وأكد الشيخ نعيم قاسم في المقابلة أنّ “المقاومة جاهزة للدفاع؛ لكن لا يوجد لدينا قرار لشنّ معركة ولا قرار بمبادرة قتال، في حين إذا فُرضت علينا معركة، ولو لم يكن لدينا سوى خشبة، فلن نسمح للصهيوني أن يمرّ، سنقاتله حتى لو لم يبقَ منا رجل أو امرأة”.
وأكد الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم أن حزب الله تجوهر أكثر بعد الضربة القاسية جدًا التي تلقاها من العدو الصهيوني، مضيفًا بأنه استشهادي وكل من في حزب الله استشهاديون.
*حزب الله يمثل مشروعاً استراتيجياً
وأكد الشيخ نعيم قاسم أن حزب الله يمثل مشروعاً استراتيجياً يرتكز على رؤية واضحة في معالجة قضايا المواطنين، والتفاعل مع التحديات التي تواجههم، سواء كانت اجتماعية، اقتصادية، تربوية أو متصلة بالعدوان واغتصاب الأرض. وشدد على أن الحزب يتخذ مواقف واضحة في مواجهة أي تحدٍ يمس الحقوق والقضايا الأساسية.
وقال: “صحيحٌ أني استشهادي، لكن كل من في الحزب استشهاديون؛ من الذي يجلس على خط التماس الأول إلى العائلات التي تُربّي وتتحمّل الصعاب، كلهم استشهاديون، وأنا واحد من هؤلاء الاستشهاديين”.
وأضاف: “هذا الخط يصنع الاستشهاديين وبالحقيقة لا يضمّ فيه ولا يبقى فيه إلا من يريد أن يكون استشهاديًا وكلمة “استشهادي” تعني القبول باقتحام الصعاب من أجل تحقيق الفكرة ولا يهاب الموت”.
وتابع سماحته: “لم أكن أتوقع أن نخسر الأمين العام الثاني بهذه الفترة الوجيزة وبالطريقة التي حصلت ولم أكن أتوقع ذلك وقلت: “حسيتُ للحظات أن حياتي انقلبت وطريقة متابعاتي بدأت تتغير”.
*المقاومة لا تُدار بشخص واحد
وشدد على أن حزب الله لا يُدار بشخص واحد وقال: “لم أشعر يومًا أنني كنت وحيدًا، ولم أكن كذلك، كنا نتشاور مع الإخوان، ومع أعضاء مجلس الشورى، ونتخذ القرارات بناءً على رأيٍ جماعي، كما كنا نتشاور مع القيادات العسكرية، نعطي الأوامر ونستمع إلى الاقتراحات”.
وقال الشيخ قاسم: “لم أقبل مغادرة لبنان في الحرب الى ايران واعتبرتُ تكليفي وواجبي أن أبقى.. استلمتُ مباشرة المسؤولية بعد استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله وتحدثُت مع السيد هاشم صفي الدين كي ينسّق في الأمور العسكرية وأنا في الأمور السياسية”.
وأشار سماحته إلى أن انتخابه أمينًا عامًا لحزب الله جرى في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2024، وقال: “استعدنا العافية سريعًا وملأنا المراكز المختلفة وكانت الإدارة فعّالة من كلّ الإخوان”.
أضاف: “مرّ علينا 10 أيام صعبة من 27 /9 الى 7 /10 وبعدها انتظمت الأمور، مشددًا على أن حزب الله أدار المعركة بقيادته وقياداته والشورى ومتابعة من المجاهدين والمجاهدات.
وتابع: “الإمام الخامنئي قدّم كل أشكال الدعم وكان عنده متابعة تفصيلية لمجريات المعركة ونتائجها ومستوى الحاجات”.
*إنجازات معركة “أولي البأس”
وأوضح أن “إنجازات معركة “أولي البأس” هي إنجازات الحزب ككل والمقاومة جمعاء، وليست إنجازات فردٍ واحد؛ فكل هؤلاء الأفراد يؤدّون مهامهم بتكامل ومسؤولية، وغير صحيح الكلام عن قيادة إيرانية للحرب، كانت هناك عملية تواصل بين الأمين العام والقيادة العسكرية في قيادة معركة أولي البأس”.
وعن استهداف المقاومة الإسلامية لمنزل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو أوضح الشيخ قاسم أن هذا الاستهداف “حصل بفعل استخباري دقيق وقصف “تل أبيب” تمّ بناءً على قرار سياسي”، مشددًا على أنه “كان هناك انضباط كبير من قيادة المقاومة والهدف إيلام العدو وكان يمكن أن يستمر لو استمرت الحرب”.
