة، فقد اقترح البدء بمفاوضات، مهدّدا بأنه إن لم تُثمر، فستندلع الحرب. ونحن في رَدّنا، قبلنا الدخول في مفاوضات غير مباشرة، بينما كانوا هم يطلبون مفاوضات مباشرة. أما سبب رفضنا للمفاوضات المباشرة، فله أسبابه الخاصة”.

 

 

وأكمل مساعد وزير الخارجية:” إذا كان الطرفان على قدم المساواة واتفقا على معالجة القضية في جوٍّ هادئ، دون سعي أحدهما لفرض شروطه على الآخر، فإن الحوار المباشر يكون أفضل وأسرع. لكن الوضع مع الولايات المتحدة لم يكن كذلك، ولا يزال كذلك. فمما ورد في نص الرسالة ومن مواقف المسؤولين الأمريكان المختلفة، كان واضحا أنهم شعروا بأن وصول ترامب إلى السلطة يعني أن العالم بأسره بحاجة إليه، وأنه يجب أن يُحدّد شروطه للجميع. وفي ظل هذه الظروف، قررنا أن نردّ، لكن عبر مفاوضات غير مباشرة”.

 

 

الإدارة الامريكية كانت تسعى في المفاوضات إلى فرض اتفاقها عبر المماطلة والمناورة

 

 

وأردف تخت روانجي: “نقل الأمريكان رسالتهم عبر دولة الإمارات، لكننا لأسباب معينة اخترنا أن نردّ عبر سلطنة عُمان. وهكذا بدأت المفاوضات، وأجرينا خمس جولات منها، وقبل يومين من الجولة السادسة، اندلعت الحرب، مما أثار دهشة الجميع، بما في ذلك المجتمع الدولي والدول المختلفة وحتى الصحفيين الأمريكان. فخلال المفاوضات، أظهروا منذ البداية كانوا يستعرضون ويتباهون، وادّعوا أنهم مستعدون للتعاون، لكنهم دخلوا المفاوضات بأسلوب المماطلة والمناورة، ظانين أنهم يستطيعون تحقيق أهدافهم بهذه الطريقة”.

 

 

فريق التفاوض الأمريكي كان يعمل بالمثل القائل :ضربة على الحافر وضربة على المسمار

 

 

وأشار مساعد وزير الخارجية إلى أن الأمريكان جرّبوا كل الأساليب، وقال: “في البداية طالبوا بتصفير التخصيب وإيقافه تماما، وعندما عارضنا، طرحوا موضوعا آخر، وكأن أحدهم يضرب على الحافر و والاخر يضرب على المسمار! وبعد أن أدركوا أنهم لن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم عبر المفاوضات، لجؤوا إلى القوة. فنحن لم نتوقع نتائج سريعة من المفاوضات؛ ففي الدبلوماسية الدولية، هناك دائما صعود وهبوط، ونحن لم نكن نعتقد أن الجولات الخمس ستؤدي إلى نتيجة ممتازة أو كارثية، لكننا كنا نرى أن بالإمكان، رغم كل التحديات، الوصول إلى اتفاق عبر الدبلوماسية والحوار”.

 

 

الطرف المقابل لجأ إلى الحرب حين يئس من فرض آرائه

 

 

وشدّد روانجي على أن إيران تؤمن دائما بالدبلوماسية، لكن دبلوماسية تقوم على المساواة ولا تسمح بفرض الآراء، وقال: “في هذه الحالة، لا أحد يسعى إلى الحرب ولا يرحب بها، بل يُفضّل الجميع الحوار لحل الخلافات، شرط أن يدرك الطرفان الواقع ولا يشعر أحدهما بأنه قادر على فرض رأيه على الطرف الآخر. ومن أسباب الحرب أنهم فشلوا في تحقيق مطالبهم غير المشروعة، وعجزوا عن الوصول إلى ما يريدونه عبر أدوات الإغراء والتهديد”.