وفي موضوع الرد على اغتيال سيد شهداء الأمة الشهيد السيد حسن نصر الله: قال الشيخ قاسم: “قمنا بما يلزم وبما نقدر عليه”. وأضاف: في معركة أولي البأس نحن بدأنا ننتقل إلى مرحلة جديدة اختلفت فيها الأدوات والقيادة وتقبّل الجمهور”، مشيرًا إلى أن “فائض القوة آتى ثماره من 2006 حتى 2023 وردعُ “إسرائيل” كان بسبب فائض القوة، والآن أصبح التكتيك مختلفًا ولدينا من القوة ما لدينا”.
*” قرار الإسناد كان في محله”
وأكد سماحته أن “قرار الإسناد كان في محله ولو تكرر الأمر لكررناه”، وقال: “لا أحد سيسلم الراية لصاحب الأمر والزمان إلا نحن.. المجاهدون الذين كانوا على الخطوط الأمامية هم أكثر من استشهاديين وقاتلوا لآخر نفس.. مئات من المقاومين الأسطوريين أوقفوا تقدم 75 ألف جندي “إسرائيلي”.. شهادة السيد أعطت زخمًا إضافيًا للمجاهدين الذين قدّموا نموذجًا غير عادي وأسطوريًا.. المجاهدون رسموا معركة البأس التي ستستمر إلى يوم القيامة”.
وقال: “لقد أثبت سيّد شهداء الأمّة، هذا الرجل العظيم، أنّه ترك وراءه حزبًا وأمّة قادرتين على حمل التعاليم التي رسّخها في حياته بقوّةٍ عظيمة، وهذا بحدّ ذاته إنجازٌ استثنائي، إذ إنّ جميع الأعداء كانوا يراهنون على أن ما جرى مع حزب الله يمكن أن يُبيده”.
وأضاف الشيخ قاسم: إن “وجود المجاهدين وصمودهم منع احتمال أن تصل “إسرائيل” إلى الليطاني وإلى بيروت وأن تحقق أهدافها.. قوة الرضوان جزء من قوة المقاومة أصابها ما أصاب المقاومة وهي مستمرة بالرغم من الخسائر والتضحيات”.
وتابع: “إن نموذج المجاهدين نموذج غير عادي وأسطوري، والعالم بأسره، عدوّاً كان أم صديقاً، مندهش من عطائهم. هؤلاء يستحقون أن يُقبَّل التراب تحت نعالهم، لأن ما قدّموه سيبقى منارة للمستقبل، وقد رسموا معركة البأس التي ستستمر إلى يوم القيامة”.
*لا ينبغي أن ننسى الذين في الجبهة الخلفية
وأردف: “لا ينبغي أن ننسى أن الذين في الجبهة الخلفية، الذين يطلقون الصواريخ والمدافع والطائرات ويرابطون في مواقع مختلفة، شكّلوا مع المجاهدين في الخطوط الأمامية حالة تكامل حقيقية، وكانت هذه المنظومة المتكاملة أحد الأسباب التي أوصلت “الإسرائيلي” إلى وضعٍ لم يعد فيه مجدياً أو نافعاً في الميدان”.
وأكد سماحته أن “التعافي هو في كل الجمهور الذي ظهر في التشييع المليوني والكشاف الذي يصنع المستقبل.. وقال: “نحن كمقاومة موجودون ونقوم بواجباتنا والأساس في استمرارية المقاومة هو الإيمان والإرادة والباقي مكمّلات..”، وقال مخاطبًا المقاومين: “أنتم أعطيتمونا زخمًا ودفعًا للأمام وأنا جزء منكم وأتمنى أن أكون جنديًا معكم في الميدان”.
وأضاف: “الناس هم الرقم واحد في المعركة قبل الأمين العام والمقاومين وعندنا أناس لا يقدّرون بثمن.. بكم تصبح المسيرة أقوى وأنتم جزء لا يتجزأ من المقاومة ومن انتصارات المقاومة”.
وتابع يقول: “لسنا من يفعل الحرب بل نحن حالة دفاعية ونواجه عدوًا يسعى لإبادتنا ويحتل الأرض.. إذا لم نردّ على “إسرائيل” فهي ستتوسع وتسيطر وتقضي على الأجيال القادمة.. نحن لا نأخذ شعبنا لخيارات سيئة بل نأخذهم إلى خيارات عظيمة، وبيان ذلك أنّه لا عِزّةَ في المنطقة إلا ببركة المقاومة. هذه المقاومة هي التي منذ عام 1982 حرّرت لبنان ولقنَت “إسرائيل” درسًا كبيرًا وطردَتْها من أرضنا.
*علاقة ممتازة مع الرئيس برّي
وردًا عن سؤال أكد الشيخ قاسم أن العلاقة مع الرئيس بري “علاقة ممتازة جدًا، وكانت طوال فترة العدوان قائمة على تنسيق دائم. كنا نطلعه على الأجواء وما لدينا في الموضوع المقاوم، وهو يتابع ما لديه. وكان أبلغ وأهم محطة في معركة ‘أولي البأس’ حين أُبرم الاتفاق”.
وأضاف: “كنا في كل المحطات مع الرئيس بري على رأي واحد، وعلى قواعد واحدة، وعلى فهم واحد، وهذا سهّل عملية الاتفاق بالصيغة التي ظهرت بها”.
وتابع: “العلاقة بين حزب الله وحركة أمل، والعلاقة بين الأمين العام والرئيس بري ممتازة جدًا. والشيء الذي أسّسه سماحة سيد شهداء الأمة، وكان حريصًا جدًا على أن يبقى على أعلى وتيرة، أقول لكم الآن إنها على نفس المستوى وما زلنا نتابع.
وأردف: “بصرف النظر عن مستوى التعافي الذي حصل في حزب الله، نحن مقاومة، ونقول أمام العالم كله: لو كانت لدينا عصا لظللنا مقاومة ولن نتوقف. فابحثوا كم لدينا من إمكانات، وابحثوا كم لدينا من إيمان، وكم لدينا من التزام”.
وأضاف: “نحن كمقاومة جاهزون للدفاع، ولسنا جاهزين لشنّ معركة؛ ولا يوجد لدينا قرار لشنّ معركة ولا قرار بمبادرة قتال. لكن إذا فُرضت علينا معركة، ولو لم يكن لدينا سوى خشبة، فلن نسمح لـ”الإسرائيلي” أن يمرّ؛ سنقاتله حتى لو لم يبقَ منا رجل أو امرأة”.
*التزمنا بالاتفاق ولم نُطلِق طلقة واحدة
وقال: “لقد قمنا بأشرف وأسمى عمل يمكن أن تقوم به مقاومة في العالم؛ فبعد شهرين من معركة “أولي البأس” اتفقنا مع الدولة اللبنانية على تفاهم، وتولّت الدولة المسؤولية، والتزمنا عشرة أشهر بالاتفاق، ولم نُطلِق طلقة واحدة.
وأكد سماحته أن “إسرائيل” وأميركا هما من يتسببان بالمشكلة، وأن أميركا تريد إشاعة الفتن والتحريض قائِلةً: اذهبوا وقاتلوهم.
وقال: “المقاومة هي مقاومة وطنية لكل لبنان”؛ فليخرجوا من منطق “أنتم” و”نحن”.
ولفت إلى أن استمرار الضغوط الأميركية و”الإسرائيلية” بهذا الشكل يهدف إلى أن تأخذ أميركا في السياسة ما لم تستطع “إسرائيل” أخذه بالحرب.
وقال: “أنصحهم وحتى وهم أعداء أن يذهبوا ويطبقوا الاتفاق الذي جرى، فالجميع سيخرج رابحًا.. إن لم تُطبقوا الاتفاق فلن تحصلوا على نتيجة، ونحن سنستمرّ بالاستعداد لمقاومة أي عدوان محتمل”.
*الدولة مسؤولة عن الدفاع وبسط السيادة
وتابع: “بعد الاتفاق، سلّمنا الأمانة للدولة اللبنانية، وهي المسؤولة عن الدفاع وبسط السيادة وممارسة الضغوط ومنع العدوان. ونقول للدولة اللبنانية: تفضّلوا وقوموا بواجباتكم. الآن مرَّت عشرة أشهر ولا تستطيعون أن تتحركوا ولو قليلًا.. هذا الأمر قد لا يستمر طويلًا، ويمكن للدولة اللبنانية أن تأتي وتقول: فلنتفاهم كيف يمكننا الرد على “إسرائيل””.
وأردف: “نحن ندافع عن فلسطين ولبنان ومصر وسورية عندما نكون في مواجهة مع العدو “الإسرائيلي”، الذي تشمل أطماعه الجميع”.
ولفت الشيخ قاسم إلى أن “إسرائيل” بقيت في لبنان 22 عامًا ولم تنفذ القرار 425″، متسائلًا: “فما الذي قدمه السياديون للبلد؟”.
وأوضح أن ” تواجد حزب الله العسكري اليوم مرتبط بوجود العدو المحتل، ما يعني أن المقاومة رد فعل وليست فعلًا”، مشيرًا إلى أن العدو “الإسرائيلي” يسعى لفرض صياغة نظام سياسي في لبنان ويفرض عقوبات على البلاد لتدمير فئة من الفئات.