 

 

وأضاف: “لقد لاحظ الأمريكان أنهم لا يستطيعون فرض مطالبهم -التي نعتبرها غير مشروعة -وفق رؤيتهم الخاصة، ولذلك لجؤوا إلى القوة. متسائلا: هل كان هدفهم منذ البداية هو الحرب، وكانوا يستعدون لها مسبقا؟ أي هل أرادوا أن يقولوا: “لقد بذلنا جهودنا، لكن دون جدوى، لذا لجأنا إلى الحرب”؟ أم أنهم غيّروا مسارهم في منتصف الطريق؟ وما كان دور الكيان الصهيوني في هذه القضية؟ هل كان معارضا منذ البداية، أم أن الأمر كان خطة مشتركة بين الطرفين مع تقسيم للأدوار؟ ”

 

 

الولايات المتحدة تسعى لإيقاف البرنامج النووي الإيراني بالكامل

 

 

وفي هذا السياق، أشار تخت روانجي إلى أن هذه الأسئلة لا يمكن الإجابة عنها بشكل قاطع، بل يمكن فقط طرح افتراضات، وقال: “في رأيي، أحد الأسباب- وليس السبب الوحيد – الذي دفعهم إلى اللجوء للحرب والقوة، هو شعورهم بأنهم لن يتمكنوا من تحقيق مطالبهم غير المشروعة عبر الحوار. وكان عدم مشروعية مطالبهم يكمن في رغبتهم بإيقاف برنامجنا النووي بالكامل. ففي لحظة ما، حاولوا إغراءنا وتقديم حوافز لإقناعنا بإيقاف هذا البرنامج، وفي مراحل أخرى استخدموا التهديد وأساليب مشابهة”.

 

 

وأكمل:من الواضح أنه بعد كل هذا الاستثمار الكبير في أحد أهم مجالات النشاط العلمي في البلاد، لا يمكننا أن نتخلى عنه لمجرد أن الرئيس الامريكي أو أي حكومة أخرى تطلب ذلك. فنحن لا نفرق بين من نتفاوض معه، سواء كان من الشرق أو الغرب أو أي بقعة في العالم؛ المهم أننا لم نستطع أبدا الموافقة على مثل هذا الطلب.

 

 

لا يمكن أن تؤدي المفاوضات إلى نتيجة دون وجود لغة مشتركة

 

 

وأوضح مساعد وزير الخارجية:”علاوة على ذلك، قدّمنا خلال هذه المسيرة العديد من الشهداء؛ شهداء ارتقوا أثناء الأنشطة النووية، بل وحتى أثناء مواجهة أعمال التخريب التي يرتكبها أعداؤنا. ومن ناحية أخرى، فإن برنامجنا النووي هو إنجاز علمي وطني نما من داخل البلاد ووصل إلى مستوى عالمي. فإذا قالوا لنا: “أغلقوا البرنامج مقابل منحكم هذه الامتيازات”، أو “إذا لم تغلقوه، فسنقوم بهذه الإجراءات”، فحينها لن يبقى أي أساس للحوار أو لغة مشتركة”.

 

 

وأضاف تخت روانجي:”عندما تدخل في مفاوضات، يجب أن تجد أولا لغة مشتركة مع الطرف الآخر. وعندما لا يوجد هذا الفهم المشترك، ويَرى أحد الطرفين نفسه في موقع القوة، فمن الطبيعي أن لا تُثمر المفاوضات، وأن ينحرف المسار نحو خيارات أخرى”.

 

 

والجدير بالذكر أن المؤتمر الدولي الرابع للدراسات الإيرانية المعاصرة يعقد يومي الاثنين والثلاثاء (27 و 28 تشرين الاول/اكتوبر) في كلية الدراسات العالمية بجامعة طهران، حيث يقدّم أساتذة جامعيون ودبلوماسيون ومسؤولون حاليون وسابقون آراءهم حول أهم القضايا الداخلية والإقليمية والدولية.

 

 

المصدر: ارنا