وشدد سماحته على أن “وجود السلاح حقّ مشروع للدفاع عن وطننا وعن وجودنا”،وقال: “مع عدم قدرة الجيش اللبناني على مواجهة العدو، يجب أن تكون هناك مقاومة شعبية، وأن يكون هناك تنسيق بينها وبين الجيش”.
وأشار إلى أن الدولة اللبنانية هي التي تقرر كيف تريد العمل داخليًا للتعامل مع السلاح وغير السلاح، ولا علاقة لـ”إسرائيل” بذلك.
*لا صحة لما يُقال إن إيران ترفض تسليم السلاح
وقال: “نحن نتقاطع مع إيران في رفض الاحتلال والسعي لتحرير فلسطين، ولا صحة لما يُقال إن إيران ترفض تسليم السلاح.. قرارنا هو الدفاع والمقاومة حتى آخر نفس؛ وليجرب العدو أن يعمل على نزع السلاح بنفسه!
وأكد الشيخ قاسم أن حزب الله يتصدى بشكل كبير جدًا في ملف الإيواء والترميم، مشددًا على أن مسؤولية إعادة الإعمار تقع على عاتق الدولة، وعليها أن تبدأ بالمقدار الذي تستطيع البدء به في عملية الإعمار.
ورأى أن المفروض على الحكومة اللبنانية أن تتحرك بشكل أكثر فاعلية للتصدي للاعتداءات والخروقات الصهيونية، لافتًا إلى أن وجود “الميكانيزم” لا ينفع بل يُعطي المعلومات لـ”اسرائيل” ويدافع عنها، متسائلًا: “ما هي الخروقات التي أوقفتها “الميكانيزم”؟”.
ورأى أن وضع حركة حماس في غزة لم يكن يسمح لها بأن تنجز أكثر مما أنجزته، وإطلاق الأسرى اللبنانيين لم يتسنَّ مع الحركة، مشددًا على أن مسؤولية الأسرى اللبنانيين، تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومة اللبنانية، وعليها أن تتابع الملف وتتصدى له أكثر وتتحرك بفاعلية أكبر.
*نحن إيجابيون مع الحكومة اللبنانية
وقال: “نحن إيجابيون مع رئيس الحكومة نواف سلام ونريد التعاون، ولا نريد الخلاف. نرغب في وحدة البلد وأن تنجح الحكومة اللبنانية، مضيفًا: “لا مشكلة بيننا وبين رئيس الحكومة نواف سلام، ونحن حاضرون للتعاون وإيجابيون، وإذا تقدم هو خطوة، نتقدم نحن عشر خطوات”.
وأضاف: “تنسيقنا مع الرئيس عون أساسي وضروري ومستمر، والتواصل موجود الآن، وبهذه الطريقة نحقق إنجازات للبنان”.
وأكد الشيخ قاسم أن “الجيش اللبناني جيش وطني، وهو محل إجماع اللبنانيين وعقيدته وطنية، وأداؤه في كل الفترة الماضية والحالية جيد، ونحن كمقاومة معه”، وندعو إلى الاستمرار بالأخذ بعين الاعتبار أن لا يكون هناك أي تفكير بالتصادم مع البيئة في مقابل أي ضغط”.
*الانتخابات النيابية في لبنان
وعن موضوع الانتخابات النيابية في لبنان، قال الشيخ قاسم: “نحن مع إجراء الانتخابات في موعدها”، مطالبًا المغتربين الراغبين بالتصويت أن يأتوا إلى لبنان ليصوّتوا هنا.
وأضاف: “قبلنا في 2022 بأن ينتخبوا من هم في الخارج هنا كرمى حلفائنا والآن اختلف الوضع لا قدرة لدينا للتحرّك في الخارج”، مؤكدًا أن تأجيل الانتخابات لا ينفع.
وعن التحالفات قال سماحته: “يذهب حليف يأتي آخر مكانه”، مشيرًا إلى أنه “لا شيء يمنع من التحالف مع التيار الوطني الحرّ”.
وشدد الشيخ قاسم على أن ما يقوم به الموفد الأميركي توم باراك هو “تدخّل واضح في السيادة اللبنانية”.
وختم الشيخ قاسم مؤكدًا على استمرارية حزب الله وقوته، مشيراً إلى أن وجود أبنائه من النساء العظيمات والرجال والكبار والصغار هو الضمان الحقيقي لبقاء المقاومة وعدم زوالها، مهما تنوعت التحديات والرهانات الداخلية والخارجية.